تشديد الإجراءات العقابية ضد حارقي النفايات
|
حرق الخردة في الأراضي الزراعية وقرب أشجار الزيتون في قرى الخليل مما أدى إلى جفافها وخرابها |
ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تفاقمت في السنوات الأخيرة ظاهرة حرق النفايات في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وبخاصة النفايات التي تستخرج منها مخلفات معدنية. وتعد محافظة الخليل من أبرز المناطق التي يمارس فيها تجار الخردة إشعال النفايات في الأراضي المفتوحة والأحراج والغابات؛ مثل قرى إذنا وبيت عوا ودير سامت ونوبا وترقوميا ومحميات الخليل (وادي القف وغيرها)، حيث تحرق إطارات السيارات والأسلاك المغلفة بالبلاستيك، للحصول على المخلفات المعدنية؛ ما يتسبب في تلوث مخيف لهواء تلك المناطق. ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي يمكننا اعتبارها شكلا من أشكال القرصنة المدمرة للبيئة والصحة العامة، لا بد من شن حملة شعبية وأهلية ورسمية مكثفة لوضع حد لها. ولا بد لهذه الحملة أن تستهدف جموع المواطنين وأصحاب الأعمال والتجار والمزارعين ورؤساء المجالس المحلية، ليساهم الجميع في إيقاف هذه الظاهرة الرهيبة الواسعة الانتشار والمتسببة في مآسي صحية وبيئية خطيرة. الجانب التوعوي في هذه الحملة يجب أن يهدف إلى تغيير المفاهيم والأنماط السلوكية القائمة لدى الشرائح الاجتماعية المختلفة، وبالتالي رفع مستوى الوعي الشعبي بالأضرار الصحية والبيئية التي تتسبب فيها عمليات حرق النفايات لمجموع المواطنين، فضلا عن الأذى الذي يلحق بجودة الحياة.
ومن المعروف، أن التعرض لتركيز مرتفع من ملوثات الهواء الناتجة من حرق النفايات، قد يؤدي، في المدى القصير، إلى حَرَقان في العيون والأنف والحنجرة، وصعوبات في التنفس، أوجاع في الرأس وتقيوء. أما في المدى الطويل، فقد تظهر أعراض مرضية في الجهاز التنفسي، مثل الربو والتهاب حاد ومزمن في الشعب الهوائية. كما تحمل الغازات الناتجة عن عمليات الحرق مواد مسرطنة ومواد تتلف جهاز المناعة والجهاز الهورموني وجسيمات تؤذي الأوعية الدموية والقلب.
وفي سياق مواجهة هذه الانتهاكات البيئية، لا بد من سن قانون خاص بالنظافة يلقي على عاتق أصحاب الأرض التي تحرق فيها النفايات، مسؤولية هذا الفعل، إلا في حال أثبتوا أن لا علاقة لهم بهذا الانتهاك، أو أنهم بذلوا قصارى جهدهم لمنعه دون جدوى. ويفترض بمنتهك قانون منع حرق النفايات بكافة أنواعها أن يعاقب بالسجن الفعلي (لمدة سنة مثلا) بالإضافة إلى غرامة كبيرة بعشرات آلاف الدولارات، بل وأضعاف هذه الغرامة في حال أن المخالف شركة أو منشأة أو مؤسسة. ويهدف مثل هذا القانون إلى تشديد الإجراءات المتخذة ضد حارقي النفايات، ومنع حرق أكوام النفايات في المساحات المفتوحة وفي مكبات النفايات العشوائية؛ وبالتالي تقليص ظاهرة الحرق التي تحولت إلى وباء قطري يتسبب يوميا في عواقب صحية وبيئية مدمرة.
الجدير بالذكر أن الوضع القانوني الحالي يتضمن ثغرات تعيق اتخاذ إجراءات رادعة، وبخاصة أن هوية حارق النفايات غير معروفة في معظم الحالات، أو أن طرق التحقيق المتبعة لا تفضي إلى الكشف عن هوية الفاعل. لذا، لا بد من توفير الأداة القانونية لمواجهة ظاهرة حرق النفايات وبالتالي سد الثغرات المذكورة سابقا.
|