هل ما نشهده من موجاتحر هنا وفيضانات هناك، حرائق هنا وأوبئة هناك... هو الدليل على تغير المناخ فعلا؟ يمكن الإجابة بنعم. فهذه الظواهر المناخية، هي ما كان يحذر منه خبراء المناخالمكلفون من الأمم المتحدة في تقاريرهم منذ العام 1995 والدراسات من قبل كبارالعلماء منذ العام 1988، بأن هذه الظواهر هي جزء من السيناريوهات والتحذيرات التيتحدثت عنها تلك التقارير عندما كانت تنبه إلى ان ظاهرة تغير المناخ العالمي هيظاهرة "إنسانية" ناجمة عن حضارة الإنسان المتقدمة، لا سيما عن تراكم الانبعاثات فيالغلاف الجوي والمنبعثة من الأرض، ولا سيما من احتراق الوقود الاحفوري لإنتاجالطاقة.
بالإضافة إلى جواب "نعم"، يمكن الإجابة بـ"لا". المناخ لم يتغير، بلنحن الذين تغيرنا. فعلى المستوى الشعبي، نحن تغيرنا فعلا. اعتقدنا لوهلة أننا حققناتقدما ملحوظا عندما "تكيفنا" مع التغيرات المناخية باستخدامنا للمكيفات، فحوّلناالحر برودة صيفا، والبرد حرارة شتاء. وبقدر ما "نجحنا" في التكيّف، فقدنا القدرةعلى التحمل خارج أنظمة التكييف في الغرف والسيارات. وهكذا بات يمكن القول أيضا، معالتسليم بمسألة تغير المناخ، ان كل شكوى اليوم من زيادة الحر، هي ناجمة عن ضعف فيالتحمل والتكيف عند الإنسان الحديث المتكيف، أي الذي يعيش في نظام مكيف.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث البعض اليوم عن المضار الصحية للتكييف الاصطناعي،ويشكو البعض من آلام في أنحاء مختلفة من الجسم نتيجة تقلص العضلات بسبب الانتقالالسريع من أجواء الحر إلى أجواء التكييف، إلا أن أحدا لا يستطيع أن يتكهن أيضا بماسيكون تأثير التكييف على إنسان المستقبل، على عظامه ودماغه وأجزاء أخرى من أعضاءجسمه. لا أحد يستطيع التكهن ما ستكون عليه تأثيرات استخدام التبريد في الأنظمة المفرطةفي التكييف على نظام الجسم الإنساني عامة.
إلا أن تقارير خبراء الأمم المتحدةتتحدث عن سيناريوهات أكثر تعقيدا لآثار تغير المناخ، من زيادة حرارة الأرض وذوبانالجليد وزيادة الفيضانات وغيرها من المظاهر المناخية المتطرفة. وهناك سيناريوهاتتتحدث في حصيلتها عن فقدان التنوع وعن إمكانيات جدية لحدوث تغييرات في نظام الأرض،والتي يمكن ان ينجم عنها تغييرات كونية، وظهور أمراض وأوبئة جديدة وسريعة، يمكن ان تتسببفي تهديد وجود النوع الإنساني نفسه، قبل ان يستطيع العلم والطب الحديث ان يفكشيفرتها، وان يلحق بتلك التغييرات السريعة.
ان يقال ان ظاهرة تغير المناخ يمكنان تتسبب في فقدان بعض الأنواع في الطبيعة وفي المساس في فكرة التنوع، فهي نتيجةبغاية الخطورة وتتطلب تأملات عميقة ومتأنية من قبل علماء وفلاسفة العالم علىالسواء. فالعالم و (الطبيعة) بالتعريف هو عالم التنوع والاختلاف والتعدد، وماكانت محاولات الإنسان للتوحيد والبحث عن الكوني والجوهري في الأشياء سوى محاولاتلتسهيل فهم العالم والتكيف معه وليس لتغييره. وما اللجوء إلى الرموز والتجريدوالبحث عن المعادلات والقوانين إلا محاولة للفهم والعلم، وليس للسيطرة والتحويل فيقوانين الطبيعة وفرض القوانين الإنسانية عليها. فكيف يطلب اليوم من العلم، نتاجالتحدي لقوانين الطبيعة، ان يعالج الاختلالات المناخية الناجمة أصلا عن ذاك التحدي؟ كيف يمكن لعلم، شعر يوما بالتفوق، وسخر من التفسيرات الماورائية للظواهرالمناخية -التي كانت تعتبر ان العواصف وموجات الحر هي بمثابة غضب إلهي- ان يواجهاليوم سخرية الطبيعة منه، وإمكانية تفسير ما يحدث بمثابة غضب الطبيعة نفسها منالتصرفات الإنسانية وادعاءاتها العلمية؟ فهل تغير الظواهر المناخية المستجدةومشكلة تغير المناخ من نظرتنا إلى العلم والحضارة والتقدم، كما غير العلم من نظرتناإلى الطبيعة يوما؟
التعليقات
مجلة افاق البيئة و التنمية
الصفــحة الرئيسيـــة
لماذا آفاق البيئة والتنمية
منبر البيئة والتنمية
الراصد البيئي
مشاهد بيئية
أخبار البيئة والتنمية
أصدقاء البيئة
أريد حلا
مبادرات بيئية
تراثيات بيئية
قراءة في كتاب
سياحة بيئية وأثرية
البيئة والتنمية في صور
أسرة افاق البيئة و التنمية
أعداد سابقة / الارشيف
كُتَابُنا
رسائل القراء
للاشتراك
الاتصال بنا
روابط
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية
يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.)أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء). ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة. الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
نلفت انتباه قرائنا الأعزاءإلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء منالمجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكرالمصدر .
توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة