:اريد حـــلا
المكافحة غير الكيماوية لآفات وأمراض أشجار الزيتون

جورج كرزم
تميزت، تاريخيا، أشجار الزيتون في الوطن العربي عامة وفي فلسطين خاصة، بكونها تتحمل الظروف المناخية الجافة وشبه الجافة وتحتاج إلى القليل من المياه. وهي، إجمالا، لم تعان، عبر مئات السنين، من الآفات والأمراض. إلا أن إقحام شركات الكيماويات الزراعية للمبيدات الكيماوية ومبيدات الأعشاب والأسمدة الكيماوية في أشجار الزيتون، لأهداف تجارية ربحية بالدرجة الأولى، ساهم إلى حد كبير في إصابة أشجار الزيتون بآفات وأمراض لم تعرفها هذه الأشجار في فلسطين قبل سنوات قليلة مضت.
سنقدم في هذه العجالة بعض وسائل المكافحة غير الكيماوية، لعينة من بعض آفات وأمراض الزيتون الشائعة.
أولا: سوسة أغصان الزيتون. وهي عبارة عن خنفساء صغيرة سوداء تهاجم أشجار الزيتون الضعيفة والمهملة. وتتركز الإصابة في الفروع، الأمر الذي يتسبب في تيبسها. وتتلخص طرق المكافحة غير الكيماوية لهذه الآفة بما يلي:
- قص الفروع المصابة وحرقها بعيدا، وذلك قبل خروج الحشرة الكاملة.
- التخلص من مخلفات التقليم وعدم تركها في حقل الزيتون.
- العناية بالتربة، وبخاصة الحرث والتسميد، فضلا عن العناية بالأشجار وتقليمها.
ثانيا: ذبابة ثمار الزيتون. وتهاجم هذه الحشرة ثمار الزيتون، وقد تتسبب يرقاتها في إتلاف نسبة كبيرة من الثمار. وينشأ عن الإصابة تساقط الثمار المصابة قبل نضجها وبخاصة في شهري أيلول وتشرين الأول وتنخفض نسبة الزيت في الثمار المصابة وتزداد حموضته. والحشرة اليافعة عبارة عن ذبابة متوسطة الحجم يصل طولها إلى نحو 5 ملم، وأجنحتها شفافة وحافتها الأمامية الخارجية مبقعة ببقعة صغيرة صفراء، ولون الصدر أصفر سمني والأرجل صفراء محمرة.
ويمكننا التأكد من وجود ذبابة ثمار الزيتون، من خلال "الانبعاج" البسيط الذي يظهر على سطح الثمار في مكان حفر اليرقات للأنفاق في لب الثمار، فيتحول لون السطح إلى بني.
وتتلخص طرق مكافحة ذبابة ثمار الزيتون بما يلي:
- حرث الأرض تحت أشجار الزيتون حرثا عميقا، بعد جمع المحصول، لتعريض اليرقات والعذارى الموجودة في التربة لأشعة الشمس وبالتالي قتلها.
- تنظيف الأرض من الحشائش وأكوام السماد العضوي.
- جمع الزيتون المتساقط على الأرض والتخلص منه بالحرق.
- الإسراع في جمع الزيتون الذي قارب النضج وعصره في أقرب فرصة.
- استخدام المصائد الصفراء المطلية بمادة لاصقة، بمعدل مصيدة لكل خمسة دونمات، والتي يتم وضعها في بداية شهر تموز. وتتم مراقبة المصائد مرة واحدة أسبوعيا. ويعتبر استخدام مصائد ملونة لجذب ذباب ثمار الزيتون البالغ، من الطرق التي لا تضر بالأعداء الطبيعية، وبالتالي تحافظ على التوازن الطبيعي بين الحشرات النافعة والضارة.
- كما لا بد من وضع شبك من السلك الرفيع الضيق الفتحات، على نوافذ معاصر الزيتون، لمنع الذباب اليافع لهذه الحشرة من الدخول أو الخروج من المعاصر.
- وأخيرا، يجب تنظيف المعاصر من جميع الفضلات، وغسل الأحواض، وسد جميع الثقوب الموجودة في المخازن والتي قد تلجأ إليها يرقات الذباب.
ثالثا: مرض عين الطاووس. ويعتبر هذا المرض الفطري من أهم أمراض شجرة الزيتون وأكثرها انتشارا. وتبرز الإصابة بمرض عين الطاووس على الأفرع والأوراق التي تتكون على سطحها العلوي بقع دائرية رمادية، يكون بداخلها دوائر وحلقات متداخلة بنية الأطراف. وهي شبيهة بالبقع الدائرية على ريش طائر الطاووس. وتظهر بداخل البقع فطريات رمادية تتحول لاحقا إلى سوداء فاتحة، وبالنتيجة تصفر الأوراق المصابة وتسقط. وتبدأ العدوى بالمرض في بداية الخريف ومع بداية هطول الأمطار. ويزداد خطر الإصابة بالمرض في كروم الزيتون التي تكثر فيها الرطوبة، وتصاب بشكل خاص الكروم الكثيفة وغير المقلمة جيدا.
وتتمثل أفضل طريقة للتخلص من هذا المرض، في جمع الأوراق المتساقطة تحت الأشجار وحرقها؛ ذلك أنها تعتبر مصدر العدوى بالمرض.
وفي حالة الإصابة الشديدة، بالإمكان قطع الأفرع المصابة وإحراقها، بعيدا عن المنطقة المصابة. كما لا بد من التقليم الجيد مرة واحدة سنويا لتقليل كثافة الأشجار ولضمان التهوية وبالتالي التقليل من المرض.
ومن الأهمية بمكان الابتعاد كليا عن استعمال الأسمدة الكيماوية، علما أن النباتات التي تتغذى على النيتروجين بصورته الكيميائية تنمو نموا سريعا، إلا أن جدران خلاياها تكون رقيقة وضعيفة، الأمر الذي يسهل على الآفات مهاجمتها.
وقد تبين أن زيادة السماد النيتروجيني يرفع من درجة حساسية النبات للعديد من الآفات الفطرية والبكتيرية والحشرية، ولهذا يفضل استعمال السماد العضوي، أو البلدي الطبيعي، بدلا من الكيماوي.
وتتسبب إضافة السماد الكيماوي إلى أشجار الزيتون في زيادة تأثر الأخيرة سلبيا من الجفاف، حيث تزداد الحاجة للمياه، فضلا عن قتل الكائنات الدقيقة النافعة في التربة وفقدان المادة العضوية التي تخصب التربة وتحتفظ برطوبتها، وبالنتيجة فقدان خصوبة التربة وتراجع الإنتاجية.
إذن، التسميد العضوي، يقلل كثيرا من آثار الجفاف على أشجار الزيتون؛ حيث إنه يعمل على احتفاظ التربة بكمية كبيرة من الماء ولفترة زمنية طويلة، فضلا عن توفيره المغذيات للأشجار والكائنات الحية الدقيقة النافعة والمخصبة للتربة.
للمزيد من التفاعل، أو للحصول على معلومات إضافية، يمكنكم الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي: george@maan-ctr.org
|