خاص بآفاق البيئة والتنمية
|
اضطراب سوق الدواجن يضغط على المزارعين من جهة، ويهدد "الأمن الغذائي" ووجود الدواجن في الأسواق من جهة أخرى، فضلاً عن تراجع القدرة الشرائية للمستهلك الذي لا طاقة له بأي رفع للأسعار، وإذا ما استمرت مدة الخسارة لن يسلم حتمًا الاقتصاد الوطني من حالة الإرباك. هذه بعض النقاط التي أفاد بها د. حازم عبد الحليم التميمي، نائب رئيس نقابة الدواجن وأمين سر ملتقى رجال الأعمال سابقًا، ضمن حوار أجرته مراسلة "آفاق البيئة والتنمية"، مؤكداً أن قطاع الدواجن سيحتاج نحو ستة شهور للتعافي في حال تبني حلول شاملة تجمع بين الاستدامة الاقتصادية والبيئية.
|
تزداد الظروف الاقتصادية صعوبة، وتتفاقم الأزمات في إثرها، ومنها أزمة تهدد قطاع الدواجن باعتباره منتجًا وطنيًا يشكل ركيزة "الأمن الغذائي" للفلسطينيين.
أزمة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، إلا أن اضطراب سوق الدواجن يضغط على المزارعين من جهة، ويهدد "الأمن الغذائي" ووجود الدواجن في الأسواق من جهة أخرى، فضلاً عن تراجع القدرة الشرائية للمستهلك الذي لا طاقة له بأي رفع للأسعار، وإذا ما استمرت مدة الخسارة لن يسلم حتمًا الاقتصاد الوطني من حالة الإرباك.
هذه بعض النقاط التي أفاد بها د. حازم عبد الحليم التميمي، نائب رئيس نقابة الدواجن وأمين سر ملتقى رجال الأعمال سابقًا، ضمن حوار أجرته مراسلة "آفاق البيئة والتنمية"، مؤكداً أن قطاع الدواجن سيحتاج نحو ستة شهور للتعافي في حال تبني حلول شاملة تجمع بين الاستدامة الاقتصادية والبيئية.
إليكم نَصّ الحوار، الذي يتناول أسباب الأزمة الراهنة وانعكاساتها والمخاطر المستقبلية، إضافة إلى الحلول الممكنة لحماية واحد من أهم القطاعات الحيوية، دون أن يخلو الحديث بطبيعة الحال من البعد البيئي والاستدامة.

د. حازم عبد الحليم التميمي نائب رئيس نقابة الدواجن وأمين سر ملتقى رجال الأعمال الفلسطينيين سابقًا
- بداية د. حازم.. ما مقدار أهمية قطاع الدواجن في الضفة الغربية المحتلة؟ ولماذا يشكل اليوم أولوية في نقاش المَجالس؟
أشكركم على الاهتمام بهذا الموضوع، لأن من الأهمية بمكان، تسليط الضوء على مشكلة "أمن غذائي وطني ومستدام"، حيث سلعة الدواجن تعد أرخص بروتين حيواني، وتشكل 75% من البروتين الحيواني المستهلَك عالميًا، كما يُشكل لحم الدواجن ما يقارب 60% من إجمالي إنتاج اللحوم المحلية.
هذا، ويُعد الدجاج منتجًا مهمًا لجميع المستهلكين بفئاتهم المختلفة، وقد يكون ثاني أهم سلعة بعد الخبز، أو ضمن أهم 10 سلع في قائمة السلع الغذائية الفلسطينية.
ولا يمكننا إغفال البعد البيئي لهذا القطاع، فالإنتاج المستدام يحافظ على الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة والتربة الزراعية، ويحد من الانبعاثات والتلوث الناتج عن المخلفات الزراعية، وهو جزء لا يتجزأ من الأمن الغذائي طويل المدى.
ماذا عن الأسباب المباشرة التي قادت إلى شللٍ شبه تام في قطاع الدواجن؟
انخفاض أسعار الدجاج إلى مستوى أقل من تكلفة الإنتاج لفترة تزيد على شهرين أثرَّ إلى حد كبير على جميع حلقات القطاع، من المَزارع إلى الفقاسات والموردين.
وأيضاً تراكم فائض الإنتاج بسبب موسم الصيف وتوقع إدخال كميات إلى قطاع غزة، مقابل ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين، أدى ذلك كله إلى انخفاض الأسعار كثيرًا، مع خسائر تتفاوت من 1 إلى 1.5 شيكل لكل كيلو دجاج حي.
علاوة على ما سبق، نلاحظ أن طبيعة الدواجن باعتبارها سلعة زراعية محدودة العرض تجعل الأسعار تتذبذب بسرعة؛ وثمة
مشكلة أخرى وهي تراكم المخلفات من الفقاسات والمزارع وتجاهل إدارتها مع الموارد إدارةً مستدامة، ما يؤدي إلى تلوث المياه والتربة، ويضعف قدرة القطاع على التعافي بطريقة صحية وصديقة للبيئة.
ما حجم الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالمزارعين وأصحاب الفقاسات حتى الآن؟
حجم الإنتاج الشهري في الضفة الغربية يبلغ 6 ملايين صوص و5.4 مليون دجاجة، أي ما يعادل 10 ملايين كيلو دجاج حي. ومعدل الخسارة بعد عيد الأضحى يُقدر بنحو 17 مليون شيكل على الأقل، فضلًا عن الخسائر الطبيعية التي تلحق بالمنتج بسبب العوامل البيئية كالأمراض أو الظروف المناخية، والتي قد تتفاقم إذا لم تُدر المخلفات إدارة مستدامة.

هل المشكلة ترتبط فقط بانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك أم ثمة أسباب داخلية في إدارة سلسلة الإنتاج؟
لا شك؛ أن انخفاض القدرة الشرائية من الأسباب الرئيسة، خاصة بسبب أزمة الرواتب وتأخر صرفها في الأراضي المحتلة عام 67، ما أدى إلى تراجع الطلب على الدجاج وتراكم الديون على المواطنين.
أما داخليًا، فقد ارتفعت أسعار الأعلاف عالميًا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، رغم انخفاض سعر الدولار وأسعار الحبوب في البورصة؛ وهنا تظهر أهمية متابعة إدارة الموارد البيئية، مثل استخدام المياه بكفاءة وتقنيات الطاقة المتجددة في الإنتاج، للحفاظ على استدامة القطاع وتقليل التكاليف على المزارعين.
إلى أي مدى أثر تأخير الرواتب وارتفاع معدل البطالة على الطلب في السوق المحلي؟
تشكل الرواتب وعوائد العمال الفلسطينيين المحرك الأساسي لدوران عجلة الاقتصاد، وعدم استقرار صرف الرواتب ساهم في انخفاض الاستهلاك بما فيه الدجاج.
ويجب أن نأخذ بالحسبان؛ أن الدواجن سلعة زراعية زمن العرض فيها محدود، وغير قابلة للتخزين طويل المدى، ما يجعل الانخفاض في الطلب مؤذيًا جدًا، وهنا يتجلى البعد البيئي أيضًا، بمعنى أن الانخفاض المفاجئ في الإنتاج يمكن أن يؤدي إلى تكدس المخلفات الزراعية إذا لم تُدَر إدارة مستدامة.
كيف انعكست الأزمة على كل حلقة من حلقات سلسلة الإنتاج وتشمل الفقّاسات والمَزارع والمَسالخ والتجار؟
انعكست الأزمة على جميع الحلقات، إذ أن انخفاض الأسعار أدى إلى:
- خسائر تكبدّها المزارعون وتراكم الديون على الموردين، إضافة إلى خروج بعض المزارعين من دائرة الإنتاج.
- تراكم فائض الصيصان في الفقاسات، ما اضطر لبيع الصيصان بأسعار منخفضة جدًا، ووصل سعر الصوص إلى 0.5 شيكل رغم أن تكلفة الإنتاج أكثر من 3.2 شيكل، وشملت الخسائر 30 فقاسة في الضفة الغربية.
- تراكم الديون وانخفاض التداول أدى إلى شلل جزئي لدى بعض الموردين والمصادر.
تراجع الاستثمار أو خروج بعض المربين من السوق.. تُرى هل يُهدّد استدامة الاكتفاء الذاتي من الدواجن في فلسطين؟
بالتأكيد. خروج المربين يؤدي إلى فقدان الخبرة وانخفاض الإنتاج، مع تأثير بيئي سلبي محتمل، لأن توقف الإنتاج يقلل من تطبيق ممارسات الاستدامة، مثل إدارة المخلفات العضوية، واستخدام نظم تهوية وتدفئة موفرة للطاقة، وإعادة تدوير المياه.
كيف يمكن حماية الأسعار وضبط السوق بطريقة تضمن استمرارية الإنتاج وعدم إفلاس المزارعين؟
القطاع يحتاج إلى تدخل حكومي منظم يشمل:
- إعداد رزنامة زراعية تحدد الكميات المطلوبة من الصيصان وبيض التفريخ وفق الموسم، مع مراعاة الموارد الطبيعية المتاحة.
- تقديم إعفاءات ضريبية للمدخلات الصديقة للبيئة، لتخفيض تكلفة الإنتاج.
- ابتكار حلول لامتصاص الفائض أو تعويض النقص، مع إدارة مستدامة للمخلفات الزراعية.
- دعم المختبرات والدراسات الاقتصادية الاستشرافية، لتطبيق أفضل الممارسات البيئية في الإنتاج.
- تعزيز عمل الاتحادات والجمعيات لتدريب المزارعين على ممارسات إنتاج صديقة للبيئة ومستدامة.
أخيراً.. ما المطلوب من الجهات الرسمية لمواجهة هذه الأزمة؟
ندعو الحكومة الفلسطينية لتحمل مسؤوليتها في حماية هذا القطاع الحيوي، مع التركيز على تطوير إنتاج مستدام يحمي الموارد الطبيعية ويضمن الأمن الغذائي طويل المدى.