l الزراعات التقليدية في جنوب الخليل ساهمت في الحفاظ على تنوع النباتات النادرة
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
أيــــــــــــــار 2012 العدد-44
 
Untitled Document  

الزراعات التقليدية في جنوب الخليل ساهمت في الحفاظ على تنوع النباتات النادرة

زراعات بلدية تقليدية في الخليل

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

ما هي العلاقة بين عشرات أنواع النباتات النادرة الموجودة في المناطق الجنوبية من محافظة الخليل وبين الفلاح البسيط القابض على محراثه في قرى تلك المناطق؟  عندما يحرث الفلاح أرضه ويزرعها، فقد يبدو للوهلة الأولى بأنه يعمل على تغيير الأنظمة الطبيعية.  إلا أن التجربة الزراعية التقليدية في جنوب الخليل عبر العصور، تؤكد بأن أنماط الزراعة التقليدية القديمة المتوازنة والخالية من الكيماويات نجحت في الحفاظ على تنوع غني من النباتات النادرة؛ بل وفي غياب تلك الأنماط، يبدو من غير المؤكد أن تكون تلك النباتات قد استطاعت الاستمرار في الوجود ابتداء من المناطق الجبلية في شمال الخليل وحتى المناطق شبه الصحراوية في الجنوب؛ إذ من المعروف أن التحول من الأنماط الزراعية التقليدية إلى الحديثة (الكيماوية والممكننة) قد تسبب في القضاء على بيئات بعض النباتات النادرة.
وتتميز الزراعات الفلسطينية التقليدية بتنوع الانتاج وبالحصاد اليدوي للغلال، والحراثة غير العميقة باسخدام البهائم، وباستعمال المخصبات البلدية والعضوية.
وتعد المناطق الجبلية في الخليل الحدود الجنوبية والشرقية للغطاء النباتي البحر متوسطي في فلسطين.  وكلما اتجهنا شرقاً وجنوباً كلما تغيرت طبيعة النباتات؛ فتتسم أكثر بالسمات المميزة لنباتات شمال إفريقيا وآسيا، بل وللنباتات الصحراوية.  وتتواجد في تلك المناطق عشرات الأنواع النادرة؛ ينبت معظمها في الحقول الفلسطينية المزروعة بالطرق التقليدية.  كما توجد أنواع أخرى عبارة عن شجيرات شوكية قصيرة.  وقد نجد بعض الأنواع النادرة التي كانت تتواجد قبل عشرات السنين في منطقة القدس أيضا؛ إلا أن آثارها اختفت، منذ ذلك الوقت؛ فاعتبرت منقرضة.  ونذكر منها، على سبيل المثال:  البنفسج، وبصيل الغزال.  كما أن بعض الأنواع الأخرى النادرة والمتواجدة في مواقع معزولة بفلسطين، تنبت أيضا في الأرياف الخليلية التي لا تزال تتميز بآلاف الأنواع.  ومن المدهش حقا مشاهدة "زهرة الجرس" في ذات المنطقة بمحاذاة بعض كروم الزيتون والحقول المحروثة، علما بأن هذه النبتة وجدت في الماضي في بعض المواقع القليلة بالجليل.  وقد نجد أيضا في المساحات الزراعية التقليدية، مجموعات من قرن الغزال والفقوع السوري.  وينبت، كذلك، في ذات المنطقة "ذيل الخروف" (البَقَّم) الذي يعد من فصيلة البليحاويات والمتواجد بمواقع قليلة في فلسطين.  
والكثير من النباتات النادرة في منطقة الخليل عبارة عن نباتات حولية تترافق مع فترات الحصاد في الحقول، بل إن دورة حياتها تتلائم مع دورة العمليات الزرعية التقليدية؛ وبخاصة أن طرق الفلاحة التقليدية تتيح لمياه الأمطار التسرب والبقاء في التربة، فضلا عن توفير ظروف تهوية جيدة للنباتات النادرة في مناطق الخليل.  يضاف إلى ذلك أن الحراثة التقليدية تساهم في التخلي عن النباتات المنافسة؛ إلى جانب أن الظروف المناخية المميزة للمناطق الواقعة جنوب الخليل ساهمت في نمو العديد من الأنواع النادرة.
وفي الحقيقة، الأنماط الزراعية التقليدية التي اتبعها، عبر الأجيال، العديد من فلاحي فلسطين، وبلاد الشام إجمالا، لم تهمل أو تضعف الأراضي والترب الزراعية؛ بل لعب أولئك الفلاحون دورا هاما في الحفاظ عليها وفي الاستغلال الأمثل لتنوعها الحيوي.  ولولا الفلاحة التقليدية، لكانت التربة مشدودة، ما يعرقل نمو النباتات البرية.  كما أن الحراثة الميكانيكية بواسطة المعدات الثقيلة تؤذي بشكل مباشر النباتات البرية.
إلا أن للزراعات التقليدية، بعض الأبعاد السلبية؛ وبخاصة ممارسات الرعي الجائر الذي قد يتسبب في تآكل الأنواع النادرة.  لذا، لا بد من التحكم في مدى الرعي بمناطق جنوب الخليل، وفي ذات الوقت، تشجيع الفلاحة التقليدية، ودعم الفلاحين الذين يتبعون الزراعات التقليدية.  ومن الأهمية بمكان الشروع بعملية جمع منظمة لبذور الأنواع النادرة بهدف الاحتفاظ بها في بنوك البذور الفلسطينية القائمة، على تواضعها.

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية