اصدقاء البيئة و التنمية:
كيف نحول منازلنا إلى مبان "خضراء"؟
كيف نقلل إلى الحد الأدنى من الأذى الإشعاعي للهاتف الخلوي؟
كيف نتعامل مع الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الأجهزة الكهربائية المنزلية؟
بعد أن ورطتنا الزراعة الكيماوية في دوامة الأمراض وتدهور التربة:
أسئلة بيئية
البيئة والطبيعة فليسعد النظر والفؤاد والعقل!
كيف نحول منازلنا إلى مبان "خضراء"؟

خاص بآفاق البيئة والتنمية
يواجه كثير من المعنيين بشراء شقة أو بناء منزل جديد العديد من الاقتراحات "للبناء الأخضر" ؛ إذ ازداد في السنوات الأخيرة عدد الشركات التي باتت تقترح علينا شققا ومنازل مغلفة بشعارات مختلفة لنفس المعنى: "أخضر". كما يحاول العديد من منتجي مواد البناء والأدوات المنزلية ركوب موجة الارتفاع في منسوب الوعي البيئي. والسؤال هو: ماذا يمكن أن يفعل شخص ما يسكن في شقة أو منزل، ومع ذلك فهو يرغب في أن يصبح صديقا للكرة الأرضية؟ أو بمعنى آخر، ما هي أعمال الصيانة والترميمات والإصلاحات والتحسينات المطلوب عملها في المنزل القائم، كي نحوله إلى منزل أكثر اخضرارا وصداقة للبيئة، وبخاصة منزل موفر للطاقة؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، من المفيد الإشارة إلى أن أكثر من 70% من الإمكانيات الكامنة لتقليص انبعاث غازات الدفيئة في فلسطين وسائر البلاد العربية، موجودة في المباني القائمة والقاطنين فيها. لذا، فإلى جانب تشجيع بناء المباني الخضراء يجب العمل أيضا باتجاه "تخضير" المباني القائمة.
وتتلخص العمليات الترميمية الأولية البسيطة التي يجب عملها لتحويل مبنى قديم إلى مبنى موفر للطاقة، في عزل الجدران الخارجية، عزل الشبابيك والفتحات، تغيير الشبابيك واستبدال غيرها بها بحيث تتطابق مع المواصفات البيئية المعتمدة، عمل مظلات و"تخضير" الأسطح.
وهنا، يجب ألا نهتم كثيرا بالاستثمار الذي سنضعه بمنزلنا، لأن فترة استرداد متوسط الاستثمار في المنزل قصيرة، علما بأن مصدر استرداد تكلفة عملية "تخضير" المنزل يكمن أساسا في التوفير المتوقع في استهلاك الكهرباء والتبريد والتدفئة والإنارة، بنسبة قد تصل إلى 25% سنويا أو أكثر.
ويمكننا القول، إن البناء "الأخضر" (المنسجم مع البيئة)، يوفر مبالغ هائلة تنفق على استهلاك الكهرباء؛ إذ إن المنازل، من خلال استهلاكها للكهرباء، تساهم في توليد أكثر من 40% من انبعاثات غازات الدفيئة. ولو عملنا على تقليص استهلاك الكهرباء المنزلية بين 15-20%، فالنتيجة ستكون، بالإضافة إلى التوفير المالي الهام، تقليصا بنحو 10% من الانبعاث المحلي لغازات الدفيئة.
وفي الواقع، يرفع تشييد المبنى الأخضر تكلفة البناء بنسبة 6 – 8% بالمتوسط. وتبدأ عملية إنشاء البناء الأخضر منذ مرحلة التخطيط، وتتضمن موقع المبنى على الأرض، البناء بواسطة مواد عازلة وموفرة للطاقة، موقع النوافذ حسب التعرض للشمس، وضع مظلات على المبنى وغير ذلك. وفي المدى البعيد، تكمن الفائدة الأساسية في المباني الخضراء، في توفير الطاقة واستهلاك الكهرباء، وتحسين نوعية الحياة المنزلية.
كيف نقلل إلى الحد الأدنى من الأذى الإشعاعي للهاتف الخلوي؟

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
نشرت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات والأبحاث المتعلقة بالأضرار الصحية والبيئية الناجمة عن الاستخدام المتواصل والمكثف للهواتف الخلوية. ومنذ أشهر قليلة، برز بشكل خاص البحث العالمي الجديد الذي استمر عشر سنوات ونفذ بإشراف منظمة الصحة العالمية على 12 ألف شخص في 13 دولة وبتكلفة 35 مليون دولار. وأكد البحث أن الاستعمال المكثف للهواتف الخلوية قد يؤدي إلى الإصابة بسرطانات الدماغ والعصب السمعي والغدد اللعابية.
وبالرغم من ذلك، لا يزال الكثيرون يستخدمون الجهاز الخلوي بطريقة غير بيئية إطلاقا، أي يستخدمونه بكثرة. لدرجة لا يستطيع العديد منهم تخيل حياتهم أو عملهم اليومي دون استعمال الخلوي.
يفترض بنا، من باب الحيطة والحذر، ولتجنب العواقب الصحية التي قد تتسبب بها الأشعة الراديوية غير المؤينة المنبعثة من الخلوي، أن نقلل إلى الحد الأدنى من استعمال الخلوي في مكالماتنا، وأن نستخدمه في أوقات الضرورة الملحة فقط، بل أن نتخلى عن استعماله كوسيلة للعب أو لأهداف ترفيهية أو لسماع الموسيقى أو للقرصنة على الآخرين أو للتصوير.
والسؤال الأهم هو: كيف نقلل إلى الحد الأدنى من تعرضنا لأشعة الخلوي؟ الجواب بسيط، ومع ذلك فإن العديد من الناس لا يعرفونه. المسألة الجوهرية هي إبعاد الخلوي عن الجسم؛ إذ إن شدة الأشعة الراديوية غير المؤينة (أو بشكل أدق: كثافة القدرة) تتناسب عكسيا مع مربع المسافة. وبالتعبير الرياضي، لو فرضنا أن المسافة بين الخلوي والجسم هي r ، وكثافة القدرة σ، فإن:
1 ∞ σ
r2
بمعنى، كلما تقلصت المسافة بمقدار r ، ازدادت كثافة القدرة بشكل حاد، بمقدار عكس مربع r . وبالعكس، كلما كبرت المسافة بمقدار r ، هبطت كثافة القدرة بشكل حاد، بمقدار عكس مربع r .
إذن، للحفاظ على مسافة معينة بين الخلوي والجسم أهمية كبيرة في تقليل مقدار كبير من الأشعة الضارة التي يمتصها الجسم.
ويفضل الحديث بواسطة سماعة سلكية، وليس "بلو توث" التي تنقل الأشعة مباشرة إلى الدماغ. كما يمكننا الحديث بواسطة سماعة لا سلكية بعيدة عن الجسم.
وفي حال كون الاستقبال في منطقة ما ضعيفا، فيجب عندئذ الامتناع عن الحديث أو تقليله إلى الحد الأدنى؛ ذلك أن ضعف الاستقبال (ربما بسبب غياب محطة بث خلوي في تلك المنطقة) يعني بأن الجهاز الخلوي سيعمل بجهد أكبر بكثير، وبالتالي سيصدر أشعة أكثر. وأهم من كل ذلك، أنه يجب منع الأطفال من استعمال الأجهزة الخلوية، أو على الأقل، السماح لهم باستعماله في الحالات الضرورية والملحة، ولفترات قصيرة جدا؛ ذلك أن خلايا الأطفال التي لا تزال في طور النمو، وبخاصة خلايا الدماغ، تعد أكثر حساسية بكثير للأشعة من خلايا الكبار.
كما يجب تجنب وضع الخلوي في جيب السروال، لأن الأبحاث أثبتت بأن أشعة الخلوي قد تتلف الجهاز التناسلي.
كيف نتعامل مع الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الأجهزة الكهربائية المنزلية؟

خاص بآفاق البيئة والتنمية
لو وضعنا جهاز قياس الإشعاع الكهرومغناطيسي قرب أي جهاز كهربائي منزلي وهو يعمل، نجد، في البداية، تسارعا في حركة أرقام عداد الجهاز، ومن ثم تستقر الأرقام على مقدار معين يشير إلى شدة الإشعاع المنبعث من الجهاز الكهربائي. وعمليا، تنبعث من جميع الأجهزة الكهربائية المنزلية أشعة كهرومغناطيسية، وإن بمقادير متفاوتة. وتعد الأشعة المنبعثة من تلك الأجهزة إحدى المسائل التي يتم وضعها على هامش المحور الذي يربط بين البيئة والصحة وأنماط الحياة المعاصرة، علما بأن تلك الأشعة غير مرئية وغير مسموعة ولا رائحة لها، ومع ذلك، فهي موجودة. وكلما ازداد استعمالنا للأدوات والأجهزة والمعدات الكهربائية، ازدادت كمية الأشعة التي نتعرض لها لساعات طويلة يوميا.
في الواقع، لا توجد إجابة بسيطة عن السؤال المتعلق بالحد الآمن للتعرض للأشعة المنبعثة من الأجهزة الكهربائية؛ إذ إن شدة الحقل تختلف من جهاز لآخر. وتعد المسافة عن الجهاز، والفترة الزمنية التي نتعرض فيها للأشعة من أهم العوامل المقررة.
خبراء الأشعة يوصون بالامتناع عن التعرض للأشعة التي يزيد مقدارها على 2 ملي جاوس لمدة 24 ساعة. وعلى ضوء الأبحاث التي جرت في السنوات الأخيرة، حددت المنظمة العالمية لأبحاث السرطان بأن التعرض لأشعة أكبر من 2 ملي جاوس قد تتسبب في السرطان. وتتركز الشكوك العلمية الأساسية حول العلاقة بين التعرض الزائد للأشعة وبين نشوء مرض اللوكيميا (سرطان الدم) لدى الأولاد.
لو أجرينا مسحا سريعا لشدة الإشعاع المنبعث من الأجهزة الكهربائية المنزلية الأساسية، نجد ما يلي: الإشعاع الصادر من المراوح المعلقة على الأسقف يقترب من الصفر. أشعة المكيفات هامشية لأن محركها يتجه نحو الخارج. أشعة المصابيح العادية أو الموفرة للطاقة تقترب من الصفر. الشاحن الخلوي هامشي. الثلاجة لا توجد أشعة من جهتها الأمامية، بينما قد تصل الأشعة من جهتها الخلفية إلى 10 ملي جاوس، لذا، يجب توجيه مؤخرة الثلاجة نحو الجدار الخارجي.
ولمنع نوم الأطفال داخل حقل مغناطيسي كبير، يجب عدم إسناد الثلاجة، الجلاية، الغسالة، والنشافة إلى الجدار الذي يوجد خلفه سرير ينام عليه الأطفال.
وقد لا يخطر ببال الكثيرين، أن بعض الأجهزة الروتينية المستخدمة يوميا تصدر إشعاعا كبيرا نسبيا. وعلى سبيل المثال، تصدر بعض أنواع الساعات الرقمية المنبهة إشعاعا قد تصل شدته إلى 70 ملي جاوس. وفي مسافة متر واحد، يهبط مقدار الأشعة إلى ما دون ملي جاوس واحد. والغريب، أن البعض ينام والساعة ملاصقة لرأسه. إذن، يجب إبعاد الساعة الرقمية عنا لمسافة لا تقل عن متر واحد.

أما التلفزيون فقد تصل الأشعة على شاشته مباشرة نحو 40 – 60 ملي جاوس، بينما بالكاد تصل إلى 1.5 على مسافة متر واحد. لذا، يجب عدم السماح للأولاد بالجلوس قريبا جدا من التلفزيون.
وماذا عن الحاسوب؟ قد تنبعث من جسم الحاسوب أشعة تصل شدتها إلى بضع عشرات ملي جاوس؛ لذا، من الضروري المحافظة على مسافة متر واحد بينه وبين الجسم. وينسحب ذات الأمر على المحول الكهربائي.
أما "راوتر" الإنترنت اللاسلكي فيصل إشعاعه إلى 500 ملي جاوس! لذا، يجب الحفاظ على مسافة لا تقل عن متر واحد عنه. والمشكلة الجدية في المدارس، أن الحواسيب (في غرفة الحاسوب) يتم ترتيبها في صفوف، بحيث يجلس الأولاد ووجوههم مقابلة الواحد للآخر، وبمسافة قريبة جدا من مؤخرة الحاسوب المواجه لهم. فلا بد إذن من ترتيب الحواسيب على الشكل التالي: ח . وبالطبع، لابد أن يحرص الشخص الذي يعمل ساعات طويلة يوميا على الحاسوب، بأن تكون المسافة آمنة بينه وبين الأجزاء المشعة (جسم الحاسوب، الراوتر، المحول).
وماذا عن الحاسوب المحمول (laptop )؟ يجب عدم وضعه على الركبتين، لأن الأشعة تنبعث أساسا من منطقة لوحة المفاتيح. ومن الزاوية الإشعاعية، يفضل استعمال الحاسوب الثابت. وعند العمل على الحاسوب المحمول يفضل استخدام لوحة مفاتيح USB ، كي لا تبقى أيدينا، طيلة الوقت، على البؤرة المشعة.
يجب أيضا الحذر من الشراشف والبطانيات الكهربائية. فمن ينام على شرشف كهربائي متصل بالكهرباء، يجب أن يعرف بأنه موجود، عمليا، طيلة ساعات طويلة، داخل أشعة شدتها عشرات ملي جاوس. يمكن، قبل النوم، تدفئة الشرشف والسرير. لكن، في أثناء النوم، يجب فصل التيار الكهربائي، وعندئذ يهبط مقدار الأشعة إلى الصفر.
خلاصة القول، يجب ألا نخاف من نظام علاقاتنا مع الأشعة في عالم التكنولوجيا. فالخوف قد يكون أحيانا أشد خطرا من الأشعة ذاتها. لذا، يجب التحقق والفحص، ومن ثم القيام بعمليات بسيطة. وبشكل عام، أهم ما يجب علينا عمله لحل المشكلة، هو إزاحة مصدر الأشعة نصف متر إلى هنا أو هناك.
مئة متر مربع من الأرض يمكن أن تنتج لأسرة من 5 أفراد احتياجاتها من الخضار على مدار السنة
بعد أن ورطتنا الزراعة الكيماوية في دوامة الأمراض وتدهور التربة:
الزراعة البيئية أصبحت ضرورة ملحة واستراتيجية

سعد داغر
خاص بآفاق البيئة والتنمية
في عام 1900 كان في الولايات المتحدة 6,400,000 مزرعة، ولم تكن تستخدم المبيدات في ذلك الوقت، وكان يُتَوقع أن أقل من واحد من كل عشرة أشخاص من السكان يمكن أن يصاب بالسرطان. وفي العام 1960 تقلص عدد المزارع إلى 3,700,000، واستخدم في ذلك الحين 120 ألف طن من المبيدات الكيماوية على المزروعات، فأصبح واحد من كل أربعة أمريكيين يُحتمل إصابته بالسرطان .
يتزايد في الآونة الأخيرة انتشار أساليب الزراعة البيئية المعتمدة على الطرق الطبيعية في الإنتاج، بعيداً عن استخدام الكيماويات الزراعية التي بدأت بالانتشار في بدايات القرن العشرين، وتسارعت وتيرة استخدامها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بتأثير دعاية قوية تستند إلى الادّعاء بقدرة المبيدات والأسمدة الكيماوية على توفير الغذاء لكل البشر، على الرغم من أنه وحتى اليوم لم ينقص عدد الفقراء والجياع بل يزداد باستمرار. ويرجع الاهتمام المتزايد بالمنتجات الزراعية الخالية من الكيماويات (الأسمدة والمبيدات) إلى زيادة الأمراض التي تصيب الإنسان، ويرى الكثيرون أن سبب ذلك يعود إلى دخول تلك الكيماويات إلى أجسامنا عبر تناول الغذاء الملوث، فبتنا نسمع عن الإصابة بأمراض كالفشل الكلوي وتليف الكبد وأمراض السرطان والعقم وغيرها من الأمراض .
في عام 1989، قدرت منظمة الصحة العالمية أن هناك مليون حالة تسمم بالمبيدات الكيماوية تحدث سنوياً في العالم، منها عشرون ألف حالة تؤدي إلى الموت. والأطفال هم الأكثر عرضة لخطر المبيدات الكيماوية؛ ذلك لأن المعايير (المشكوك فيها من حيث المبدأ)، التي توضع حول المبيدات تتم دراستها وتأخذ بالاعتبار الكبار، دون الأخذ في الاعتبار الوزن الأقل للأطفال .
من هنا أصبحت الحاجة ملحة للاهتمام والتوجه نحو طرق زراعة بعيداً عن استخدام الملوثات الكيماوية، وذلك لسببين :
الأول: لإنتاج غذاء سليم يسهم في الحفاظ على صحة الناس بعيداً عن الأمراض والمشاكل الصحية .
الثاني: للحفاظ على البيئة والطبيعة المتوازنة، التي يفسدها الإنسان عبر طرق الإنتاج الزراعي التي يتبعها بهدف تحقيق الربح .
لهذا الاعتبار وغيره من الاعتبارات وجد بعض المزارعين أنفسهم أمام ضرورة التغيير في الأساليب الزراعية القائمة على الكيماويات، فبدأ التحول نحو الزراعات البيئية التي تحمل مسميات، مثل: الزراعة الحيوية، الزراعة البيئية، الزراعة قليلة مدخلات الإنتاج الخارجية، الزراعة العضوية، وغيرها، وأصبح اسم الزراعة العضوية الأكثر تداولاً على الصعيد العالمي، خاصة بعد تأسيس “الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية" .

فما هي الزراعة العضوية؟
هي أسلوب زراعي ذو أبعاد اقتصادية وبيئية واجتماعية، يهدف إلى إنتاج غذاء وألياف نظيفة بطرق آمنة، مع مراعاة التوازن الطبيعي، وعدم الإخلال بالنظام البيئي ككل. ويمكن النظر إلى الزراعة البلدية التي لا تستخدم فيها الكيماويات على أنها شكل من أشكال الزراعة العضوية، رغم عدم خضوعها لقوانين الزراعة العضوية وعمليات التفتيش التي ترافقها.
لماذا نحتاج لتغيير أساليبنا الزراعية الحالية؟
نحن بحاجة إلى التوجه نحو الأساليب البيئية في الزراعة بعد أن أدخلتنا الزراعة القائمة على استخدام الكيماويات في دوامة الأمراض من جهة، ومن جهة أخرى بعد أن تدهورت التربة الزراعية بشكل خاص والبيئة بشكل عام (أنظر جدول رقم 1)
فاستخدام الكيماويات أدى إلى الكثير من النتائج العكسية، التي نذكر منها :
1. الزيادة في تكاليف الإنتاج الزراعي .
2. اكتساب الآفات للمناعة ضد المبيدات وزيادة مقاومتها .
3. ظهور آفات جديدة وخطيرة لم تكن تشكل خطراً من قبل على المحاصيل الزراعية .
4. تدهور التربة الزراعية وانخفاض إنتاجيتها؛ نتيجة الفقر في المادة العضوية فيها .
5. تلوث المياه السطحية والجوفية بالكيماويات .
6. القضاء على الكائنات النافعة .
7. تدهور التنوع الحيوي .
8. تدهور جودة الغذاء .
9. تدهور مناعة المحاصيل الزراعية .
جدول (1)
الفرق بين الزراعة المكثفة (المعتمدة على الكيماويات) والزراعة العضوية
الزراعة المكثفة المعتمدة على الكيماويات |
الزراعة البيئية |
المعرفة فيها محددة بالكيماويات الزراعية. |
تحتاج إلى المعرفة الموسعة والشمولية في التفكير والتعامل مع العملية الزراعية. |
النظرة فيها للمشاكل نظرة محدودة تتمثل في البحث عن حلول لأعراض المشكلة، فيما تبقى جذور المشكلة كما هي. |
تتناول المشاكل بشمولية للوقوف على جذور المشكلة وليس التعامل مع الأعراض. |
تسعى إلى توفير المناخ الملائم للنبات، بما ينتج عنه من تكاليف باهظة. |
تركز في البحث على النبات الملائم للمناخ، وهو منهج قليل التكلفة. |
تعتمد منهجية تغذية النبات، أي أنها تتجاهل الحياة المتوازنة داخل التربة. |
تعتمد منهجية تغذية التربة، وبالتالي فهي تحافظ على توازن الكائنات داخل التربة. |
إن إنتاج الغذاء الآمن والصحي لا يقتصر على المزارعين التجاريين، بل إن كل فرد يملك بيتاً تحيط به حديقة منزلية مهما صغرت، بإمكانه إنتاج الغذاء السليم. وفي ظروفنا المحلية نجد أنفسنا من أشد الناس حاجة لزراعة كل مترٍ مربعٍ من الأرض وإنتاج الغذاء منه .
إن مساحة من الأرض بمعدل مئة متر مربع يمكن أن تنتج لأسرة مكونة من 5 أفراد احتياجاتها من الخضار على مدار السنة، إذا ما أُحسن الاستفادة منها والعناية بها. تملك معظم الأسر الريفية الفلسطينية هذه المساحة حول بيوتها وحدائق قد تصل مساحتها أحياناً إلى 2000 متر مربع؛ ولكن معظم هذه الحدائق غير مستغلة لإنتاج الغذاء، أو أنها مستغلة بشكل محدود وغير كافٍ، مما يعني أننا نفقد مصدراً مهماً من مصادر الإنتاج الزراعي الآمن .
كيف نحدد المساحة اللازمة زراعتها لسد حاجتنا من الخضار؟
الجدول التالي (رقم 2) يبين الحاجة السنوية من بعض الخضار حسب بعض الدراسات :
جدول (2)
حاجة الفرد السنوية من بعض الخضار
النوع |
الحاجة السنوية للفرد الواحد/كغم |
إنتاجية المتر المربع التقريبية/كغم |
المساحة المطلوب زراعتها للفرد/م2 |
بطاطا |
50 (رقم تقديري) |
4 |
12 |
بصل |
8 |
3 |
3 |
بندورة |
32 |
4 |
8 |
خيار |
10 |
3 |
3.5 |
كوسا |
7 |
3 |
2.5 |
فاصوليا، فول، بازيلا |
5 من كل نوع |
1.5 |
3.5 لكل نوع |
أسئلة بيئية
عبد الباسط خلف
هل
هل سنتعلم درساً من هاييتي وزلزالها، وصوت ضحاياها، وركامها، ورائحة موتها، وبكاء أهلها؟ أم إن هذا المشهد المؤلم، شأن لا يخصنا؛ لأن بيوتنا آمنة جداً، وهندستنا "عال العال"، وتخطيطنا فعال، وفرقنا مدربة ومجهزة، ومعداتنا الثقيلة في متناول اليد، وأطعمتنا المعلبة جاهزة، وكلابنا البوليسية مدربة، ومستشفياتنا الميدانية بألف ألف خير، وعيوننا محصنة ضد البكاء؟!
لماذا
لماذا تستمر سياسة تدمير الأرض الزراعية الخصبة، لصالح إقامة شوارع عريضة، وبيوت، وقصور، وقبور؟ من المؤسف أن مدينة مثل جنين صارت تتفاخر بسنابل صناعية، وبأكبر بطيخة في العالم من المعدن؟ قد نتنافس غداً على صناعة تمثال لشجرة الزيتون!
كيف
كيف يمكن ملاحقة حارقي الإطارات المطاطية بحثاً عن المعادن؟ وكيف لنا أن نمنع الاعتداء على الأحراج الطبيعية بالقطع؟ ربما نحن اليوم في إجازة، فمباريات كأس القارة السمراء أكثر إلحاحاً من البيئة وقضايا جودتها.
متى
متى سنسمع عن منافسة بين شركات محلية أو عربية أو دولية، ليس في تخفيض أسعار الاتصالات الأرضية والمتحركة، وإنما في الحفاظ على ما تبقى لدينا من أرض وشجر وهواء، أو على الأقل في التحذير من هزات أرضية ستدمر كل شيء، بسبب إهمالنا وطيشنا؟
من
من هو المسؤول عن مراقبة الأسواق المحلية وبضائعها؟ عجبت من تنافس الباعة في جنين وغيرها على عرض أسماك مجمدة بعشرة شواقل للكيلوغرام الواحد، ولحوم حبش بسعر التراب؟ وسألت نفسي: هل هذه أسماك أم شيء يشبهها؟ أين مختبراتنا الحريصة على صحتنا؟
أين
-سأل تلميذ الصف الثامن معلمه: أين نجد مدينة فلسطينية نظيفة في شوارعها من النفايات؟
-رد المعلم: للأسف، لا يوجد حتى الآن!
طلب التلميذ من مدرّسه أن يحكي قصة مع ابن عمه القادم من ألمانيا. تقول الحكاية القصيرة والحقيقية: "شربنا العصير، فسألني قريبي عن مكان سلة المهملات. قبل أن أرد على سؤاله، تطوع صاحب الدكان بالقول: كل هذه المدينة سلة مهملات، ارم أين شئت، لا أحد سيحاسبك!!
aabdkh@yahoo.com
البيئة والطبيعة فليسعد النظر والفؤاد والعقل!
تحسين يقين
كلما قرأت نصا أدبيا أو رأيت مشهدا سينمائيا مصورا أو استمعت لموسيقى عذبة معبرة أطلت الطبيعة بكامل روعتها وتعدديتها في فصولها والمناخ، فأروح كي أعد العدة أيضا للعودة إلى الأرض- الطبيعة والبيئة كما أفهمها أيضا، أو كما أحب أن افهمها!
فشكرا للفنون والآداب التي تعيدني من العالم المصنوع تكنولوجيا وقيميا إلى العالم المخلوق جمالا بريئا لم يسط إنسان على جماله بعد!
في تتبع تاريخ الأدب كدارس له، وقارئ لنصوص أدبية تنتمي لغير مكان وغير زمان، كنت ألمس عن قرب باستمتاع علاقة الأديب بمكانه، وأثر المكان على النص، بل على المذهب الأدبي الذي ينطلق منها، ولسنا ببعيدين عن ثورة الرومانسيين الذي راحوا يلتصقون بالطبيعة وينهلون من منهلها العذب هاربين من صرامة التوازنات الكلاسيكية وقواعدها..
وكما البيئة مفهوم واسع يستوعب كامل الطبيعة بعظمتها، فإن الأدب مفهوم واسع أيضا، فكيف إذا التقيا معا وسارا على جوانب الطرق وتسلقا الصخور والجبال وهبطا إلى الوديان والأغوار، ودرجا على الشواطئ وطارا في الفضاء!
أقول هذا الكلام وأحاسب نفسي وأستفزها بسؤالي الدائم هل أوفيت مكانك الطبيعي والبشري والبيئي بشكل شامل حقه من الكتابة وصفا وتحليلا وتأملا وإعلاما ونضالا بالقلم!
وأقول هذا وأنا أقرأ للآخرين، وكم أسعد حين أحط على وصف لمكان أعرفه أو لا أعرفه، لأنتمي وأحس به عن قرب من منظور قلب الكاتب وعقله، وكم من مكان يستحق منا أن نكتب عنه، وعنا فيه، وكيف نراه وكيف نرى أنفسنا فيه ومعه!
في فلسفة الفن والإنسان، تحدث الفلاسفة عن حدود الإنسان، وركزوا على حدود الزمان والمكان، بشكل خاص، كذلك انصرف النقاد الى الاهتمام بالبعد المكاني في الأدب، في القصة والرواية بتركيز نقدي كما هو معروف وفي الشعر بدرجة أقل، ورغم هذا الوعي من قبل الكتاب هنا إلا أنني ما زلت أزعم أن المكان الفلسطيني مغيب في جزء كبير وهام منه عن الإعلام والأدب والفن، وأن ما يظهر منه وخصوصا إعلاميا في الفضائيات ما هو إلى المكان النمطي المتوقع والجاهز، وليس المكان الطبيعي والبشري العادي والطقسي كما ينبغي لمكان خصب لإنشاء الكلام والصور عنه بما يتجاوز طلبات المسؤولين في الوسائل الإعلامية..
ما هو المكان هنا؟
وهل هو واحد منمط؟
أم هو متعدد ومتنوع لدرجة التشوق في أكثر من مستوى؟
فلسطين هذا المكان الذي وهبه الله خصائص قارات الأرض، وليس من مناخ هناك في قارات الأرض وترابها ومائها إلا ومنحها شيئا من الجبال والسهول والتلال والأغوار والبحيرات والبحار والينابيع، هنا بارد جدا وهنا دافئ، وهنا حار، هنا الجبال وهنا الصحراء.. وهنا الناس القاطنون في المكان المتنوع، على الطبيعة وفي أرض الثقافة والدين والفن، من شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه، أنت تتجول ليس في مكان صغير، ولكن لعلك تتجول في قارة..فهل لمسنا ذلك في كتابات الكتاب مثلا!
هل لمسنا الصخور والتراب والرمال؟ هل تذوقنا الماء؟ هل شممنا روائح الزهر والورد وأوراق النبات ورائحة الهواء البارد والحار؟
هل ميزنا بالبصر بين ألوان الأماكن ورأينا كيف أن اللون الواحد هنا يصير ألوانا كثيرة!
هل راينا كيف يسكب الكاتب من قلمه روائح الطبيعة وملامسها وألوانها وطعمها، كان سيلذ لي أن أقرأ يوما من يقول: مددت يدي في البحر الميت وقربت الماء من لساني وكم كان الطعم مالحا جدا كأن الله وضع كل الملح في نقطة الماء الصغيرة التي تذوقتها!
وكان سيطربني مشهد النخيل في الغور والصحراء، ومشهد الرعاة، ومشهد الفلاحين المبكرين لقطف ثمارهم، لكن لا وجود هنا لهذه الطبيعة لمستخدمي تكنولوجيا الاتصالات!
أين ضاعت الطبيعة؟
أين اختفت؟
أين اليوم الشتائي والربيعي والصيفي والخريفي؟
أين أوراق الشجر التي تنير بخضرتها الضباب وغبار الخماسين!
أين أوراق التين الصغيرة التي تحاكي أيادي الأطفال الصغيرة؟
أين الطيور؟
أين الشجر؟
في كل البلاد يحرص الناس والحكومات على تزيين مكانهم بالطبيعة حتى داخل المدن أما نحن فنحارب الأخضر زارعين الاسمنت!
فهل صارت الطبيعة تعني التخلف وراء العصر!
وهل سيكتفي الناس بالورود البلاستيكية؟
نحن مدعوون كتابا وأدباء وإعلاميين أن نولي الطبيعة أهمية خاصة، فنقترب من جمعيات المحافظة على البيئة، ونقترب من الطلبة في المدارس والجامعات لنشجعهم على الكتابة عن أماكنهم، فجزء من غنى المكان الفلسطيني هو الطبيعة!
وفي الوقت نفسه، فإن الجمعيات البيئية على اختلافها معنية ومطالب منها أن تلتقي الكتاب والصحافيين والإعلاميين من المكتوب والمسموع والمرئي والإلكتروني، وهم أنفسهم كقادرين على الكتابة حتى وإن لم يحترفوها، لكي تتأسس مشاركة رائعة تجمع بينهم جميعا في الاحتفاء بالمكان الطبيعي ليسعد الفؤاد والعقل والروح وليس البصر فقط!
هذه فكرة تقدم، أما كيف يكون ذلك، فلعل هناك من الزملاء والمختصين في مؤسسات الطبيعة والبيئة والتربية والتعليم والإعلام من يلتقطها ويطورها ويبلور آلياتها، لأن الأرض- الوطن والمكان والبيئة يستحق منا أن نتغنى بوصفه لأنفسنا وللآخرين، وهل نحن في أروع ما فينا إلا بالطبيعة وسمها ما شئت يا صاح!؟
Ytahseen2001@yahoo.com
|