مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
أيــــــــــــــار 2012 العدد-44
الطاقة كقضية مجتمعية ... أكثر منها تقنية تشكيك بقدرة العالم على منع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية لأكثر من درجتين مئويتين شذرات بيئية وتنموية الإحـصـاء الفلـسطـيـنـي: نحو 19% من فلسطينيي الضفة والقطاع 18 سنة فأكثر وأكثر من 70% من كبار السن مصابون بمرض مزمن واحد على الأقل توقع ارتفاع عدد سكان العالم إلى 9.3 مليار نسمة بحلول 2050 أفريقيا ترقد على مخزونات هائلة من المياه الجوفية إطلاق غاز الميثان من تحت الجليد القطبي بسبب ارتفاع حرارة الارض يهدد بمزيد من الاحتباس الحراري طاح الفوار "العقبة" تنتصر على الاحتلال بالأعشاب الطبية! المنزل البيئي عبد فحّام: يُسخّر من الشمس طاقة نظيفة! ناديا حسين تدب الحياة في اليقطين والفستق والصبار! المواسم الزراعية في فلسطين .. تراث ممتد وتناغم مع الأرض زهرة من أرض بلادي: نعنع البس (الهر) قراءة في كتاب: "الاستراتيجية الوطنية، برنامج العمل الوطني وإستراتيجية التمويل المتكاملة لمكافحة التصحر في الارض الفلسطينية المحتلة" حطين (قرون حطين)
Untitled Document  

: منبر البيئة والتنمية

الطاقة كقضية مجتمعية ... أكثر منها تقنية

حبيب معلوف / لبنان

كما في كل تقرير عالمي او وطني نطالعه عن الطاقة في السنوات الاخيرة، يطرح السؤال الاول والمركزي حول مخزون النفط والغاز ومستقبل ما يسمى بالوقود الأحفوري. وتظهر الخلاصة الأولى "لم يبق امام عصر البترول سوى 30 أو 50 سنة". وتؤكد معظم التقارير أن مخزون الطاقة الأحفورية لن ينضب في الخمسين سنة المقبلة بالطبع، ولكن الوصول اليه سيزداد صعوبة مما يتطلب بنية تحتية اكبر واستثمارات اكبر... مع الاخذ بالاعتبار الاشكاليات الجيو بوليتيكية من نزاعات وحروب (كما هي الحال في ما يسمى "النزاعات في الشرق الاول")... بالاضافة الى الحديث عن طبيعة غير مستقرة وكلفة أعلى وازدياد المخاطر وتراجع الجدوى الاقتصادية يوما بعد يوم، بالنسبة الى البدائل. كما تؤكد التقارير أن الطلب على الطاقة سيزداد، لا بل أن حجم الاستهلاك يفوق كثيرا حجم اكتشاف حقول الطاقة الأحفورية الجديدة. ولتعويض هذا التفاوت بين الاستهلاك والاكتشاف العالم بحاجة الى "أربع  شبه جزر عربية سعودية جديدة" لسد الطلب المتزايد، مع بترول يسهل الوصول إليه كما تقول كبريات الشركات النفطية. واذا ما تم احتساب كلفة تأمين الشروط البيئية في التنقيب والاستخراج والتصفية والنقل، بالإضافة الى الشروط البيئية المتعلقة في توليد الطاقة، فقد ترتفع الكلفة اكثر واكثر ولاسيما تطبيقا لبروتوكولات المناخ التي ستصبح عالمية والزامية في السنوات القليلة المقبلة. ولأن البدائل غير مؤمنة حتى الآن، في ظل تراجع أمان الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما منذ عام تقريبا، وفي ظل عدم اليقين من امكانية ان تتحول الطاقات المتجددة الى بديل فعلي وكبير في السنوات المقبلة، نحن أمام إفلاس طاقوي او امام نزاعات وحروب جديدة او اضافية... او علينا ان نبتدع طرق تفكير جديدة حول قضايا الطاقة والمجتمع وليس ابتداع تقنيات جديدة .
في ظل هذا السيناريو المتشائم، علينا ابتداع سيناريو جديد للطاقة كقضية اجتماعية وليس كقضية تقنية. لنقل نحن بحاجة لـ"طاقة مجتمعية". يركز هذا المفهوم على الطلب اكثر مما يركز على العرض. كما ينطلق من المجتمع بدل ان ينطلق من التقنيات والخبراء والمختصين والشركات.
علينا أن نغير طريقتنا في التفكير. علينا أن نبدأ من ناحية استخدامات الطاقة وليس من ناحية البحث عن مصادرها .
فنحن الذين نحتاج الى الدفء والى الإضاءة والى الانتقال عند الحاجة وليس الموضوع في الخشب والبترول واليورانيوم. فالطاقة في البداية هي حاجة إنسانية، وعندما تتجسد الطاقة بالحاجات الإنسانية لا تعود المسألة الطاقوية تقنية بقدر ما تصبح إنسانية ومجتمعية .
إنسانية بمعنى أن الانسان ـ المستهلك، يستطيع ان يتحكم في طريقة عيشه وأن يساهم في وضع سياسات الطاقة عبر تحديد الحاجات والاقتصاد فيها، عبر الترشيد والتوفير.  فالتوفير في البناء واعتماد أساليب العزل الحراري، توفر كثيرا في الحاجة الى الطاقة للتسخين والتبريد وكذلك الأمر بالنسبة الى الإنارة في المنازل والشوارع. كما ان السيارة الصغيرة توفر اكثر من السيارات الكبيرة ذات الدفع الرباعي. واعتماد النقل العام أفضل من اعتماد السيارة الخاصة، على خزينة الدولة لناحية تخفيف الصرف على تطوير البنى التحتية دائما، وعلى اقتصاد الأسرة للتخفيف من أعباء اقتناء سيارة، وعلى استهلاك الطاقة في قطاع النقل. وتقليل ساعات العمل، هو المطلب الأفضل من اجل توفير الطاقة (في النقل ومراكز العمل) ومكافحة البطالة معا .
إن تبني المجتمع لفكرة الاقتصاد (التوفير) في الطاقة، يسهل طرح فكرة الطاقات المتجددة كبديل، طالما هي طاقات تحتاج الى تقنيات بسيطة وصغيرة ولا مركزية، اقل تلويثا واقل مركزية وأكثر محلية .
انطلاقا من هذه المعطيات، ينتظر ان تصبح قضية الطاقة، ولاسيما تلك المتجددة والنظيفة والمحلية والمستدامة، قضية المجتمع المدني بمؤسساته كلها وليست قضية بعض الجمعيات المتخصصة او الشركات المستثمرة او وزارتي الطاقة والبيئة. فكيف السبيل الى ذلك؟

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية