; اصدقاء البيئة والتنمية
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
نيسان 2012 العدد-43
 
Untitled Document  

:اصدقاء البيئة و التنمية
_______________

 


نحو الاقتصاد في استهلاك الكهرباء للإنارة العامة في الشوارع

رام الله ليلا

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تقدر نسبة الكهرباء التي يستهلكها نظام الإنارة العامة في الشوارع والطرقات والمساحات المفتوحة والإشارات الضوئية، في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بنحو نصف مقدار الكهرباء التي تستهلكها الهيئات المحلية الفلسطينية.  وقد نجد إنارة الشوارع، أحيانا كثيرة، تعمل حتى في ساعات الصباح والنهار حين يكون الضوء الطبيعي قويا وساطعا؛ فلماذا لا تُطْفَأ الأنوار لفترة أطول ويقتصد بالتالي في استهلاك الطاقة، وبخاصة أن العديد من الهيئات المحلية تعاني من شح الأموال؟ 
بداية، لا بد من التذكير بأن لترشيد استهلاك الطاقة ورفع كفاءتها أهمية ليس فقط مالية، بل بيئية أيضا؛ إذ أنها تساهم في تقليل انبعاث غازات الدفيئة. 
يقدر بعض خبراء الطاقة أنه بالإمكان رفع كفاءة استهلاك الكهرباء للإنارة الخارجية، وبالتالي توفير الاستهلاك بأكثر من 30% سنويا، وبالتالي توفير الإنفاق على الطاقة بذات النسبة.  ويفترض في هذه الحال بلورة خطة وطنية تشمل جميع الهيئات المحلية تهدف إلى رفع كفاءة استهلاك الكهرباء للإنارة الخارجية.  ولا بد لهذه الخطة المقترحة أن تأخذ في الاعتبار العقبات التي قد تعترض العمل على رفع الكفاءة، وبخاصة نقص المعرفة وتدني الوعي والبيروقراطية.
وقد تتضمن الخطة إلزام شركات الكهرباء ببلورة مشاريع لرفع كفاءة الطاقة، فضلا عن توظيف أخصائي مسؤول عن شؤون الطاقة في كل مجلس بلدي يزيد عدد السكان في منطقة نفوذه عن 15 ألف.
ومن الأمور الأساسية التي لا بد أن تشملها أيضا خطة رفع الكفاءة:  برمجة محوسبة فعالة لأنظمة الإضاءة، إلغاء استعمال المصابيح التقليدية المبذرة للطاقة إلغاءً كاملا؛ والتحول كليا نحو المصابيح الموفرة للطاقة من نوع CFL أو LED ؛ فضلا عن استخدام مصابيح LED في جميع الإشارات الضوئية، وتركيب أنظمة الساعة الفلكية التي تتحكم بعملية تشغيل أو إطفاء الإنارة في الشوارع بدقة عالية، بالإضافة إلى تخفيض قيمة شدة الإنارة في الشوارع.
ولتطوير وتنفيذ خطة رفع الكفاءة؛ فقد تخصص وزارة الحكم المحلي، لهذه الغاية، نسبة معينة من موازنتها (5-7% مثلا).

 


سفر في أريحا!

جبل القرنطل في اريحا والدير المعلق على سفحه الحاد

تحسين يقين

أهبط الدرجات، فأدخل إلى الزمن، أهو تجوال أم دخول آلة الزمن الفانتازية التي ما انفكت الأفلام تحتفي بها، للصغار والكبار؟
لكن ما الذي نضيفه من وصف لأكبر واحة في العالم؟ وأقدم مدينة؟ وأكثرها انخفاضا عن سطح الأرض؟ بل أي نص سيستطيع التعبير عن كل هذا الإيحاء والعمق والسحر!
سفرنا في المكان يأخذنا إلى سفر الزمان والأزمنة، يعيدنا عند العودة إلى البيت للعودة للكتب، فتكون النهاية بداية معرفة أخرى، لعلها إعادة فهم المعرفة بعد اختبارها على الأرض.
أريحا..
كيف سنضيف إلى الكلمة من كلمات ونحن أسرى دائمون لهذا المكان القديم والعجيب! وكل موقع في أريحا المدينة- والواحة والغور والنهر يحتاج لعاشق يطيل النظر والتأمل، لا زائرا سريعا..!
وفي كل مرة، أجد صعوبة في التعامل العادي مع هذا المكان الطقسي، حيث سنجتمع معا 35 شخصا من عشاق المكان، سيكون كلاما ومشيا وركوبا للدراجات الهوائية وطعاما وشرابا، وما في الحياة العادية من تفاصيل التنقل، لكن ستظل عيوني مأخوذة بما ترى، مسحورة، تستنطق الصخور والحجارة والشجر القديم، أصغي لأصوات كانت هنا تغني أو تنادي على الحصاد في مواسم البرتقال والموز، تعانقها أصوات تراتيل صلاة وابتهال ودوران قمر في صحن سماء بعيدة.. وعالية..
هم مجموعة سفر-فلسطين، سفر عشاق وعاشقات يجمعهم حب التجوال، صحبة فيها حميمية وحنان، التزام، مرح، رياضة للأطراف والروح والنفس، ربما تنسى الأسماء لكن يصعب نسيان الوجوه المشرقة بحب الطبيعة والتاريخ في هذا المتحف العظيم. تنير الابتسامات الطريق، نتسلق، وأعيننا تسبقنا محتفظين ببراءة الأطفال بحب التشوق، حتى ولو زرنا المكان من قبل، فإن له دهشته، وتذكر الحوادث تثير الدهشات..
نترك جبال القدس الغربية ورام الله التي تغتسل بالمطر والبرد، باتجاه أريحا الدافئة التي أشرقت فيها الشمس من ساعات، باحثين عن بعض الدفء، بعض الحرارة..كانت رام الله تمطر بكثافة في جمعتها من شباط، تدفعنا للهروب من المطر، هروب إلى تحت أقدام الجبال، مرورا ببرية كاملة الروعة، وصولا إلى سهل الغور ودفئه..
من رام الله المصيف إلى أريحا المشتى! فهل عبثا بنى الحكام من قديم ووسيط جديد عمائرهم هنا؟
من هيرودوت إلى هشام وما قبلهما وما بعدهما، شرق النهر وغربه، وانظر لهذه الفنادق هنا وهناك التي يصطلي فيها السائحون من بلاد البرد، أجمل من هذا الدفء لم أشعر، هو شعور محرر للإبداع فنصير موسيقى لدفء معشوق شتاء!
في الطريق لون التلال والجبال يأخذنا لروايات وأفلام وقصائد..وتاريخ قديم قديم..البدو على جانبي الطريق يمنحون المكان شعورا طبيعيا منذ كان، لكن معاناتهم من الاحتلال الإسرائيلي ظاهرة عليهم، قلق، خوف، آثار هدم وتخريب..
هنا أريحا، المدخل الجميل بالتحفة الفنية، دقائق ونكون في وسطها، نعود إلى العادي فتحركنا المعدة نحو الطعام والشراب، وأكاد أحتج على الجوع، لكنه الإنسان من دم ولحم وروح وأشواق.
في أريحا تنتبه لباعة الخضار والمكسرات وراكبي الدراجات الهوائية، كونها بلدا سهلا يصلح للتنقل بواسطة البسكليت..
الألوان مختلفة، تعددية اللون، والثقافة، ومكان منطلق السفر إلى خارج فلسطين، وموقع العائد منه- من السفر، وبلد سياحي من الطبيعي أن ترتفع فيه أثمان الخدمات قليلا..
نجلس على الدوار، نتابع العادي من متطلبات التجوال، دون أن نغفل الدفء الطبيعي والمجاني، الذي يزرع فينا الطمأنينة. لعلنا نتخفف من بعض الملابس، ونغير طاقية الشتاء بأخرى صيفية، ونرقب صحو المدينة، وتدفق الزوار إليها، وملاحظة المشتين من الجبال في أريحا، تعرفهم من خلال الحركات وأسلوب التعامل مع المكان، هم مشتون لا مقيمون إذن..أما المقيمون فتراهم عاديون في الصيف وعاديون في الشتاء قد اعتادوا المناخ، حتى إذا صعد أحدهم الجبال صيفا شعر بالبرد، فكيف بالشتاء!
أمر عادي أن تراهم معتادين على دفء الشتاء، لكن غير العادي هو إنني أراهم معتادين على لظى الصيف!
سننتقل من الدوار أمام مركز الشرطة، إلى عين السلطان ركوبا للدراجات، مرّ وقت طويل لم أفعل ذلك، هل مرّت ثلاثة عقود؟ ربما! سنسعد بسهولة القيادة، حيث لا تسلق لتل يتعب الأطراف. نصل العين القديمة، التي واحة أريحا إنما هي هبتها، نتأمل ماء العين، ونبتهج بأنه تم عمل مشروع حديث تطويري للمكان، راعى العمارة المحلية وطابع المتحف الطبيعي، نتجول قليلا، نشرب قليلا، نلتقط الصور، وترحل عيني إلى التل القديم: تل أريحا المدينة القديمة والأقدم في العالم، عشرة آلاف عام..مرّت.
هذا التراب المعجون بمواد الطبيعي احتضن بحب وحنان آثار أقدم مدينة، احتضنها كل هذه السنوات حتى جاءت بعثة وكشفتها، مقطع من التل كشف عن المدينة الأثر والآثار: هنا البرج وهنا عناصر المدينة التي استحقت الانتقال من مرحلة بداوة إلى مرحلة زراعة واستقرار، وتنوع للوظائف والأشغال، وتعدد الطبقات الاجتماعية.
هو تل السلطان-تل أريحا، الذي ترابط العين عند أقدامه، والتي يتجول في أنحائها أوروبيون من الغرب والشمال، يستمتعون بالشمس وبالتاريخ أكثر، وذلك الكهل والشيخ الذي يستمع لشرح الدليل عن التل، وإصغاؤه ينم عن تقدير ودهشة ومحبة أيضا..
نكمل الطريق راكبين، نمرّ بين الفلل الأنيقة والبيارات المسيجة، أمد يدي لقطف برتقالة واحدة، فلا أفلح، فحبة ليمون، فلا أقدر، فأشم العبير، وأنظر في الناس المطمئنين وسط هذا الدفء الكبير.
رقي المشتين والمقيمين ظاهر، والأزهار والورود تحف البيوت، وما أجمل البيوت والحمضيات العذبة.
نتابع ركوبا للعجلات، نلقي السلام، يحسبنا الطفل في سباق، فأوافقه، ونمضي حتى بداية صعود التل والجبل هناك حيث يشبه جدار بيت..
إنه دير قرنطل، وجبل التجربة، نصعد مبتهجين، ندخل الدير، وهو شتاء ليس كما الصيف، حيث البرودة طلب للسائح الزائر صيفا، نجلس نتأمل ولعلي ما شبعت من طول التأمل، عدت ل2000 عاما وعليها 12 عاما..لعلي أطرح منها عمر السيد المسيح حين زار المكان وأقام فيه 40 يوما صائما، ومن الأربعين جاءت قرنطل..
جبل التجربة! أي تجربة قديمة حدثت هنا!
هنا يظهر الشيطان ليطلب من السيد المسيح تجربة الرب، فيطرده بحجر ربما، وهنا تكتمل قصة إبراهيم أبي الأنبياء، حيث يظهر ذات الشيطان له ولإسماعيل  ولهاجر أم إسماعيل، ويرمى بثلاثة أحجار.. وجدتها..

  • ماذا وجدت هنا؟
  • هنا فقط تأملت بحجر الراحل إدوارد سعيد الذي أطلقه على شمال فلسطين من جنوب لبنان..

هل من دلالة تحضر هنا؟
وكم من تجربة سنجرب أنفسنا مع البشر!
سنعود إلى تفاصيل الحياة العادية، سنحتفل بالطعام وبالشواء ورائحة الدخان..وطعم الموز من القطف-الهدية، حسنا حصلنا على موز فأين البرتقال!
الشباب والصبايا اندفعوا متعاونين في العمل، شراكة واحترام، وغناء وطني ملتزم وغناء مرح، ولأمل نزال أن تشدو تحت جبل التجربة لا لتجرب صوتها ولكن لنستمتع به، ولوليد الشاب الرقيق أن يغني، ولحسن كراجة أن يوزع الأدوار، وأن يذكر بأهداف السفر، من حيث الاعتماد على الذات نشاطا وتمويلا، وخلق ألفة مع المكان، وبين الناس هنا والمكان. بشار، وأنسام، وفادي، شروق وعلي وأحمد وشذا..هل هي أسماؤهم التي أعددها؟ فكيف إذن سأحفظ أسماء 35 متجولا ومتجولة! منهم من تجول معنا سابقا ومنهم من هو جديد، والكل مجمع على الفكرة التي تعني التربية على حب فلسطين بتفاصيلها التي نختبرها على الأرض، نشعر بها نشمها نذوقها ونلمسها..
سفر في سفر، سفر في المكان والتاريخ وفي النفس لعله أكثر.. وفنجان قهوة مسائية، وسلام..أهلا أريحا لا وداعا بل إلى اللقاء..

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية