الآليات والاستراتيجيات غير الكيماوية للتحكم بالآفات والأمراض الزراعية الزراعة المنزلية البيئية دون حديقة
 

تشرين ثاني 2008 العدد (8)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

November 2008 No (8)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

أريد حلا:


 
 

 

الآليات والاستراتيجيات غير الكيماوية للتحكم بالآفات والأمراض الزراعية 

جورج كرزم

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

يجهل كثيرون من الناس، ومنهم المزارعون والمرشدون الزراعيون، الأسباب الحقيقية الكامنة وراء إصابة المزروعات بالآفات والأمراض الزراعية، وبالتالي فهم ينزلقون بسهولة إلى استخدام المبيدات الكيماوية المُمْرِضَة والقاتلة، لمكافحة النتائج والأعراض المرضية الظاهرية، دون المساس بجوهر الأسباب التي أدت إلى إصابة المزروعات بالأمراض والآفات. 

لكن، لو حاولنا البحث بعمق أكبر عن أسباب إصابة المزروعات بالآفات والأمراض، لأمكننا معالجة هذه الأسباب، والعمل على منعها أو تخفيف حدتها أصلا، وبالتالي التقليل من أو منع إصابة المزروعات بالآفات.  وعندئذ، لا لزوم لاستخدام طرق المكافحة الكيماوية التي تعالج أساسا النتيجة، أي المرض وليس السبب.  ناهيك عن أن المكافحة الكيماوية، تعد حربا خاسرة، نظرا لكون الآفات الزراعية سريعة التكيف، وهي تمتلك قدرة عالية على توليد مناعة ضد المبيدات الكيماوية، الأمر الذي يدخلنا في حلقة مفرغة وقاتلة، وهو ما يعرف بدوامة الآفات.

وهنا، نتساءل:  لماذا تصيب الآفات المزروعات؟

بإمكاننا تلخيص الإجابة على هذا السؤال المفصلي بما يلي:

أولا:  تهاجِم الآفات المزروعات بسبب نقص أو غياب المُفْتَرِسات الطبيعية التي تفترس هذه الآفات، وتتغذى عليها. ويعود النقص في المفترسات، أو ما يعرف بالأعداء الطبيعيين، إلى استخدام المبيدات الكيماوية التي تعمل على قتل هؤلاء الأعداء، فضلا عن غياب البيئة الطبيعية المناسبة والمتوازنة لهؤلاء الأعداء، الذين يحتاجون إلى بيئة خاصة بهم، تمكنهم من مهاجمة الآفات.

ثانيا:  تفتك الآفات بالمزروعات بسبب زراعة كميات كبيرة من محصول واحد، حيث تشكل هذه المحاصيل الأحادية غذاء جيدا وسهلا للآفات.

ثالثا:  تصيب الآفات المزروعات لأن معظم المحاصيل المتداولة حاليا أصلها صناعي ومهجن، ومستورد من الخارج، وبالتالي تَسْهُل عملية نقلها لمسافات بعيدة عن موطنها الأصلي، والاحتفاظ بها لفترات طويلة، على حساب امتلاكها المناعة القوية ضد الآفات وبالتالي مقاومتها.

رابعا:  تعتبر التربة ذات الجودة السيئة والمتدنية، وسطا مناسبا ومثاليا لانتشار آفات النباتات.  وذلك أن التربة الفقيرة بالمغذيات والكائنات الحية المتنوعة الضرورية لحياة النبات، تؤدي لإصابة النبات بالأمراض.  تماما كما أن الإنسان الذي يعاني من نظام صحي سيئ، يكون أكثر تعرضا للأمراض.

خامسا:  تنمو النباتات التي تتغذى على النيتروجين بصورته الكيميائية نموا سريعا، إلا أن جدران خلاياها تكون رقيقة وضعيفة، الأمر الذي يُسَهِّل على الآفات مهاجمتها.  كما أن التسميد الكيماوي النيتروجيني، يُحْدِث خللا في توازن البروتينات والكربوهيدرات، مما يجذب الحشرات إلى النباتات فتفتك بها.

والآن، لا بد أن نسأل أنفسنا:   ما هي أهم الآليات والاستراتيجيات الهادفة للتقليل من أو منع الآفات الزراعية؟

بشكل عام، تتلخص أهم مكونات الاستراتيجية غير الكيماوية للتحكم في الآفات بما يلي:

أولا:  الزراعة المتداخلة، المتنوعة والمترافقة. بمعنى، التنويع والتداخل في زراعة الخضروات وأشجار الفاكهة، ذلك أن الآفات غالبا ما تفتش عن غذائها حسب رائحته أو شكله، وبالتالي فإن الزراعة المتنوعة والمتداخلة للخضروات وأشجار الفاكهة، تجعل من الصعب على الآفات التحرك بحرية، بل إنها تخاطر بحياتها وتدخل في حالة إرباك، وهي تقفز من نبتة لأخرى، جريا وراء غذائها، بسبب الزيادة الكبيرة في احتمال افتراسها من قبل أعدائها الطبيعيين.

ثانيا:  زراعة أصناف وأنواع مختلفة تقلل من الخسارة التي قد تنتج عن هجوم الآفات، علما بأننا نستطيع أيضا زراعة أصناف مختلفة لنفس النوع، مثلا 4 أصناف مختلفة من البندورة.

ثالثا:  التركيز على زراعة الأنواع والأصناف المقاومة للآفات والعمل على إكثارها. مثلا، إذا لم تهاجم الآفات صنفا معينا من الفاصوليا، بينما تهاجم أصنافا أخرى، عندئذ علينا وضع علامة، أو شريط، على النبتة غير المصابة بهدف الاحتفاظ بها للموسم اللاحق.

رابعا:  المحافظة على تربة صحية وخصبة وذات بنية جيدة للنباتات.  وهنا لا بد للمزارع أن يغير من توجهه، بحيث تصبح نظرته مرتكزة على أساس تغذية التربة، أي التعامل مع التربة كوسط حي، وليس على أساس تغذية النبات.  وهذا التوجه يحتاج إلى تغيير جذري في المفهوم الشائع لدى معظم المزارعين.

خامسا:  اتباع نظام تغذية وري متوازن، فضلا عن ملاءمة الموقع ونوع التربة مع نوع وطبيعة المزروعات.

سادسا:  اتباع نظام الدورة الزراعية وتعاقب المحاصيل.

سابعا:  اختيار مواعيد الزراعة المناسبة، علما بأن المواعيد الصحيحة في الزراعة تقلل كثيرا من الآفات والحشرات الضارة.

ثامنا وأخيرا:  توفير التهوية الجيدة بين النباتات المختلفة.

إذن، وقاية المزروعات من الآفات تعني جميع الممارسات الزراعية السليمة في كل مراحل الزراعة، منذ الإعداد للزراعة وفي أثنائها وبعد جني المحصول، والتخلص من بقاياه في آخر الموسم. فضلا عن الاحتياطات اللازمة في أثناء التنقل من حقل إلى آخر؛ وبالتالي عدم نقل الآفات من موقع مصاب إلى آخر غير مصاب، من خلال الملابس وأدوات العمل.

للأعلىé

 
 

 

الزراعة المنزلية البيئية دون حديقة

جورج كرزم

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

هل بإمكان الذين لا يمتلكون قطعة أرض حول المنزل، وبخاصة في المدينة، إنتاج طعامهم بأنفسهم؟  الجواب على هذا السؤال هو بالإيجاب القاطع؛ إذ لا توجد قطعة أرض حول العديد من المنازل في المدن والمخيمات الفلسطينية. وفي هذه الحالة، بإمكاننا الاستفادة من كافة الفراغات والمساحات  المتاحة حول وبداخل المنزل، وزراعتها زراعة بيئية متنوعة من احتياجات أفراد الأسرة، من خضار وأعشاب  وفاكهة.  فبالإمكان الاستفادة من الشبابيك والبلكون والفرندة والجدران وسطح المنزل.  

كما أننا نستطيع إقامة بيت بلاستيك على السطح، ليعمل في الشتاء كمشتل وعازل حراري في نفس الوقت.  وبإمكاننا أيضا استخدام بيت البلاستيك كمعرش في الصيف. 

وباستطاعتنا إقامة سطح أخضر فوق سطح الباطون، وذلك عبر وضع كمية من التراب على ألواح من الخشب تكون مرتفعة عن السطح، وزراعتها خلال فصلي الصيف والشتاء، حيث يعمل هذا السطح الأخضر أيضا كعازل حراري ممتاز.

بإمكاننا أيضا الاعتماد على الزراعة العمودية، أي الزراعة إلى أعلى. وفي هذه الحالة لا نحتاج إلى مساحات كبيرة، مثل الزراعة في الإطارات المطاطية المستهلكة، وتحديدا في إطارات السيارات، بحيث نضعها في الفرندا أو البلكون أو على سطح المنزل.  ولتجميل منظر الإطارات، يمكننا الرسم عليها أو تلوينها.

 

وتتلخص فكرة الزراعة في الإطارات بما يلي:

 

أولا:  نجمع بعض الإطارات المطاطية، ونثقب بعض الثقوب في محيط الإطار الأول الذي نربطه بأسلاك معدنية على طول محيطه.  ومن ثم نربط في نفس الأسلاك إطارا آخر، يبعد عن الأول عموديا إلى أعلى، نحو متر واحد أو أقل.  وهكذا نواصل ربط إطارات أخرى بنفس الأسلاك، وذلك من 3 إلى 6 إطارات معلقة عموديا بعضها فوق بعض.  بمعنى أن الأسلاك المرتفعة من الإطار السفلي، أي من الإطارالأول، تُثَبِّت سائر الإطارات العلوية.

ثانيا:  بإمكاننا ربط أطراف الأسلاك العلوية في زاوية حديد على سطح المنزل، أو في سقف الفرندا أو البلكون، أو بآية طريقة أخرى.  ويتحدد طول الأسلاك حسب عدد الإطارات التي نرغب في تثبيتها بالأسلاك، وحسب الارتفاع الذي سنعلق فيه الإطارات.

 

ثالثا:  في أسفل كل إطار نضع لوحا من الخشب أو البلاستيك. وذلك لتثبيت التربة بداخل الإطار لمنع نفاذ الماء والتربة.

 

رابعا:  للزراعة في الإطارات، يشترط استخدام الدبال أو السماد العضوي مع التربة، أي خلط الدبال بالتربة.  وذلك لقدرة الدبال على امتصاص الماء؛ إذ لا مجال لتصريف فائض الماء في الإطارات.  كما أن الدبال غني بالعناصر الغذائية اللازمة للنبات، ويوفر للتربة التهوية المناسبة، وبالتالي يمنع تعفن التربة وإصابتها بالآفات والأمراض.  ولتجنب إصابة النبات بالآفات والأمراض لا بد أيضا أن نقلل الري إلى الحد الأدنى.

 

خامسا:  بإمكاننا تكرار هذا النموذج، أي الزراعة في إطارات معلقة عموديا بعضها فوق بعض، في أماكن أخرى بالمنزل، أو في محيطه أو على السطح.   كما نستطيع أيضا الزراعة في إطارات مثبتة بعضها فوق بعض على الأرض.

وعلى سبيل المثال، يمكننا أن نزرع البطاطا في الإطارات المثبتة بعضها فوق بعض، وبالتالي الحصول على بطاطا عضوية خالية من الكيماويات.  وتتلخص هذه العملية بالخطوات التالية:

 

أولا:  زراعة البطاطا في إطار مملوء بالتربة الخصبة، أو بالدبال.  وبإمكاننا الزراعة مبكرا، مع تغطية الإطار بالزجاج، أي تحويل الإطار إلى دفيئة لإطالة موسم المحصول.

ثانيا:  بعد أن يصل ارتفاع الأشتال إلى أكثر قليلا من ارتفاع إطارين، نضع إطارا إضافيا فوق الإطار الأول، ونعبئه بالتربة الخصبة أو الدبال. 

ثالثا:  نواصل عملية وضع الإطارات بعضها فوق بعض، وذلك بين 5 إلى 6 إطارات، بنفس الطريقة السابقة.  وبعد نحو شهرين إلى ثلاثة أشهر من موعد الزراعة، أي عند موعد نضج البطاطا، وبالتالي قطفها، نحصل على كمية غزيرة من البطاطا في داخل كل إطار من الإطارات.  وتتم عملية جمع البطاطا ابتداء من الإطار العلوي الأخير ومن ثم سائر الإطارات السفلية التي تليه.

 

إن استعمالنا الإطارات المطاطية لأغراض زراعية منزلية، يضمن تحقيق بضعة أهداف في  الوقت نفسه، ويتلخص أهمها بما يلي:

أولا:  حل  مشكلة انعدام المساحة للزراعة في الشقق السكنية المحرومة من الحديقة المنزلية.  وهذا لا يعني عدم استعمال الإطارات للزراعة في الحدائق المنزلية والعامة، بل وفي الشوارع والأحياء.

ثانيا:  الحصول على إنتاج غذائي منزلي صحي وبيئي نظيف.

ثالثا:  إعادة استعمال وتدوير الإطارات المطاطية المستهلكة، بدلا من تراكمها في الشوارع ومكبات النفايات أو حرقها، لتتحول بالتالي إلى مشكلة خطيرة على البيئة والصحة العامة. 

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.