مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
" شبـــاط 2013 - العدد 51
 
Untitled Document  

في القدس بداية متواضعة نحو تعزيز القيم البيئية لدى الطلبة، وفي رام الله، الابداع يصنع من مخلفات البيئة فنوناً جميلة في مدرسة عزيز شاهين

طلاب أكاديميا المستقبل يمارسون الفن البيئي من المخلفات الورقية

ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

كما تغيب السيادة الفلسطينية عن مدينة القدس مرسومة الحدود إسرائيليا، تغيب المساحات الخضراء، فتغرق المدينة في كتل إسمنتية، فتندر الحدائق ولا ترى إلا بعيداً من نوافذ البيوت حيث المستوطنات الفسيحة، فتكون الطبيعة والبيئة بعيدة عن مجال اطفالنا الضيق، من هذا المنطلق سعت مؤسسة الاغاثة الزراعية الى استهداف المدارس المقدسية التي ما زالت تحمل راية الاستقلال عن التبعية لبلدية الاحتلال، عبر نشاطات بيئية تحافظ على الوسط المحيط وتعزز روابط الطالب مع الطبيعة المفقودة من حوله.
تجولت مجلة "آفاق البيئة والتنمية" في أروقة مدرسة اكاديميا المستقبل في بلدة العيسوية شرقي القدس، حيث عاشت صخب وتحمس الطلبة إناثا وذكوراً وهم يكتشفون لأول مرة أن قنينة العصير او الماء البلاستيكية الفارغة يمكن تحويلها الى فن ممتع ومفيد في الوقت نفسه، من هناك تحدث مرّكز المخيمات الشتوية عبد الله السفاريني.

أزهار من مخلفات القناني البلاستيكية
أستطيع عمل مصباح من القناني

أجاب السفاريني في معرض سؤاله عن سبب تضمين الانشطة البيئية للمخيمات، بأنها اصبحت ضرورة ملحة في ظل ارتفاع نسبة التلوث في الاراضي الفلسطينية دون وعي النشء الصغير لمخاطر التلوث على البيئة ومستقبل وجود الإنسان، من هنا وفي القدس على وجه الخصوص ولغياب المساحات الخضراء فيها، رأت "الاغاثة الزراعية" انه من الملّح بدء التوعية مع الطلبة بالتدريج عبر ثلاثة انشطة مختلفة تستهدف ثلاث مدارس في القدس، هي: جولات سياحية طبيعية، زراعة نباتات زينة في الأصص، تدوير النفايات من قناني بلاستيكية وورق جرائد، مع رفد مكتبات المدارس بكتب بيئية".
وأثناء انهماك الطلبة المرتدين لزي المخيم المكتوب عليه شعار: "بيئة صحية ... حياة آمنة" تابعت "آفاق" مدربة البيئة ماجدة الغول وهي تخاطب الطلبة قائلة: "حين تمتلئ الأرض بالقناني البلاستيكية ماذا يحدث؟؟ أجاب الطلبة: تتلوث البيئية وتختفي الأراضي الزراعية، وأكملت الغول كيف نقلل من نسبة هذه النفايات في الأرض؟؟ أجابوا: ندورها ونصنع منها أشياء مفيدة". وأكملت الغول: "حين اذهب للسوق آخذ معي كيساً واحداً وارفض الخروج بأكياس جديدة عديدة".
كما شاهدت "آفاق" الاستاذ الفنان علي العناتي وهو يدرب الطلبة الابداع بالفن من مخلفات البيئة، فمن القناني يصنعون الاصص والمقالم والجرار والفوانيس، ومن أوراق الجرائد مجسمات ثلاثية الأبعاد كخارطة فلسطين وشخصية حنظلة الكاريكاتورية.
وأضاف سفاريني: "نستهدف من خلال مخيماتنا المدارس التي رفعت الراية الفلسطينية في مواجهة تهويد قطاع التعليم في المدينة، وقد اخترنا مبدئياً بالإضافة لأكاديميا المستقبل مدرستي دير الارمن ودار الأيتام الصناعية".

السفاريني ونهى يعرضان القواوير الزراعية
المربي علي يدرب طلاب أكاديميا المستقبل على التدوير

نبتتي هي بداية حبي لبيئتي
وخلال المخيمات يتم مناقشة المفاهيم البيئية والنظافة الشخصية والوسط المحيط ومن ثم التطبيق العملي عبر مشاركة المدربين والمتطوعين للطلبة وأحياناً كثيرة مع أهاليهم، بحيث يتم صنع نواة بيئية تكون قدوة لغيرها من الطلبة في ممارسة السلوكيات البيئية وتعميمها على الآخرين.
وعن المخيم، اعربت المهندسة الزراعية نهى الشرباتي، والتي شاركت الطلبة زراعة أصص نباتات زينة واصفةً التجربة:        "الاطفال في القدس محرومون من الخضرة والحدائق المزروعة فحين زرعوا نبتتهم وسقوها وأخذوها الى بيتهم فكأنهم ملكوا أحد مفاتيح السعادة".
ومما قاله الطلبة في الايام التالية للفعالية: لقد نما الساق قليلا... لقد ازهرت النبتة، لقد نمت ورقة شجر جديدة. تعليقات عبرّت عن بروز اهتمامهم بالطبيعة كما تقول الشرباتي
وأضافت قال لي احد الطلبة: "منعتني امي من تربية قطة في منزلنا، لقد حزنت حينها، لكن حين انغمست في تربية وردتي الصغيرة أحببتها كثيراً، فنسيت أمر القطة".
ختم السفاريني: "ما يؤسف هو ندرة الحدائق في هذه المدارس ومناطق القدس تحديداً، ما حدّ من تطبيقنا لمشروع الدبال (الكومبوست)، لكن في المقابل تعاطينا مع النفايات التي تملأ المكان في محاولة للتقليل منها وجعل البيئة اكثر جمالا وأمناً".

مشهد كريه من النفايات البلاستيكية بجوار مدرسة أكاديميا المستقبل في بلدة العيسوية
مجسم حنضلة من المخلفات الورقية
المربية ماجدة تدرب الطلاب على التدوير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مدرسة عزيز شاهين: الفن من "أبسط الأشياء" لخدمة البيئة

المدرسة سهى في مدرسة عزيز شاهين تشرح عن الستائر المصنعة من المخلفات الصلبة

ومن القدس الى رام الله، حيث اصبحت مادة الصحة المدرسية لدى طالبات بنات عزيز شاهين الثانوية، أكثر من مجرد موضوع عابر، ففي زوايا المدرسة وأروقتها وفي حديقتها ما يمكن تأمله طويلاً حيث أن فيه من حداثة الفكرة ما يجعلنا نفكر عشر مرات قبل أن نتخلص من نفاياتنا المنزلية ونزيد من أعبائها على طبيعتنا، ومن المدرسة الحائزة على جائزة مديرية التربية والتعليم في رام الله  للمدرسة البيئية النموذجية وذلك للعام الدراسي 2010-11، كانت هذه الجولة.
استعرضت الطالبات المتحمسات مع معلمتهن ومركزة المشروع سهى ابراهيم، مجموعة من الاشكال المختلفة التي صنعت من مخلفات كان القاؤها سيزيد التلوث تلوثاً، لكنه، وإن كان قطرة في محيط، إلا انه سيترك اثراً في نفوس الطالبات اللواتي اصبحن يفكرن في ابداع "فكرة جديدة" من أي شيء كان مصيره في الماضي الذهاب الى الحاويات.
وعند المدخل، تحتفي المدرسة بانجازات طالباتها البيئية، فمن زجاجات المصابيح التالفة بلورات ماء للزينة، ومن كراتين البيض رفوف عديدة، ومن قناني البلاستيك اصص للزراعة ورفوف لعرض الاعمال الفنية، ومن عيدان البوظة مزهرية، ومن اغطية رقائق البطاطا "البرنجلز" زينة ستارة، ومن اوراق الجرائد الملفوفة قرص دائري، ومن الفلين الذي يغلف الاجهزة الكهربائية وسائل تعليمية لمادة العلوم، ومن كرتون الصناديق اشكال هندسية ومن جيوب البناطيل مقالم... ومن اطارات السيارات قواوير في الحديقة وغيرها من الابداعات التي وان كانت بكميات قليلة إلا انها خلقت ذاك الحافز الذي كان معدوماً في السابق.
المدرسة المحاطة بحديقة جميلة تحتضن نباتات أصلية فلسطينية، تعتز بفوزها بجائزة المدرسة النموذجية قبل عامين الذي ترى فيه المركزة ابراهيم نتيجةً لتفاعل الطالبات مع السلوكيات البيئية التي أضحت نهجاً متواصلاً عبر صنع الدبال، تدوير النفايات، زراعة الأشتال.

جمع قناني بلاستيكية مستعملة في مدرسة عزيز شاهين بهدف إعادة تدويرها
زاوية الفنون البيئية في مدرسة عزيز شاهين

"ما مصير هذا الكم الورقي من الكتب؟"
تتساءل المركزة ابراهيم وهي تشير الى اكوامٍ من الكتب القديمة غير الصالحة للاستعمال تملأ احدى الغرف الكبيرة؟ ومع تقديرها الكبير لجهود مديرية التربية والتعليم في رام الله من خلال تنفيذ مشاريع الصحة المدرسية، إلا ان الخطوة القادمة تكمن في ضرورة تنسيقها مع مصانع الورق الفلسطينية، من أجل جمع الكتب القديمة من المدارس وتدويرها الى علب كرتون او بيض وغيرها من الاستخدامات.
تقول ابراهيم في ختام الحديث:" جاء رجل قبل عام يطلب اكوام الكتب القديمة لاستخدامها وطبعا نحن كمدرسة لن نتركها لدينا تملأ قاعة المختبرات، في الوقت الذي لا يوجد فيه حل قريب من المديرية، فاضطررنا تسليمها له، وحين سألته عن الغرض منها، أجاب بأنها ستكون وقوداً جيداً لفرنه الخاص".

سلة من مخلفات ورقية
طالبة في مدرسة عزيز شاهين تشرح عن مشغولات منوعة من مخلفات ورقية وكرتونية
ما مصير مخلفات الكتب المستعملة في مدرسة عزيز شاهين؟
وسائل تعليم توضيحية من الفلين
طالبات مدرسة عزيز شاهين يحولن مخلفات إطارات المطاط إلى قواوير زراعية
وسائل تعليمية من الفلين المعاد تدويره
التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية