مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
" شبـــاط 2013 - العدد 51
الاقتصاد العالمي القائم على "المنافسة" لا يمكنه حل أزمة المناخ عادل سعادة: ذاكرة الشتاء! شذرات بيئية وتنموية فعاليات شهر البيئة: مبادرات وجولات ومجهود إعلامي و"حراك" أخضر علماء يحذرون من ارتفاع حاد لتكلفة تأجيل التصدي للتغير المناخي إلى 2020 160 مليار دولار قيمة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية في 2012 الوقود الحيوي يسبب تلوثا ولا يساعد على تنقية الجو الاستثمار العربي في الطاقات المتجددة سيصل إلى 23 مليار دولار خلال العقد المقبل ناد للدول المتحولة للطاقة المتجددة في أبو ظبي الارتقاء في استخدام الطاقة المتجددة يظل موضع تساؤلات تنمية العادات الاستهلاكية الصحية والمنسجمة مع البيئة أيمن عبد ربه يُصمم 30 لعبة خضراء للأطفال! الطعام الفلسطيني التراثي الموسمي: موسم البرتقال البيئة واللغة عند مصطفى الدباغ (1) زهرة من أرض بلادي: الحرمل قراءة في كتاب :"التغير المناخي في الوطن العربي، آليات الدفاع والمواجهة-الحالة الفلسطينية" بيتين
Untitled Document  

:تراثيات بيئية

 

الطعام التراثي الموسمي
موسم البرتقال ما قبل النكبة (1)

نادية البطمة / مركز حسن مصطفى الثقافي

يسعدني ان أقدم  للقراء العرب والفلسطينيين وللباحثين اينما كانوا، عددا من مجلة القافلة "مجلة الاذاعة الفلسطينية" قبل النكبة وقد كانت مجلة عربية اسبوعية ثقافية مصورة وكان رئيس تحريرها والدي المرحوم حسن مصطفى المفكر والكاتب الصحافي والأديب والمربي، رائد العمل التطوعي ورائد التنمية في العالم العربي وفلسطين والأردن، وهو شخصية بيئية تنموية تميزت بفكرها وانجازها الكبير.
اقدم لـ"آفاق" العدد 32 من مجلة القافلة الصادرة الجمعة 7 نوفمبر 1947، ولن اقتبس من هذه المواضيع شيئا، وإنما سأطرحها بحذافيرها وتفاصيلها وما تثيره من عاطفة وحنين وشوق الى الفردوس المفقود والمواسم التي تزعزعت بفعل النكبة شأنها شأن الانسان والحياة والبيئة الفلسطينية، حيث لم يعد شيء كما كان.
الاطلاع على هذا الموسم قبل 65 عاما يجعلنا نقارن بين الماضي والحاضر، وما تعرض له موسم البرتقال من اعتداء ومحاربة وإزالة للبيارات بحجة تطلبها لكثير من المياه المروية.
وتتميز هذه المادة بأنها رفيعة المستوى من حيث المعلومات وشموليتها ودقتها وصياغتها، كما انها توثيق دقيق لهذا الموسم الفلسطيني اليافاوي العريق، والذي ليس من السهل ان نجده في مكان آخر وبهذه الصورة.
فتفضلوا وانهلوا من هذا الموضوع النادر مرفقا معه صوره كما وردت في مجلة القافلة.

البرتقال في موسمه الحاضر
1947-1948
للأستاذ عارف العزوني
تصاعدت مواسم البرتقال تصاعدا مطردا وتدرجت في النمو الى ان وصلت الى هذا الحد الذي يعتبر رقما قياسيا. فقد قدر الخبراء ان الموسم الحاضر يبلغ اربعة عشر مليون صندوق وربما زاد على ذلك بقليل.
وقد نجح وفد الحمضيات الرسمي الذي سافر الى المملكة المتحدة خلال الصيف، ببيع عشرة ملايين صندوق الى وزارة التموين البريطانية بسعر محدد قدره سبعة عشر شلنا وثلاثة بنسات للصندوق الواحد، على شروط اعتبرها المتعهدون صعبة ومجحفة بحقهم من حيث الظروف الخاصة المحيطة بالشحن، وذلك ان الوزارة تقبل هذا وتقره من ناحيتها، اذا كان التلف او(التخميج) الذي يلحق البرتقال اثناء السفر بحراً يصل الى معدل 10%. اما اذا زاد عن ذلك فيحق للوزارة ان تحاسب التاجر به على اساس الثمن المحدد والتكاليف. ومن جملة هذه التكاليف 50 ملا للشحن و 50 ملا عن الخشب.
ومن المحتمل ان يباع من اصل الموسم الحاضر في القارة الأوروبية، اي في هولندا وبلجيكا والدنمارك والسويد والنرويج وسويسرا وغيرها، مليون وستمائة الف صندوق الى مليونين. ويتبقى بعد ذلك للاستهلاك المحلي وللعصارات مليونا صندوق يعتقد انها فوق حد الكفاية.
ومن غير المأمول ان يشحن البرتقال خلال الموسم الحاضر الى سوريا ولبنان كالعادة، لأن هذين البلدين العربيين الشقيقين يشترطان في دخول البرتقال ان يكون مزودا بشهادة تثبت انه عربي الانتاج وحكومة فلسطين لا تعطي مثل هذه الشهادة، وكل ما يمكنها ان تقوله وتعترف به انه برتقال فلسطيني. وهذه نقطة خلاف بارزة قد  تحول دون اتمام صفقات بيع تعود على فريق من المتاجرين بهذا الصنف ببعض الفوائد.
البواخر أُعدت لنقل البرتقال اليافي من موانئ يافا وحيفا وتل ابيب، في هذه السنة بواخر صالحة مجهزة بالهوايات كما بذلت وزارة التموين عنايتها الفائقة من هذا القبيل. والبواخر المعدة للنقل سويدية وانكليزية ونروجية لها وكالات معروفة في فلسطين.
بدأ الشحن وسيبدأ الى المملكة المتحدة في 15 تشرين الثاني ويظل متواصلا حتى نهاية اذار وربما طالت مدته الى 15 نيسان بالنسبة للكمية ولوسائل الشحن والنشاط في الموانئ.
مواد التعبئة توجد الان في البلاد من مواد التعبئة اللازمة لشحن البرتقال معبأً وملفوفا بالورق لأربعة ملايين ونصف مليون صندوق خشب. وقد اشترى مجلس تصريف الحمضيات قسما منه، واشترت وزارة التموين القسم الآخر ومن المنتظر ان تصل الى فلسطين خلال الاشهر القادمة ثلاثة ملايين صندوق خشب اخرى والمتبقي يصل خلال الشتاء.
الدونمات كانت العادة المتبعة منذ سنتين ان يأخذ التاجر او المتعهد حصته في الشحن بنسبة ما هو مرتبط به او ما بحيازته من الدونمات المغروسة اثمارا حمضية. وتبلغ الدونمات المزروعة اثمارا حمضية في فلسطين 220 الفا توزع كلها على الكتل التجارية البالغة 24 كتلة من كلا الجانبين العربي واليهودي مناصفة.
وطلب الجانب اليهودي في الموسم الحاضر، ان تجرى النسبة على قاعدة الانتاج ولما تشدد العرب في مقاومة هذه الفكرة، عدل مجلس الحمضيات عن اتباعها ورجع الى اقرار الطريقة القديمة. وهكذا اصبحت النسبة للدونم الواحد 60 صندوقا من البرتقال بعد قسمة الانثي عشر مليون صندوق المزمع تصديرها على المائتين والعشرين الف دونم المزروعة اثمارا حمضية.
وقد تبين ايضا ان العرب يملكون 115 الف دونم، واليهود يملكون 95 الف دونم من مجموع هذه الدونمات.
مجلس الحمضيات خوّل لنفسه في هذه السنة صلاحيات واسعة على حساب كتل التعهد. او كما يقول احد المتعهدين انه توسع في النظريات وحاول ان يغفل العرف والعادة والتقاليد وطبيعة ايام الشحن التي تكون من فرط نشاطها مليئة بالمتناقضات. ففي مثل تلك الحالة وحين تكون العنابر مزدحمة بالصناديق والأنواء منتظرين هبوبها، لا يبقى هناك اقل مجال للسير حسب الخريطة التي وضعها مجلس الحمضيات وعين بموجبها في عنبر الباخرة المكان المخصص لكل تاجر. هذا هو معنى قولهم ان مجلس الحمضيات توسع في النظريات.
اشترى مجلس الحمضيات ماكنات (ديكو) من كاليفورنيا واعدها في عنابر البرتقال في كل ميناء، وفي داخل هذه الماكنات غاز مضغوط ترش به الصناديق فيصونها من التلف والتخميج خلال اربعين يوما، وعدد هذه الماكنات المشتراة سبع، وثمن كل ماكنة ثلاثة آلاف جنيه، اي ان المجلس دفع 21 الف جنيها من اصل حساب كتل التعهد وسيستوفيها منها.

شجرة البرتقال...
الكاتب الأديب " البدوي الملثم "
البرتقال يسمى بالفرنسية (ORANGES ) وهي مركبة (OR ) اي (ذهب) (ANGES ) اي ملائكة، حتى كأنها شبهت بذهب الملائكة مجازا.
والبرتقال وليد الهند وامتدت زراعته الى غربي اسيا فأوروبا فأمريكا فإفريقيا. وقد سماه الرومان CITRUS AURANTIUM اي )الليمون الذهبي ( وشجر البرتقال كثير الثمر، وهو من فصيلة الحمضيات ويعلو نحو 20 قدما ويجب ان يترك غارسه نحو 12 قدما بين كل شجرة وأخرى، ويتراوح ما تنتجه شجرة البرتقال في كل سنة بين 3 ألاف و4 ألاف برتقالة، وهذه الشجرة تعمر من 100 سنة الى 150 سنة.
وللبرتقال انواع تزيد عن العشرين منها الحلو والمر والمعروف باليافاوي والصيداوي والختمي والريحاوي واليوسفي ومن الاخير نوع يدعى ( مانوارين ) او ( حمضيات النبلاء ).
واشهر انواع البرتقال هو اليافاوي، يليه الريحاوي ثم النوع المسمى ( المايوركى –MAJORKA ) وهو خالي من البزر، وهذا النوع يزرع بكثرة في مقاطعتين في فلوريدا وكاليفورنيا من الولايات المتحدة.
اما البرتقال التجاري الذي نجعل ماءه عصيرا ولبه مربى، ويستعمل قشره وورقه في امور الطب والتعطير، فإنه يزرع في جزر الازور ومالطا وصقليا وفي اسبانيا والبرتغال وسوريا وفلسطين، وفي معظم شواطئ البحر المتوسط وجنوب امريكا وافريقيا واسيا والولايات المتحدة.

تحليل البرتقال:
هو فاكهة قلوية ضد الاملاح البدنية تهضم في ساعتين وفي كل ليبره منها اي في كل 500 غرام تقريبا 200 وحده حرارية، وهي تحتوي على الفيتامينات " A.B.C.D.E " ويندر وجود 5 فيتامينات في ثمر واحد، وفي البرتقال 81.5% من الماء 1.2% من البروتين و 4% من الدهن او الزيت و 10.3% من السكر و3% من الاملاح العضوية.

منافع البرتقال:
يشفي السعال وينفع في امراض الصدر وينشط الدوره الدموية في القلب ويقوي الكبد ويساعد في نمو البدن. والبرتقال اكثر المأكولات نفعاً كالعنب والتين والليمون الحامض والتفاح والجزر والفجل والبقدونس والرشاد، شرط ان تمضغه جيدا او ان تاكله في حالاته الطبيعية، بمعنى ان لا تضيف الى عناصره الاولى السكر او الملح، وللبرتقال فوائد جمة خلاف ما ذكرنا، فهو يزيل الفضلات من الامعاء وينفع في ذات القصبات والربو " اَزما "، وفي أمراض الكبد والقلب والقبض ويساعد على تنقية الدم وتنشيط الجسم وقد سمي يوما "الثمر الكامل" نظرا لما يحتويه من الماء المقطر والسكر الطبيعي والفيتامينات والأملاح العضوية وحامض الستريك والقورميك، وهذان الحامضان يفتكان بالاملاح المتكدسة في الجلد، وينفعان الدماغ والجهاز العصبي ويساعدان على توازن الصحة.
ولأوراق البرتقال فائدة ممتازة وهي اذا غليت تكون شرابا مفيدا في الحالات العصبية وعسر الهضم، واذا وضعت الاوراق نفسها على الموضع الموجع في الرأس تسكن الألم، واذا قطر زهر البرتقال بواسطة الانبيق استعمل في المشاريب والمستحضرات والمعجنات الطبية، كما استعمل في تحضير الحلوى والسكاكر، ومن قشور البرتقال تستخرج مادة مره تستعمل في صناعة العنبرية المشهورة باسم " كوراسو"، وجدير بالمصابين بعسر الهضم وامراض الكبد ان يشربوا عصير البرتقال اذ يمتصه الجسم على اهون سبيل، واذا مزج عصيره بعصير الليمون الحامض كان وسيلة لوقاية الجسم من امراض شتى، وإن من واجبات الام ان تسقي طفلها عصير البرتقال ابتداء من الشهر الثاني من عمره على ان تراعي في ذلك الترتيب التالي:
يسقى الطفل في كل يوم ملعقة صغيرة من عصير البرتقال خلال النصف الاول من شهره الثاني، ثم تزيد كل اسبوعين ملعقة صغيرة حتى يبلغ الطفل العام الاول من عمره، وحين ذاك يسقى ربع كاس من هذا العصير، واذا فُقد عصير البرتقال فليسق الطفل ضعف هذه المقادير من عصير البندورة، على ان لا يضاف اليه السكر او الملح او غيرهما.
وجدير باللبيب من هذا الاكسيد الحي ما استطاع الى ذلك سبيلا، اذ هو كنز لا يقيم له الكثيرون وزنا، رغم وفرة محاصيله في بلادنا الجميلة.   

اكليل زهر البرتقال ساعة الزواج
رمز الطهر والعفاف والعطر الفواح
جاء في بطون الكتب عما روي عن حروب الصليبيين انه من اثر احدى المعارك الدموية التي نشبت بين جيوش العرب والصليبين بالقرب من شواطئ غزة، عثر الصليبيون بين الجثث على جثة عربي لم يلفظ انفاسه الاخيرة بعد، فنقلوه الى داخل معسكرهم حيث انصرفت النساء الى العناية به، فما لبث ان افاق من غيبوبته واستعاد حواسه وكانت صاحبة الفضل في انقاذه من الموت فتاة فرنسية من مدينة ( ليون ) بفرنسا واظبت على ان تجرعه بين الفينة والفينة مقداراً من عصير ثمر خصب العصير، حيث شاهدت وهي في الأسر رجال العرب يقدمونه لمرضاهم فيصحوا، فشاءت ان تجربه بهذا الجريح.
ومرت اسابيع على دخول الجريح العربي مضارب الصليبيين خلالها توثقت اواصل الصداقة بينه وبين هذه الفتاة ( لويس ) الفرنسية التي دعاها فيما بعد الى زيارة بلده ( يافا ) التي تقع على مقربة من سهول غزة حيث سقط جريحا.
بعد ان استأذنت ( لويس ) قائدها بالأمر، سمح لها ان تذهب برفقة العربي ( عبدالله اليافي ) الى بلدته حيث تعرفت الى والدته وشقيقته واخذت تطوف معهما بساتين البرتقال المحيطة بدارهم فتستنشق عبير ازهارها مما زادها تعلقا بيافا وأهلها.
وفي ذات يوم جاء لـ (لويس) كتاب من والدها في ( ليون ) يحثها فيه على ضرورة الاسراع ما امكن بالرجوع الى بلدتها لأن خطيبها ما يزال ينتظر عودتها لكي يتزوجها، وما هي الا ايام معدودة، حتى جاءت ساعة الوداع.
فقال عبد الله اليافي:
شكرا لكِ في ساعة الوداع، انني ما حييت، لن اننسى انك قد انتشلتي من الموت، وارجو ان يسمح الزمن بأن اجازيك خيرا على صنيعك.
قالت ( لويس ) لم يكن لي اي فضل في اعادة حياتك، بل ان الفضل يعود الى عصير هذا الثمر الذهبي الذي تكثر زراعته عندكم، ثم قصت عليه ما رأته في أسرها وما فعلته معه وهو طريح الفراش الى ان قالت:
( وثق انني ساحتفظ بذكرى هذا الثمر الذهبي الذي عرفني عليك ما حييت.
وكان وداع عبدالله اليافي وأهله وأصدقائه وبني عشيرته لـ ( لويس ) ساعة سفرها مؤثرا أسال من المآقي الدموع، فقد بكت لويس وبكى عبدالله اليافي لفراق الفتاة، وعندما صافحها قال لها بصوت متهدج: ان في الصدر اشياء يا لويس لا يجرؤ اللسان الافصاح عنها، لأنها صعبة التحقيق فالأفضل ان اكتم سري بين الضلوع.
فأجابته الفتاة الفرنسية وهي تكفكف الدموع بصوت متهدج مثل صوته: ان تلك الاشياء التي يختلج بها صدرك يا عبدالله، انما يتردد صداها في صدري ايضا ولكني اكتم مثل ما تكتم انت.
فإن الاقدار التي جمعت بيننا تأبى إلا ان تفرّق، ولن أنسى ما حييت اصدقائي العرب الاوفياء في هذه الديار التي اعدها جنة الله على أرضه بما يحيط بها من اشجار البرتقال وأزهاره المنعشه المبهجة.
قال عبدالله لذا سنحمّلك ايتها الصديقة الوفية قوارير من حلوى هذا الزهر، وشرابا من عصيره القوي المنعش، وماءً مقطراً من زهوره، وكذلك اغصاناً من زهور البرتقال ناصعة البياض، لتزداني بها يوم زواجك ممن قدر له ان ينال جمالك هذا الأخاذ لأن هذه الازهار في عرفنا هي رمز السعادة والرخاء والطهارة والجمال.
ولم تشهد مدينة ليون يوما ابهج من يوم زواج ( لويس ) فقد توافد السكان على ساحة الكنيسة لمشاهدة العروس العائدة من الشرق والتي ظل خطيبها ينتظر عودتها بضعه اعوام. وقد ابت العروس الا ان تكون اغصان البرتقال وازهاره التي جلبتها بكثرة زينة تلك الحفلة، وقد وضعت ( لويس ) على راسها اجمل عنقود من زهور البرتقال ووضعت بين اناملها باقة انيقة منها، وعندما رفع الكاهن يده ليبارك زواجها، طمرت وجهها بين الزهور لتستوحي من عبيرها العون لمواجهة المستقبل.
ومن ذلك الوقت انتشرت في اوروبا ثم في غيرها من البلدان عادة وضع اكليل من زهر البرتقال على رأس العروس، وباقة منه في يدها – زهرة البرتقال اليافي – الابيض العطر، رمز الطهر والعفاف في نظر الغربيين منذ عهد الصليبين واختلاطهم بالعرب بين مدينتي غزة ويافا، موطن البرتقال (... ).

الشجرة المدللة
لا نبالغ اذا منحنا شجرة البرتقال لقب (الشجرة المدللة) والمدلل يتعب صاحبه. ولكنه يستحق الدلال، ويبدو لك ذلك واضحا ان قارنت شجرة البرتقال ( عروس الساحل ) بشجرة الزيتون ( شيخة الجبل ) فالعناية بشجرة البرتقال تشمل نواحي النشاط الاقتصادي كله. ولو تتبعت حياة البرتقالة، قبل ان تنعم بأكلها، وجدت نفسك تسير في مرحلة تبدأ بحفر الآبار الارتوازية لتعين الطبيعة على تفجير مائها ومن ثم تستعين بأحدث وسائل الصناعة، فتستخدم المحركات الفنية والمضخات لرفع الماء.
واما في الغرس والري والوقاية ودوام العناية فهي تنعم بأرقى انواع الدلال الزراعي، ان جاز هذا التعبير، واقل اهمال من صاحبها يقابل بالاهمال منها. وان جاء وقت القطف، فليتسلح الناس بانواع التعاون للقطف والنقل. واتعب من هذا وذاك ان ارقى انواع الاقتصاد السياسي يطبق عمليا عند شحن البرتقال، حتى القانون الداخلي يساهم في دلال هذه الشجرة.
ان كانت الزيتونة في الماضي تعد رمزا لرسالة السماء والارض في هذا البلد، يتهيأ لنا ان البرتقال هو رمزٌ لنشاطنا وحالتنا في الوقت الحاضر.
وفقنا الله بنور الزيتون وذهب البرتقال.

 

البيئة واللغة عند مصطفى الدباغ (1)

علي خليل حمد

تعكس أسماء كثير من البلدات والقرى والأماكن في فلسطين طبيعة البيئة بمكوناتها من حيوان ونبات وغيرهما؛ وقد رصد المؤرخ والجغرافي والمربي الكبير، مصطفى مراد الدباغ، صاحب كتاب " بلادنا فلسطين"، هذه الظاهرة في كتابه "المملكتان النباتية والحيوانية في بلادنا فلسطين وأثرها في تسمية أمكنتها"؛ وفي هذا الكتاب يجد القارئ قوائم تفصيلية بأسماء حيوانات ونباتات مختلفة، وما يناظرها من أماكن في جغرافية الوطن، مع توضيح الأصول التاريخية لبعض تلك الأسماء من كنعانية وسريانية وآرامية وغيرها.
وفيما يأتي أمثلة مختارة من تلك التسميات:

  1. المملكة الحيوانية

الأسد

  • " عين الأسد"، من أعمال عكا.
  • لا علاقة بين تسمية قرية "دير الأسد" أو مدينة "بئر السبع" بهذا الاسم؛ فالأولى نسبة إلى أحد الأولياء، والثانية بسبب إعطاء إبراهيم الخليل سبع نعاج لزعيم المنطقة، شهادة على البئر التي حفرها.

حمار الوحش

  • " عراد"، جنوب الخليل، وعراد بمعنى حمار الوحش.

التمساح

  • " نهر التمساح"، وهو نهر الزرقاء الذي يصب في البحر بين بلدتي قيسارية والطنطورا.

الذئب

  • " جبل الذيب"، من قمم جبال نابلس، بين ديراستيا وجنصافوت.
  • " خربة الذيب"، أثرية في جبال الخليل.
  • "خربة سرحان"، في قضاء جنين، والسرحان هو الذئب.

الأيّل

  • "يالو"، قرية من عمل الرملة تقوم على مدينة أيلون الكنعانية العربية بمعنى الأيائل.

الغزال

  • " دير غزالة"، قرية من عمل جنين.
  • " عين غزال"، قرية من عمل حيفا.

الفار

  • "فارة"، قرية في ديرة صفد.
  • " خربة الفار"، أثرية بين بير السبع ورفح.
  • " تل عين فارة"، موقع أثري في ديرة بيت المقدس.

الغنم

  • "مغارة السخول"، أثرية في قضاء حيفا.
  • "جديرة"، قرية من أعمال رام الله، وهي كلمة آرامية بمعنى حظيرة الغنم.
  • "كفر عانة"، من أعمال يافا، و"عانة" كلمة سريانية بمعنى الغنم والضان.
  • " البعنة"، قرية من أعمال عكا، وهي كلمة آرامية بمعنى بيت الغنم والضان.
  • " مرج نعجة"، قرية صغيرة في أراضي طوباس من جبل نابلس.
  • "خربة سيار الغنم"، أثرية في جوار بيت ساحور، من أعمال بيت لحم.
  • "برطعة"، من كلمة "بارتا" السريانية، بمعنى نعجة، وهي قرية من أعمال جنين.

البقر

  • " تل العجول"، موقعان أثريان: واحد في ديار غزة، والآخر في بلاد الناصرة.
  • " الجمّاسين"، قريتان في ظاهر يافا.
  • " عين البقر"، في عكا.

الخيل

  • "خربة الخيل"، كهف أثري في ديار الخليل.
  • "خربة سوسية"، من كلمة سوسية السريانية بمعنى الخيل، تقع واحدة شرقي السموع  من عمل الخليل، والأخرى بجوار كفر الديك من عمل نابلس.

الجمال

  • " خربة أم الجمال"، أثرية في جوار قرية " أبو ديس" من أعمال بيت المقدس.

الأفاعي

  • "وادي الحيات"، شرق بني نعيم، من أعمال الخليل.
  • " قصرى"، من أعمال نابلس، والقصرى نوع من الأفاعي.

الحشرات

  • "حرفيش"، عن السريانية، بمعنى الصرصور والخنفسة، وهي من أعمال صفد، وواديها يحمل الاسم نفسه.

العقرب

  • "عقربا"، و"العقربانية"، قريتان من أعمال نابلس.

النحل

  • "دير العسل الفوقا"، و"دير العسل التحتا"، من أعمال الخليل.
  • " نحّالين"، من أعمال بيت لحم.

الحمام

  • " وادي الحمام"، و"خربة وادي الحمام"، في ظاهر قرية المجدل من أعمال طبرية.
  • " حمامة"، من أعمال غزة.

الطير

  • "بتير"، بمعنى بيت الطير أو الزريبة للحيوان الداجن، قرية قرب بيت المقدس.
  • "فرخة"، قرية في ديار نابلس.
  • "قانا"، موضع الطائر، سريانية، وهي موقعان: أثري قرب الناصرة، وقرية متواضعة في أراضي ديراستيا في جبل نابلس.

 

زهرة من أرض بلادي
الحرمل

1

د. عثمان شركس / جامعة بيرزيت

الاسم العلمي:  Peganum harmala L
الاسم العربي: حرمل
الاسم الإنكليزي: Common peganum
العائلة: العائلة الرطريطية Zygophyliaceae

وصف النبتة: نبات معمر، يتراوح ارتفاعه بين 30 – 50 سم. قاعدته خشبية، لونه أخضر. السيقان متفرعة كثيراً، مضلعة في الجزء العلوي. الأوراق جالسة، يبلغ طولها 5 – 10 سم، مفصصة دون انتظام إلى أجزاء مستطيلة حادة. طول الأذينات 1.5 – 2.5 ملم، الأزهار كبيرة، محمولة على أعناق طويلة سميكة في جزئها العلوي. طول السبلات 1.5 – 2.5 ملم، مستطيلة، وأحيانا مفصصة إلى ثلاثة أقسام، يفصل بين السبلات حراشف صغيرة. البتلات اهليلجية مستطيلة، اقصر من الكأس بقليل، ولونها أبيض أو مائل إلى الأصفر. الثمرة كبسولة طولها 0.8 – 1 سم، مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، كروية تقريباً يعلوها قلم مستديم، تحتوي على عدة بذور، النبات صام وله قيمة طبية. تحتوي البذور على حارمين وحرملين.

وقت الإزهار: آذار - نيسان.

التوزيع الجغرافي: تنمو في صحراء النقب ووادي عربة، وجوانب الطرق ووادي القلط والأودية المؤدية لمحافظة أريحا والجفتلك.

استخداماته: يستخدم في الطب الشعبي بشكل واسع لدى السكان المحليين وخاصةً البدو، لأنهم يعتبرونه من أهم النباتات الطبية التي يعتمدون عليها لعلاج كثير من الأمراض التي تصيبهم. ومن حكمة الخالق، أن تلك النبتة لا تأكلها الماعز والغنم حيث تعتبر غير مستساغة للحيوانات عموماً، ولكنها مفيدة جداً للإنسان. ومن أهم استخداماتها العلاجية:
يستخدم نبات الحرمل لعلاج الأمراض العصبية: تطحن ثمار الحرمل والأوراق معاً ويضاف إليها قليل من الماء وزيت الزيتون وتخلط خلطاً جيداً، وبعدها تمسج المنطقة المراد علاجها بمعجون الحرمل. وكذلك فإن غلي أوراق الحرمل مع الثوم لمدة ساعة على نار متوسطة يفيد من خلال استنشاق بخاره لعلاج الصداع النصفي (الشقيقة) ولتخفيف التوترات العصبية، وكذلك يستخدم حمام بخار الحرمل لمدة نصف ساعة لعلاج آلام وإلتهابات المفاصل المبرحة، ويساعد حمام بخار الحرمل وإستنشاقه على فتح قنوات التنفس وتخفيف آلام عضلة القلب.
ويساعد طحن بذور الحرمل مع زيت الزيتون وخلطها خلطاً جيداً ثم وضعها على مفاصل المريض في تخفيف آلام العضلات والمفاصل وخاصة مرض الديسك.
وتساعد بذور الحرمل المطحونة في علاج أوجاع الأسنان من ناحية بينما تستخدم منقوعة ومغلية كغرغرة في حالات التهاب الحلق والحنجرة وتهدئة وتسكين الآلام، ويجب استخدامها من قبل ذوي الخبرة حيث صنفها العرب ضمن مجموعة السامات.

Peganum harmala L.

 
(عدسة عثمان شركس)
التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية