إضاءة شمعة في نفق مظلم
انطلاق مشروع فرز النفايات الصلبة داخل مدينة الخليل
|
المعلومات التي كتبت على الحاويات |
ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تعاني الخليل كباقي المحافظات الفلسطينية من مشاكل بيئية وصحية ناتجة عن تراكم وزيادة النفايات الصلبة بأنواعها، حيث تقدر حجم النفايات في محافظة الخليل بـ500 طن يومياً، اغلبها ناتج عن استخدامات المنازل والمطاعم والمراكز الطبية وورش البناء، ويشكل البلاستيك والكرتون والمواد العضوية أكثر من 70% من هذه النفايات، والتي يتم جمعها والتخلص منها في اكثر من سبعة مكبات عشوائية، حيث تقوم الجهات المختصة من بلديات ومجالس محلية بحرقها بشكل غير كامل لتصبح ملاذا للحشرات والقوارض ومبعثا للروائح الكريهة، او تطمر بالتراب دون توفر الشروط السليمة لعملية الطمر، اما في القرى والبلدات التي تفتقر الى هذا الخدمة، فإن المواطنين يقومون بالتخلص من النفايات بصورة عشوائية في الأراضي الزراعية والأماكن الخالية وسط التجمعات السكنية، مما يسبب أضراراً بيئية وصحية.
|
مخلفات الكرتون المضغوط في الخليل |
التجمعات المتضررة
ففي محافظة الخليل أشارت بعض الإحصائيات التي توضح أنواع التأثيرات الصحية والبيئية الناتجة عن النفايات الصلبة الى ان 20 تجمعاً سكنيا يعاني من انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من المكبات، إضافة الى أن اكثر من 23 تجمعا سكانيا يعاني من انتشار الأوبئة، و 35 تجمعا يعاني من تجمع الحشرات.
فالنفايات الصلبة على اختلاف أنواعها خاصة الطبية والصناعية منها، تعتبر من اهم مصادر التلوث البيئي في الأراضي الفلسطينية، وتعود بالضرر الصحي على الإنسان والمياه الجوفية وعلى الطابع الجمالي للطبيعة، سيما انها تلقى بطريقة عشوائية على أطراف المدن او خارجها، ولا تخلو الشوارع والأزقة منها، ويتم أحيانا تجميعها في أماكن لا تبعد إلا بضعة أمتار عن التجمعات السكانية مسببةً بذلك أضراراً بالغة.
وقفة جادة
هذه الواقع الصعب دفع المجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة الخليل للبحث عن طرق بيئية وصحية للتخلص من النفايات الصلبة، حيث شرع في إغلاق بعض المكبات العشوائية وإعادة تأهيلها كما بدا بإنشاء مكب بيئي مركزي في منطقة "المنية" الواقعة جنوب بلدة تقوع وشمال سعير على قطعة ارض تبلغ مساحتها 254 دونما، وسيتم بناؤه بمعايير فنية عالمية دون وجود أي تأثير لمخاطر النفايات على البيئة والسكان، وطريقة الطمر الصحي هي التي ستستخدم للتخلص من النفايات، وذلك بعد إخضاعها لعملية فرز ميكانيكي بواسطة دواليب تحتوي على مغناطيس يجذب المعادن، وستعمل الأيدي العاملة على فرز ما تبقى في النفايات من بلاستيك وزجاج وكرتون، من اجل إعادة تصنيعها والاستفادة منها.
خطوة الى الأمام
"فمن اجل تشجيع المواطنين على عمليات الفرز داخل الأحياء السكانية ولحرص المجلس المشترك على جمع مادة الكرتون والاستفادة منه "نقيا" قبل تلويثه واختلاطه مع النفايات الأخرى، شرع المجلس بتوزيع نحو 75 حاوية خاصة في شوارع الخليل، لاسيما بالقرب من المصانع والورش التي ينتج عنها هذه المادة بكميات كبيرة، حيث يتم جمع الكرتون وكبسه بواسطة آلات حديثة، ثم يرسل الى داخل الخط الأخضر للاستفادة منه وإعادة تصنعيه". هذا ما صرح به المدير التنفيذي للمجلس المشترك للنفايات المهندس ياسر دويك مؤكدا ان هذا المشروع هو خطوة أولى في عملية فرز النفايات داخل المدن، وانه خلال الأسابيع القليلة القادمة، سيتم تعميم هذه الفكرة على باقي بلدات وقرى المحافظة، حيث سيتم جمع ما يقارب الـ 50 طن يوميا من الكرتون، وأبدى دويك أسفه لعدم وجود مصانع فلسطينية متخصصة في اعادة تدوير الكرتون للاستفادة منه، مما يضطر المجلس الى بيعه الى المصانع الإسرائيلية بأثمان قليلة تكاد لا تغطي تكلفة جمعه من داخل المدن، وتابع ان عام 2013 المقبل سيشهد تحولا واضحا في عمليات الاستفادة من النفايات الصلبة الصادرة عن محافظة الخليل، حيث سيتم توزيع حاويات خاصة لجمع وفرز البلاستيك، وهذه النفايات سيكون من السهل الاستفادة منها داخليا بسبب انتشار مصانع البلاستيك في الأراضي الفلسطينية، وأيضا سيتم جمع النفايات العضوية سيما بقايا الخضروات الناتجة عن الأسواق المركزية وتحويلها الى ذبال عضوي "كمبوست" وبيعها للمزارعين، ويرى دويك ان نجاح هذه المشاريع الصديقة للبيئة، تعتمد بالدرجة الأولى على درجة تعاون المواطنين مع المجلس في عمليات الفرز.
اما بالنسبة للنفايات الصادرة عن المستشفيات وبعض المصانع، يفيد دويك بأن هناك عمليات فرز تتم داخل المستشفيات وفي حال تم افتتاح المكب الجديد سيتم التعامل معها بطريقة بيئية سليمة، وذلك عبر حرقها في أفران خاصة، اما النفايات الخطرة الصادرة عن بعض المصانع، فإنها ستبقى تلقى في حاويات النفايات العامة مما يعرقل عملية الفرز، مطالباً الجهات المختصة اجبار أصحاب هذه المصانع استحداث وحدات معالجة خاصة، لما ينتج عنها من نفايات صلبة وسائلة.
نقص الوعي
المتجول في شوارع الخليل والمراقب لمستوى استجابة المواطنين لعملية فرز الكرتون، يجد ان هناك بعض الحاويات قد اسيء استخدامها من قبل المواطنين، حيث تم وضع الكرتون مع باقي النفايات في الحاوية المخصصة. المواطن سعيد التميمي، يفيد انه لا يكفي الكتابة على هذه الحاويات بأنها مخصصة للكرتون، بل يجب نشر الوعي بين المواطنين وتثقيفهم بأهمية هذا المشروع، من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ونشر الملصقات وتوعية طلبة المدارس وتسليط الضوء على الفوائد البيئية والاقتصادية لمثل هذه المشاريع.
|