مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
نيسان 2013 - العدد 53
 
Untitled Document  

قراءة في كتاب :

أجندة "التعليم البيئي": بحث عن العدالة الخضراء وانحياز للتوعية

عبد الباسط خلف:

أصدر مركز التعليم البيئي المنبثق عن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، أجندة 2013، وحملت عشرات العناوين الخضراء، التي سلطت الضوء على العدالة البيئية في فلسطين، وسبرت غور التنوع الحيوي، ولاحقت نهب الاحتلال للمياه، وأشارت إلى الاحتباس الحراري، وعالجت الأمن الغذائي، وراقبت المبيدات الكيماوية، وتتبعت النفايات الصلبة، وسلطت الضوء على الصرف الصحي، وواكبت التصحر، عدا عن استعراضها لمداولات مؤتمر التوعية والتعليم البيئي الثالث في فلسطين،  وفعاليات شهر البيئة الذي أطلقه المركز نهاية العام الفارق.
وعرضت الأجندة، القضايا ضمن منهجية من أربعة محاور: التعريف النظري، والحال في فلسطين بالأرقام، والخطوات الواجبة محلياً، وما يحاول المركز تنفيذه لتغيير المشهد القاتم في فلسطين.
وحفلت الصفحات بنصوص عربية وإنجليزية، قدمت إطلاله على المشهد الفلسطيني، ووثقت بالأرقام ما تواجهه البيئة من تحديات بفعل الاحتلال، ولم تغفل عن نقد الممارسات المجتمعية الخاطئة، وروجت للبدائل المنزلية الصديقة للبيئة.
ورصدت الأجندة بالصور، مشاهد من فلسطين تحكي قصة البيئة بحلوها ومرها، فيما اشتملت على العديد من الأبواب كالأرض في التسمية الشعبية، ولاحقت الأمثال الشعبية التي  تناولتها، وقدمت ارتفاعات المدن والتجمعات الفلسطينية عن سطح البحر، إذ يتربع جبل الجرمق بالمقدمة، فيفصله عن البحر 1208 أمتار. ونقلت المسافة بين مدن فلسطين التاريخية، ومنها، نجد أن المسافة بين بانياس وأم الرشراش( إيلات) تبلغ 599 كيلومتراً.  كما زخرت بجداول التحويل بين الأوزان والمقاييس، والمساحات، والحجوم والأوزان والمكاييل ودرجات الحرارة  وغيرها، ومنها نجد أن السنة الواحدة تساوي 525948 دقيقة و8765 ساعة.
وحمل أحد الأبواب قصة خمسينية الشتاء: حكايات "ساخنة" تكشف قسوة البرد! وفي التفاصيل: ما أن يحل شهر شباط إلا ويشتعل حنين الثمانيني محمد الحاج يوسف لما نقله له والده من قصص شعبية، لخّصت أسباب التسمية لخمسينية الشتاء أو ما يُعرف بـ"السعودات: سعد الذابح، وبلع، والخبايا، والسعود.
يقول: مما عرفته من والدي قبل مماته، وكبار السن أيام زمان، أن رجلاً اسمه سعد سافر في الأول من شباط وعندما اشتد البرد ذبح ناقته واحتمى بجلدها حتى انتهى البرد، فيما لم يقبل من رافقوه فعل الشيء نفسه، فحافظوا على قطعان إبلهم، فجرفتهم مياه الأمطار في الوديان، فيما ظل سعد على قيد الحياةً.‏
ووفق روايات شفوية أخرى تنتشر في صفوف كبار السن كحال الحاج يوسف، فإن جماعة من البدو خرجوا للصيد في عهد بني أمية في خمسينية الشتاء، وتعرضوا لمطر وابل أهلك معظمهم، ولم ينج منهم إلا القليل، ومن بينهم رجل اسمه سعد. ولما عادوا إلى مضاربهم سأل أبو سعد عن ابنه فقالوا له: سعد ذبح ناقته واختبأ بها ثم ابتلعت الأرض الأمطار، فأفرجت وخرج سعد من مخبئه ومن هنا جاءت التسمية .‏
وتتابع الأجندة: تقول قصص أخرى إن سعداً كان في طريقه للسفر فنصحه أبوه أن يتزود بفراء وقليل من الحطب اتقاء لبرد محتمل، فلم يسمع نصيحة أبيه ظنا أن الطقس لن يتغير كثيرا أثناء رحلته، وفي ذلك الوقت كان دافئا، ولكن ما أن بلغ منتصف الطريق هبت ريح باردة وهطل مطر وثلج بغزارة، ولم يكن أمامه سوى ذبح ناقته الوحيدة، حتى يحتمي بأحشائها من البرد القارس، وعندما ذبح الناقة سمي سعد الذابح.‏
ويكمل الحاج يوسف، كما تؤكد حكايا شعبية أخرى تختلف قليلاً في التفاصيل: بعد أن جعل سعد جلد الناقة بيتا له، جاع، و لم يجد أمامه سوى لحم الجمل للأكل وهكذا كان سعد البلع، وبعد أن انتهت العاصفة وظهرت الشمس خرج سعد من مخبئه، فرحا بالحياة مجددا بسبب ذكائه في التصرف فكان سعد السعود، وحرصا منه على متابعة طريقه دون مشاكل صنع لنفسه معطفا من وبر الناقة، وحفظ زادا له من اللحم المتبقي من الجمل بواسطة الثلوج، فكان سعد الخبايا.‏
واستناداً إلى الحاج يوسف الذي أبصر النور في عام 1927، فإن سعد بلع يعني أن الأرض تبلع كل المطر الذي يهطل عليها، أما سعد الخبايا، فيشير إلى انتشار ما تخفيه الأرض من قوارض وأفاعٍ، فيما يعني سعد السعود، انتشار الحياة في عود الأشجار، وبداية تفتح براعمها وإزهارها .
ويقول الإصدار: لكن قصصا توردها كتابات شفوية شامية، تقول إنه في قديم الزمان خرج شخص من منزله ويدعى (سعد) إلى الحقل برفقة بقرته، وفي هذه الأثناء هبت عاصفة قوية وبرد قارس مع ثلوج غزيرة فلم يستطع سعد العودة إلى بيته.‏ فحزنت أمه كثيرا، فقال لها والده: لا تحزني، وتأكدي: سعد إذا ذَبح، فلن يُذبح، وإن لم يذبح فسيُذبح وفعلاً عاد سعد بعد فترة إلى منزله وهو متلحف بجلد البقرة.‏
غير أن هذه الحكايات غير الموثقة بسند تاريخي دقيق، جاءت بناء على تقلب أحوال الطقس، فسعد الذابح يعني القاسي لأنه معروف بشدة برودته، وسعد بلع لأن الأرض تبلع مياه الأمطار أو بسبب جفاف المياه بفعل الرياح، وسعد السعود بسبب بدء ارتفاع حرارة الجو، وسعد الخبايا هو خروج الحشرات بعد السبات الشتوي.‏
ويبدأ، وفق الحاج يوسف سعد ذابح من 1 - 12 شباط، وقالوا فيه: سعد ذابح ما بخلي كلب نابح‏. أما سعد بلع فوقته من 13 - 25 شباط. وقالوا فيه: "سعد بلع لا زرع ولا قلع، وبسعد بلع السما بتشتي والأرض بتبلع". ويحل سعد سعود من 25 شباط - 10 آذار، وقالوا فيه: " بتتحرك الماوية في العود"، ويحل سعد الخبايا من 10 - 22 آذار، وقالت فيه الأمثال الشعبية: "سعد الخبايا بتتفتل فيه الصبايا، وبسعد الخبايا .. اشلح الفروة والبس العباية".‏
وسعت الأجندة الخضراء إلى التعريف كل شهر بزهرة من فلسطين، كما قدمها كتاب د. عثمان شركس( أزهار من أرض بلادي)، فنثرت قصة الغوصلان الأبيض، والبلان والعلت، وتتبعت حكاية الزعرور والبسباس، وكف الدب، وناب الجمل، وقريص الجاجة،  واللبيد الأبيض، وعنب الحية، وزعفران السهول، وغيرها.
وجاء التعريف بالأسماء العلمية واللاتينية والشائعة، ووصف للنبتة، وفترات إزهارها، والتوزيع الجغرافي لها، واستعمالاتها الطبية والشعبية.
ومما قيل عنه:  يتميز شجر الزعرور هذا بأزهاره البيضاء، وهو من أكثر أنواع الزعرور انتشارا في بلادنا مقارنة مع الزعرور أحمر الثمار وزعرور آدم. ويصل ارتفاع شجرته ما بين1,5-5 أمتار. تتساقط أوراق هذه الشجرة في فصل الشتاء وثمارها تشبه التفاح الصغير. وهي من النباتات الحرجية الشوكية، ومن الأنواع التي تعاني من التحطيب، وتلك المحمية.  أما فترة الإزهار: فهي من شهر آذار حتى نهاية نيسان
وهو من الأنواع المميزة لجبال فلسطين الوسطى والسهل الساحلي ويقل انتشاره في السفوح الشرقية، حيث يكون متراميا وغالبا ما كان يزرع في محيط القرى كحد أو علامة على قطعة أرض، حيث يقال: "شجرة الزعرور هي الحد".
بينما يستعمل شراب أو مستحلب الزعرور في علاج أمراض القلب المتوسطة الشدة، وما يرافقها كأعراض مرضية مثل الذبحة الصدرية وتصلب الشرايين وضغط الدم والدوار وتحسين سرعة دقات القلب، يقال: "الزعرور غذاء القلب".
وجسدت صفحة الغلاف حال فلسطين المنهوبة بأرضها، ورغم جدار الفصل العنصري، يحمل طفلان زيتونة في طريقهما لغرسها رغم وقاحة الجدار ومن يقف خلف إقامته. وصمدت عبارة: نزرع أملاً، لاختزال الإصدار.

التعليقات

عرض التقرير رائع والجهد كبير، الأجمل تفاصيل ومحتوى الدليل مشكورين

هاني

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية