تقرير أممي يتهم إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة" في غزة عبر تدمير منشآت الصحة الإنجابية

مركز البسمة الطبي الذي قصفته قوات الاحتلال في حرب غزة
غزة/ آفاق البيئة والتنمية:
خلص تحقيق للأمم المتحدة الخميس الماضي إلى أن "إسرائيل" ارتكبت "أعمال إبادة" في قطاع غزة عبر التدمير الممنهج لمنشآت الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.
وأفادت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن إسرائيل هاجمت ودمّرت عمداً مركز الخصوبة الرئيس في القطاع الفلسطيني، وفرضت حصارًا متزامنًا ومنعت المساعدات بما في ذلك الأدوية اللازمة لضمان سلامة الحمل والإنجاب ورعاية المواليد.
من جهته، أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحقيق ووصفه بـ"السخيف وبأنه عار من الصحة".
وخلصت اللجنة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية "دمّرت جزئيًا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة كمجموعة عبر التدمير الممنهج لقطاع الصحة الإنجابية".
وأضافت أن ذلك يرقى إلى "فئتين من أعمال الإبادة" المرتكبة في الحرب الإسرائيلية على غزة.
تعرّف اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية هذه الجريمة على أنها أفعال ارتُكبت بنيّة تدمير مجموعة وطنية أو عرقية أو دينية تدميراً كاملًا أو جزئيًا.
وأفاد التحقيق أن "إسرائيل" تورطت في اثنين من خمسة أفعال تعرفها اتفاقية الأمم المتحدة على أنها "أعمال إبادة"، مشيرًا إلى أن الدولة العبرية كانت "تتسبب عمدًا بظروف حياتية للمجموعة (أي الفلسطينيين) محسوبة للتسبب بتدميرها بدنيا” و”تفرض إجراءات تهدف إلى منع حدوث ولادات ضمن المجموعة".
كذب مزمن
أسس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكوّنة من ثلاثة أشخاص في أيار/مايو 2021 للتحقيق في الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وقال العضو في لجنة التحقيق كريس سيدوتي إن جريمة الإبادة تتعلق بالأفعال والنية، سواء عموماً أم محددًا، وإن التقرير لم يتناول حتى الآن سوى الأفعال.
وصرّح في مؤتمر صحافي "لم نتوصل إلى أي استنتاج بشأن أعمال إبادة. حددنا عددًا من الأفعال التي تُصنف ضمن فئات أفعال الإبادة بموجب القانون. لم ندرس بعد مسألة الغرض من الإبادة الجماعية".
وأضاف: "سنكون قريبًا في وضع يسمح لنا بالتعامل الشامل مع مسألة الإبادة، ربما في وقت لاحق من هذا العام".
من جهته، قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم لوكالة فرانس برس إن التقرير "يؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية وانتهاكات.
وعدّ أن التقرير "يؤكد ضرورة الإسراع في محاكمة قادة الاحتلال على هذه الجرائم وسرعة محاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية".
أما نتنياهو فقال إن "السيرك المناهض لـ "إسرائيل"، المعروف بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (…)، يختار مرة أخرى أن يهاجم دولة إسرائيل بتهم عارية من الصحة”، وفق بيان صادر عن مكتبه.
واتّهمت إسرائيل اللجنة بتمرير "أجندة سياسية منحازة ومحددة سلفًا.. في محاولة وقحة لتجريم قوات الدفاع الإسرائيلية".
ورد سيدوتي بالقول إن إسرائيل "تواصل عرقلة تحقيقات اللجنة ومنع الوصول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية".
وأضاف الخبير الأممي "من الواضح أنهم لا يقرؤون وثائقنا. من الواضح أن لديهم أجندة يسعون لتحقيقها، وهي أجندة لا تمت للواقع بصلة. إنه كذب مزمن".
تدمير عيادة للإخصاب المخبري
ذكر التقرير أن أقسام ومستشفيات الولادة دُمرّت تدميراً ممنهجًا في غزة إضافة إلى "مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب"، العيادة الرئيسة للخصوبة المخبرية في غزة.
وقال إن مركز البسمة كان عرضة للقصف في كانون الأول/ديسمبر 2023، ما ألحق وفق تقارير أضرارًا بنحو 4000 جنين في عيادة كان يتردد إليها ما بين 2000 إلى 3000 مريض شهريًا.
وخلصت اللجنة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية هاجمت العيادة عمدًا ودمرتها، بما في ذلك جميع المواد الإنجابية المخزّنة من أجل الحمل مستقبلاً في القطاع.
ورأت أن التدمير كان "إجراء يهدف إلى منع الولادات في أوساط الفلسطينيين في غزة، وهو عمل إبادة جماعية".
إبادة
كما لفت التقرير إلى تزايد إلحاق الضرر بالنساء الحوامل والمرضعات والنساء اللواتي أصبحن أمّهات حديثا في غزة على نطاق غير مسبوق، مع تأثير لا يمكن إصلاحه على فرص الإنجاب في أوساط أهالي غزة.
وخلصت اللجنة إلى أن هذا النوع من الأعمال يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وإلى مساع متعمدة لتدمير الفلسطينيين كمجموعة.
واعتبر التقرير أن إسرائيل استهدفت النساء والفتيات المدنيات مباشرة في أفعال تمثّل "جريمة ضد الإنسانية، وجريمة الحرب المتمثلة بالقتل العمد".
وتوفيت نساء وفتيات أيضًا نتيجة مضاعفات مرتبطة بالحمل والولادة نظرًا إلى الظروف التي فرضتها سلطات الاحتلال وتؤثر في الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية وهي "أعمال ترقى إلى الإبادة وهي جريمة ضد الإنسانية".
وقال سيدوتي إن الخطوات التالية "ستتطلب بالتأكيد تدّخل المحاكم" ويمكن للدول اتخاذ إجراءاتها بنفسها بموجب القانون الدولي.
وأضاف "لو انتظروا تحركاً من مجلس الأمن، فإن ذلك لن يحدث على الأرجح".
المصدر: سويسرا بالعربي