الراصد البيئي
نظام حديث لقياس التجاوزات في المستوى الإشعاعي لأبراج الخلوي

خاص بآفاق البيئة والتنمية
طُوِّرَ مؤخرا نظام حديث لمراقبة الإشعاعات الإلكترومغناطيسية المنبعثة من أبراج الخلوي؛ بحيث يعمل على مدار الساعة (طيلة 24 ساعة). وقد يشكل هذا التطور، في حال تطبيقه بالضفة الغربية وقطاع غزة، بشرى سارة للمواطنين القلقين من التجاوزات الإشعاعية الخطرة على الصحة العامة، والتي تتسبب فيها آلاف الأبراج المنتشرة عشوائيا في مختلف الأحياء بين المساكن وعلى أسطح المنازل والمؤسسات والمنشآت الفلسطينية.
وحاليا، تقول شركات الخلوي الفلسطينية إنها تجري قياسات إشعاعية دورية يدوية (من غير الواضح عدد القياسات للبرج الواحد وخلال أي فترة زمنية)، وذلك دون تدخل من أي جهة علمية خارجية محايدة. ومن غير الواضح مدى توافق مواصفات جهاز القياس المستخدم مع التردد والقدرة المستخدمين، فضلا عن طريقة القياس. كما تقول سلطة جودة البيئة بأنها تُجْرِي، في أوقات متباعدة، بعض القياسات العشوائية غير المنظمة وغير المنهجية، وتستخدم جهاز قياس تابع لإحدى شركات الخلوي؛ مما يثير تناقضا في المصالح.
علاوة على أن أجهزة القياس يجب أن تكون مُعَيَّرَة من مختبرات مؤهلة ومعتمدة لتعيير مثل هذه الأجهزة، حسب المواصفات المخبرية المتبعة عالميا، وهذا غير متوافر لدينا، وبالتالي، فالقياسات المتوافرة لدى شركاتنا غير موثوق بها.
وفي المحصلة، يمكننا القول إن نتائج القياسات الفلسطينية غير علمية وغير موضوعية وغير صادقة.
ووفقا للنظام الذي طورته شركة Guard Technologies Wave ، تعمل كل شركة خلوي على وضع برامج حاسوبية خاصة في كل وحدة خدمة مركزية، علما بأن لكل شركة يوجد وحدة كهذه تستقبل المعلومات من جميع الهوائيات الخلوية. ويعمل البرنامج على استقبال معطيات تتعلق بشدة الإشعاع لجميع الهوائيات التابعة للشركة. بمعنى أن البرنامج الحاسوبي يرتبط بمجمل شبكة الخلوي التي تزود البرنامج بمعطيات عن كل محطة عاملة. كما يمكن للبرنامج أن يحدد الإشعاع من المواقع التي لم يتم الكشف عنها؛ لأن النظام يلتقط المعلومات عن النشاط الإشعاعي وموقعه.
وبالإضافة للفحوصات اليدوية التي يفترض إجراؤها سنويا من قبل جهة علمية محايدة؛ يفترض أن تحصل سلطة جودة البيئة، طوال 24 ساعة، على معطيات حول أي تجاوز إشعاعي من أي محطة كانت، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، وأينما كان موقعها.
وفي حال كشف النظام عن تجاوز معين يفوق المواصفات المسموحة؛ فيعطي عندها إنذارا فوريا على شاشة الرقابة التابعة لسلطة البيئة، فضلا عن إنذار مشابه على شكل SMS للجهات التنفيذية المسئولة، كما يرسل الإنذار عبر رسالة إلكترونية فورية.
ويوفر هذا النظام شفافية كاملة للجمهور، من خلال تزويده بالمعلومات في أوقات واقعية.
بسبب التسخين العالمي: ارتفاع كمية المواد الكيماوية المنبعثة من الأشجار والمولدة للروائح

خاص بآفاق البيئة والتنمية
أصبحت مسألة التغير المناخي في الكرة الأرضية حقيقة واقعة؛ إذ إن مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يزداد ودرجات الحرارة آخذة في الارتفاع. كما أن أنواعا نباتية كثيرة في العالم أصبحت تزهر قبل أوانها المعتاد، فضلا عن تناقص كميات الأمطار في مناطق عديدة في العالم. إلا أن بحثا جديدا تم في جامعة برشلونة بَيَّن أن العالم أصبح أكثر انبعاثا للروائح. وبحسب البحث، أصبح ينبعث من الأشجار، بل ومن الغطاء النباتي إجمالا، كمية أكبر من الكيماويات المتطايرة التي تعرف علميا بالمركبات الحيوية-الوراثية العضوية المتطايرة. ومعنى ذلك، أنه من المتوقع حدوث تغيرات في "التفاعل بين الأشجار" وفي قدرتها على وقاية ذاتها من الآفات والحشرات الضارة بل حتى من الثدييات النباتية التي تشتهي الأشجار. وقد نشر البحث في المجلة العلمية Trends in Plant Sciences ، وأشرف عليه البروفيسور المعروف خوزيه بنواليس من دائرة البيئة العالمية في جامعة برشلونة؛ وشاركه فيه الدكتور مايكل ستيوات من جامعة مونبيلييه في فرنسا.
ويقول البحث إنه، ونظرا للتسخين العالمي الذي حصل في السنوات الثلاثين الأخيرة، فقد ارتفعت بنسبة عشرة بالمئة انبعاثات هذه المواد الكيماوية الباعثة للروائح من الأشجار. وفي حال استمرار تصاعد درجات الحرارة على الكرة الأرضية خلال العقود القريبة القادمة، يقدر الباحثون أن تزداد سرعة هذه الانبعاثات من الأشجار بمقدار 30-40%. وبحسب التوقعات؛ سيصل متوسط ارتفاع الحرارة خلال العقود القادمة وحتى نهاية القرن الحالي، إلى درجتين-ثلاثة، بالمقارنة مع نهاية القرن الماضي. وفي المحصلة؛ ستؤثر زيادة الانبعاثات، من الناحيتين الفسيولوجية والبيئية، على الوظائف الحياتية للأشجار.
وبالعادة، تنبعث المواد الكيماوية المتطايرة (BVOC ) من الأشجار إلى الغلاف الجوي. وهي تختلف فيما بينها بكميتها وفي أحجام الجسيمات وأصلها. ومن بين هذه المواد: "إيزوفرين"، ومجموعة "مونوترَفينات" أو "سسكيترفينات". وإثر انبعاث هذه المواد المتطايرة من الأوراق الخضراء واتصالها بالأكسجين الجوي؛ تحدث عملية أكسدة ينتج عنها بعض المواد مثل الكربونيل والكحول والأحماض العضوية. وتعد جميع هذه المواد حيوية، من حيث مساهمتها في نمو الأشجار، وفي عمليات تبادل المواد (الأيض)، وعمليات التكاثر والوقاية من الكائنات الضارة. وبحسب الظروف البيئية؛ تتغير مستويات انبعاث هذه المواد.
ومع الزيادة في انبعاث الروائح، تزداد فترة موسم إزهار الأشجار والغطاء النباتي طولا، بالمقارنة مع الفترة الاعتيادية؛ مما يؤذي عملية "الاتصال" بين الأشجار. ومن خلال هذا "الاتصال" "تنذر" الأشجار بعضها بعضا من "الهجمات" الخارجية. وقد يثير هذا الوضع بلبلة بين الحشرات المُلَقِّحَة مثل الدبابير. وتعد الحرارة عاملا محركا كبيرا في هذه الانبعاثات.
ويمكننا القول إن العواقب الناجمة عن زيادة الروائح الشجرية معقدة للغاية.
وبالطبع، لا يدور الحديث هنا عن روائح مألوفة؛ كروائح الورود والعطور؛ بل رائحة ضعيفة، كالروائح الخاصة المنبعثة من أشجار الصنوبريات في الأحراش والغابات.
ويعتقد العلماء أن هذه الروائح تشكل أساس تكون "الإيروسول"؛ أي الجزيئات الدقيقة في الغلاف الجوي والتي تؤثر أيضا على تكون الغيوم. كما تعد هذه الجسيمات حاسمة في عملية تكون الأوزون (وتحديدا الأوزون السيئ المتواجد قرب سطح الأرض وينتج ما يشبه السِناج؛ وليس الأوزون الجيد في الغلاف الجوي والذي يحمي الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية). كما أن المركبات المتطايرة تبعثر نسبة معينة (صغيرة) من نواتج التمثيل الضوئي في الأشجار؛ مما يعني تقليل قدرة الأخيرة على امتصاص الكربون.
وبحسب بنواليس وزميله ستيوات، ستزداد الانبعاثات في السنوات القادمة؛ مما سيترك آثارا سيئة كثيرة؛ بعضها غير واضح.
والجدير بالذكر أن بحثا إضافيا نشر في مجلة "سجلات الأكاديمية الملكية البريطانية"، وأجرته جامعات بون وغتينجن في ألمانيا، وييل في الولايات المتحدة، أكد أن التسخين العالمي يهدد بتناقص واندثار جزء كبير من التنوع النباتي على الكرة الأرضية.
|