تراثيات بيئية
ثابت بن قرة وملوحة مياه البحار
علي خليل حمد
ولد ثابت بن قرة (896-980 م) الطبيب العالم في الرّقة وتعلم في بغداد، له كتب كثيرة (150 كتابا). ترجم عن السريانية واليونانية كثيرا من المؤلفات فضلا عما ألفه من كتب.
تنطلق رسالة ثابت بن قرة المعنونة (قول في السبب الذي جعلت له مياه البحار مالحة) من اعتبار غائي مفاده أن خصائص المياه تحددها منفعتها للكائنات الحية في الأرض، وفيما يأتي سنقدم مقتبسات توضح مقاصد المؤلف كما وردت في كتاب رجاء وحيد دويدري (البيئة: مفهومها العلمي المعاصر وعمقها الفكري التراثي)
ويتجاوب الاعتبار الغائي السابق مع توزع العناصر الأربعة التي كان القدماء يؤمنون بأنها اللبنات التي يتكون منها العالم، وهي النار والهواء والتراب والماء، وقد حكم هذا التصور الفكر العلمي والفلسفي عدة قرون، قبل اكتشاف العلماء الأعداد الكبيرة من العناصر المعروفة في العصر الحديث.
ملوحة مياه البحر
يتحدث ثابت بن قرة في رسالته عن تأثير المياه الملوثة في الهواء وحدوث الأمراض فيقول:
(إننا نجد المياه العذبة الآجنة }الساكنة { إذا طال لبثها عفنت وتغيرت روائحها حتى لكأنها تفسد الهواء الذي حولها ويحدث بسبب ذلك الأمراض الصعبة الكثيرة والوباء والموت الجارف، فقد رأينا وباء عظيما حدث في بعض النواحي بسبب مستنقعات كانت فيها، فإنها أفسدت الهواء حتى كان من ذلك موت ذريع؛ ومن أعجب ما رأيناه في ذلك في بعض المواضع، أن هذه المياه كانت تنتن ويجري شئ منها إلى نهر وكان هناك في القرى التي يمر بها ذلك النهر، وباء عظيم على طول النهر، وسلم ما كان على بعد منه إلى الناحيتين ولو على بعد يسير)
يربط ثابت بين فساد المياه من جهة وعذوبتها وسكونها مجتمعين من جهة أخرى، وبذلك يفسر عذوبة الأنهار وملوحة مياه البحار، يقول بشأن الأنهار:
(أما الأنهار التي تخترق الأرض فإنها تحتاج إلى أن تكون عذبة تصلح للشرب والعمارة، فإنه أزال الفساد عنها بأن جعلها جارية دائما، وجعل مياهها يتجدد تولدها في مخارجها التي منها، ولم يطل لبثها فلا يعرض لها ما يعرض للمياه الآجنة التي لا تجري من الفساد، وجعل آخر أمرها إذا طال جريها في الأرض أن تصب في البحار، وأما البحار فإنها لم تكن جارية بل معظمها لا يجري ماؤه)
ويقول بشأن البحار:
(إنها مياه غير جارية اجتمعت فيها الأشياء الداعية للفساد }ولا ينبغي لها ذلك { . إن مياه البحر لو فسدت لتسرب ما كان يتكون فيه من الفساد على جميع ما يلي البحار وما يبعد منها في الهواء وغيره)
}يستلزم الأمر إذن، ألا تكون مياه البحر عذبة { (وحفاظا عليها من الفساد والإفساد فإن ملوحتها }أصبحت { سببا من الأسباب التي تحفظ مياه البحر على حالها ومقدارها، وإن هذا الأمر معروف لدى الناس إذا أرادوا حفظ شئ ملحوه، وإن الشئ الذي يفعله الناس من ذلك على طريق الحيلة للحفظ من الفساد، قد أحكمه الله وأتقنه في أمر البحار فجعل فيها بالطبع من الملوحة التي تزيل ما كان يخاف من إفسادها للهواء ولما حولها)
أنواع الطعوم
يمتاز الطعم المالح الخالص من باقي الطعوم بأنه غير ضار، فالطعوم الحامضة والحارة تعطي الهواء روائح تفوح منها تؤذي الحيوان وتغير الهواء تغيرا كبيرا، كما أن الطعوم الحلوة والدسمة سريعة التغير والفساد.
(وأما الشئ المالح فمقبول قريب من عامة الحيوان يأكله كثيرا، فلو جعل الله طعم ماء البحر مرا لما تولد منه شئ من الحيوان العجيب الذي نجده فيه..
وجعل الله عليه من البحيرة التي في بلاد فلسطين، وهي البحيرة التي تسمى البحيرة المنتنة (= البحر الميت) دليلا على ذلك، لأنه لما خلط بمائها مع الطعم المالح طعما مرا، وجعل ملوحته ملوحة قوية، صار لا يتولد فيها شئ من الحيوان، فيما ذكر جالينوس، ولا ينبت حولها النبات، وقد قال : انه بلغ من نفور الحيوان منها، أن جميع السمك الذي في الأنهار التي تصب إليها إذا قرب ودنا منها لم يدخلها)
يرى ثابت أن الطعم المالح، بالقدر الموجود في البحار هو الطعم المناسب تماما للحياة البحرية أيضا، وكذلك للحفاظ على كمية المياه الموجودة في البحار، يقول:
(إن أملح الطعوم هذا الطعم الذي هو عليه، وإنه إذا نقصت ملوحة مياه البحر تصبح مرتعا للعلق والبعوض والدود..... إن ملوحته لو نقص مقدارها مما هو عليه، لشبه }لأشبه { ماء البحر بالمياه التي في المستنقعات وتولد حوله من البق والبعوض وغيره مما يكثر أذاه وضرره عظيم جدا، فقد دل ما ذكرنا على أنه ليس الأجود والأصلح أن يكون ماء البحر مالحا فقط، بل الأجود أن يكون هذا المقدار الذي هو عليه }في الواقع { من الملوحة لا أقل منه ولا أكثر، ومن منافع هذا الطعم أنه يحفظ أيضا مقدار مياه البحر على ما هو عليه من الكثرة فلا يزداد على طول الأيام ويفيض ويغرق ما حوله....... والدليل على أن الملوحة التي فيه هي أحد ما يحفظ مقداره على ما هو عليه، أن الأنهار كلها تفيض إليه وتزيد في مقداره، والحرارة وما ينحل منه ويتصاعد منه ينقصان منه دائما، فلما كان ماؤه مالحا صار غليظا بعد تحلله وتصاعده لغلظه، لأن الغليظ من الشئ أعسر تصاعدا وانحلالا من اللطيف)
في ختام الرسالة يقارن ثابت بن قرة بين الطعوم المختلفة، في حال تصعيدها، ليثبت أن الطعم المالح أو الماء المالح يختلف عنها جميعا عند تصعيده، إذ إن المتصعد منه يصبح عذبا بخلافها، يقول:
(الأشياء الحامضة مثل الخل والقابضة مثل الورد والخمرية مثل النبيذ والشراب.... تؤذي إذا صعدت طعومها وروائحها ويكسب }وتكسب { طعما آخر ورائحة أخرى، أما الرطوبات المالحة التي هي ماء البحر فإنها إذا صوعدت صارت عذبة وهذا شئ تثبت المحنة } = تثبت التجربة والاختبار { ، ويشهد عليه القياس، ولا يذهب عن هذه المياه الملوحة التصعيد فقط، بل قد يذهب عنها ذلك أيضا إذا صعدت بالرمل، ولذلك إذا صارت السواحل رملية، إذا احتفر فيها مغاير، سبح الماء فساح منها عذبا فأي شئ أعجب، من أن الطعم الذي اختاره الله تعالى لماء البحر قد جمع قوة الطعم التي هي سبب يمنعه من الفساد والإفساد، وأنه مع ذلك ما دام يحتاج إليه فهو على ما وصفنا.... ويعيد الماء عذبا لا رائحة له ولا طعم، فكانت منه الأمطار والثلوج في البر.
زهـرة مـن أرض بـلادي
سوسن (كحلة الكلب)
د. عثمان شركس / جامعة بيرزيت
الاسم الللاتيني: Iris atropurpurea Baker
الاسم الإنكليزي: Black Iris .
العائلة: العائلة السوسنية Iridaceae .
الاسم العربي والمحلي الشائع: سوسن، كحلة الكلب، سوسن أسود.
وصف النبتة: نبات أرضي درني، يتراوح ارتفاع النبتة ما بين 35 – 50 سم، ويعلو كل نبتة منها زهرة واحدة بنفسجية إلى سوداء اللون بقُطر 8 سم. وغالباً ما يرتبط نموه في شهر آذار بالمناطق الجافة كما في بئر السبع وفي أواخر آذار في جبال نابلس وجنوب برية القدس، وتكون في المناطق الجافة أقصر قامة. ويكون انتشاره في الترب الرملية (الكُركارية، الرملية، الحُمرة).
ويتميّز القسم العلوي من ساق النبتة بلونه الأصفر وأما السفلي فهو أخضر كأوراق النبتة ذات الشكل الطولي الرفيع، وهذا السوسن "كحلة الكلب" من الأنواع المحمية.
وقت الإزهار: نيسان-أيار.
|
|
|
Acanthus Syriacus Boiss |
التوزيع الجغرافي: يمكن العثور على هذا النوع بكميات قليلة في الجبال الوسطى لفلسطين وبرية القدس وشرق منطقة رمون-رام الله والأجزاء الشمالية من بلادنا وفي بئر السبع والنقب الشمالي.
استعمالاته: استخدمت أوراقه كمادة لعلاج الحروق والجروح وتليين الأرحام عند الولادة وإدرار الطمث ولتخفيف آلام الأسنان والمغص وغلظ الطحال وإخراج الجنين ويصلح للسُعال وغيره.
|