June 2010 No (26)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2010 العدد (26)
تصريحات عوزي لنداو بين الحقيقة والافتراء زيادة السكان وأنماط الإنتاج والاستهلاك... مشاكل تضرب البيئة والاقتصاد معا التربية البيئية الواجبة علينا نظام حديث لقياس التجاوزات في المستوى الإشعاعي لأبراج الخلوي بسبب التسخين العالمي: ارتفاع كمية المواد الكيماوية المنبعثة من الأشجار والمولدة للروائح ساحات رام الله تتحول إلى مسرح للتحريض ضد البضائع الإسرائيلية السيارات صديقة البيئة...هل هي حقيقة أم مجرد وهم دعائي نجاح عالمي للإمارات في تفقيس فرخ حباري من بيض الدجاج الأليف المواد الطبيعية تعود إلى عالم البناء افتتاح مصنع الظفرة لإعادة تدوير مخلفات الهدم والبناء في إمارة ابوظبي عماد سعد يفوز بجائزة "داعية البيئة" على المستوى العربي أهالي مخيم عين السلطان يطالبون وكالة الغوث بالتدخل لإزالة أبراج الخلوي من أحيائهم حديقة التجارب بالحامة الجزائرية تحفة طبيعية نادرة يوم بلا ورق مبادرة رائدة تنطلق من أبوظبي إلى العالم انطلاق أضخم حملة في "الشرق الأوسط" لترشيد استهلاك المياه فصل النفايات الفلسطينية ومعالجتها ضرورة بيئية معاصرة لماذا يترك المتنزهون خلفهم جبالا من النفايات؟!   ياسمين بولص: سيدة الأزهار والمحاصيل العضوية مكافحة البعوض بوسائل غير كيماوية الاستخدامات المهدورة لمياه المكيفات التغير المناخي كما يراه الشباب من هنا إلى ألمانيا البيئة الحية ثابت بن قرة وملوحة مياه البحارزهـرة مـن أرض بـلادي: سوسن (كحلة الكلب) المكافحة غير الكيماوية لآفات وأمراض أشجار الزيتون سبسطية  التلوث البيئي: قضايا حساسة بأسلوب جاف وندرة مرجعية    

منبر البيئة والتنمية

 

تصريحات عوزي لنداو بين الحقيقة والافتراء

 

تصريحات عوزي لنداو بين الحقيقة والافتراء

أحمد الهندي
باحث في اقتصاديات المياه

شكلت التصريحات الأخيرة لعوزي لنداو حول ما سماه تلويث الفلسطينيين لإسرائيل بمياه المجاري حلقة بمسلسل الإجراءات العنصرية، والتي لا تمت لثقافة السلام أو لاتفاقية  السلام في المرحلة الانتقالية بصلة، حيث وبالرجوع إلى هذه الاتفاقية بند المياه والمسمى بند (40) فقد تم الإشارة إلى أن الطرفين اتفقا على تنسيق إدارة مصادر وأنظمة المياه والمجاري في الضفة الغربية، من خلال عدة مبادئ منها "معالجة وإعادة استخدام مياه المجاري المحلية والمدنية والصناعية والزراعية أو التخلص منها بشكل ملائم".
وبالرجوع إلى أصل العلاقة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإسرائيل من حيث تدفق مياه الصرف الصحي نجد ثلاث حالات:
الأولى: مجار فلسطينية متدفقة باتجاه الخط الأخضر
الثانية: مجار إسرائيلية متدفقة باتجاه الأراضي المحتلة "جزء منطقة القدس الغربية"
الثالثة: مجاري مستوطنات داخل حدود الأراضي المحتلة
وقد كانت في بداية العلاقة المبينة كحالة أولى وقبل مجئ السلطة قد عقدت اتفاقية بخصوص مجاري بيت لحم وتحديداً بيت جالا مع بلدية القدس والتي أعتقد أنها لم تُتابع بشكل صحيحح؛ حيث إن جزءا من مجاري بيت لحم يتدفق باتجاه منطقة القدس وتتم معالجته في محطة المعالجة الإسرائيلية، وبعد اتفاقية أوسلو ووجود السلطة الوطنية وسلطة المياه تم التركيز من قِبل الطرف الفلسطيني على الحصول على تراخيص لبناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي والتي لم يتم بناء أي محطة منها  من ذلك التاريخ سوى محطة معالجة مياه الصرف الصحي في البيرة، وقد بين تقرير البنك الدولي 2009، أسباب ذلك وأرجعها لإجراءات معقدة في لجنة المياه المشتركة، وصعوبة الحصول على تراخيص من الإدارة المدنية.
وفي عام 2003 قام الاحتلال الإسرائيلي وبإجراء أُحادي الجانب باتخاذ قرار في اللجنة الوزارية للشؤون الاقتصادية يتمثل بخصم مبالغ مالية من أموال الضرائب الفسلطينية التي تجبيها إسرائيل مقابل معالجة مياه الصرف الصحي المتدفقة من الضفة الغربية باتجاه الخط الأخضر، حيث تمثلت هذه الخصميات لمسائل تتعلق بالربط الإجباري لهذه المجاري مع محطات معالجة إسرائيلية.
"مجاري قلقيلية على سبيل المثال تم ربطها مع محطة المعالجة في دروم هشارون"؛ حيث تم احتساب تكاليف توسيع هذه المحطات على نفقة السلطة الفلسطينية أو بناء محطات معالجة كاملة في الأراضي الإسرائيلية لمعالجة المجاري الفلسطينية " كما في محطة معالجة ياد حنا في عيمق حيفر التي تم بناؤها "لتعالج مجاري مدينتي طولكرم وغرب نابلس".

إن الاستنزاف المالي الذي حصل بعد هذا القرار الإسرائيلي كبير وليس بسيطا ولعدة أسباب:

    الاحتلال الإسرائيلي هو من يصدر فواتير المعالجة ويراجع عليها ويصادق على خصمها من حسابات السلطة، دون النظر إلى أن هناك طرفا فلسطينيا.
  1. إن السلطة الفلسطينية غير شريكة بالمنافع الاقتصادية المتعلقة بمياه المجاري المعالجة ولا يتم تعويضها عنها؛ حيث من المعلوم أن سعر المتر المكعب من المياه المعالجة في إسرائيل يبلغ 0.50 شيكل، فالمستفيد من معالجة مياه المجاري الفلسطينية هو قطاع الزراعة الإسرائيلي.
  2. إن مبدأ الملوث يدفع، لا يعني أن يقوم الاحتلال الإسرائيلي بتحميل السلطة كامل تكاليف المعالجة المتقدمة حيث من المتعارف عليه أن هذا المبدأ يُلزم بالمعالجة للحدود التي لا تضر في البيئة.
  3. إن تأخير الموافقة على مشاريع الصرف الصحي في الضفة الغربية من قِبل الاحتلال الإسرائيلي سواء اللجنة المشتركة أو الإدارة المدنية أضاع فرصة بناء محطات معالجة، وأدى إلى تكاليف كان من المفترض أن لا تُدفع.

أما الحالة الثانية والثالثة والتي فيها المتضرر هو الأرض الفلسطينية والبيئة الفلسطينية والمواطن الفلسطيني فنرى أن الصمت مطبق؛ وهذا يعود لعدة أسباب:

  1. إدمان المؤسسات الرسمية وغير الرسمية على التركيز الإعلامي دون أن يصل رد الفعل الى مستوى إجراء معين.
  2. عدم وجود استراتيجية واضحة لدى المؤسسات المعنية "حكومية وأهلية" في التعامل مع قضايا المجاري المتدفقة – وبالحالات الثلاث.
  3. عدم وجود دراسات كمية ونوعية وقانونية لهذه القضايا.
    إن بقاء هذه القضايا رهينة ردات الفعل الإعلامية، من الجانب الفلسطيني على اتخاذ القرارات لدى الاحتلال الإسرائيلي يجعلنا نطرح سؤالا واضحا: أين هي المؤسسات المعنية وماذا تخطط؟؟

 

تقرير جديد للـ"يونيب" حول "توقعات البيئة للمنطقة العربية"
زيادة السكان وأنماط الإنتاج والاستهلاك... مشاكل تضرب البيئة والاقتصاد معا

حبيب معلوف / لبنان

أنجز برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يو نيب) تقريره عن "توقعات البيئة في المنطقة العربية"، وقد جاء هذا العام في محاوره المختلفة، شبيها جدا بالتقارير السابقة لناحية العناوين والمشاكل وطريقة مقاربتها. صحيح أن هذا التقرير، والتقارير المشابهة، نجحت في أن لا تتناول البيئة كقضية مستقلة لها سياساتها الخاصة، بل دمجتها مع غيرها من السياسات وطرحتها كمفهوم عملي وعلمي مرتبط بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة... إلا أن التمادي في الرهان على مفاهيم التنمية واستغلال الموارد البيئية أدى إلى تدهور النظم الأيكولوجية، وتعميق جذور المشكلات البيئية، التي تنعكس سلبا على مقومات الاقتصاد وطرق وأنماط ومستويات العيش... حتى بات ما يسمى "تحقيق الرفاهية للإنسان" هدفا غير ذي معنى.   
بالرغم من ذلك، لا يزال كتّاب التقرير يراهنون على فكرة "البيئة هي من أجل التنمية". وهي فكرة ملتبسة جدا، إذ لا تزال تصر على الاحتفاظ بفكرة التنمية كهدف بالرغم من اكتشاف عدم القدرة على التوفيق بينها وبين متطلبات حماية الموارد الطبيعية. ويؤكد التقرير على وجود ارتباط وثيق بين البيئة والتنمية. فالتنمية التي لا تأخذ في الاعتبار إمكانات استيعاب النظم الأيكولوجية التي تؤدي إلى تدهور بيئي، بحيث تصبح البيئة عبئا على الاقتصاد وفي المقابل، تعطى البيئة السليمة قوة للاقتصاد. في الواقع، فإن صافي الوفرة من الموارد البيئية هو المقياس الحقيقي لمعدل وفرة الاقتصاد. ويقدر التقرير الكلفة الاقتصادية المباشرة للتدهور البيئي في العالم العربي بنحو 2,4 إلى 4,8% من إجمالي الناتج المحلي.   
ويعد عدد السكان في الدول العربية المحرك الاجتماعي الأهم الذي يوجه الكثير من القضايا البيئية وقد قدر بنحو 334,5 مليون نسمة عام 1998، مع توقع أن يصل إلى 586 مليونا بحلول عام 2050، وهذا العدد سوف يلقي بظلاله على واقع وآفاق التنمية المستدامة.   
بالإضافة إلى مشكلة زيادة السكان يظل الفقر تحديا خطيرا لتحقيق التنمية المستدامة بالنسبة لكثير من بلدان المنطقة. وتنتشر البطالة على نطاق واسع حيث وصلت معدلاتها عام 2007 إلى 13,7% ، في وقت كان المتوسط العالمي 5,7%. وتصل نسبة الأمية إلى30 % بين البالغين، بالإضافة إلى الفروق بين النوع الاجتماعي والحروب والصراعات.   
ويطالب التقرير الحكومات بتحقيق المساواة والعدالة في استثمار الموارد، وذلك بتحديد المشكلات والاحتياجات، وزيادة مستوى المشاركة الشعبية. وتحسين الحوكمة وحكم القانون، وزيادة الديموقراطية، وتعزيز حقوق الإنسان. كما يراهن على تحقيق قفزة تكنولوجية نوعية في مجال التعليم والبحث العلمي، وعلى تحسين استغلال الموارد. كما يؤكد على أهمية تحقيق السلام والأمن في المنطقة العربية، كأمر ضروري لتحقيق التنمية المستدامة وتمكين البلاد العربية من الإسهام الفعّال في الاقتصاد العالمي والاندماج في بيئته.   
ويدعو التقرير لاعتماد نهج استراتيجي هدفه الارتقاء بنوعية حياة المواطن العربي، وتجنيبه مخاطر تفاقم المشكلات البيئية، بوضع إستراتيجية ترمى إلى تحسين الأداء البيئي العربي، بتدابير تعالج جذور المشكلات البيئية، وتغير من أنماط الإنتاج والاستهلاك، وتوقف استنزاف الموارد الطبيعية وتدهورها.   

الموارد المائية   
تأتي قضية تأمين المياه العذبة في مقدمة التقرير وفي مقدمة الموارد المهددة في معظم البلدان العربية. وتمثل ندرتها أكبر التحديات التنموية، والبيئية، والاقتصادية، والاجتماعية في المنطقة. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الموارد المائية الطبيعية المتاحة بالمنطقة يصل إلى 262 ,900 مليون م3 في السنة. وتُظهر بيانات شح المياه في المنطقة العربية أن معظم بلدان المنطقة تعاني بالفعل من شح المياه منذ العام 1990، والدليل على ذلك أن العديد من دولها تصنف ضمن الدول الخمس عشرة الأكثر فقراً في العالم في ما يخص الموارد المائية.
في الوقت الحالي، يفتقر حوالي 83 مليون نسمة إلى مياه شرب آمنه نقية، فيما يفتقر نحو 96 مليون نسمة إلى خدمات الصرف الصحي الملائمة، ومعظم هؤلاء يعيشون في البلدان المنخفضة الدخل، أو التي تقع تحت وطأة الاحتلال، أو في دول تمزقها الحروب والصراعات الأهلية.   
ويقدر إجمالي التكلفة المالية لتوفير إمدادات المياه لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لنصف عدد السكان بحلول عام 2015 بنحو 99 ,870 مليون دولار أميركي، ولتوفير خدمات الصرف الصحي تحتاج المنطقة إلى62000 مليون دولار أميركي بنسبة تقترب من 50 في المئة.   وتعتمد بعض الدول العربية على المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 80 في المئة وهذا المصدر الحيوي ليس بمنأى عن الاستنزاف المفرط أو التلوث الناجم عن الأنشطة السكانية.   
وفى ظل التناقص المضطرد في الموارد المائية، أصبح التوجه للمياه المحلاة والمياه المعالجة ضرورة ملحة، إلا أن الإلمام بتقنياتها ما زال قاصراً في المنطقة العربية، وتعد دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر إنتاجا للمياه المحلاة (سواء من البحر أو المياه الجوفية) بنسبة تصل إلى 79 في المئة من الاستخدام الكلي للدول العربية، أما معالجة مياه الصرف الصحي فهي أوسع انتشارا بحيث تنتج المنطقة أكثر من 10 مليارات متر مكعب سنويا... انطلاقا من هذه المعطيات يقترح التقرير وضع وتطبيق استراتيجيات تشمل خيارات اقتصادية واجتماعية متوازنة والتحول إلى اقتصاديات أقل اعتماداً على المياه، وتوفير المصادر المائية البديلة لمرحلة ما بعد نضوب المصادر غير المتجددة واعتماد الإدارة المتكاملة للموارد المائية لمواجهة الأخطار التي تهددها؛ إذ تعتمد تلك الإدارة على التعاون والشراكة على جميع المستويات بدءاً من الأفراد وانتهاءً بالمؤسسات، ويستلزم تحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية توافر سياسات وطنية وإقليمية مترابطة لتعزيز الحوكمة الجيدة لتلك الموارد. كما يقترح إعادة النظر في أنماط الري في الزراعة العربية التي تستهلك 88 في المئة من إجمالي المياه بالمنطقة (مع العلم أن هناك من بدأ يشكك بهذه النسبة والتي تتجاهل النسب الكبيرة في الاستهلاك السياحي.  مع إشارة التقرير إلى قضية إدارة الموارد المائية المشتركة والمياه تحت الاحتلال اللتين تمثلان تحديين رئيسين في المنطقة العربية.

الأراضي
تقدر مساحة المنطقة العربية بنحو 1 ,406 مليون هكتار، وتمثل نحو 10.8 في المئة من مساحة أراضي العالم. وتشكل الأراضي التي تقع في نطاق المناطق الجافة وشبه الجافة نحو 90 في المئة من كامل أراضيها. وتشير الإحصاءات إلى تغير نسب استعمالات الأراضي في المنطقة العربية باستمرار بسبب الأنشطة البشرية الجائرة. فقد أدى تضاعف عدد السكان في الخمس والعشرين سنة الماضية إلى تقليص متوسط حصة الفرد من الأراضي في المنطقة العربية بنحو 50 في المئة وذلك في الفترة من عام 1980حتى عام 2007، كما تسبب النشاط البشري في تدهور ما يقرب من 68 في المئة من مساحة أراضي المنطقة. وتناقصت مساحة حصة الفرد من أراضي المراعي بنحو 33 في المئة بين عامي 1980 و 2005 بسبب الرعي، كما تناقصت حصة الفرد من أراضي الغابات ما يقرب من 35 في المئة لنفس الفترة نتيجة الإدارة غير المستدامة لمواردها، والنشاط العمراني الزاحف نحوها.   
وأسهمت عوامل أخرى رئيسة في ذلك التدهور، منها تحرير السياسة الاقتصادية، وأنماط الاستهلاك غير المستدامة وانخفاض الأمطار في السنوات الأخيرة؛ مما أدى إلى زيادة مساحات الأراضي التي تعتمد على الري والتي تنتج نحو 70 في المئة من المحاصيل الزراعية للمنطقة، لكنها تستهلك 89 في المئة من المياه المتاحة بكفاءة ري لا تزيد عن 55 في المئة.   
والحقيقة أن هناك حزمة مسببات لتدهور الأراضي مثل الرعي الجائر وزيادة الحمولة الحيوانية وإعاقة تكاثر النبات واستنزاف المياه، والنمو العمراني العشوائي.   
إن الوضع الحالي للأمن الغذائي في المنطقة يتطلب تبني منهج تكاملي وتشاركي متنوع الأغراض للحفاظ على الأراضي يقوم على فهم عميق لطبيعة مشكلات الأرض والإنتاج الزراعي، ويعتمد على مؤشرات واقعية مع تقييم لآثارها على البيئة والإنسان. إن التحدي الكبير أمام البلدان العربية يكمن في تعظيم واستدامة استعمال الموارد الطبيعية لتحسين الإنتاج الزراعي والظروف المعيشية للسكان. فالمساحة المزروعة حاليا أقل بكثير من تلك الصالحة للزراعة، كما أن طرق الري المستعملة تفتقد الكفاءة ويمكن تحسين إدارة مياه الري بتحسين السياسات المائية ونظم وشبكات الري وبناء القدرات.   
وعلى الرغم من كل التحديات فهناك طرق مبتكرة لمعالجة مشكلات تدهور الأراضي كاستصلاح أراض ليست صالحة للزراعة، واستعمال تقنيات متطورة، وتبني أنماط جديدة من الزراعة، وتحسين تربية الحيوان.

البيئة الساحلية والبحرية   
تحظى المنطقة العربية بسواحل بحرية تمتد لأكثر من 22 ألف كم، وتحتضن ثروات ونظما بيئية وتنوعا أيكولوجيا غاية في الثراء، وجميعها يشكل عاملا مساعداً على النمو الاقتصادي، وهذه السواحل، شأنها شأن كل الموائل الطبيعية، تتعرض لتهديدات عديدة بسبب الأنشطة البشرية خاصة الصناعية منها، وأبرزها التنقيب عن النفط والأنشطة المتصلة به، بالإضافة إلى حزام الصناعات الأخرى المنتشرة على تلك السواحل، وما يتخلف عن النقل البحري. ويمثل تلوث النقل البحري تهديداً مستمراً لبحار المنطقة العربية نتيجة لكمية النفط المنقولة عبرها وعلى سبيل المثال، فإن 60 فى المئة من إجمالي البترول المستورد في العالم ينقل عبر مضيق هرمز.
وأسهمت عمليات تطوير وتنمية السواحل بما فيها من توسع عمراني متواصل، وإقامة الموانئ، ووحدات التكرير، ومحطات التحلية، في زيادة مخاطر التلوث الساحلي وتلوث البحيرات الساحلية وهناك أكثر من 68 محطة للطاقة وتحلية مياه البحر على سواحل دول مجلس التعاون الخليجي، تنتج وحدها 43 في المئة من إجمالي المياه المحلاة في العالم.   
وأدت النشاطات البشرية إلى تدهور العديد من البحيرات الساحلية وتقلص مساحتها بشكل كبير مما أدى إلى تدهور النظم الايكولوجية وتدني النسيج البيئي وتقلص التنوع البيولوجي.  ويعد الصيد الجائر من الضغوط المهمة التي تؤثر على استدامة المخزون السمكي، ويعتبر ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل البيئة الفيزيائية، والبيولوجية، والنظم الاجتماعية، والبنى الاقتصادية. ولعل تزايد الطلب على الأسماك عالمياً ومحلياً هو أحدها، وقد تناقصت أعداد بعض الأنواع السمكية وأسماك الشعاب المرجانية في المنطقة العربية في السنوات الثلاث الأخيرة؛ الأمر الذي يهدد المجتمعات الساحلية والاقتصاديات الوطنية التي تعتمد على صيد الأسماك كمصدر للدخل، ويعرض للخطر أولئك الذين يعتمدون عليها كمصدر للبروتين. توجد حاجه ماسة للممارسات الصحية الخاصة بالمحافظة على البيئة، وكذا لمراجعة اتفاقيات التجارة والترخيص للسفن الأجنبية بصورة دورية لضمان الحفاظ على المخزون السمكي. ويعد تطوير مراكز الأبحاث وتقييد الصيد في فترات تكاثر الأنواع المهمة من وسائل تقليل الصيد الجائر وكذلك مراقبة أساطيل الصيد التجارية في أعالي البحار وبجوار الشواطئ.   
بالرغم من انتقاد التقرير للمشاريع في جزء كبير من المناطق الساحلية في عدد من بلدان المنطقة العربية وبخاصة على سواحل دول مجلس التعاون الخليجي، والبحر الأحمر... ويخص بالذكر جزر النخيل الواقعة على ساحل دبي بالإمارات كأكبر جزر صناعية في العالم... إلا أنه لا يزال يصف هذا النوع من المشاريع بـ"التنمية". ولكنه سرعان ما ينبه إلى "أن هذا الاتجاه التنموي يثير المخاوف حيث يحتمل أن ترتفع الكثافة السكانية في تلك الجزر، مما يؤدي إلى ظهور عدد من المشكلات على طول الشواطئ مثل استنفاد المياه الجوفية، والنمو الحضري المفرط، والأعداد الكبيرة للسياح، وتلوث المياه الساحلية، وفقدان التنوع البيولوجي الساحلي والبحري، وتآكل الشواطئ". كما ينبه إلى احتمال تزايد تعرض المنطقة للكوارث الطبيعية مثل الأعاصير أو ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة الاحترار العالمي وما ينتج عنه من عواقب اجتماعية واقتصادية وبيئية. ومن المتوقع أنه مع ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل متر واحد يتأثر ما نسبته 3.2 في المئة تقريباً من سكان المنطقة العربية مقارنة ب 1.28 في المئة من السكان على مستوى العالم. إضافة إلى ذلك يتأثر ما نسبته 1.49 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة، مقارنة بنسبة عالمية لا تتعدى 1.30 في المئة.   
وينصح التقرير بضرورة تقييم الآثار المحتملة لارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة تغير المناخ بشكل دقيق وباستخدام الأدلة العلمية والسيناريوهات المحتملة، مع إيلاء اهتمام خاص بتقييم الآثار البيئية لمشروعات التنمية الضخمة على السواحل، بما يشمل الآثار المحتملة لتغير المناخ على تواتر الجفاف وتدهور نوعية المياه، والفيضانات والتصحر، وتعرية التربة، وتآكل السواحل، وتغير درجة حرارة مياه البحر وملوحتها، وتهديد التنوع الحيوي وذلك لتقييم استجابات التكيف الملائمة.   

المستقرات البشرية   
كثير من المستقرات البشرية في المنطقة العربية ذات تاريخ عريق كما نشأت وتوسعت حديثاً مستقرات أخرى لافتة الأنظار ولاسيما عدة مدن في دول مجلس التعاون الخليجي، وفى كلتا الحالتين تواجه المستقرات العربية كثيرا من التحديات أهمها الحصول على مياه الشرب الآمنة، وخدمات الصرف الصحي، علاوة على الفجوة في فرص الحصول على مياه الشرب بين سكان الحضر والريف. ويوجد في المنطقة العربية عشر دول يتوافر لأكثر من 98 في المئة من سكانها خدمات إدارة مياه الصرف، إلا أنه توجد دول أخرى بحاجة لتحسين نظم الصرف فيها ومعالجتها، بينما تفتقر مستقرات في دول ثالثة إلى الحصول على خدمات الصرف المناسبة.   
ويسهم كل من النمو السكاني المضطرد وتحسين مستوى المعيشة في زيادة معدل تولد المخلفات البلدية الصلبة. فمتوسط التولد اليومي للمخلفات البلدية الصلبة للفرد في المنطقة العربية هو 0.5 كغم على الصعيد الوطني، ولكن في المناطق الحضرية يتجاوز هذا المعدل 1.5 كغم، في حين ينخفض إلى 0.7 كغم في المناطق الريفية. وقد ازدادت معدلات تولد المخلفات البلدية في الدول العربية من 4.5 ملايين طن في السنة عام 1970 إلى 25 مليون طن عام 1995، ومن المتوقع أن تصل إلى 200 مليون طن سنوياً بحلول عام 2020.   
إن نوعية الهواء في العديد من المدن العربية، ولا سيما في الجزائر، ومصر، والعراق، والكويت، والسعودية، آخذه في التدهور وتتجاوز بعض الملوثات المعايير الوطنية لجودة الهواء في كثير من الحالات. تقدر تكلفة تلوث الهواء في المناطق الحضرية بنحو 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تقدر التكاليف الصحية ذات الصلة بتلوث الهواء في الأماكن المغلقة بين 0.15 إلى 0.45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. أما الفيضانات، والحرائق، والزلازل والانهيارات الأرضية، والعواصف، وبخاصة الرملية منها، فهي أخطار طبيعية تهدد المستقرات البشرية العربية. ولعل الجفاف المستديم، بما له من آثار مدمرة على الإنتاج الزراعي والموارد المائية، أكثر ما يهدد استقرار واستدامة المستقرات البشرية في المنطقة. ويمكن للتغيرات المناخية وارتفاع سطح البحر أن تهدد العديد من المستقرات البشرية الساحلية في المنطقة العربية.   
ويشكل الإسكان غير الرسمي (العشوائي) تحدياً كبيراً لإدارة المستقرات البشرية في كثير من الدول العربية.
من الناحية التاريخية، كانت العديد من المدن العربية مهدا للحضارة، وغنية بالآثار، ولكن أكثرها تفتقر حالياً إلى البيئة التحتية الضرورية لإنقاذ الآثار من ارتفاع مستويات المياه الجوفية أو الإشغال غير الرسمي، مما يؤثر سلبا على التراث الثقافي، وقد نجحت عدة بلدان في إحياء مدنها التاريخية مثل مدينة حلب في سورية، وصنعاء في اليمن.
تختلف إدارة المستقرات البشرية من دولة لأخرى ويمكن القول إن نظم إدارة المستقرات البشرية تعتمد الآليات التقليدية لصنع القرار، وتغيب عنها الآليات المؤسسية الداخلية للتنسيق الفعال في عملية صنع القرار، وفي التخطيط، وصنع السياسات، وإدارة التنمية. كما تفتقر إلى الإطار المؤسسي المستقر للشراكة في صنع القرار وتنفيذه، وهي في أغلب الأحوال آلية لإدارة الأزمات والكثير من المدن العربية يحتاج للتخطيط الحضري الدقيق والإدارة السليمة.   

التنوع البيولوجي   
تتمتع المنطقة العربية بتنوع بيولوجي فريد يحتضن آلاف الأنواع النباتية والحيوانية والنظم الإيكولوجية البرية والبحرية. وعبر مئات السنين، أثمر التفاعل البشري مع البيئات الطبيعية عن ظهور تنوع بيولوجي زراعي فريد نشأت معه توليفات مختلفة من أنواع وأصناف المحاصيل البستانية والحقلية والحيوانات الداجنة. إلا أن التنوع البيولوجي العربي عانى (وما زال) من تراجع مستمر في مكوناته، انعكس في اضطراب وتدهور في موائل الأنواع وصل في حالات غير قليلة إلى فقدان الموائل، وتراجع في الأنواع. فخلال المئة سنة الماضية انخفضت أعداد بعض الأنواع خاصة الثدييات وتغيرت رقعة انتشارها، ولعب انخفاض منسوب المياه الجوفية، وتجفيف البيئات الرطبة، وإقامة الحواجز المائية فضلا عن الصيد الجائر... دوراً رئيسيا في تراجع التنوع البيولوجي. وتعاني البيئات البحرية وخاصة الساحلية منها من عمليات الردم والتجريف والتلوث، فضلا عن الصيد الجائر، الأمر الذي سيتبعه تراجع في أعداد الأنواع البحرية والشعاب المرجانية.   
وقد وصل عدد الأنواع المهددة في المنطقة إلى 1084 نوعا، تشكل الأسماك 24 في المئة منها، بينما تحتل الطيور المرتبة الثانية بنسبة 22 في المئة، تليها الثدييات والأنواع النباتية بنسبة 20 في المئة لكل منهما، وتشغل باقي النسب مجموعات الأحياء الأخرى.   
والأنواع الغازية التي وصل عددها الآن في الدول العربية إلى 551 نوعا تعد خطرا جديدا يهدد التنوع البيولوجي. وتشكل الأنواع الغازية وخاصة الغربية منها، خطرا كبيرا على النباتات والحيوانات المحلية، والنظم الأيكولوجية الطبيعية، وتتسبب في أضرار مادية جسيمة كما هي الحال في سوسة النخيل وورد النيل.
ولا شك أن السلامة الإحيائية أصبحت قلقا عالميا يتطلب التعامل معها باتباع نهج متكامل لإدارتها، وبات من الضروري أن تواكب الدول العربية التطور العالمي من خلال بناء القدرات المؤسسية وتطوير القوانين والمعايير الوطنية لمعالجة قضايا محددة ذات صلة بنقل الكائنات الحية المعدلة وراثيا ومنتجاتها واستخداماتها المختلفة.
ويتطلب تعزيز التنفيذ الناجح لاتفاقية التنوع البيولوجي وتحقيق أهدافها في الدول العربية، وبخاصة بعد عام 2010، نهجا متكاملا يمكنه إقامة توازن بين المحافظة على التنوع البيولوجي والتنمية الاقتصادية على الصعيد الوطني. إن وضع الاستراتيجيات وخطط العمل على الصعيد الإقليمي بمساعدة المنظمات العربية والدولية العاملة في المنطقة سوف يكمل الجهود الوطنية ويعززها؛ وينبغي في هذا السياق، إعداد خطة إطارية على مستوى البلدان العربية مجتمعة ذات رؤية واسعة النطاق تعكس القلق من فقدان التنوع البيولوجي وتسهم في تقييم حالته، والمحافظة عليه واستخدام مكوناته بشكل مستدام. وينبغي أن يكون أحد العناصر الرئيسة لتلك الإستراتيجية تطبيق نهج إطاري قائم على الدروس المستفادة ورصد لخطوات التقدم نحو تحقيق الأهداف. ولا بد من أن يدعم تلك الإستراتيجية بناء شراكات بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك القطاع الخاص، وخلق فرص جديدة لمبادرات المحافظة على التنوع واستخدام مكوناته على نحو مستدام وتقاسم المنافع الناتجة عنه. ويمكن في هذا الصدد الاستفادة من الإطار العام للسياسة الدولية التي تدعم البرامج الوطنية والإقليمية للتنوع البيولوجي.

الغلاف الجوي والمناخ   
بالإضافة إلى العواصف الغبارية والرملية التي تهب على المنطقة العربية وآثارها السلبية على صحة الإنسان والقطاعات الاقتصادية المختلفة، تعاني كثير من بلدان المنطقة من زيادة معدلات تلوث الهواء سواء من الغازات أو الجسيمات، أو اليروسولات ذات المنشأ الصناعي. وتشمل الملوثات الرئيسية غازات الاحتباس الحراري، والهباب، ودقائق التربة الملوثة. ووصلت تلك المعدلات في كثير من الأحيان إلى حدود أعلى من الحدود التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية في أغلب المدن العربية. وتؤثر تلك الملوثات في صحة الإنسان ورفاهيته، وتضر بنظم الإنتاج الزراعي والصناعي. كما يشكل التلوث الداخلي (الأماكن المغلقة) خطرا آخر على كثير من سكان الدول التي تعتمد نظام التدفئة القائم على حرق الوقود الأحفوري أو الحطب في الأماكن المغلقة.
وتتطلب مبادرات تقليل تلوث الهواء تنوعا في استراتيجيات وسياسات إنتاج الطاقة لرفع كفاءتها، وترشيد استخدامها في مجال الكهرباء أو النقل، ويتطلب ذلك بناء القدرات، ورفع الوعي والتوسع في أبحاث الطاقة الشمسية، ومبادرات الإنتاج الأنظف. ويلعب قطاع الطاقة في المنطقة العربية دورا محوريا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأساسه صادرات البترول والغاز. وتمتلك المنطقة العربية ما بين 51 - 57 في المئة من الاحتياطي العالمي للبترول و30 في المئة من احتياطي الغاز، وتنتج 23 في المئة من إجمالي بترول العالم ونحو 8.7 في المئة من إجمالي الغاز العالمي. وتعد عمليات إنتاج النفط وتكريره من أهم مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتقدر انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وحدها بنحو 2.4 في المئة من الانبعاثات العالمية، علما بأن نسبة انبعاث هذا الغاز في الدول العربية مجتمعة تمثل 4.7 في المئة من إجمالي الانبعاثات العالمية. وتسجل بعض البلدان العربية أعلى متوسط لنصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً. ففي قطر مثلا، يصل المتوسط السنوي إلى 61.94 طنا متريا للفرد و 36.58 طنا متريا في البحرين، في حين تسجل الصومال متوسطا قدره 0.09 طن. وليست صناعة الطاقة وحدها هي سبب غازات الاحتباس الحراري، بل هناك صناعات البتروكيماويات والأسمدة والأسمنت، والحديد وغيرها.   
وبالرغم من الإسهام المنخفض للمنطقة العربية من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إلا أن التقديرات العلمية تشير إلى أنها بحكم امتدادها الجغرافي، وتباين بناها الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تدهور مواردها الطبيعية، ستكون الأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ وستكون الزراعة ومصادر المياه والثروة السمكية من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية وتفاعلاتها المختلفة التي تشمل تهديداً للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر وشح الموارد المائية وزيادة ملوحة المياه الجوفية، وانتشار الأوبئة والآفات على نحو غير مسبوق... الأمر الذي يعرقل مسيرة التنمية المستدامة.   
من الضروري إجراء التقييمات العلمية لمدى تأثر نظم المنطقة العربية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بظاهرة تغير المناخ، ولا بد من البدء بإجراءات التكيف التي لا بديل عنها وعدم الانتظار لحين توافر الإمكانات.
إن التحدي المستقبلي الرئيسي للمنطقة العربية يتمثل في تغير المناخ ويجب أن تكون الاستجابة على هذا القدر من الأهمية حتى تتجنب المنطقة العربية التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتغير المناخي.
حققت الدول العربية بشكل عام نجاحات كبيرة في مجال التخلص من مركبات الكربون الفلورية الكلورية التي تسبب تآكل ونفاد طبقة الأوزون، ووصل الخفض في نسبة تلك المركبات إلى 85 في المئة عام 2007 ، إذ انخفضت كمياتها من 18 مليون طن عام 1995 إلى 3.86 ملايين طن عام 2007، غير أنه ما زالت هناك تحديات جدية تواجه الدول العربية من أجل مواصلة العمل والتوقف التام عن استهلاك جميع المواد المدرجة في القوائم الملحقة ببروتوكول مونتريال، وإدارة مخزونات مركبات الكربون الكلورية الفلورية غير المرغوب فيها.

التحديات والفرص   
تشكل الكوارث الطبيعية تحديا لا بد من الاستعداد لمخاطره، إذ أظهرت الدراسات أن ست دول عربية (الأردن، وتونس، والجزائر، وسورية، وجيبوتى، والمغرب) معرضة نسبياً لمخاطر اقتصادية ناجمة عن أخطار طبيعية متعددة تسبب خسائر تبلغ نحو 30 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مع إمكانية تعرض 30 في المئة من سكانها لمخاطر كبيرة. ووفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن أكثر من80 في المئة من الكوارث تحدث بسبب تغيير الطقس والمناخ، خاصة في المناطق الساحلية الأكثر قابلية للضرر. ويؤكد تقرير برنامج الأمم المتحدة للمستقرات البشرية حالة المدن الأفريقية 2008 "أن 18 في المئة من قاطني المناطق الساحلية في شمال أفريقيا يعيشون بمناطق منخفضة عن مستوى سطح البحر، وبخاصة بمدن الإسكندرية، والجزائر والدار البيضاء وتونس، وهى أكثر قابلية للضرر". ويفيد التقييم العالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث 2009 أن مصر، وجيبوتي، والبحرين من أكثر الدول عرضة لمخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر. ففي مصر يعيش نحو 10 ملايين نسمة في المناطق الساحلية بين الإسكندرية وبورسعيد. وفي جيبوتي يعيش نحو 50 فى المئة من السكان عند مستوى سطح البحر وبينما يقطن حوالى 75 في المئة من سكان البحرين مناطق ساحلية منخفضة.   
ويشكل تحسين نوعية الخدمات الصحية أهم مطالبات مجتمعات المنطقة العربية، ووفقا لبيانات البنك الدولي فإن أمراض السرطان والقلب والشرايين، والتي تمثل 45 في المئة من أمراض منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون مسؤولة عن 56 في المئة من الوفيات بحلول 2020.   
ثم إن تقديم الخدمات العامة للوقاية من الأمراض مثل، معالجة المياه العادمة، والصرف الصحي، والحصول على مياه الشرب الآمنة في المنطقة أقل من متوسط المعدلات العالمية، وينبغي الإجابة على تحديات ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة عدد حوادث الطرق، وانتشار الأمراض المعدية وغيرها.   
هناك فرص متاحة لتعزيز التقدم، تكمن في حسن استعمال الموارد مع جعل الاعتبارات البيئية في صلب عملية صنع القرار، كما أن تأسيس بيئة صديقة للاستثمار أمر حيوي يمكن تعزيزه عبر تبسيط الإجراءات، وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز آليات تحقيق الأمن الاجتماعي. ولا شك أن استمرار التمييز ضد المرأة وتهميشها يقلل دورها التنموي. فمن الضروري الاستثمار في الموارد البشرية الشابة بما يعزز قدراتهم ويمكنهم من الإسهام الفعال في عملية التنمية. ولا بد من إيجاد الآليات لنقل التكنولوجيا الحديثة، وتوطينها، إضافة إلى تطوير التكنولوجيا الأصلية بما يسهم في تعزيز التنمية التكنولوجية الصحيحة التي من شأنها تمكين الناس وتعزيز وتيرة التنمية.

 

التربية البيئية الواجبة علينا


د. عايد راضي خنفر / عمان

بعد سعي الإنسان المتواصل لاستنزاف موارد البيئة وقيامه بتدمير نظامها بوعي ودون وعي أخذت مشاكل البيئة تتفاقم وتهدد حياته من تلوث على جميع الأصعدة، وهنا  تبرز الحاجة إلى من يقوم بتوعيته وتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري، لكي يصبح لديه إدراك، وسلوك يتبعه في حياته، ونهج يسير عليه. وهذا ما يجب أن يتم منذ نشأة الإنسان عن طريق (التربية البيئية) لتبدأ من الأسرة والمنزل مرورا بالمراحل التعليمية الابتدائية إلى المراحل التعليمية العليا، لخلق وعي بيئي وأسس تربوية تجاه البيئة ولشرح حقيقة البيئة والتفاعل معها على أنها نظام شامل متكامل لا يقبل التجزئة، ويتميز بالتفاعل المستمر بين مكوناته الحية وغير الحية.
التربية البيئية هي منهج لاكتساب القيم وتوضيح المفاهيم التي تهدف إلى تنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وثقافته وبيئته الطبيعية الحيوية، وتعنى بالتمرس في عملية اتخاذ القرارات، ووضع قانون للسلوك بشأن المسائل المتعلقة بنوعية البيئة، وتعرف بأنها تلك العملية المنظمة لتكوين القيم والاتجاهات والمهارات اللازمة لفهم العلاقات المعقدة التي تربط الإنسان وحضارته بالبيئة...  ولاتخاذ القرارات المناسبة المتصلة بنوعية البيئة وحل المشكلات القائمة والعمل علي منع ظهور مشكلات بيئية جديدة.
وهي كما يفهمها البعض بأنها مجرد تدريس المعلومات والمعارف مثل المشكلات البيئية كالتلوث وتدهور الوسيط الحيوي واستنزاف الموارد، وتتمثل في جانبين هما إيقاظ الوعي البيئي الذي يتمثل في تمكين الإنسان من القدرة على انتقاء التكنولوجيا وتطويعها في خدمة البيئة لتأهيلها للمرحلة الثانية من التنمية.
وحيث إن البيئة وقضاياها ومشاكلها التي تجابه الحياة في العصر الحاضر وتهددها، متعددة الجوانب والأبعاد، فلا يمكن التصدي لها من خلال منهج دراسي واحد. فهي ذات أبعاد وأسباب ونتائج سلبية في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والسياسية والثقافية والعلمية والتقنية والتاريخية والجغرافية والدينية .. وغيرها، لذا يجب تناولها بالبحث والتحليل من كافة هذه الجوانب عبر دراستها ومناقشتها في المناهج الدراسية المختلفة المتعلقة بواقع هذه الجوانب مع إيضاح العلاقات القائمة بينها، وهنا نؤكد على مناهج التربية الدينية التي يمكن أن تخدم أهداف التربية البيئية حيث  كما جاء من خلال القران الكريم والسنة النبوية الشريفة التي نصت على كيفية تعامل المسلم مع بيئته، فديننا الإسلامي قد منع الإسراف في أي شيء، ونهى عن التبذير والإفراط، والسعي في الأرض بالفساد، أو قلع أي نبات إلا بحقه. وقد يدرس ذلك دون التعريف بتأثير ذلك على البيئة ومواردها، وما يحدثه من إخلال بنظم الحياة.
          ينبغي أن تدرس التربية البيئة من جميع وجوهها الطبيعية والتكنولوجية والاقتصادية والسياسية والثقافية والتاريخية والأخلاقية والجمالية ولتكون التربية البيئية عملية مستمرة مدى الحياة داخل نظام التربية النظامية وخارجه، وهي لا تقتصر على فرع واحد من فروع العلوم بل مرتبطة بكل علم من العلوم في تكوين نظرة شاملة متوازنة وكما أنها  تؤكد على أهمية التعاون المحلي والقومي والدولي في تجنب المشكلات البيئية وحلها .
من الضروري تعلم التربية البيئية للدارسين في كل المراحل التعليمية والتجاوب مع البيئة ومشاكلها من خلال الطرق التعليمية للتعرف على البيئة مع العناية بالأنشطة العملية وهذا كله يسهل مهمة المناهج الدراسية والنشاطات التي تشرف عليها المدرسة في احتواء التربية البيئية بكل تفاصيلها، فبعضها تمد الطلاب بالمعلومات والمفاهيم والحقائق العلمية، وبعضها الآخر تكون القيم والاتجاهات والمدركات نحو البيئة، والإقلال من سيادة البرامج المستقلة في مجال البيئة، تقريب الفجوة بين الأبحاث العلمية وبين المناهج الدراسية وذلك من اجل زيادة فاعلية التربية البيئية. وخلق الاتجاهات العلمية من خلال الممارسات والتطبيق الفعلي للمفاهيم والمدركات والقيم التي يتعلمها الطالب نظرياً .
وهنا نؤكد على أن تشمل التربية البيئية جميع فئات الشعب وشرائحه، وليست مهمة المدرسة فقط بل إنها مهمة كل من المدرسة والبيت ووسائل الإعلام والمنظمات الجماهيرية والمجتمع المدني والجمعيات العلمية والمهنية ويجب أن يشاركوا معا في نشر الوعي البيئي الذي يهدف إلى توضيح العلاقات الأساسية التي تربط بين الإنسان والبيئة، مع حث الأفراد على انتهاج أنماط من السلوك تنم عن الإحساس بالمسؤولية تجاه البيئة بغية حمايتها وتحسينها باستمرار. إن الخطر الآجل الذي يتمثل في أضرار وأخطار بيئية، كالاستنزاف غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية والبيولوجية، وتلوث الأرض والماء والهواء، والقضاء على الكثير من الحيوانات واجتثاث المساحات الخضراء والزحام والضوضاء والأمراض والأوبئة، يمكن درؤها عن طريق التربية البيئية التي تشمل جميع شرائح وفئات المجتمع، كل حسب عمره وعمله، وبهذا الأسلوب يمكننا مواجهة المشكلات التي تثيرها البيئة أمام المجتمع المعاصر بالتربية البيئية التي تهدف إلى غرس الوعي البيئي والأخلاق البيئية.  
بهذا لم تعد التربية البيئية مجرد معلومات تدرس عن مشكلات البيئة كالتلوث وتدهور الوسط الحيوي أو استنزاف الموارد ولكنها اتسعت في مفهومها حتى أصبحت أسلوبا تربويا وتعليميا يتمثل في تحقيق مجموعة من الأهداف العامة ومنها إيقاظ الوعي الناقد حول العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والأخلاقية المرتبطة بجذور ومسببات المشكلات البيئية، وتنمية القيم الأخلاقية لدى التلاميذ بشكل يساعد في تفعيل العلاقة الإيجابية بين الإنسان والبيئة، التركيز علي تنشئة التلاميذ وفق الثقافة البيئية من خلال التنشئة والتربية البيئة التي تهدف إلى اكتساب الفرد اتجاهات ايجابية تجاه البيئة المحيطة وإكساب الفرد السلوكيات الإيجابية من خلال مناهج التربية البيئية المصممة لتحقيق هذا الهدف واستعمال الطرق التعليمية التي تتفق وطبيعتها لتساعد في تكوين آلية للسلوك البيئي المسئول.
قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}. سورة فاطر الآية: 27 28. {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا..."   سورة فصلت الآية: 9 - 12. وقال تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين}. سورة الحجر.
وتبين الآيات عظيم صنعه وروعة وجمال الصنعة وعظمة الصانع سبحانه وتعالى ، الذي خلق كل شيء جميل.

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية