مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
كانون أول 2012 - كانون ثاني 2013 - العدد 50
 
Untitled Document  

هل توجد علاقة بين استخدام الطباشير في الصفوف المدرسية وبعض حالات السرطان؟
الحذر الوقائي يتطلب استبدال الألواح الخضراء والطباشير التقليدية بألواح حديثة دون طباشير ممرضة

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

طالما اشتكى معلمو المدارس من غبار الطباشير، بل إن بعض المدرسين الذين أصيبوا بأمراض سرطانية، قالوا بأن سبب أمراضهم قد يكون غبار الطباشير الذي استنشقوه خلال فترة عملهم في مهنة التدريس.  إلا أن أحدا من المسؤولين لم يأخذ هذا الاحتمال على محمل الجد؛ فيتابع الموضوع لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، في حال ثبوت صحة هذا الاحتمال؛ وأقلها إزالة الألواح الخضراء من الصفوف المدرسية.  بعض الأبحاث الطبية أفادت بأن الاستنشاق المتواصل لغبار الطباشير قد يتسبب في تلف الغدد اللعابية؛ ما يضعف أو يزيل القدرة على تذوق الطعام.  وقد يؤدي التعرض المتواصل لغبار الطباشير إلى الإصابة بالسرطان.  بل إن معلمة يهودية ("أفيفا كوهين"، 47 عاما) مصابة بالسرطان، فازت بدعوى رفعتها لمحكمة العمل الإسرائيلية التي أقرت بأن حالة السرطان التي أصيبت بها عبارة عن إصابة عمل سببها تعرضها لغبار الطباشير التي استخدمتها في الصفوف المدرسية طيلة سنوات عملها في التدريس ("معاريف"، 26/10/2012).
ويعد هذا الحكم القضائي لمحكمة العمل في الناصرة سابقة هامة؛ من حيث إقراره للمرة الأولى (إسرائيليا وفلسطينيا) بوجود علاقة بين الإصابة بالسرطان واستعمال الطباشير، وبأن التعرض للطباشير تسبب في تسريع الإصابة بالمرض وتفاقمه.  "فظروف العمل التي تعرضت خلالها المدعية لغبار الطباشير، تسببت للأخيرة في تهيج مزمن في الجهاز التنفسي العلوي"، بحسب نص قرار المحكمة.  إذ أن هذا التهيج، كما ورد في نص القرار، "تداخل بالخلايا السرطانية التي نمت لدى المدعية، فساهم إلى حد كبير، وبنسبة تقديرية لا تقل عن 20% بالمقارنة مع العوامل الأخرى، في تكاثر الخلايا السرطانية وفي تسريع المرض.  وبسبب العلاقة بين ظروف عمل المدعية وبين سرعة إصابتها بالمرض، فقد قبلت المحكمة الدعوى، وقررت بأن مرض المدعية عبارة عن إصابة عمل" (المصدر السابق).
وغداة القرار الحاسم الذي اتخذته المحكمة الإسرائيلية، تحرك العديد من المعلمين الذين أصيبوا بالسرطان في إسرائيل للمطالبة بحقوقهم، إثر تعرضهم خلال سنوات عملهم الطويلة إلى سحابة الغبار الأبيض.  فانتظم المعلمون لرفع شكاوى ضد مؤسسة "التأمين الوطني" الإسرائيلية، مطالبين إياها أن تعترف بهم كمصابي عمل.
وفي السنوات الأخيرة، أثبتت بعض الأبحاث وجود علاقة بين الطباشير وأمراض مختلفة؛ إلا أن العلاقة السببية بين استخدام الطباشير والسرطان لم تثبت حتى الآن، بشكل قاطع لا لبس فيه.
بعض المعلمين في المدارس يتذمرون من إحساسهم بالاختناق، ويعانون أحيانا من الدوار وأوجاع الرأس والأذنين، بحة في الصوت، ونزيف؛ فضلا عن حديثهم عن غيمة غبار الطباشير التي ترافق عملهم طيلة تواجدهم في المدرسة؛ ويمكن رؤية آثار الغبار في كل مكان، سواء على اللوح، وأصابع اليد، والثياب.  وحين تناولهم الشطائر، فقد يخترق الغبار السام أجسامهم عبر الطعام.
الطباشير التي يعرفها جميعنا من فترة مقاعد الدراسة، تتكون بشكل أساسي من كربونات الكالسيوم، وقد تحوي أيضا نسبة ضئيلة من ثاني أكسيد السليكون البلوري الحر (SiO2 ) بهدف تثبيت تماسك الطبشورة ومنعها من التفتت.  ويعد ثاني أكسيد السليكون معدنا شائعا قد يظهر بشكله البلوري أو غير البلوري.  وتشكل الحالة البلورية الحرة لثاني أكسيد السليكون خطرا على الإنسان؛ بل، ومنذ عام 1996، اعتبرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC ) ثاني أكسيد السليكون البلوري "مادة مسرطنة للإنسان".  كما أن استنشاق هذه المادة بتركيز مرتفع قد يؤدي إلى الإصابة بالمرض المسمى "سيليكوزيس"، وهو عبارة عن مرض رئوي غير قابل للشفاء.  أما الاستنشاق المتواصل لثاني أكسيد السليكون البلوري فقد يتسبب بسرطان الرئتين، أو سرطان الغدد الليمفاوية، أو سرطان البلعوم الأنفي الذي يعد من السرطانات غير الشائعة.
على ضوء المعطيات العلمية المتعلقة بالطباشير، والأمراض التي قد تتسبب بها للمعلمين والطلاب على حد سواء، يفترض بوزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة ومدارس وكالة الغوث، التحرك الجدي لاستبدال الألواح القديمة والطباشير التقليدية بألواح حديثة دون طباشير ممرضة، في آلاف الغرف الصفية.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية