مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
كانون أول 2012 - كانون ثاني 2013 - العدد 50
 
Untitled Document  

خلال ندوة ميدانية في مصنع للفخار
مختصون يحذرون من استخدام اواني الفخار في الطعام
مواطنون: حرق الفخار قلب حياتنا الى مأساة والدخان لا يغيب عن منازلنا
عطا الله: التزم بتعليمات البلدية باستخدام الخشب والجفت في عملية الحرق
المدهون: المطلوب إيجاد مصادر بديلة منها: الكهرباء او الطاقة الشمسية

سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

أجمع مختصون في الشأن البيئي أن الآثار الناجمة عن حرق اواني الفخار في مرحلة التصنيع النهائية ضارة للبيئة بصورة عامة جراء الدخان المتصاعد عن حرق المازوت المستخدم وكذلك الأخشاب والنجارة والجفت وأي مواد قابلة للاشتعال، كما انه – أي الدخان- يتسبب في أمراض بالجهاز التنفسي.
ودعا المختصون إلى استخدام اواني الفخار في الزينة فقط كعنوانٍ للتراث الفلسطيني، محذرين في الوقت ذاته من استخدام الطعام في الاواني الفخارية لان جزءاً من انبعاثات الحرق قد تبقى عالقة في الاواني وتنتقل إلى الانسان وتهدد سلامته.
ودعا المختصون والمواطنون القاطنين بجوار مصانع الفخار الى نقل هذه المصانع الى منطقة صناعية خاصة لكي لا تبقى عملية الحرق والدخان المتصاعد خطراً يداهم المواطنين في منازلهم في كل لحظة.
وطالب المشاركون في ورشة ميدانية نظمتها مجلة آفاق البيئة والتنمية في "فاخورة آل عطا الله" في منطقة النفق بغزة، المسؤولين الى العمل على توفير عوامل السلامة حفاظا على صحة المواطنين، الذين يقطنون بجوار هذه المصانع من ناحية وإرغام أصحاب الفواخير على استخدام بدائل أخرى عن إشعال النيران.

الفخار الغزي الجاهز للتسويق

واستهلت الورشة بحديث للمهندس ماجد حمادة من مركز العمل التنموي /  معا، أكد خلالها أن الورشة تأتي ضمن سلسلة من الورش التي عقدتها مجلة آفاق، بهدف تلّمس الخطر الذي يحدق بالبيئة الفلسطينية والناجم عن الاستخدام الخاطئ للكثير من الأمور، لافتا الى ان صناعة الفخار تراث فلسطيني يعتد به.
واشار الى ان السبب في عقد هذه الورشة وداخل احد المصانع، كان للتعرف على الأسباب الرئيسية في الشكاوى التي يقدمها سكان المنطقة للبلدية بين الفينة والأخرى ومدى دقة ما يقولونه بأن الدخان لا يغادر سماء المنطقة.
ولفت حمادة الى انه وخلال وصوله إلى المنطقة شاهد أعمدة الدخان تتصاعد من – فاخورة مجاور- وفي رصد سريع يقول حمادة بأن كافة المنازل تغلق الشبابيك في وقت الظهر، وهذا مؤشر على ان شكاوي المواطنين تحمل الكثير من الصواب، كما أن جدران هذه المنازل باتت تميل إلى السواد.
وطرح في سياق حديثه جملة من التساؤلات حول آلية تعامل الجهات المختصة من هذه المصانع – تصنيع الفخار- خاصة وان عددها لا يتجاوز أصابع اليد، ولماذا لا يتم توفير الكهرباء او الطاقة البديلة لعملية تجفيف الفخار بدلا من عملية الحرق، ومدى تأثير الحرق والدخان الناجم عنه على صحة الإنسان وكيف للمواطنين من مواجهة هذه المشكلة، خاصة وان أصحاب الفواخير انشأوا مشاغلهم في ارض تابعة لهم وغير مستأجرة.
وبقول صاحب الفاخورة صبري عطاالله انه توارث هذه المهنة اباً عن جد منذ ان كان عمره 7-8 سنوات، لافتا الى ان استخدام الفخار قد انخفض بصورة كبيرة عن السابق، حيث تم استبداله من قبل المواطنين بالبلاستيك.
واضاف، وبناءً عليه، فقد قلت المصانع العاملة في إنتاج اواني الفخار حيث باتت لا تزيد عن خمسة بعد ان كان عددها بصل الى عشرات المصانع، لافتا الى ان والده ورث المهنة من جده، وعمل على فتح مصنع عام 1930 في حيفا، وفي العام 1961 فتح مصنعاً ثانٍ في مدينة غزة، ثم انتقل وفتح مصنعاً آخر في لبنان، وهو المصنع الوحيد الذي يعمل حاليا هناك، مشيرا الى ان اثنين من اشقائه هم من يمتلكون هذا المصنع ويعملون به برفقة أبنائهم.

صناعة الفخار في غزة بين المنازل

ولفت الى انه يعمل هنا في اشارة الى مصنعه الذي جلسنا داخله هو وأبناؤه صغيرهم قبل كبيرهم، لافتا الى ان صناعة الفخار تمر بعدة مراحل بدءا من جلب الطينة من شمال القطاع وصولا الى عجنها، ومن ثم اعداد الاواني من "زبدية، قدر، إبريق، قلة، الزير وكذلك اواني مختلفة للزينة، اضافة الى بعض الادوات التي تأتي بناء على طلب المواطنين".
ونوه الى ان عملية الحرق وضعته في مشاكل عديدة مع المواطنين، لا سيما الجيران مؤكدا انه لا يمتلك أي بديل آخر وانها عملية اساسية لا تتم عملية الإنتاج إلا بها، وهي اخر مرحلة حيث يتم وضع الأدوات التي تم صناعتها عند درجة حرارة تصل الى "700" درجة مئوية
واشار الى ان البلدية طالبته بإغلاق محله والبحث عن مكان آخر لاسيما وانه يقع وسط منطقة مكتظة بالسكان، لافتا إلى ان الجيران وبحسب – البلدية- يقدمون شكاوى جراء الدخان المتصاعد.
وقال: "انا التزم بما تطلبه البلدية من استخدام الخشب والجفت ولا يمكنني ان انتقل من المكان أيا كان البديل، لافتا ان الوان الفخار متعددة منها الابيض الناجم عن استخدام مياه مالحة، والأحمر التي تستخدم فيه المياه العادية دون زيادة في نسبة الأملاح  والأسود نتيجة استخدام المازوت وزيت السيارات في عملية الحرق.
وأضاف في سياق حديثه، عدم تمكنه من إنشاء مدخنة طويلة وفق طلب المسؤولين لأنها ذات تكلفة عالية.
واستهجن عطا الله من موقف بلدية غزة الرامي الى إغلاق مصنعه، مشيرا الى أن الأخيرة عملت على إنشاء قرية الفنون والحرف في المدينة من أوانى الفخار المختلفة، ولم تكتف بذلك بل عملت على تزيين جدار القرية بالفخار والطوب .   وهى، بحسب عطا الله، من يقول ليل نهار للزوار والوافدين الى المكان بأن الفخار تراث فلسطيني يجب الحفاظ عليه من الاندثار.  
وأشار إلى ان مؤسسات دولية عاملة في القطاع عملت على شراء كميات كبيرة جدا من الفخار الذي تكسر أثناء صناعته، لترميم البيوت الاثرية والمتاحف، إضافة الى التعاون المستمر مع الجامعة الاسلامية في توريد كميات لها من اجل الدراسة وعرضها في معارضها المختلفة.

عامل في معمل للفخار بغزة

خطر داهم
وقال المختص في الشأن البيئي الدكتور وسام المدهون إن الحرق يتم ضمن عمليات فيزيائية وكيميائية متلاحقة في آن واحد تعتمد على إعادة تهديم مكونات الحرق من أخشاب أو جفت ومواد بلاستيكية وغيرها إلى مكونات كيميائية بسرعة كبيرة مترافقة مع تحرير طاقة حرارية عالية وانطلاق غازات مختلفة في آن واحد .
وأشار المحاضر في الجامعة الإسلامية إلى انه خلال عملية حرق المازوت او زيت السيارات، ينجم اخطر انواع الملوثات وهي أكاسيد سامة تؤدي إلى أمراض في الجهاز التنفسي خاصة للنساء والاطفال في العائلات المجاورة لمصانع الفخار نظراً لضعف جهاز المناعة نتيجة التعرض الدائم لدخان الحرق.
وقال المدهون أن عملية الحرق ينجم عنها ملوثات ايا كانت طبيعة المواد المستخدمة في عملية الحرق، كما ان الجفت لا يقل خطورة عن استخدام المواد الأخرى (...) والمطلب هو ايجاد مصادر بديلة عن الحرق".
وبين ان المصادر البديلة تتمثل في استخدام الكهرباء من ناحية، او الاعتماد على الطاقة الشمسية، من اجل القضاء على الملوثات".
وقال ان عمليات الحرق تترك مواد عالقة في اواني الفخار وهي إنتاج جزيئات اكثر من عشرة ميكرون او 2.5 ميكرون تكون خطيرة على صحة الإنسان وتهدد حياته.
فيما اكد الجيران لـ"آفاق البيئة" ان حياتهم باتت مأساة حقيقية تتكرر بصورة يومية خاصة وان في المكان ثلاثة مصانع لانتاج الفخار، وانه في حال لم يشعل احد المصانع النيران لحرق الفخار وتجفيفه، فانه سيقوم بهذه العملية التي تمتد منذ ساعات الصباح الأولى وحتى السادسة مساءً ويزيد.

معمل الفخار في غزة حيث جرت الندوة الحوارية

مأساة تتواصل
وأشاروا إلى أنهم قدموا شكاوى متعددة للبلدية وللصحة، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالحال على ما هو عليه وأصبح المواطن المجاور للمصنع عاجزاً عن فتح النوافذ.
وقال احد الجيران: "انظروا الى السواد الناجم عن تصاعد الدخان اذا كانت هذه الجدران تشتكي من تغيير لونها فكيف حال اجسادنا من الداخل بل والخارج، لا انكر اذا قلت ان السعال والكحة والاختناق لا يفارقني... حقا إنها مأساة ولكن لا أحد يجيب؟!"

ورشات صناعة الفخار في الأحياء السكنية بغزة
التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية