قراءة في كتاب :
الاستراتيجية الوطنية، برنامج العمل الوطني وإستراتيجية التمويل المتكاملة لمكافحة التصحر في الارض الفلسطينية المحتلة
اسم الكتاب: الاستراتيجية الوطنية، برنامج العمل الوطني وإستراتيجية التمويل المتكاملة لمكافحة التصحر في الارض الفلسطينية المحتلة
سنة الإصدار : 2012
عدد الصفحات: 187 من القطع الكبير
الناشر: السلطة الوطنية الفلسطينية، برنامج الامم المتحدة الإنمائي UNDP ، اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحر
عرض: ربى عنبتاوي
يلخص د. يوسف ابو صفية رئيس سلطة جودة البيئة مشكلة التصحر في فلسطين في كلمة مقتضبة وضعت كمقدمة لكتاب الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر الصادر باللغتين العربية والإنجليزية حيث هدف كتاب الاستراتيجية إلى التدخل الممنهج لمنع وإيقاف -حيثما كان ذلك ممكنا- آثار وتأثيرات التصحر وتدهور الاراضي والجفاف وذلك من اجل المساهمة في التخفيف من الفقر وتحسين سبل معيشة الناس والحفاظ على المصادر الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.
كما وأتت هذه الاستراتيجية منسجمة ومتناغمة مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالأمم المتحدة كاتفاقية مكافحة التصحر، اتفاقية التنوع الحيوي، وتلك الاطارية للتغير المناخي.
وبالرغم من اختزال د. ابو صفية في تعريفه للأرض الفلسطينية بـ"الضفة وغزة" خلافاً للتحليل الجغرافي العلمي الذي يتعامل مع الارض كمسطحات متواصلة تتأثر بالإقليم المحيط وليس بالتقسيمات الجيوسياسية المنفصلة، فقد جاء في كلمته: "تقع الارض الفلسطينية المحتلة في منطقة استراتيجية هامة في الشرق الأوسط، وتمتاز بتنوع الجغرافيا والظروف المناخية التي ساهمت في التنوع الحيوي النباتي والحيواني، وبحكم موقعها الجغرافي فإنها تتعرض لحدوث الجفاف وتدهور الاراضي والتصحر في معظم المناطق وخاصة السفوح الشرقية، كما أن غياب السيطرة الفلسطينية على الأرض نتيجةً لإجراءات الاحتلال الاسرائيلي في مصادرة الارض والمياه، وكذلك النمو السكاني العالي وتوزيع السكان في اراضي المناطق الجافة وشبه الجافة والصحراء، بالإضافة الى حدوث الجفاف ونقص التمويل، كل ذلك يزيد من خطورة تدهور الاراضي والتصحر".
ما هو التصحر؟
أما تعريف التصحر حسب اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي استند إليه كتاب الاستراتيجية فكان: "تدهور الاراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة والجافة شبه الرطبة، نتيجة عوامل مختلفة من بينها التغيرات المناخية والأنشطة البشرية". وفي الأرض الفلسطينية تترابط الاسباب والآثار والعواقب للتصحر مع بعضها بشكل كبير بحيث يصعب رسم صورة واضحة لها ويمكن تلخيص الأسباب ضمن الفئات الرئيسية التالية:
أولاً: الادارة غير المستدامة للموارد والمدخلات مثل: الرعي الجائر للمراعي، الضخ الزائد والاستنزاف للمياه الجوفية، انظمة وأساليب الزراعة والري غير الصحيحة والاستخدام المفرط للأسمدة والكيماويات، إزالة الغابات وحرائقها والتحطيب والتحضر والتعدين والتغير في انماط استخدام الاراضي.
ثانيا: العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتشمل: صغر الحيازات وتفتت الملكية والشيوع، تذبذب وارتفاع الاسعار (المدخلات والمخرجات) انظمة التجارة، ضعف مشاركة القطاع الخاص، الفقر وغياب الامن الغذائي، استخراج الرمل في المناطق الساحلية والمحاجر في الضفة الغربية.
ثالثاً: العوامل المؤسسية والقانونية وتشمل: ضعف ونقص التشريعات وضعف تطبيقها، ضعف القدرات المؤسسية للمؤسسات العامة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وضعف آليات التنسيق فيما بينها، ضعف الخدمات ونظم تقديمها لأصحاب العلاقة وخصوصا اصحاب الماشية والمزارعين، ضعف مشاركة مختلف اصحاب العلاقة في عمليات اتخاذ وصنع القرارات، نقص المعلومات والبيانات المناسبة، ضعف الوعي والتقدير السليم لدى الجمهور والإعلام والمشرعين وصناع القرار، ضعف الاهتمام وقلة الميزانيات المخصصة من السلطة الوطنية الفلسطينية والمجتمع الدولي للقضايا المتصلة بمكافحة التصحر، عدم وجود سياسات واستراتيجيات وطنية ملائمة وعدم تطبيق حوافز وأدوات تنفيذ مناسبة للسياسات، ضعف التعاون الاقليمي وعدم وضوح وتداخل المسؤوليات.
رابعا: العوامل الطبيعية وتشمل: تغير المناخ والعوامل الجوية، النمو السكاني والضغط على الموارد .
خامساً: العوامل ذات الصلة بالاحتلال الاسرائيلي وتتمثل بالسيطرة على المصادر الطبيعية، مصادرة الاراضي والمياه، المستعمرات الاسرائيلية ومعسكرات الجيش والطرق الالتفافية، جدار الضم والتوسع، تقسيم الارض الفلسطينية المحتلة الى مناطق ا ب جـ، القيود على حركة الافراد والتجارة والخدمات، تحمل هوامش اضافية على تكاليف المدخلات وأسعار المخرجات، تجريف الاراضي الزراعية واقتلاع الاشجار.
أبعاد التصحر
أما عن نتائج التصحر وتدهور الاراضي والجفاف في الارض الفلسطينية المحتلة، فقد لخصتها الاستراتيجية بـ:
زيادة انجراف وفقدان التربة، انخفاض انتاجية التربة وخصوبتها، انخفاض وتدهور الكتلة الحيوية والتنوع الحيوي وتعرض النباتات والحيوانات لخطر الانقراض، المساهمة في زيادة الاثار السلبية للتغير المناخي، زيادة جريان مياه الامطار وبالتالي المساهمة في الفيضانات، قلة انتاج الاغذية وزيادة انعدام الامن الغذائي وخاصة في المناطق الهامشية وبين الفئات الضعيفة، قلة الدخل وزيادة تكاليف الانشطة الاقتصادية وخاصة الثروة الحيوانية والزراعة، قلة الوظائف وزيادة الفقر والهجرة، زيادة الأعباء المالية والأمنية على الشعب والحكومة.
أما عن اطار العمل القانوني والتنظيمي لدى السلطة الوطنية الفلسطينية فقد جاء في كتاب الاستراتيجية التأكيد على اعتبار التصحر وتدهور الاراضي والجفاف من القضايا ذات الصلة بالبيئة والزراعة، لذلك فإن معظم المواد القانونية جاءت ضمن قانوني البيئة والزراعة على الرغم من ضعف تنفيذهم والتراخي في محاسبة المخالفين:
قانون الزراعة رقم (2) لعام 2003: يعرّف التصحر عل انه التراجع في القيمة الانتاجية لاستخدام الارض وذلك بسبب تغير المناخ والنشاطات البشرية، كما تنص المادة السابعة من البند (2) على أن مكافحة التصحر هي احدى مسؤوليات وزارة الزراعة بالتنسيق مع شركاء آخرين، وتحظر المادة 10 تحريك او نقل التربة لأغراض غير استصلاح وتحسين الأرض وتفرض المادة رقم (11) قيودا على البناء وتقسيم الاراضي الزراعية.
بالإضافة إلى قانون رقم 7 لعام 1999 بشأن البيئة حيث تنص المادة 17، أنه من اجل مكافحة التصحر وإيقاف تعرية التربة، فمن الممكن ان تتخذ وزارة البيئة بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات اخرى معنية، الاجراءات الضرورية لزراعة الاراضي البور، كما تحظر المادة 18 ازالة التربة إلا للأغراض المتعلقة بالزراعة لزيادة خصوبتها او لأغراض البناء.
أما بالنسبة لقانون المدن والقرى والبناء رقم 79 لعام 1966، فتحظر المادة 40 قطع الاشجار والزهور وتؤكد على معايير حماية الغابات، المتنزهات والأراضي الترفيهية وتتطلب استبدال الاشجار التي قطعت من مناطق الغابات.
الأهداف الاستراتيجية لمكافحة التصحر
وقد تمثلت الاهداف الاستراتيجية للمساهمة في تحقيق الهدف الاجمالي العام وغيره من الاهداف الوطنية والقطاعية، في:
رفع القدرات المؤسساتية والقانونية والبشرية واطر العمل لخلق بيئة سياسية تمكينية. تحسين اتجاهات اصحاب العلاقة وتعظيم المشاركة والشراكة للناس المتأثرين والقطاع الخاص. الحفظ والاستخدام المستدام للمصادر الطبيعية بعد سنوات من الاستنزاف والمصادرة وعدم الاستدامة بفعل الاحتلال حيث يشمل مكافحة التصحر في الارض الفلسطينية المحتلة التعامل معها بأسلوب شامل ومتكامل يتضمن الارض والمياه والغطاء النباتي والحياة البرية. وأخيراً تحسين نقل وكفاءة وفعالية المصادر المالية والتقنية المتوفرة لمكافحة التصحر وتدهور الاراضي والجفاف.
|