خلال ندوة العدد المرئية: ندوة العدد تُلاحق السموم الغذائية التي تطارد أطفالنا
مختصون يدعون لزيادة الرقابة والتوعية والعودة إلى الطبيعة
|
خاص بـ"آفاق البيئة والتنمية"
دعا مختصون ومسؤولون في الصحة والتغذية إلى تكامل الجهات الرقابية والتشريعية للوصول إلى نظام سلامة غذائية متوازن. وطالبوا بتشجيع المنتجات الخالية من المواد الحافظة والمضافة والأصباغ، بموازاة تعزيز سلوك العودة إلى الطبيعة ومنح الأطفال الغذاء السليم، وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك على نطاق أوسع.
وأوصوا خلال ندوة "آفاق البيئة والتنمية"، في ثالث ظهور مرئي لها بالتعاون مع تلفزيون وطن، بمتابعة موضوع الأغذية لحساسيته، مؤكدين أن نحو 90% مما هو موجود في السوق المحلي يتوافق والمواصفات والمقاييس الدولية.
وطالبوا بزيادة الرقابة على الأغذية، ورفع عدد طواقم العاملين فيها، ووقف التباين بين الجهات الرسمية في منع أو السماح ببعض أغذية الأطفال، بجوار إطلاق قائمة سوداء بالمواد الكيماوية الضارة الممنوع استخدامها.
وحث مدير دائرة البيئة والتغذية في وزارة التربية والتعليم د.معمر شتيوي، ورئيس جمعية حماية المستهلك المهندس عزمي الشيوخي، ونائب مدير عام جمعية المواصفات والمقاييس المهندس محمد السيد، ومدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة، المهندس إبراهيم عطية، على التعامل مع السلع الإسرائيلية التي تغزو أسواقنا بالمثل، عبر إخضاعها لفحوصات وإجراءات مماثلة لما يفرضه الاحتلال على دخول منتجاتنا الوطنية إلى أسواقه.
تحقيق أخضر
وسبق الحوار البيئي، الذي أداره الصحافي والباحث عبد الباسط خلف، عرض تحقيق لتلفزيون وطن، أثبت وجود مسليات ومشروبات غازية تمنعها وزارة التربية والتعليم في مدارسها، عبر زيارة 6 مدارس في محافظة رام الله، تبين أن أربع منها لا تلتزم بتعليمات الوزارة، وتتداول المواد المحظور بيعها للتلاميذ. مثلما قدم شهادات مصورة عن تلاعب بعض مصانع رقائق البطاطا "الشيبس " في المقادير التي تسمح بها الوزارة. وكشف أن الطلاب يتناولون من كيسيين إلى 3 أكياس شيبس يوميا، بعد انقطاعهم عن تناول الطعام لنحو 14 ساعة في اليوم الواحد.
وفي السياق ذاته كشف التحقيق الاستقصائي عن كتاب صادر عن مدير التربية والتعليم أيوب عليان موجه للمدارس الحكومية والخاصة بتاريخ 25 أيلول 2011 تحت عنوان المقاصف المدرسية ، يحتوي على الأغذية الممنوع بيعها داخل المقاصف المدرسية، ومنها المشروبات الغازية بمختلف أنواعها، مشروبات الطاقة، المشروبات من أصل الفاكهة والتي تقل نسبة العصير الطبيعي فيها عن 10%، ورقائق شيبس البطاطا ومنتجات الذرة المنقوشة، والمارشميلو وراس العبد والجلي، إضافة للعلكة والبذور المملحة والسكاكر المحتوية على محليات وألوان صناعية .
وبينت جولة ميدانية مفاجئة لمدرسة عين مصباح الأساسية في مدينة رام الله، وجود أنواع غذائية محظورة، ما دفع صاحب المقصف فور رؤيته للكاميرا إلى محاول تخبئة المواد الممنوعة، ومنع الطاقم من التصوير .
فيما قال مدير عام شركة الشعراوي للسكاكر، أحمد الشعرواي إن نسبة المبيعات قبل قرار الوزارة المتعلق بمنع الشيبس كانت في الضفة تتراوح ما بين 45 إلى 50 %، وبعد قرار الوزارة انخفضت نسبة المبيعات حتى وصلت إلى أقل من 15 % داعيا الوزارة إلى إعادة النظر بقرارها .
|
مشاركون في ندوة السموم الغذائية |
وعي غائب
وقال المهندس عطية إن وزارة الصحة تنصح بالمطبخ الطازج، والمنتج الخالي من الإضافات، كعادة غذائية يومية، لكن الوعي الذي يمتلكه أطفالنا حول الأغذية التي تصلهم ليس مرتفعاً، كما أن الصناعة محكومة بمعايير دولية لا تنحصر بفلسطين، ويحكمها دستور الأغذية العالمية.
وأضاف: "وجود المُضافات والمواد الحافظة في الأغذية جاء لاحتياجات تكنولوجية للتصنيع، وهي مسألة منتشرة في العالم كله، وتخضع لضوابط أهمها تناسب كميتها مع جسم الإنسان، وتُتابع وتُراقب، غير أن السؤال يتمثل في كيفية وصولنا إلى مرحلة نبتعد فيها عن هذه المنتجات".
حقوق المستهلك
وذكر الشيوخي أن للمستهلك الحق في اختيار السلعة التي يريدها، ما دامت غير مضرة بالصحة، وخاضعة لشروط الجودة والصحة، وبعيدة عن الغش والغبن. وطالب وزارة التربية والتعليم بعدم الاكتفاء بمنع دخول سلع إلى مدارسها، وإنما بإجبار أصحاب المقاصف على إدخال أصناف محددة ومفيدة كالألبان ومشتقاتها.
وأضاف: "أحدثنا حراكاً في الأسواق خلال عامين، بعد أن كانت راكدة، ووصلنا إلى مرحلة جيدة من تنظيم الأسواق، لكنها تحتاج إلى المزيد من الجهود، وبخاصة لضبط ومراقبة التجار الجشعين، الذين يغرقون السوق المحلي بالسلع الفاسدة والتالفة".
ودعا الشيوخي إلى وقف التضارب الحاصل في مواقف الوزارات الرسمية، وبخاصة في منع السلع داخل المقاصف المدرسية؛ لأن هذا يؤدي إلى خلق إشكاليات كبيرة.
مرجعية
وأعاد المهندس محمد السيد، عجلة الزمن إلى الوراء، ذاكراً إطلاق مؤسسة المواصفات والمقاييس في العام 1996، حينما بدأت بالعمل دون وجود أي مرجعية، وبدأت بوضع مواصفات ومقاييس كانت أولها للمرتديلا، بموجب دستور الأغذية الدولي، الذي أقرته منظمة الأغذية والزراعة والصحة العالمية. مثلما بدأت بتبني مرجعية التشريعات الأوروبية في قضية الإضافات المسموح بها، وإن كانت التشريعات اليابانية أكثر تشدداً، ومن هنا ينشأ الخلاف حول حظر بعض السلع في دول دون غيرها.
وأضاف: "ألزمنا بالإعلان عن مضافات الغذاء، بوضع بطاقة بيان، تحدد المواد الحافظة إما بالاسم أو الرقم، وأي شيء يخالف بعدم وضع نسبة المسموح بها، أو إخفاء مضافات حتى لو كان مسموح بها، يحاسب على ذلك".
لكن السيد، اقر بوجود معيقات أمام مؤسسته كجهة تشريعية، كعدم القدرة على تغطية الرقابة على الأسواق كلها، أو الغش والتلاعب من قبل البعض، وعدم السيطرة على المعابر. وقال: "نحن كمرجعية تشريعية تقدمنا كثيراً، ونخضع للأنظمة الموجودة عالمياً".
إغراء
وأشار معمر شتيوي إلى أن المواد المضافة إلى الأغذية تهدف إلى إغراء الأطفال، وإظهارها بشكل مختلف، ومنحها لوناً جديداً، ومعظمها مضرة، لكنها مقبولة عالمياً ضمن تركيز معين، ولا يُسمح بإدخالها إلى المدارس، إلا وفق معايير محددة، كالتزامها بالمواصفات والمقاييس.
وذكر أن "التربية والتعليم" أصدرت دليل المقاصف المدرسية، الذي وقّعه وزراء: التربية والصحة والاقتصاد الوطني، وفيه المواد المسموح بها والممنوعة داخل المدرسة. كما أنها "التربية والتعليم" تطلق برامج توعية للطلبة والأهالي، وتسير في برنامج تغذية لـ190 ألف طالب، تشمل كوب حليب وبسكويت مدعم بالحديد والمعادن والعناصر الغذائية، وتتعاقد مع جمعيات نسوية لإنتاج مأكولات ومعجنات خالية من الأصباغ والمواد الحافظة والصناعية.
معايير
وقال مدير دائرة البيئة في وزارة الصحة، إن المواد المضافة وضعت ضمن معايير إلزامية، ويمنع وضعها على الألبان والأجبان، مثلما سعت الوزارة إلى تأسيس مختبر للصحة العامة بكلفة تراوحت بين 40 و50 مليون دولار، للبدء بفحص المواد الكيماوية، وأخذ عينات من السلع المنتشرة في الأسواق، وفي حال تلقينا أي شكوى، نتعامل معها، ونتمنى من المواطنين الانتباه إلى بطاقة البيان، التي تعرف بالسلع ومكوناتها.
وأكد الشيوخي أن الرقابة المنتشرة في الأسواق رسمية وشعبية، مذكرا بأن"حماية المستهلك" لاحقت تجاوزات مسؤولين ووزراء، وقدمت لوائح اتهام ضد بعضهم كوزيري الاقتصاد الوطني، حسن أبو لبدة، والزراعة إسماعيل ادعيق، وهي "لا تخشى في الحق لومة لائم."
احتلال وجشع!
وتابع الشيوخي: "المستهلك الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال الذي ينهب أرضه ويضيق عليه من جهة، وسندان التاجر الجشع الذي يسعى لزيادة أمواله على حساب تحويل الأسواق إلى مكبات للنفايات من بضائع فاسدة ومواد مسرطنة".
وأضاف بأن أغلب المصانع الإسرائيلية يكون لها أكثر من خط إنتاج، واحد منها مخصص للسوق الفلسطيني، وفيه الكثير من المضافات والمواد التي تشكل خطراً على الصحة، وخاصة في صناعات الألبان والأجبان.
وأكد السيد أن المصانع المحلية تشكو من تعدد الجهات الرقابية، فيما تتطوع بعضها للحصول على شهادات في الأنظمة الغذائية العالمية، وأنظمة السلامة الغذائية، لكن الجهات الرقابية لا تستطيع أن تغطي الأسواق كلها، بسبب سيطرة الاحتلال على الحدود والمعابر.
دراسات
وقال: "يجب أن تتوافر لدينا دراسات تعالج مستوى استهلاك الفرد للمواد الملونة والأصباغ والمضافات الأخرى، لفحص مدى استمرارها في نطاق مسموح به عالمياً، والذي يقاس بنسبة ملي غرام قياساً بوزن جسم الإنسان؛ لأنها مثل الدواء. ويمكن لجمعيات حماية المستهلك أن تتحول إلى أداة رقابية فعّالة ومؤثرة".
وكشف الشيوخي عن غياب الموازنات لجمعية حماية المستهلك، وأنها تدفع من جيوب موظفيها لاستمرار العمل، وحمّل الحكومة مسؤولية عدم دعمها، رغم ما تقدمه من دور فعّال وملاحقات للمتلاعبين.
مهام خضراء
وعدد شتيوي المهام التي تسعى وزارة التربية والتعليم لتحقيقها، من خلال تحسين البيئة المدرسية والمقاصف، وبرامج التوعية والتثقيف في الغذاء، والتنسيق مع جمعيات وأطر نسوية لتزويد المقاصف بمعجنات وأغذية طبيعية، وتشجيع المدارس على إنتاج حاجتها من خضروات للمقاصف ذاتيا، كحال 20 مدرسة ضمن مشروع ممول، و20 أخرى بمبادرات ذاتية، عدا عن سياسات وتشريعات وتنسيق مع جهات مختلفة لوضع قوائم لما هو مسموح أو ممنوع في المدارس، كالمشروبات الغازية، والشيبس.
وأوضح أن "التربية" ستفرض حظراً على الشيبس و"البمبا" العام القادم، حتى في حال كونها مطابقة للمواصفات والمقاييس، وقد حظي قرارها بدعم مؤسسات صحية غير حكومية، ومختبرات الجامعات، وستتوجه إلى جمعية حماية المستهلك لتنسيق الجهود.
وقال: "إن الشيبس يحتوي على نسب دهون مرتفعة، وزيوت مهدرجة، ويتناوله الأطفال بعد نحو 14 ساعة من الجوع، دون أن يُقدم لهم قيمة غذائية، ويضر بصحتهم ونموهم".
مهما زعمت مصانع الأغذية أنها ملتزمة بالمعايير والمواصفات والنظافة وما إلى ذلك، فيبقى الأساس أن الأولوية الأولى والأخيرة لهذه المصانع،وهدفها الأول ومبرر وجودها وديدنها هو الربح والربح والربح لا غير، وإلا فعليها أن تغلق أبوابها ...
كميليا البنا
لا يمكن محاربة السموم الغذائية ومنعها من السوق ما دام أن وكلاءها تربطهم خيوط قوية من المصالح مع متنفذين في السلطة .
سناء حسن
|