نيسان 2009 العدد (13)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

April 2009 No (13)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

> اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

لقاءات حوارية:

تقرير حقوقي: إسرائيل ارتكبت جريمة حرب بحق البيئة في قطاع غزة

مزارعون:  الاحتلال مارس سياسة الارض المحروقة بحق الأراضي الزراعية

أم ابراهيم:  الاحتلال قتل أرضي وسأعمرها من جديد

 

سمر شاهين / غزة

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

يقول المزارع أبو احمد "57" عاما: "لقد خسرت أرضي الزراعية كلها بلا استثناء فالاحتلال لم يجرفها ويقتلع أشجارها فقط وإنما عمل على تلويث تربتها بالمواد الكيماوية والمشعة والفسفور الذي استخدمه.  ونحن بدورنا قمنا بدفن الفسفور الأبيض داخل التربة لأننا لا نعرف كيف لنا أن نتعامل معه، لاسيما أنه كان يشتعل كلما تعرض للهواء".

نعم، وكأن الشمس لامست الأرض فحرقتها..وغيبت الأشجار عن الوجود فأضحت صحراء قاحلة لا يعرف اللون الأخضر عنوانا فيها..هكذا بدت الأراضي الزراعية في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي بدأت شراراتها في 27 كانون الأول واستمرت على مدار 22 يوما استهدفت الإنسان والشجر والحجر وأي استهداف.

المزراعون لسان حالهم بات بقول لا أرض ولا زرع وسنين طويلة تحتاجها الأراضي لتعود إلى ما كانت عليه ..إنها سياسة الأرض المحروقة بحق الأراضي الزراعية التي تعد المصدر الاساسي للعمل لدى الفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة الذي فرض عليه حصار مشدد منذ ما يزيد على عامين وحرم من كافة حقوقه.

و تكبد مزارعو قطاع غزة ، لاسيما القابعين في المناطق والبلدات الحدودية المتاخمة للبلدات والمستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، خسائر مادية كبيرة جراء تجريف قوات الاحتلال آلاف الدونمات خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

وأدت عمليات التجريف إلى حرمان آلاف المزارعين من مزاولة عملهم وتوفير لقمة العيش لأطفالهم وذويهم، إلى جانب تدمير القطاع الزراعي في المناطق الحدودية بشكل كبير وتلويث الأراضي بالمواد الكيماوية المختلفة .

 

مصادر حكومية

وقالت مصادر حكومية: "إن الاحتلال جرف آلاف الدونمات في المناطق والبلدات الحدودية خلال الحرب، إضافة إلى تدمير المنشآت والمباني الزراعية وآبار المياه وشبكات الري".

وأكدت هذه المصادر في حديث لـ"آفاق البيئة والتنمية" على أن القطاع الزراعي تلقى ضربة كبيرة جداً جراء الاعتداءات الإسرائيلية واقتلاع آلاف الأشجار المثمرة وخاصة القريبة من الشريط الحدودي، مشيرة إلى أن الأراضي الزراعية المدمرة تحتاج لسنوات طويلة من أجل إعادة إعمارها واستعادة خصوبتها.

ونوهت إلى أنها قامت بحصر أضرار المزارعين وتسعى جاهدة حالياً لتعويضهم على مراحل عن خسائرهم الفادحة جداً، مناشدة الدول العربية والإسلامية مساعدة المزارعين المتضررين لتمكينهم من إعادة إعمار أراضيهم المجرفة.

" آفاق البيئة التنمية" تجولت في كل من شمال وجنوب القطاع والتقت عدداً من المزارعين كما قامت برسم صورة حية للواقع المظلم الذي تعيشه الارض الفلسطينية، حيث أشار المزارعون في المحافظة الجنوبية إلى أن قوات الاحتلال قامت بتجريف وتدمير مئات الدونمات الزراعية في المناطق الحدودية، مؤكدين أنهم تكبدوا خسائر تقدر بملايين الدولارات جراء عمليات التجريف.

وأكدوا أن قوات الاحتلال شنت حرباً شرسة وممنهجة ضد القطاع الزراعي في البلدات الحدودية شرق محافظة خانيونس، بهدف القضاء عليه وتكبيده خسائر فادحة لإجبار المزارعين على هجر أراضيهم حتى تكون فريسة سهلة للمصادرة، مشددين على أنهم سيبقون صامدين فوق أراضيهم المجرفة ولن يتخلوا عنها مهما فعل الاحتلال وسيعودون لتعميرها.  مشيرين إلى أن الموسم الزراعي لهذا العام دمر بشكل كامل بفعل الإجراءات والممارسات الإسرائيلية.

 

فقدت أرضي بدقائق

وقال المزارع أبو موسي الأسطل:  "فقدت أرضي في دقائق معدودة وتكبدت خسائر كبيرة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، مشيراً إلى أنه أصبح عاطلاً عن العمل بعد أن فقد مصدر رزقه الوحيد، ولن يتمكن من توفير الطعام والشراب لأفراد أسرته البالغ عددهم 11 فردا.

ووصف ما جرى لأرضه بالصدمة الكبيرة له ولأفراد أسرته، مؤكداً أن الاحتلال استخدم سياسة الأرض المحروقة ضد الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية، مضيفا أن المزارعين في المناطق الحدودية بحاجة لسنوات عديدة حتى يتمكنوا من إعادة أراضيهم المدمرة الى ما كانت عليه، مؤكداً أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة استهدفت بشكل كبير القطاع الزراعي والمزارعين لزيادة معاناتهم اليومية ولضرب القطاع الزراعي في قطاع غزة.

وبين أن المزارعين لم يفقدوا أراضيهم فحسب بل منازلهم كذلك وأصبح الكثير منهم مشردا بلا مأوى، داعياً إلى إعلان المناطق الحدودية مناطق منكوبة وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لها لتعزيز صمود المواطنين والمزارعين فيها.

وناشد المزارعون عبر "آفاق البيئة والتنمية" الهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بالمجال الزراعي دعمهم ومساندتهم والعمل على مناهضة ممارسات الاحتلال التي تتبع سياسة الأرض المحروقة تجاه القطاع الزراعي.

وتشير الإحصائيات إلى أن خسائر قطاع الدفيئات الزراعية بلغ ملايين الدولارات، واصبح معظم أصحاب هذه الدفيئات بلا عمل واراضيهم تشتكى الى الله حالها المدمر.

وقالت مؤسسات زراعية إن 8 آلاف مزارع و12 ألف عامل أصبحوا عاطلين عن العمل بعد توقف الدفيئات عن العمل والعدد مرشح للزيادة في المحافظات الجنوبية.

صندوق وطني

بدوره دعا عاشور اللحام، رئيس جمعية المزارعين الفلسطينيين إلى إنشاء صندوق وطني لدعم المزارعين المتضررين والعاطلين عن العمل، ومحاولة التخفيف من معاناتهم المستمرة منذ عدة سنوات.

وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه العقوبات الجماعية التي تفرضها قوات الاحتلال على القطاع، والتي ساهمت في تدمير القطاع الزراعي، وإحالة آلاف العمال إلى البطالة وزادت من معدلات الفقر والجوع مما ينذر بكارثة إنسانية.

واتهم قوات الاحتلال بسعيها الدائم لتدمير الاقتصاد الفلسطيني من خلال تواصل اعتداءاتها وسياسة إغلاق المعابر.

وتتواصل جولتنا جنوب القطاع حيث تعتبر بلدة الفخاري الواقعة شرق محافظة خان يونس التي يسكنها 10 آلاف مواطن، من أكثر المناطق التي اتخذها جيش الاحتلال الإسرائيلي مسرحاً لعملياته العدوانية، لمحاذاتها للشريط الحدودي، حيث لا يفصلها عنه سوى أراض زراعية مفتوحة، عمل على تجريفها وحرقها .

وعمدت قوات الاحتلال إلى تجريف وتدمير ما يزيد على 226 منزلا، ، بالإضافة إلى تجريف مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الشتوية والأشجار.

 

عملنا الرئيس

يقول المزارع أبو احمد الذي يعيل اسرة مكونة من 14 فردا ما بين طفل وشاب:  "أرضي كانت المصدر الأول والرئيس في إعالة أسرتي حيث كنا نعمل على زراعة الخضروات البيتية بين اللوزيات واشجار الزيتون، أما اليوم فأصبحنا بلا مصدر دخل وننتظر على طابور المساعدات والكوبونات التي لا تغني ولا تسمن من جوع".

وأضاف هذا الرجل الذي اشعل الشيب رأسه:  "انظري إلى أرضي كأن الشمس لامستها فحرقتها عن بكرة أبيها وأصبحت حقول الأشجار أثرا بعد عين، الاحتلال أشد قسوة من حراراة الشمس فهو دمرها وجعلها أرضا عاقرا" وفق قوله.

وقد أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أطلق قذائف (الفوسفور الأبيض) بصورة غير مشروعة على مناطق ذات كثافة سكانية عالية في قطاع غزة خلال هجومه الأخير على القطاع مما أسفر عن استشهاد وإصابة مدنيين بصورة غير ضرورية.

وقالت المنظمة في تقرير لها صدر يوم الأربعاء 25-3-2009 :  "إنها استشهدت باستخدام جيش الاحتلال (للفوسفور الأبيض) كدليل على ارتكاب جرائم حرب وأن الجيش كان على علم بأن الذخائر تهدد مدنيين، لكنه عن عمد أو إهمال واصل استخدامها حتى الأيام الأخيرة من العملية التي جرت بين 27 كانون الأول و18 يناير كانون الثاني في انتهاك لقوانين الحرب".

ويشتعل (الفوسفور الأبيض) عند اتصاله بالأوكسجين ويواصل الاشتعال إلى درجة حرارة تصل إلى 816 مئوية حتى تنفد الكمية أو يمنع عنه الأوكسجين, والذي عادة ما يستخدم لإطلاق ستائر من الدخان ولكن قد يستخدم أيضاً كسلاح ويسبب حروقاً بالغة إذا ما لامس الجلد.

ويسكن بلدة الفخاري عائلات عدة، وهي عائلة العمور، عائلة عطايا، عائلة عقل، عائلة شراب، عائلة العويطي، عائلة شموط، عائلة الفرا، وعائلة عمران.

ويقول المزاع حسين عقل من ذات المنطقة:  "يا ويلي على أرضي لقد جرفت ودمرت بل وحرقت على مرأى ومسمع من العالم أجمع (...) شقاء العمل كله ضاع في لمح البصر، ولم يعد بمقدوري اليوم توفير ولو حزمة من الخضار الطازج الذي كنت أوفره ليل نهار لأبنائي من أرضي الطيبة".

 

الأرض ضحية للعدوان

وشمال القطاع وتحديدا في عزبة عبد ربه حيث يمتلك المزارع محمود هو وأسرته عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية التي كانت ضحية ضمن ضحايا العدوان الاسرائيلي الذي استهدفها بصورة مباشرة وستبقى آثار استهدافه لعشرات السنوات جراء استخدام المواد الكيماوية وذلك وفق الأخصائيين البيئيين.

ويقول عبد ربه وهو يمسك بحفنة من التراب:  "انظري ماذا حل بأرضي، أرضي هذه هي في درجة الحب والاعتزاز كأبنائي ولا خلاف أو فرق بين الاثنين، لقد كانت مزروعة جلها بأشجار الحمضيات، فجرفتها دبابات الاحتلال، واجتثتها من جذورها، قبل أن تصليها بقذائف الفسفور الأبيض".

ويقول عبد ربه "60" عاما:  "الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف في الماضي بمصادرة أراضينا، فهذه الأراضي التي على امتدار البصر وتقبع خلف سياج حديدي هي أراضينا التي صادرها الاحتلال (...) اليوم يعود لما تبقى من هذه الأرض بحوزتنا ويعمل على حرقها نعم حرقها، لتئن تحت وطأة التدمير والتجريف بل والتلوث...".

ويضيف:  "في الماضي كان الاحتلال يدخل المناطق الحدودية يجرف الأراضي ثم يخرج وكنا نعمل على إعادة زراعتها وتسويتها ، أما في هذه الحرب التي وصفها بالعينة، فإنه دمر ودمر ودمر إلى أن  أصبحنا لاجئين ومشردين للمرة الثالثة داخل قطاع غزة.

ويضيف وعيونه امتلأت بالدموع:  "الدونم الواحد يكلف إعادة إحياؤه خمسة آلاف دولار ما بين تشجير وآبار مياه وشبكات ري، وسياج".

 

الفسفور الأبيض

"الأرض غير صالحة للزراعة الآن، ولا أفكر في وضع أي فأس في الأرض، لا أعلم كم من العمر ستبقى الأرض جرداء قاحلة".  بهذه الكلمات تحدث المزارع أبو خميس دبور من بيت حانون، حين سألناه عن مدى تأثر أرضه بالفسفور الأبيض.  وأضاف:  "الاحتلال كسر حياتنا ودمر كل ما نملكه ويعيننا على هذه الحياة الصعبة التى تزداد قساوة بفعل ممارساته التي لاتتوقف عند حد معين".

ويذكر أن القانون الدولي يسمح باستخدام ذخائر (الفوسفور الأبيض) في الأماكن المفتوحة فقط, إلا أن جيش الاحتلال أطلقها "بصورة غير مشروعة" على أحياء ذات كثافة سكانية كبيرة فقتلت وأصابت مدنيين ودمرت أبنية مدنية بينها مدرسة وسوق ومخزن للمساعدات الإنسانية ومستشفى، وحرقت الأراضي وهددت حياة الناس لسنوات عديدة.

ويقول:  "انظري ولينظر العالم كله، هذا الشجر ليس له ثمن.. هل تعلمي ماذا يعني أن تفقد شجرة عمرها 45 عاماً.. نعم كبرت أنا وهي معاً، هل حين تفقد ولدا لك تغنيك عنه أموال قارون.. لا لن يجدي ذلك نفعاً".

وتابع قائلا:  "يتسع الدونم الواحد لأربعين شجرة وفق هندسة الزراعة الحديثة، الجو غير صحي للإنسان أو الحيوان والنبات، لن تعود الأرض إلى سابق عهدها حتى على عهد أولاد أولادي".

واشار إلى أن الأرض باتت تعاني من ويلات الاحتلال وقال:  "الطبقة الأولى في وجه الأرض على عمق أقل من متر، هي سر العطاء، وقد جرفت، ودفن في باطنها شظايا فسفورية، لا زالت تشتغل حتى الآن".

وبدوره يؤكد عمر نبهان وهو يقف على أعتاب أرضه التي احترقت بصورة كلية:  "نحن جميعا في عائلتنا المكونة من 9 افراد نعتمد على هذه الأرض، وعملنا فقط منوط داخلها واليوم اصبحت الأرض قاحلة، ونحن غير قادرين على الاستمرار.  قبل سنوات عدة تم تجريف أشجار ليمون وحمضيات عمرها 60 عاماً.. قمنا بزراعتها مجدداً، وهذا العام كنا على بعد أيام من جني الثمرة الأولى، قبل أن تشتعل الحرب".

واتهمت مؤسسة حقوقية فلسطينية قوات الاحتلال الإسرائيلي بإلحاق أضرار شاملة وخطيرة بالبيئة الفلسطينية خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة، من خلال استخدام مختلف أنواع الأسلحة الكيميائية والمشعة والمحرمة دولياً ضد المدنيين، مثل استخدام الفسفور الأبيض واليورانيوم المخضب والعناصر المشعة والأسلحة الغريبة التي تستخدم لأول مرة وتجرب على المواطنين المدنيين الفلسطينيين.

 

مؤسسة حقوقية

وأشار تقرير أصدرته مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، وتلقت "آفاق البيئة والتنمية " نسخة عنه، إلى التعديات الواقعة على القطاعات والمرافق الحيوية مثل قطاعي المياه والصرف الصحي من حيث تزود المواطنين الفلسطينيين  بالمياه وتلوث مصادر المياه، والتسبب في مخاطر فيضان محطات ومناهل الصرف الصحي، وتدمير مشاريع المياه والصرف الصحي القائمة والتي هي قيد الإنشاء.

وقال التقرير: "إن العدوان الإسرائيلي، طال قطاع النفايات الصلبة والآثار البيئية الخطيرة، وتسبب فيها تكدس وتراكم آلاف الأطنان من النفايات في طرقات وشوارع وأزقة قطاع غزة، بسبب عدم التمكن من ترحيلها ونقلها إلى مكبات النفايات وعدم قدرة تحرك آليات وشاحنات النفايات الصلبة في ظل استمرار العدوان الحربي الإسرائيلي، بالإضافة إلى "الأضرار التي لحقت بالتربة إثر التجريف الواسع الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية، والتعدي على المنشآت الزراعية والمحاصيل الزراعية الأخرى، فضلاً عن إعدام الطيور والحيوانات وأثره على الصحة العامة والبيئة".

ونوه التقرير إلى المخاطر التي سببها استخدام قوات الجيش الإسرائيلي  للصواريخ والقنابل الإرتجاجية على التربة والمنشآت خلال العدوان على قطاع غزة، إضافة إلى تلوث الهواء بكثير من المواد الكيميائية والخطيرة التي زادت من نسب التلوث الواقعة عليه أصلاً، فضلاً عن الأضرار البالغة التي وقعت على البيئة جراء اشتعال عدد كبير من الحرائق خلال فترة العدوان الإسرائيلي على القطاع، إضافة إلى تحلل مئات الجثث التي تعود لضحايا العدوان وتعفنها تحت الأنقاض لعدة أسابيع، ومنع وصول سيارات الإسعاف لنقلهم للمستشفيات".

وأكد التقرير أن "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من الجرائم التي ترتقي إلى جرائم الحرب بحق مليون ونصف مليون مواطن مدني فلسطيني، فقد انتهكت تلك القوات انتهاكاً غير مسبوق جميع حقوق الإنسان، وضربت بعرض الحائط جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية المواطنين المدنيين والأعيان العامة والخاصة في وقت الحرب على رأسها المادة 55 من اتفاقية جينيف الرابعة للعام 1949".

وأكداً أن تأثيرات هذا العدوان الإسرائيلي "ستمتد لفترة طويلة، وسيتم اكتشاف هول الكوارث البيئية والصحية في المستقبل القريب، حيث تم انتقاص حق المواطن الفلسطيني في العيش في بيئة صحية وسليمة ونظيفة إضافة لانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف".

وطالبت المؤسسة الحقوقية الفلسطينية "المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار وفتح جميع معابر قطاع غزة بشكل فوري وعاجل، وإدخال جميع الحاجات والمستلزمات الطارئة للمرافق الصحية والبيئية للحد من المخاطر البيئية والصحية القائمة، بما يشمل إدخال جميع أنواع المحروقات والأدوات وقطع الغيار اللازمة لقطاعات المياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة وقطاع الإنتاج الحيواني والزراعي لتصليح ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية بشكل عاجل".

وناشدت الضمير المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 القيام بالتزاماتها، واتخاذ إجراءات فورية لوقف دولة الاحتلال وسلطاتها عن الاستمرار في انتهاكاتها بحق المواطنين المدنيين والبيئة الفلسطينية في قطاع غزة، ودعت إلى إعمال نص المادة الأولى من الاتفاقية لضمان احترامها ووقف الاعتداءات على المواطنين المدنيين وممتلكاتهم".

وشددت على ضرورة "إجبار إسرائيل على السماح لجميع الخبراء والمختصين في المجال الصحي والبيئي من الدخول إلى قطاع غزة للكشف عن المكاره البيئية والصحية التي ألحقها العدوان الإسرائيلي بالبيئة ومكوناتها الأساسية، ووضع حد للقيود التي تمارسها إسرائيل على دخول وفود المنظمات والمؤسسات الدولية ذات العلاقة إلى قطاع غزة".

ودعت مؤسسة الضمير الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان "للتحقيق الفوري في الكوارث البيئية الذي نفذها الجيش الإسرائيلي بحق كل من البيئة ومكوناتها، إضافة إلى جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين، وملاحقة المسئولين عن اقترافها".

 

وفاة أرضي

ومن جانبها تحدثت المزارعة أم إبراهيم من جباليا البلد قائلة: "لقد ضاع حلمي وحلم أبنائي بأرضنا التي كانت تمثل لنا مصدر الرزق الوحيد(...) الأرض حرفت والأشجار ماتت والأبقار والمواشي نفقت ".

وتضيف أم إبراهيم (57) عاما:  "لقد مات زوجي قبل 25 عام وترك لي خمسة أبناء ومن هذه الأرض التي أعلن عن وفاتها بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي كنت أعيلهم وأربيهم، ولقد ربيتهم على حب الأرض والتفاني من أجلها لأنها مصدر رزقهم الوحيد وهي التي أغنتهم عن التسول والعوز".

وتشير إلى أن الاحتلال كبدهم الخسائر في أغلى ما يملكون وهي أرضهم التي حرقت بصورة شبة كلية.

وتبقى الأرض الفلسطينية الحلم الكبير لدى المزارعين بصورة خاصة وسكان القطاع بصورة عامة لأنها مصدر رزقهم الرئيس وهي التي تساهم في توفير ما يحتاجونه من طعام ...رسالة نوجهها من "آفاق البيئة والتنمية " العمل على الحفاظ على أراضينا وصيانتها والمحافظة عليها وإعادة إعمارها من جديد أيا كانت الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية، لأنه مهما طال الزمن فإن الأرض ستبقى لأصحابها.

 

للأعلىé

 
     

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.