غبار ألياف الأسبستوس المنبعثة من المباني التي قصفت تسبب أمراضا رئوية وسرطانات
الأكوام الضخمة للمخلفات الناتجة عن القصف الإسرائيلي تهدد حياة وبيئة شعبنا في قطاع غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
خَلَّف قصف الطائرات والدبابات والمدفعية الإسرائيلية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ذات الكثافة السكانية المرتفعة في قطاع غزة، كميات هائلة ومرعبة من مخلفات المباني والمنشآت التي أضيفت لأكوام المخلفات الضخمة السابقة لحرب الإبادة الأخيرة، والتي كانت أصلا منتشرة في مختلف أنحاء القطاع منذ سنوات.
وفي حال بقاء أكوام المخلفات والمباني والمنشآت التي تقدر بمئات آلاف الأطنان متراكمة لفترات طويلة؛ فستشكل تهديدا جديا ومميتا على الصحة العامة والبيئة في قطاع غزة، علما بأن بعض هذه المخلفات تحوي مواد خطرة وقاتلة؛ فالكثير من مواد البناء الإسمنتية في قطاع غزة مصنعة من الأسبستوس، وعند قصف المباني المحتوية على الأسبستوس، ينتج غبار يحوي ألياف الأسبستوس؛ مما يهدد صحة وحياة الأشخاص القاطنين بجوار المباني المدمرة.
كما أن أسطح العديد من المباني التي قصفت في قطاع غزة، وبخاصة في المخيمات، مكونة من الإسبست، مما يشكل خطرا ليس فقط على الذين أصيبوا بشكل مباشر، بل أيضا على الجيران وقوات الإنقاذ والإسعاف. فعندما يقصف مبنى يتضمن ألواحا من الإسبست بالصواريخ أو القذائف، تتشظى الألواح وتتفتت، بسبب الانفجار والارتجاج، أو قد يحدث حريقا. وفي هذه الحال، قد تنتشر ألياف الأسبستوس في المنطقة المصابة، مما يشكل خطرا على المتواجدين في محيط المبنى المقصوف. وقد تكون طواقم الإسعاف والإنقاذ من أكثر الفئات المتضررة. ومن المفيد هنا أن نستذكر نتائج تفجير أبراج التجارة العالمية في نيويورك (عام 2001)، إذ، وفي أعقاب انهيار الأبراج، أصيب نحو 400 عامل إطفاء بالسرطان، وتوقعت التقديرات الأميركية بأن يصاب نحو مليون ونصف مليون أميركي إضافي بالسرطان، تحديدا في محيط الانفجارات الواقع بين نيويورك ونيوجرسي. ومن المعروف أن الأسبستوس يؤدي، على المدى البعيد، وباحتمالية مرتفعة، إلى الإصابة بالسرطان.
ولدى قصف المباني التي تحوي الأسبستوس في موادها الإسمنتية، أو تتضمن ألواحا من الإسبست، فيجب على فرق الإسعاف والإنقاذ أن تكون حذرة وتتخذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، فضلا عن إبعاد الجيران والناس الفضوليين من المنطقة.
ويعد الأسبستوس معدنا طبيعيا يستخرج من الصخور، وهو مكون من ألياف مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة. وحتى الثمانينيات، استخدم الأسبستوس بكميات كبيرة في فرع البناء. وعندما تتحطم أو تتلف ألواح الإسبست، تنبعث منها الألياف إلى الهواء، وبالتالي، قد تصل إلى الرئتين فتؤدي إلى التهابات رئوية ونسيج تليفي وأحيانا السرطان.
ويفترض، على وجه السرعة، تزويد مختلف مراكز الدفاع المدني الفلسطينية المسؤولة عن عمليات إطفاء الحرائق، بأخصائيين في مجال المباني المحتوية على الأسبستوس، تكون وظيفتهم التنسيق مع فرق الإنقاذ والطواقم الطبية ووزارة البيئة، فضلا عن توجيه فرق الإطفاء، لدى عملها في المواقع التي تحوي على الأسبستوس، من ناحية الإجراءات الوقائية والألبسة وأقنعة التنفس، وذلك قبل البدء في معالجة الحادث، وبعدئذ أيضا، إثر الانتهاء من المعالجة، من ناحية غسل ألياف الأسبستوس عن الألبسة وإجراءات وقائية أخرى.
وفي مرحلة لاحقة، يفترض سن قانون ينظم التعامل بمادة الأسبستوس وعلاج المصابين منه، فضلا عن منع استعماله أو استعمال المواد التي تحتوي عليه، منعا باتا.

|