نيسان 2009 العدد (13)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

April 2009 No (13)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

شخصية بيئية:

ناديا البطمة: تراث وبيئة وتنمية بالتوارث..

 عبد الباسط خلف:

 أبصرت ناديا البطمة النور في العام 1949 في بلدة بتير جنوب غرب القدس. عُرف والدها حسن مصطفى(1914-1961) برائد التنمية والإصلاح والقروي، فتأثرت بأفكاره ومواقفه.

 تروي: كان لفكر أبي التنموي ومواقفه الوطنية وإنجازاته الأثر الكبير في تشكيل معالم شخصيتي، وما زلت أتذكر كيف كان ينظر والدي لمفهوم"العونة"، العادة الاجتماعية التي حولها لعمل راق ونافع، دون انتظار عائد مادي، كما كان كاتباً وبيئياً، مثلما أحب الأرض.

والد ريادي

  تسترد بعضاً من التفاصيل عن والدها الراحل، فهو الذي اعتبرته منظمة اليونسكو بأنه صاحب مشروع تنموي مجتمعي، كان الأكثر نجاحاً في الوطن العربي، وتفوق في تصنيفه على مشروع التربية الأساسية التي أقامته وقتئذ، في "سرسليان" بمحافظة المنوفية المصرية.

 تقول: كان والدي مهتمًا بتعليم المرأة، فأنا ابنته الوحيدة ولي أخ وحيد(مازن)، فالتحقت بدار المعلمات، وبدأت بالتدريس وأنا ابنة سبعة عشر عاماً، وفي العام 1975، عدت ثانية إلى مقاعد جامعة بيت لحم، لدراسة اللغة الإنجليزية، وقتئذ، كنت أمًا لثلاثة أولاد: جواد(8 سنوات)، وسامية( 6 أعوام)، وريم التي لم تكمل ستة أشهر، لكنني لم أكمل المهمة، وحاولت إعادة التجربة مرة أخرى في أوائل التسعينيات، لكن الرياح جرت بخلاف ما اشتهته السفن.

 كان طموح السيدة ناديا مواصلة التعليم، لكنها سرعان ما نزلت في سن مبكرة من عمرها إلى الميدان وتألقت كمعلمة، وشجعت الفتيات على التعليم، وحققت ذاتها كمدرسة متميزة، وامتلكت إحساسًا بالمسؤولية.

معلمة لا نمطية

 تعيد البطمة عجلة التاريخ إلى الوراء، لتروي: أنشأت حديقة للمدرسة، واستحدثت أجزاء من بناء الصفوف لغرض الممارسة التطبيقية، فأسست بتبرعات جمعتها  ثلاث وحدات للمطبخ وللتعليم المنزلي، ووحدة رعاية صحية، وأخرى للاهتمام بالأطفال، كما استثمرت المدرسة لمحو الأمية، والصناعات المنزلية، والصحة، والعلوم الحياتية، وزرعنا الحديقة بأصناف الأشجار، وأسست نادي الفلكلور في المدرسة، وأنشأت لاحقاً جمعية خيرية باسم والدي.

  مما يُحسب لها أنها أطلقت حملة داخل بلدها لاستثمار أجزاء مهدمة وتحويلها إلى مركز ثقافي ومتحف وقاعة عامة.

 اتجهت أم جواد إلى الكتابة، واقتربت من مجلة "التراث والمجتمع"، التي كانت تصدر عن جمعية إنعاش الأسرة، ونشرت العديد من المقالات والدراسات، لكن دراسة تحدثت فيها عن أقدم نظام للري في فلسطين، تحولت لمرجع هام، لدرجة أنها صارت مرجعاً وحيداً لطالب دراسات عليا.

  توالي استناداً إلى ذاكرتها: في أواخر الخمسينيات، كنت طفلة، وشاهدت احتفالاً أطلقه والدي في يوم الشجرة، باسم"الشجرة الخالدة"، كان يوزع حينئذ مع الأشجار بطاقة معايدة خضراء.

 نفذ والدها الراحل حملات تشجير عديدة في كل عام، واقترب من المناطق غير المستغلة في الزراعة، واستصلحها.

 

توثيق

  تعكف اليوم السيدة ناديا على إصدار كتاب يتحدث عن الفصول الأربعة في التراث البيئي، إذ يشير إلى مواسم السنة من وجهة نظر تراثية، ويتحدث عن الأمثال الشعبية المتصلة بحالات الطبيعة من مطر و ندى و صيف وزراعة وحصاد وتوقعات جوية.

 تقول: في الكتاب، سأتطرق إلى القدرة التي تمتع بها الأجداد في التنبؤ الجوي، وعلاقتهم بالظواهر الطبيعية، وكيف استثمروا حركة الطيور المهاجرة، ومواضع النجوم في التعرف إلى الظواهر القادمة.

 تتابع:  من المهم أن نتحدث عن الفلاح الفلسطيني المتمرس، الذي يعيش الجو الوجداني الذي يؤسس لعلاقة تفاعل مع الطبيعة المحيطة به، وأن نشير إلى الأهازيج والأغاني الوطنية التراثية التي نسجها الفلسطيني من وحي عشقه لأرضه وما عليها.  

   تروي: كل شيء تغير بسبب الإنسان لدرجة أن العجوز حسن حسين البطمة، لم يصدق أنه شاهد لأول مرة في حياته خلال موسم الزيتون الماضي، كيف أن الشجرة المباركة ذابلة من شدة الجفاف.

شرط بيئي

 طلبت أم جواد من مهندس البيت الذي شيدته وعائلتها في سردا الملاصقة لمدينة رام الله، أن يخصص لها مساحات لزراعة أشجار ونباتات، لاعتقادها أن بيتاً بلا حديقة لا يمكن لإنسان يهوى الطبيعة ويحبها أن يعيش فيه.

  تتابع: زرعنا الجهة المقابلة لمنزلنا من الشارع، وصار الصحافيون الذين كانوا يتوافدون للمكان خلال إقامة الاحتلال للحواجز العسكرية، يلتقطون صورًا للمساحات الخضراء، كما أن الحديقة ذاتها تحولت لخلفية تظهر في القنوات الفضائية لمحلل سياسي يسكن في المكان.

  تتقن البطمة فن تحضير المأكولات الشعبية التراثية وأطباق الحلوى، وحرصت على نقل أجزاء من مهاراتها لقراء مجلة جمعية إنعاش الأسرة.

 تروي: نضفي على موائدنا الطابع التراثي، ولا نقدم لأصدقاء أولادي الأجانب الذين يزروننا في مواسم عديدة، ويشاركوننا في قطاف الزيتون، غير مأكولات شعبية منتجة محلياً تستهوي إعجابهم.

 حرصت أم جواد على ارتداء الزي الفلسطيني خلال فترة تدريسها التي استمرت حتى العام 1997، كما أن لديها مجموعة من الثياب والمطرزات الوطنية، وكتبت عن الأبعاد النفسية والاقتصادية والاجتماعية للثوب الفلسطيني، وتحرص على التعريف بالمنتجات التراثية الخالية من الكيماويات، وتشارك زوجها في هوايته  بتربية النحل.

نظام للري

  نقتبس مما كتبته  السيدة نادية عن أقدم نظام ريّ وتوزيع للمياه في فلسطين:  " تميزت قرية بتير عن غيرها من قرى فلسطين بأن حظيت منذ الأربعينيات من القرن الماضي برعاية أحد أبنائها، رائد تنمية المجتمع في فلسطين والأردن والعالم العربي رائد "العونة" والعمل التطوعي في سبيل المصلحة العامة، حيث قام المرحوم(والدها) في 13 آب 1950 بأول مشروع يتعلق بالري قبل الهجرة في عام 1948 بمد قناة الماء من العين إلى أسفل الوادي بدل القنوات الترابية، وكانت عين بتير في عهد الانتداب قد ضبطت ماءها في مواسير ومحابس معدنية من الفولاذ والحديد والنحاس، فكان المشروع الثاني في أيلول عام 1950 بعد النكبة بأن وضع حسن مصطفى الحجر الأول في بناء عين بتير ومدرجاتها على شكل يليق بالنبع الكريم من الحجر  الأحمر المسمسم. والأحواض الرخامية. وقد زين البناء المرحوم (سلامة أحمد سلامة) واجهة العين بحجر وثق عليه أبناء القرية ذكرى تجديد البناء فخط على هذه اللوحة اسم مجددها وتاريخ التجديد اعترافا منهم بفضل فاعله وحسن صنيعه؛ وفي 13 آب 1950 هوت أول ضربة فأس معلنة بدء العمل في طريق بتير ومبشرة بقرب ارتباط القرية بالعالم بعد عزلها عن فلسطين السليبة والاستيلاء على محطة القطار وخط سكة الحديد من القدس شمالا إلى يافا غربا؛ وطريق بتير ربطت القرية عبر الجبال الوعرة مرورا في قرية الخضر ثم ببيت لحم وانتهى هذا العمل في 28 شباط 1951."

 

   aabdkh@yahoo.com

للأعلىé

 
 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.