أطروحة خضراء: حين يصير الإعلام شريكاً في صناعة الوعي البيئي!
|
إعلانات بيئية في جامعة بير زيت |
خاص بآفاق البيئة والتنمية
اشتملت دراسة الزميل عبد الباسط خلف، المعنونة بــ: "دور رسائل الإعلام المتخصصة في تطوير الوعي البيئي: دراسة تطبيقية على طلبة جامعة بيرزيت" خلاصة تجربة استمرت ستة أشهر داخل جامعة بيرزيت، بهدف فحص تأثير رسائل الإعلام المختصة بالبيئة على مستويات وعي طلبتها، ومدى ترجمته إلى سلوك بفرز النفايات إلى: الورق، والمعدن، والزجاج، والمواد العضوية، والبلاستيك، من خلال (95) حاوية وزعت لهذا الغرض.
وانقسم البحث، الذي كان أطروحة ماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت، إلى مرحلتين زمنيتين، بين آذار 2011 وحتى نهايات العام نفسه، على تقييمٍ لوعي الطلبة قبل تعرضهم لرسائل إعلامية بيئية، ويستعرض مدى التغيّر لديهم، ويُقدّم نتائج تأثير الأنماط الإعلامية، التي صممها الباحث، وسعى إلى قياس أثرها.
|
الحملة الإعلامية على جدران الكافتيريا المركزية بجامعة بيرزيت، وهي المنطقة الأقل التزاما بالتجربة |
نقد
وسارت الدراسة باتجاه تقديم مساهمات تنتقد غياب القلق البيئي عن الإعلام، وتحاول افتراض أو توقع الأثر الممُكن إحداثه، فيما لو انتقل الإعلام الفلسطيني للعب دور أكثر إنصافا للبيئة. وصمم البحث نماذج إعلامية بيئية مطبوعة، ومرئية، ومسموعة، وتفاعلية، وإلكترونية، ثم قاس تأثيرها، وثغراتها، وأهميتها. إضافة إلى استبانة شملت 400 طالب وطالبة ممن تعاملوا مع التجربة بالفعل. إضافة إلى "مجموعة فحص" شملت 75 طالباً، على مدى ثلاثة أشهر، تعرف الباحث إلى الكثير من أفكارهم، وتعليقاتهم، واقتراحاتهم، على التجربة. كما أطلق صفحة تفاعلية، عبر (الفيس بوك)، ووفّر فرصة لمناقشات شؤون بيئية لأول مرة في الجامعة، تستند إلى فكرة تطبيقية، مثلما نفّذ أربع حملات إعلامية مُنظمة، داخل الحرم الجامعي، بمساعدة (15) متطوعاً، دربهم الباحث للوصول إلى أكبر عدد من الطلبة، بشكل مباشر في إعلام تفاعلي، وللتعرف إلى ردود فعلهم، وتعليقاتهم، ومدى تأثرهم بالتجربة وبرسائلها، والتي اشتملت ندوات وعروضاً لأفلام بيئية وتدريباً متخصصاً، وتوزيعاً لمواد صديقة للبيئة، مطبوعة على ورق معاد تصنيعه، كدليل الأسرة صديقة البيئية، وأقلام حبر، وحقائب قماش، وملصقات، واقتراحات بيئية.
وأوضح تحليل النتائج المختلفة لمجموعات الفحص والاستمارة ذات العينة المتُيسرة، ومضمون الرسائل الإعلامية المتخصصة، والملاحظات والمشاهدات والتعليقات التفاعلية، والرموز والشعارات، والإعلانات، وموقع الفيس بوك، والعبارات الواردة في الجولات الإعلامية، أن عينات الدراسة المختلفة، أكدت غياب شؤون البيئة من وسائل الإعلام التي يتعرضون لها، ولم يكتف هؤلاء بالإشارة إلى الغياب، بل طوروا موقفهم إلى نقدها.
|
حاويات فصل النفايات الصلبة التي وزعها الباحث عبد الباسط على بعض الدوائر والكليات في جامعة بير زيت |
تراجع
ودلّت التجربة بمرحلتها الأولى، على تدني الوعي البيئي للطلبة؛ بفعل غياب البيئة كأولوية في المجتمع عموماً. إذ أوضح 67,8% من أفراد العينة أنهم تأثروا بالرسائل الإعلامية التي شاهدوها في الجامعة، وأكد 32,8% من المبحوثين إن الإعلام يهتم بقضايا البيئة. وبلغ معامل ارتباط بيرسون (0.520) ، وهذا يعني وجود علاقة إيجابية دالة إحصائياً بين مجالي: الوعي البيئي والسلوكيات التي حققتها الرسائل الإعلامية.
وأكدت النتائج أن النفايات الورقية شكلت النسبة الأعلى من مجموع المخلفات داخل الحرم الجامعي، تليها البلاستيكية، فالزجاج ثم المعدن، وتأتي المواد العضوية في المرتبة الأخيرة. بينما كانت الكليات الأكثر التزاماً بفرز النفايات خلال مرحلتي التجربة: العلوم ( الحاويات التي وضعت في دائرة الأحياء بالتحديد)، والهندسة، والتمريض، والدراسات العليا، أما الأقل فهي التجارة والكافتيريا المركزية. بينما التجمعات عالية الاكتظاظ، كالكافتيريا المركزية، وكافتيريا كلية التجارة والاقتصاد، لم تفرز النفايات، بعكس الكليات قليلة الكثافة كالتمريض والدراسات العليا. وكانت الطالبات أكثر التزاماً بالفرز من الطلاب، وأكثر ميلاً للتطوع في قضايا البيئة، من خلال أربع حملات أطلقها الباحث لإيصال رسائله.
|
طالب يطالع إعلانا في الأيام الأولى لإطلاق الرسائل البيئية في جامعة بير زيت |
تأثير إعلامي
وقال 39,8% من المبحوثين إنهم تأثروا بما نشر من رسائل عبر بوابة(رتاج). فيما أكد العديد منهم أنهم لا يشاهدون مواد البوابة التي لا تتحدث عن شؤونهم الأكاديمية. وبالرغم من أن التجربة دفعت بقضية البيئة إلى الواجهة، إلا أنها اصطدمت بالثغرة في قوانين الجامعة، التي لا تراعي البيئة، ولا تشتمل تعليمات أو عقوبات تجاهها.
لقد أثرت الدراسة على إدارة الجامعة، التي أتخذ رئيسها قراراً بتشكيل لجنة للبيئة والصحة، كان الباحث أحد أعضاء تركيبتها بصفة مُراقب. مثلما سعت دائرة الخدمات العامة إلى مناقشة العديد من الأفكار، وأخذت تدرس تبني الفكرة، وتفحص إمكانات تدوير النفايات. ودفعت قسم العمل التطوعي إلى توجيه الطلبة لأنشطة بيئية. ومنحت الدراسة الطلبة فرصة لنقاش يختفي من حياتهم اليومية، ويغيب عن الإعلام الذي يتعرضون له، ولا يحظى بفرصة للظهور داخل أطرهم الطلابية، ولا يحضر في مساقاتهم الجامعية.
وأكدت نتائج تجربة مماثلة مُصغرة، نُفذت في ثلاث مدارس في محافظة جنين لأسبوعين التزام طلبتها وطالباتها في عملية الفرز بشكل أكبر وأسرع من طلبة الجامعة.
|
عرض فيلم بيئي في جامعة بير زيت كرسالة مرئية |
استنتاجات
وتوصلت دراسة خلف إلى جملة من الاستنتاجات المرتبطة بدور الرسائل الإعلامية المتخصصة في تطوير الوعي والمفاهيم البيئية، والانتقال بها من دائرة المعرفة النظرية إلى التطبيق العلمي لطلبة الجامعة، ودلت التجربة بمرحلتها الأولى، تراجع الوعي البيئي للطلبة؛ لقلة تعرّضهم لرسائل بيئة داخل الجامعة وخارجها في السابق. وهذا منطقي، بالنظر كما أشرنا في بداية الدراسة إلى حالة التغييب التي تمارسها وسائل الإعلام بحق البيئة وشؤونها. ويتضح هذا من نسبة الذين قالوا أنهم تأثروا بالرسائل الإعلامية التي شاهدوها في الجامعة، ونسبتهم 67,8%. فيما قال 32,8% من الطلبة إن الإعلام الفلسطيني يهتم بقضايا البيئة، مع أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً. وهذا ما أظهرته أيضًا النقاشات في مجموعات الفحص، والآراء التفاعلية عبر صفحة (الفيس بوك).
ووفق المشاهدات التي جمعها الباحث طوال ستة أشهر، تحتل النفايات الورقية النسبة الأعلى من مجموع المخلفات داخل الحرم الجامعي، تليها البلاستيكية، فالزجاج ثم المعدن، وتأتي المواد العضوية في المرتبة الأخيرة. مع أن الأرقام التفصيلية للدراسات والمسوح في الضفة الغربية أشارت إلى أن تركيب النفايات الصلبة البلدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، هي كما يلي: "مواد عضوية بين 60 – 70%، ورق وكرتون بين 7 – 10%، بلاستيك بين 5 – 10%، زجاج بين 3 – 6 %، معادن بين 2 – 3%، ونفايات أخرى بين 3 – 7% .
|
محاضرة للباحث عبد الباسط في كلية العلوم بجامعة بير زيت لإيصال رسائل صديقة للبيئة |
اختلافات
وأظهر البحث أن الكليات الأكثر التزاماً بفرز النفايات خلال مراحل التجربة المختلفة، هي: العلوم ( الحاويات التي وضعت في دائرة الأحياء بالتحديد)، والهندسة، والتمريض والمهن الطبية المساندة، والدراسات العليا، أما الأقل فهي كلية التجارة والاقتصاد ومبنى الكافتيريا المركزية.
كما أوضحت النتائج أن التجمعات عالية الاكتظاظ، كالكافتيريا في مجمع الطلبة، وكافتيريا كلية التجارة والاقتصاد، لا تفرز النفايات، كما هو الحال في الكليات قليلة الكثافة كالتمريض والدراسات العليا.
مثلما ارتفعت نسبة الطلبة الذين اختاروا إجابة (لا أدري) في الاستبانة، وهذا بحد ذاته أحد مؤشرات تراجع الوعي البيئي.
فيما تعاني منطقة الدراسة غياب أي وسيلة إعلامية( حتى لو كانت ملصقاً أو تعميماً إداريًا من رئاستها)، تتحدث عن البيئة وتشير إلى قضاياها، بشكل منهجي، أو عشوائي، بالرغم من وجود دائرة تحمل اسم المياه والبيئة، وتشكيل بيئي يحمل صفة النادي. فطوال الستة أشهر، لم يجر في الجامعة غير مؤتمر يتحدث عن قضايا البيئة في التعليم.
وبالرغم من أن صفحة الجامعة الإلكترونية ( رتاج) تصل إلى كل طلبة الجامعة، إلا إن 39,8% منهم فقط، قالوا بأنهم تأثروا بها. وخلال النقاشات التفاعلية، والمحاضرات المتخصصة، وعروض الأفلام، والجولات الميدانية للتوعية داخل قاعات التدريس قبل بدء المحاضرات، لنقل فكرة الرسالة، أكد العديد من الطلبة أنهم لا يشاهدون رسائل (رتاج) التي لا تتحدث عن شؤون التسجيل والقروض والدائرة المالية والسجل الأكاديمي، ولا يكترثون بما يُنشر على لوحة الإعلانات العامة.
وبينت الدراسة وجود حالة من عدم الاهتمام تجاه قضايا البيئة ونقاشاتها، ليس من الطلبة فحسب، بل من خلال بعض الأساتذة. فقد وجه الباحث رسائل عبر صفحة (رتاج) تدعوهم لإيصال فكرة التجربة لطلبتهم بما أطلق عليه الباحث ( دقيقة خضراء) و(نصف دقيقة لأجل البيئة)، وحثهم على الالتزام بتصنيف النفايات (كوسيلة إعلامية مباشرة)، إلا أن غالبيتهم لم ينقل ذلك لطلبته، كما أظهرت المقابلات والنقاشات مع الطلبة وبعض الأساتذة الذين عارضوا المس بحرية التدخين، ونتائج الاستمارة.
|
محاضرة من قبل منسق العمل التطوعي بجامعة بير زيت، حول البيئة، ضمن الحملات الإعلامية لدراسة الباحث عبد الباسط |
فجوة قانونية
وبالرغم من أن التجربة دفعت بقضية البيئة إلى الواجهة كما أشرنا، غير أن الثغرة في قوانين الجامعة، التي لا تراعي البيئة، ولا تشتمل أي تعليمات أو عقوبات تجاه الموضوع البيئي، لدرجة أن يافطات تقول ( ممنوع التدخين في هذا المكان)، إلا أن منضدات للسجائر مثبتة تحت بعض اليافطات، كما أن التدخين منتشر في هذه الأماكن، كحال القسم المخصص لغير المدخنين في الكافتيريا.
وأوضح البحث غياب المسؤولية البيئية، كحال ـ57,3% الذين قالوا إن عدم فرزهم للنفايات يعود إلى الكسل. و17,5% فقط من الطلبة أفادوا بأن الرسائل التي شاهدوها حول الوجبات السريعة وأضرارها الصحية قد أوقفتهم عن شرائها.
مفارقة!
وأظهر البحث أن الطالبات أكثر التزاماً بالفرز من الطلاب الذكور، وأكثر ميلاً للتطوع في قضايا البيئة داخل الحرم الجامعي، من خلال 4 حملات أطلقها الباحث لإيصال فكرة الفرز إلى الطلبة وجها لوجه. وقد يًفسر هذا أيضًا، بالجدية التي تبديها الطالبات عموماً، تجاه العديد من القضايا، داخل الجامعة وخارجها، وهي مسألة تحتاج إلى بحث منفصل، لكنها تثير الانتباه، وتبرز مثلاً في ارتفاع تحصيل الطالبات في الثانوية العامة، كما تُدلل النتائج السنوية التي تنشرها وزارة التربية والتعليم العالي.
وقال البحث إن السبب في تراجع الوعي البيئي لدى طلبة الكليات الإنسانية-إذا ما تم استثناء دائرة الجغرافيا- يعود إلى عدم وجود مساق علمي يتطرق إلى البيئة، وينقل لهم التوعية، عدا عن غياب البيئة من برامج الكتل الطلابية، ومن ملصقات الجامعة، ومن الخطاب اليومي للطلبة.
وأضاف: "مع أن متوسط إنتاج الفرد من النفايات حولي 700 غرام يومياً، وفق الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة 2010-2014، ضمن دليل الأسرة صديقة البيئة لسلطة جودة البيئة، إلا أن إنتاج الطلبة داخل الحرم الجامعي، ومن خلال تقييم مشترك مع وسيط شركة تجارية-نسق الباحث معه في مراحل الدراسة الأولى للحصول على النفايات بعد فرزها- يتراوح 150 غرام يومياً تقريبًا؛ نظراً لقصر الوقت الذي يمضيه الطالب في جامعته، ولطبيعة المواد التي يستهلكها، أو يتعامل معها، ولأسباب أخرى، كعدم طهي الطعام بشكل لافت، ووجود طلبة لا يتناولون الوجبات في الحرم الجامعي".
تجربة مماثلة
مثلما أجرى الباحث تجربة مشابهة في ثلاث مدارس في محافظة جنين، على مدار أسبوعين في كل واحدة منها، وتوصل إلى نتائج إيجابية تفوق النتائج التي حققها في الجامعة. ويعود السبب إلى طبيعة النظام المدرسي، المبني على فرض التعليمات المباشرة على الطلبة، والقابلية عندهم للاستجابة بشكل أسرع، على ما يسمعونه، أو يطلب منهم.
وتابع البحث: "إن فرض قضايا وإجراءات تطبيقية تتعلق بالبيئة، في تجمع لا يتداول الشأن البيئي، وتغييب عنه هذه المسألة، يحتاج إلى إشراك المجتمع المحلي الذي تتحرك فيه الدراسة، من حيث تصميم الأفكار، والرسائل، والأشكال، وحتى الحاويات نفسها التي ستجري عملية الفرز من خلالها؛ لتكون النتائج أسرع وأكثر فاعلية".
وانطلقت واحدة من الاستنتاجات المهمة للدراسة، من أنها لم تحصر "البيئة في فرز النفايات" بل تعدتها في نشر مفاهيم مختلفة، والأهم أنها نقلت فكرة البيئة من قضايا مجردة؛ إلى شيء يمكن مشاهدته، والتعامل معه بشكل يومي محسوس.
كما أكدت النتائج إن مجتمع الدراسة الذي تحرك فيه الباحث، وما اشتمل عليه من رسائل إعلامية، ساعده في الوصول إلى حلول أولية لبعض الثغرات، التي قد تبرز في مجتمعات مشابهة. وفي مقدمتها ضرورة الانطلاق من إعلام بيئي متخصص، يقود بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي حملات بيئية، تسبق أي جهد أو فكرة لتغيير ممارسات الأفراد غير البيئية.
وأضاف: "كلما كان نقل الرسائل البيئية المتخصصة مبكراً للأفراد في المجتمع، كانت النتائج أكثر إيجابية في بداية تغيير التوجهات والسلوك، بالرغم من بطئها الشديد عملياً. وهو ما برهنت على صحته ثلاث تجارب مصغرة ومشابهة، نُفذت في مدارس ابتدائية وثانوية ومختلطة، واستمرت لأسبوعين.
صدى
فيما قد تكون واحدة من النتائج غير المباشرة للدراسة، ما نشرته إدارة الجامعة، بعد وقت قصير من انتهاء المرحلة الثانية للبحث، من استطلاع للرأي عبر موقعها الإلكتروني، خاص بالطلبة، وتناول جملة من المفاهيم والقضايا، حول التدخين، وطرق التعامل معه، وإجراءات منعه، وفرض قيود على المدخنين والأساتذة والزوار، ومدى الاستعداد للانخراط في مساعي حظر السجائر. وقد أكدت النتائج أن قرابة 81 % من الطلبة (عددهم 4087) عارضوا التدخين في الجامعة.
يقول الباحث: "نظراً لطبيعة الدراسة التطبيقية، فإن الباحث لن يكتفي بتقديم توصيات، بل سيحرص على متابعتها، وسينشرها في وسائل إعلام مخُتصّة بالشأن البيئي يعمل بها في فلسطين، وعمل بها سابقاً في لبنان، وسيشكل إطاراً إعلامياً شبابياً بالمشاركة مع جمعيات ومؤسسات أهلية متخصصة بالشأن البيئي؛ للضغط على وسائل الإعلام لتغيير تعاملها وتداولها للشأن البيئي، وسينفذ تجربة مشابهة أخرى في تجمعات سكنية، بعدما استفاد من معطيات الدراسة الحالية.
مبادرة
ويضيف: "لعل الدراسة، التي سيُصار إلى أخذ خلاصاتها وثغراتها، ستكون مطلع العام 2013، مبادرة سينفذها الباحث في مجتمعات محلية ومدارس ومؤسسات أهلية وحكومية، بالشراكة مع مؤسسات معنية بجودة البيئة. كما أنها ستمثل نواة لإطروحة دكتوراه، يُخطط الباحث للشروع فيها مستقبلاً، بحيث تشمل دراسة على مدار ثلاث سنوات، لفحص العلاقة بين الإعلام وتطوير الوعي البيئي؛ كأن تشمل السنة الأولى فحص الوعي البيئي ومدى الاستجابة لجملة من السلوكيات الشبيهة بموضوع البحث الحالي. فيما تنطلق السنة الثانية من نشر الوعي البيئي، وفحص قدرته على تغير السلوك بالفعل. أما السنة الثالثة، فتدرس احتمالات استمرار الوعي الذي تشكله الرسائل الإعلامية، في حال توقفت عن ذلك.
ودعا إدارة الجامعة إلى تخصيص نسبة معقولة من ساعات العمل التطوعي لطلبة الجامعة لقضايا بيئية، لأن ذلك سيساهم في إحداث نقلة مهمة في وعي المشاركين في هذه الأنشطة، وهم بالتالي طلبة الجامعة كلهم. وتفعيل لجنة البيئة والصحة، التي شكلها رئيس الجامعة، في أعقاب إطلاق التجربة، ونشر الرسائل الإعلامية المتخصصة، والتي روجت لقضايا البيئة، كونها مدخلاً مهماً لتشريع الاهتمام والقلق بالشأن البيئي.
قونّنة
وأوصى بإقرار قوانين داخل الجامعة، تفرض عقوبات على المخالفين لإجراءات بيئية، تمس مظهر الجامعة ونظافتها، وجودة البيئة فيها، سيكون بمقدورها من تطوير الوعي البيئي، إلى جانب حملات إعلامية، ومساقات بيئية إجبارية أو اختيارية تطرحها الجامعة لطلبة البرامج المختلفة فيها. أو يمكن أن يوقّع الطلبة بداية انتسابهم للجامعة على كراسة شروط، تفرض قيوداً على الكثير من العادات والممارسات، كحظر التدخين على مراحل، تبدأ بتخصيص أمكنة معينة للمدخنين، وتنتهي بالتدريج بمنعه. عدا عن حظر إدخال مشروبات الطاقة، وتقليص استخدام المواد البلاستيكية التي لا تُستعمل غير مرة واحدة.
وطالب بتشكيل "لوبي" أو إطار للضغط والتأثير، من طلبة الجامعة، ومؤسسات المجتمع المحلي، ومحبين للبيئة ومناصرين لقضاياها، لضغط مزدوج ومنظم: يحث من جهة إدارة الجامعة على الاهتمام بالشؤون البيئية داخل حرمها، وفي سياستها، وقوانينها، ومساقاتها. ويطالب من جهة أخرى وسائل الإعلام المحلية على منح البيئة حصة من اهتمامها، أسوة بالحجم الذي تشغله شؤون الرياضة.
وحث على الاستفادة من الإعلام الجديد والتفاعلي، باعتباره بوابة مهمة نحو تأطير المطالبة بإعلام رسمي وخاص حساس للبيئة.
سلوك
واقترح مخاطبة الكتل الطلابية لإدماج البيئة في برامجها اليومية؛ التي لا تنحصر بفرز النفايات فقط، بل تتجاوزها لقضية كبيرة، ترتبط بالنهاية بالأرض، التي هي جوهر القضية الوطنية، والصراع مع المحتل، الذي ينهبها ويُدمرها.
عدا عن تحديد أماكن خاصة بالطلبة وبالعاملين المدُخنين، مع حظر السجائر في غيرها، كوسيلة للتدرج في منع التدخين بشكل قطعي.
بجوار تشجيع الطلبة خلال فترات الدعاية الانتخابية من قبل إدارة الجامعة، على تنفيذ دعاية انتخابية صديقة للبيئة، ودون استخدام الورق والملصقات التي سرعان ما تتحول إلى "نفايات انتخابية".
إلى جانب استخدام شبكات الإعلام الاجتماعي عبر "الفيس بوك"، و"توتير" لإحداث ضغط طلابي ومجتمعي من جهة على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي لا تولي اهتماماً لقضايا البيئة، ومن أخرى استعمالها كبديل للصحف والإذاعات، في الترويج لأفكار وقضايا بيئية.
كما أوصى بدعوة إدارة الجامعة والكتل الطلابية إلى تقليل استخدام الورق، من خلال الاستغناء عن الإعلانات الحائطية التقليدية، واستعمال شاشات عرض إلكترونية وتلفزيونية داخلية في الكليات، يمكن أن تستخدم أيضاً في حملات إعلامية تدعو للمحافظة على بيرزيت جامعة صديقة للبيئة.
وطالب البدء بحملات التوعية بشكل مبكر في المدارس ورياض الأطفال، للوصول إلى جيل يساهم في الحفاظ على البيئة والتنوع الحيوي، وهو ما سيواصل البحث تنفيذه في تجمعات مختلفة.
وحث إدارة الجامعة على الاستمرار في فكرة تجربة فرز النفايات، والتنسيق مع شركات التدوير المعنية بالحصول على الورق والبلاستيك والمعادن والمواد البلاستيكية والنفايات العضوية، لتتحول بيرزيت إلى أول جامعة فلسطينية صديقة للبيئة. بالتوازي مع دعوتها على دراسة الضرر البيئي المحتمل لأبراج شركات الاتصالات الخلوية المنصوبة بالجامعة، والتي تُعتبر مصدر جدل حاد في العالم، عدا عن تشويهها للمشهد البيئي.
يوم بيئي
واقترح الزميل خلف، في الدراسة التي أشرف عليها د. عثمان شركس وناقشها د. وليد الشرفا ود. أحمد النوباني، الإعلان عن يوم بيئي في الجامعة كل عام، يُخصص لفعاليات تطوعية، وتنظيف، وتشجير، وحلقات نقاش، وعرض اختراعات وتصاميم للطلبة، تكون صديقة للبيئة، وغيرها من فعاليات خضراء.
واقترح تغيير سياسة استخدامات الورق في الجامعة، كتغيير سياسة نشر وقبول رسائل الدراسات العليا على وجهٍ واحدٍ من الورق. والبحث في طرق خلاّقة للحد من استهلاك الورق؛ لاعتبارات بيئية. و تشجيع البحث العلمي التطبيقي بتوجهات بيئية، لطلبة الجامعة في مختلف كلياتها ودرجاتها العلمية.
تغيير
ويؤكد الأستاذ غازي محسن رئيس دائرة الخدمات في الجامعة في حديث لطالب الإعلام بالجامعة ذاتها محمود عوض الله ( نشره على مدونته البيئية)، أن الدراسة أثرت على إدارة الجامعة، حيث أتخذ رئيسها قراراً بتشكيل لجنة للبيئة والصحة، وسعت دائرة الخدمات العامة إلى مناقشة العديد من الأفكار، وأخذت تدرس تبني الفكرة، وتفحص إمكانات تدوير النفايات، لكنها اصطدمت بعائق عدم وجود بنية ومصانع في الأراضي الفلسطينية حتى اللحظة لإعادة تدويرها مما يجعل الفكرة غير مجدية التنفيذ حالياً.
بحسب معلوماتي، هذه أول أطروحة ماجستر تطبيقية نوعية في الحقل البيئي الإعلامي في الضفة الغربية...فهنيئا لك يا أستاذ عبد الباسط، وأملنا أن تؤسس هذه الأطروحة لأبحاث إضافية في الإعلام البيئي، بحيث تسهم في تعزيز وتقوية هذا التخصص الإعلامي الضعيف جدا في بلدنا ...
د. حامد شاهين
|