انسداد "المصارف" المائية على طول الجدار العنصري في قلقيلية يتسبب في خسائر زراعية فادحة
|
انسداد المصارف المائية المقامة على الجدار العنصري المحاذي للاراضي الزراعية في قلقيلية أدى إلى غرق الأراضي وتلف كامل المحاصيل الحقلية هناك |
رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
لم تدم فرحة المزارع عبد الكريم الشيخ ( 67 عاما) من قرية عزون عتمه طويلا بجني ثمار المحصول الشتوي الذي انتظره أسابيع طويلة، وبعينين ملئهما الأسى والحزن وقف أمام حقله، يتأمل أرضه التي اختفت معالم حدودها نتيجة انغمارها بمياه الأمطار، جرّاء انسداد أحد "المصارف" المائية المقامة على الجدار العنصري المحاذية لأرضه الزراعية، فكانت النتيجة الحتمية، غرق الاراضي المجاورة للجدار وتلف كامل المحاصيل الحقلية.
ولم يقف الحال عند هذا الحد، فإلى الغرب من قرية عزون عتمة حيث تراكمت مياه الأمطار على شكل طوفان بالقرب من الجدار العنصري، اختلطت معها كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي الصادرة من مستوطنة " شعار بتكفا "، اضافة الى ذلك اختلاط الأمطار بالأتربة والأوساخ وبقايا الملوثات البلاستيكية لتلقي بها في الحقول الزراعية التابعة لقرية عزبة سلمان جنوب شرق مدينة قلقيلية، وعلى اثر ذلك تحولت الاراضي هناك إلى مستنقع للمخلفات والبلاستك وغيرها من الملوثات التي دمرت المنظر الجمالي للأراضي الزراعية، ودمرت المحصول الزراعي برمته.
يذكر أن هذا النوع من الكوارث الزراعية والناتجة عن انسداد المصارف المقامة على طول الجدار العنصري، أصبحت معضلة باتت تتكرر بشكل سنوي دون أي عبرة أو حل جذري لها والخاسر الوحيد هو المزارع الفلسطيني.
|
|
انسداد المصارف المائية على طول الجدار العنصري في قلقيلية تسبب في خسائر زراعية فادحة |
بسبب انسداد المصارف المائية المقامة على الجدار العنصري انغمرت هذه الأرض الزراعية بمياه الأمطار واختفت معالم حدودها |
خسائر فادحة بملايين الدولارات
تكبّد الأهالي جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال كانون الثاني الفائت والفيضانات الناجمة في محافظة قلقيلية، خسائرَ فادحة في الأراضي الزراعية والمنازل والممتلكات الواقعة بمحاذاة جدار الفصل المقام غربي المحافظه، وما زاد من حجم المعاناة هو رفض قوات الاحتلال الإسرائيلي معالجة فتحات تصريف مياه الأمطار الموجودة أسفل الجدار والمزودة بشبك حديدي (يعيق تصريف المياه بسبب سهولة انسداده بمخلفات الفيضانات)، ما فاقم المشكلة عبر انحباس المياه بين الاراضي الزراعية المجاورة والجدار العنصري، وعلى أثر ذلك غمرت مياه الأمطار الملوثة بمياه الصرف الصحي مئات الدونمات الزراعية، جراء انسداد عبارات تصريف مياه الأمطار المقامة أسفل الجدار.
وبحسب بيانات مديرية الزراعة في محافظة قلقيلية فإن أعداداً كبيرة من المواشي وأكثر من (6) آلاف طير لاحم نفقت، جراء غمر المياه للبركسات الواقعة في هذه المنطقة، وما بين (300-400) دونم تضم زراعات مكشوفة ودفيئات وبيارات حمضيات، غمرت جميعاً بالمياه، مما أدى إلى تلف غالبيتها وخاصة الزراعات المكشوفة والدفيئات.
"الارتباط المدني" الفلسطيني: لا حلول جذرية
من جهته اكد السيد توفيق عيد مسؤول البنية التحية في الارتباط المدني الفلسطيني في محافظة قلقيلية لمجلة آفاق البيئة والتنمية، أن المشكلة الأساسية تكمن في بنية الجدار العنصري بحد ذاته والطريقة التي بني فيها، بحيث لم يراع الاحتلال بشكل أساسي ميل الارض، وكذلك توزيع المصارف المائية على طول الجدار حيث تصرف مياه الأمطار باتجاه الاراضي الزراعية في محافظة قلقيلية.
وأضاف: "هذه المشكلة هي قديمة حديثة، ومن جهتنا نقوم باستمرار بتقديم بلاغات للاحتلال الإسرائيلي حول تفاقم المشكلة الناتجة عن انسداد المصارف المائية، في المقابل، نتلقى وعودات بمتابعة الأمر من الجانب الإسرائيلي ولكن على ارض الواقع، لا توجد حلول تذكر بشكل جذري إلى اليوم ".
|
كوارث زراعية ناتجة عن انسداد المصارف المقامة على طول الجدار العنصري في منطقة قلقيلية تتكرر سنويا |
المزارعون بلا حماية
من منبر "آفاق البيئة" نتساءل مجدداً: أين دور وزارة الزراعة في حماية ودعم القطاع الزراعي جرّاء الكوارث المتتابعة التي تلحق به؟
ألم يحن الوقت المناسب لتوفير شبكة أمان للمزارع الفلسطيني والإسراع في سن قانون التأمين الزراعي لخدمة المزارعين الذين هم ضحايا الجدار العنصري وممارسات الاحتلال من جانب؟ والكوارث الطبيعية من جانب آخر؟
ما حصل في محافظة قلقيلية وما قد يحصل من كوارث مستقبلاً ستؤثر بشكل مدمر على القطاع الزراعي في المنطقة، يكون فيها المزارع هو الخاسر الأكبر. وفي حال عدم تبني الجهات الرسمية والأهلية مشاكل المزارعين ومعالجة الإجحاف بحقهم قبل فوات الأوان، فإن ذلك سيؤثر على اقتصاد المنطقة وتنامي مشاكل الفقر والبطالة.
|