مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
كانون أول 2012 - كانون ثاني 2013 - العدد 50
 
Untitled Document  

أطلس جديد يربط بين التغيرات المناخية وانتشار الأمراض

انتشار حمى الضنك في العالم بحسب أطلس التغيرات المناخية والأمراض

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بينما يواصل المناخ تحولاته الحادة، ويولد عواصف وأمطار غزيرة وفيضانات وموجات جفاف وهزات أرضية، نشرت منظمة الصحة العالمية (WHO ) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO ) أطلساً جديدا يربط بين التغيرات المناخية وانتشار الأمراض؛ ويدعو إلى ضرورة تتبع التغيرات المناخية بهدف تحسين صحة الناس.
ويشير الأطلس إلى المناطق التي تواجه ظروفا مناخية متطرفة؛ فيشخص ارتفاعا في تواتر الأمراض بتلك المناطق.  ويبين أن مناطق معينة في إفريقيا وجنوب شرق أسيا، سجلت زيادة تصل إلى 100% في مدى تواتر الأمراض المعدية التي تسبب الإسهال، الملاريا، حمى الضنك والتهاب السحايا؛ وذلك وفقا لحالات مناخية معينة.
ويشير التقرير إلى أن الأمراض التي تسبب إسهالا، وبخاصة الكوليرا، تؤدي إلى وفاة مليوني طفل في العالم سنويا.  وتعد عواصف الأعاصير والهزات الأرضية التي تسبب أضرارا في البنية التحتية للمياه واختلاط مياه الشرب بالمياه العادمة، عامل خطر كبير لهذا النوع من الأمراض.
ويؤكد التقرير (الأطلس) أن التهاب السحايا الذي يتسبب به التلوث الجرثومي أو الفيروسي، مرتبط أيضا بالوضع المناخي؛ ففي إفريقيا تحديدا يشكل خطرا على الأولاد، وبخاصة في مواسم الجفاف بين شهري كانون أول ونيسان؛ وقد سمى الأطباء هذه الفترة بـ "حزام التهاب السحايا".  ويقدر عدد الأولاد في إفريقيا الذين أصيبوا بالتهاب السحايا، خلال العقد الأخير، بنحو 250 ألف، توفي عشرهم بسبب المرض.  وفي ذات الموسم المرتبط بالتهاب السحايا يرتفع تركيز الغبار وتهبط مستويات الرطوبة في المناطق الاستوائية بالقارة الإفريقية.  وبالرغم من العلاقة الواضحة بين المرض والظروف المناخية؛ إلا أنه، لغاية الآن، لا تعرف الأحوال المناخية التي تثير المرض أو تؤدي إلى انتهاء موجة الآفة.  وبحسب إحدى الفرضيات، فإن الهواء الجاف والساخن أو المغبر يثير الأنسجة الرخوة في الجهاز التنفسي، ما يسهل اختراق البكتيريا المسببة لالتهاب السحايا.
كما يربط التقرير بين التغير المناخي وحمى الضنك التي تعد مرضا فيروسيا ينتقل بواسطة لسعات البعوض، وقد ينتشر هذا المرض في المواسم التي تكثر فيها تجمعات المياه الراكدة في المناطق المزدحمة سكانيا.  وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة الإصابة بالمرض الذي أخذ ينتشر من الدول الفقيرة إلى الدول الأكثر ثراءً.
الكوارث الطبيعية ليست بالأحداث الشاذة؛ إذ أشار التقرير إلى أن عام 2011 سجل 332 كارثة طبيعية في أكثر من مائة دولة؛ ما تسبب في وفاة ما لا يقل عن 30,770 شخص، إضافة إلى الأضرار المادية التي تجاوزت قيمتها 366 مليار دولار.
ويبين الأطلس أمثلة حول إمكانية استخدامنا التغيرات المناخية لأغراض حماية الصحة العامة؛ وذلك من خلال التشخيص المسبق للمخاطر المستقبلية، والتعامل معها في إطار النظام الصحي.  وتشير الدلائل إلى أن تحسنا في المعطيات طرأ في الدول التي تتحسب للتغيرات المناخية؛ فتحذر جمهورها.  هكذا على سبيل المثال، في أعقاب العواصف الإعصارية في بنغلادش التي أقيمت فيها نظم الإنذار، هبطت نسبة الوفيات من 500 ألف حالة وفاة عام 1970، إلى 140 ألف عام 1991، إلى 3,000 عام 2007. 
كما يؤكد التقرير، بأن تقليص التلوث يساهم في تقليل مدى التغير المناخي وبالتالي مدى انتشار الأمراض.  وبحسب تقدير منظمة الصحة العالمية، فإن تخفيض التلوث الهوائي قد ينقذ حياة 680 ألف طفل سنويا في مختلف أنحاء العالم.
تعد توصيات التقرير هامة، وبخاصة على ضوء التغيرات المناخية والديمغرافية التي تعصف بالكرة الأرضية.  إذ أن المناطق التي كانت تصاب بموجات الحر مرة واحدة كل عشرين عاما، أصبحت تصاب بمثل هذه الموجات كل سنتين إلى خمس سنوات.  وبالتوازي مع ارتفاع حرارة الكرة الأرضية، يتوقع حدوث قفزة في نسبة زيادة عدد السكان البالغين.  إذ يتوقع ارتفاع عدد البالغين القاطنين في المدن، والذين يعتبرون من بين أكثر المجموعات السكانية تعرضاً للإصابة بموجات الحرارة- يتوقع ارتفاع عددهم بأربعة أضعاف خلال العقود القريبة القادمة، وتحديدا من 380 مليون عام 2010، إلى 1.4 مليار عام 2050.
ويعتبر التعاون الوثيق بين المجتمعات الطبية ومراكز الأرصاد الجوية حيويا، وذلك لضمان أخذ معلومات الطقس الدقيقة والمناسبة في الاعتبار، لدى إدارة صحة الجمهور في المستويات الدولية، المحلية والإقليمية.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية