June 2010 No (26)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2010 العدد (26)
 

مبادرات بيئية

 

عمرها 74 سنة وتزرع
ياسمين بولص
: سيدة الأزهار والمحاصيل العضوية

عبد الباسط خلف:

    عاشت ياسمين إبراهيم بولص مع الراهبات الفرنسيسكان بالقدس خمسة عشرة عامًا متواصلة، بعد أن فارقت والدتها الدنيا في سن مبكر. وفي تلك الحقبة تعلمت من الراهبات أصول الزراعة والاعتناء بالأزهار، وأتقنت دروسها كلها باللغة الفرنسية، ولم تستخدم العربية في تعليمها.
تروي، وهي تجلس في فناء بيتها الملّون بالورود: ورثت حب الزراعة والورد من والدتي مدللة، التي كانت معروفة برام الله كلها. وكنت أزرع وأقلع مع  الراهبات.
ويلاحظ الزائر لمنزل ياسمين اللوحات التطريزية التراثية الجميلة التي دأبت عبر السنين الماضية على إنتاجها؛ فأم عادل متعددة المواهب ولها باع طويل في إنتاج المطرزات التراثية وفي تصنيع المنتجات الغذائية الشعبية وفي البستنة البلدية العضوية.  

توريث أخضر
وفق ذاكرة بولص، التي رأت النور في الخامس والعشرين من أيار من عام 1936، فقد ذاع صيت والدتها مدللة التي كانت تسكن في منطقة "عين مصباح"، إذ كانت تزرع الشومر والخس والنعناع والبقدونس والفقوس وغيرها، وكان الناس يشترون منها الخضروات.
اختطف الموت الأم وهي في ريعان شبابها، فلم تكمل وقتئذ الثانية والثلاثين، لكن ياسمين تأثرت بأمها، وواصلت غرس الأزهار والخضروات التي دأبت والدتها على زرعها وحصدها.
تقول: تزوجت عام 1957، وقضينا شهر العسل في زحلة بلبنان، وأعجبنا بمطعم البردوني هناك الذي كان مليئاً بالأزهار والمياه فنقلنا فكرته لرام الله، وصرنا نقدم للزبائن المأكولات اللبنانية، وساعدت زوجي، وزرعنا الأزهار والأشجار فيه.
وفق ذاكرة أم عادل، فقد كانت تُلهي صغارها بإعطائهم عبوات بلاستيكية صغيرة، وتعلمهم تعبئتها بالحجارة تحت شجرة التوت، كي لا يصيبوا الأزهار بالأذى، وحتى يحافظوا على هدوئهم.

200 زهرة
تقول: أبدأ النهار من السادسة صباحًا، وأرعى حديقتي، وأسقيها، وأزيل أعشابها، وأهتم بالورود ففي بيتي أكثر من 200 نوع، ولي قصة مع كل واحدة منها.
يحيط سور منزلها  الداخلي برام الله التحتا أزهار فل وياسمين وفم السمكة وورد جوري، وتتافس  أشتال الريحان على احتلال موقع، فيما تنثر البخورة والكلونيا عطرهما، أما المارغريت وكفة الدب، والزنبق فهي موجودة بكثرة وتغني على هواها، بجوار عشرات الأصناف الأخرى التي تنشر عطرها وتغري الفراش الملون والنحل والعين.
تقول وهي تتفقد نباتات حديثة العهد من الباذنجان البتيري، الذي وضعته في مشتل: يساعدني ابني عادل في تجهيز الأرض، ونرش المواد الطبيعية التي تعلمناها من كتاب جورج كرزم، ونحضر السماد الطبيعي من مزرعة للدجاج، ونزرع العنب البري لتركيبه، وأورق  العنب حتى تدخله الشمس ولا يتلف.

زراعات آمنة
تتفقد ام عادل أشجار الفاكهة، فتراقب الدراق والمشمش والكرز، وتتابع الجوز والإجاص والليمون والتفاح والعنّاب، وترعى الزيتونة الصغيرة التي زرعتها يوم ميلاد حفيدها مجدل شمس وأطلقت عليها اسمه.
في الشطر الآخر من بيتها، تشرع أم عادل في رعاية ثمار البندورة والفاصولياء والباذنجان البلدي والقرع والخيار والفقوس، فتزيل الأعشاب الضارة، وتعد السماد العربي للتخمير، وتراقب حاجة المزروعات للمياه أو للرش بمواد طبيعية، كالقريص والصابون البلدي والفلفل.
تروي: لا أذهب إلى سوق الخضروات والفواكه إلا نادرًا، فكل ما يلزمني موجود في البيت: الزعتر والبقدونس والنعناع والبندورة والخيار، وفي الشتاء نزرع السبانخ والخس في بيت بلاستيكي على السطح.
تقارن: حين يأتينا الضيوف ونقدم لهم  فواكه محلية يشعرون بالفرق، فالثمار طازجة وطبيعية ولها طعم ورائحة. والمهم أننا نعرف كيف صارت، وبماذا تُرش وتُسمد.

اكتفاء ذاتي
بحسب بولص، فإن الفائض من محصول العنب وورقه، والكرز والبندورة، تصنع منه المربى وتخلله وترسله لأولادها في الولايات المتحدة. كما تصنع الملبن والزبيب (العنب المجفف) والمربى من العنب. وتحول بقايا الأعشاب والفائض من فروع العنب إلى سماد طبيعي عبر دفنه وتخميره.
سافرت أم عادل لزيارة أولادها، لكن فكرها ظل مشغولاً بمزرعتها وحديقتها ووردها، فحرصت، وقتئذ، على إجراء اتصالات يومية مع ابنها عادل، فتسأله عن أزهارها وأشجارها، وتطلب منه الرش، وتذكره بمواعيد الري، وسرعان ما عادت، وترفض أن تطيل الغياب عن عالمها الملون.
والسيدة ياسمين أم لثلاثة أولاد: عادل وعماد وعيسى، ومثلهم من البنات: فاتن وسوزان وفيفيان. و14 حفيدًا، بعضهم ورث حب الأزهار والاعتناء بها.  تفيد: أحرص على مراقبة سلوك الصغار حرصًا على سلامة أولادي.  تبتسم: الاثنان أولادي، الأحفاد والأزهار.

تقاليد
يواظب أبناء السيدة ياسمين على تذكر والدتهم في عيدها بهدية خضراء تضيفها إلى جنتها الملونة. كما  أدخلت النباتات إلى "الفرندة" الداخلية، فزرعت أزهارا وحولتها إلى تحفة جميلة، حتى أنها تحرص على  مسح أوراقها بلطف من أي شيء قد يعلق بها، بمساعدة ابنتها. وتُجفف بعض بصيلات الورود لحين موسمها، وتُكثر فسائل حديقتها.
تقول: إذا ما شاهدت في الشارع أي وردة تحتاج لعناية، فدون شعور أمد يدي إليها، كما تعلم عادل كيف يزرع الشارع المحيط ببنايته بالأزهار.
تنهي: في الليل أحلم بأزهاري وبمواعيد ري المزروعات، وفي النهار أجلس أمام أزهاري وأتمشى في حديقتي ولا أعرف الملل، فوقتي مشغول، وحديقتنا تبعد الملل.

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
     
التعليقات

تسلميلي يا تيتا يا أروع تيتا وياسمينة عطرت حارات رام الله القديمة بمحبتها
وورودها المفتحة، كتير انبسطت بالمقال والصور ، إنتي مثال رائع للمرأة
الفلسطينية بنت الطبيعة والفن والخضار... بشكر اللـه عليكي تيتا وإنشالله
ارفع راسك متل ما رفعتي راسنا فيكي يا ست الستات. بحبك من كل قلبي وبشتاق لك
بعدد ثواني النهار .

ابراهيم بولص الحفيد

   
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
   
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية