مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
آذار 2013 - العدد 52
 
Untitled Document  

قراءة في كتاب :

قراءة في كتاب "التغير المناخي... التشخيص والتوقعات والعلاج"

اسم الكتاب: التغير المناخي... التشخيص والتوقعات والعلاج
عدد الصفحات: 220 من القطع المتوسط
الناشر: مؤسسة هنرش بل الألمانية، شركة قدمس للنشر والتوزيع
سنة الاصدار كانون أول- 2010

مراجعة:  ربى عنبتاوي

"بالرغم من ان الدول العربية لا تسهم إلا قليلا في التغير المناخي العالمي، فلا بد من مساندتها في مسألة ضمان تطور اقتصادياتها بطرق تحمي البيئة، ومقابل ذلك يجب على الدول العربية المصدرة للنفط، التي ترفض الاسهام البناء في مفاوضات التغير المناخي، ان تقوم بإيضاح مشاركتها في تحمل المسؤولية حيال الدول المجاورة على نحو اقوى من ذي قبل". هذا ما كتبته ليلى الزبيدي في مقدمة كتاب     "التغير المناخي" عن مكتب هنرش بل في بيروت.
وأضافت: "العالم العربي باحتياطاته الغنية من الشمس والرياح يضم امكانات كبيرة كامنة وممكنة لاستخدام الطاقات المتجددة وتصديرها،  كما ان تطوير هذه الطاقات يمكن ان يدفع بالعلوم وفرص العمل في المنطقة قدماً".
يقدّم هذا الكتاب المؤلف من قبل الألمانيين: شتفان رامستوف، باحث في معهد بوتسدام للأبحاث حول تأثيرات المناخ، وهو استاذ فيزياء المحيطات في جامعة بوتسدام، وهانز يواخيم شلنهوبر، مؤسس ومدير معهد بوتسدام للأبحاث ومستشار شؤون المناخ لدى الحكومة الاتحادية . يقدّم لمحة مقتضبة ومفهومة عن الوضع الراهن لمعرفتنا حول المناخ، ويعرض طرقًا للحل، محاولاً في معظمه الاجابة عن سؤالين: ما الذي يترتب أن يفهم من كلمة "التغير المناخي"، وما العوامل التي تعد مسؤولة عن المناخ؟ كما يتيح نظرة شاملة عامة، تسهل قراءتها على الخبير او القارئ غير المختص، والأهم أنه يفضي لمناقشة عامة حافلة بالتنوع في وجهات النظر.
وفق التقديرات الخاصة بالخيارات، ناقش الكتاب في مقدمة النسخة العربية: "سوف يتأثر العالم العربي تأثراً شديدا بالتغيرات المناخية اللاحقة، وما يجب توقعه أن التغيّر المناخي غير المكبوح الجماح سوف يزيد وطأة المشكلات البيئية القائمة في هذه المنطقة من العالم، وسوف يؤدي تراجع نسب المتساقطات، مع اقتران هذا التراجع بمستوى أعلى وأشد لتبخر الماء نتيجة درجات الحرارة الأعلى في المنطقة التي تعد قليلة المياه على أي حال، الى مآزق دراماتيكية. أما ما يواجه التهديد الأكبر والأخطر فهو النظم الزراعية، وهو بعبارات أخرى دخل الأعداد الكبيرة من السكان وأمنهم الغذائي الحيوي. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والأوضاع المناخية الأخرى لن يترتب عليها ألوان من تدمير البيئة فحسب، بل سيترتب عليها أيضًا اضطرابات اجتماعية، ونزوح وهجرة، وصراعات أخرى" .
وقد ركز الكتاب على نتائج الابحاث في السنين الأخيرة والتي تشير الى ان احترار الارض سيتواصل بسرعة اكبر بعد مما كان متوقعا، وان نتائجه يمكن ان تكون بعد ذلك، اكثر دراماتيكية مما كان يجري التكهن به، ومن تبعات التغير المناخي التي اشار اليه الكتاب: انكماش الكتل الجليدية الازلية، انحسار البحار المتجمدة في القطب الشمالي، ذوبان طبقات الجليد السرمدي، ذوبان الدرع الجليدية في غرينلاند والقطب الجنوبي، ارتفاع مستوى سطح البحر، تغير التيارات البحرية، حالات الطقس المتطرفة، التأثيرات في النظم البيئية، التأثير على الزراعة والأمن الغذائي، انتشار الامراض.

مفتاح الدول العربية
ووفق ما ورد في الكتاب فيما يخص الشرق الأوسط، فقد تم الاشارة إلى إن أحد المفاتيح الرئيسية لحل المشكلة المناخية يلعب دوراً كبيراً في المنطقة العربية الاسلامية التي تتميز بإمكانات هائلة من اجل تحصيل الطاقات القابلة للتجديد وتخزيتها، فمصانع توليد الطاقة من حرارة الشمس في صحاري الشمال الافريقي او الشرق الادنى يمكن ان تكفل من حيث المبدأ تزويد البشرية بالطاقة، ومثال ذلك ابراج تيار الهواء المتصاعد ومن ثم ابراج تيار الهواء النازل، وسيكون الشرط الاولي السابق طبعا استثمارات هائلة في البنى التحتية، ليس اخرها شبكات النقل البعيد للتيار المستمر، وسيكون ما يمكن مقارنته تاريخيا بالمطلق، بالجهود المبذولة لبناء قناة السويس والسد العالي، وما يستحق التنويه ان شبه جزيرة سيناء تتيح الشروط الضرورية لثورة في الطاقة من اجل اسلوب اقتصادي صناعي خالي من الفحم، بما يتوافر فيها من أفضل الشروط الاولية الضرورية للاستفادة من طاقة الرياح عالمياً وما يتوافر فيها خصوصا في دول الخليج، ومنها مصادر الطاقة القابلة للتجديد على نحو لا يكون معه قابلية للاستنفاد، والمساحات الهائلة من الاراضي غير المستعملة، والكتل العملاقة من رأس المال التمويلي الصالح للمناورة، والطاقات العلمية والتكنولوجية الآخذة في التنامي بسرعة، وبهذه الانعطافة في مضمار الطاقة يمكن التغلب بشكل نهائي على مشكلة اولئك المرتهنين في المنطقة، أي المرتهنين للنقص في المياه، وذلك ان تحلية مياه البحر لا يمكن ان تجري على نطاق واسع وعلى مدى بعيد إلا بالطاقات القابلة للتجديد.
الكتاب الذي يعتمد اسلوب السرد المعلوماتي حول المناخ منذ مظاهر الحياة الأولى إلى عصرنا الحاضر وحتى التوقعات المستقبلية، يساهم في تثقيف الجمهور وإطلاع صناع القرار في ألمانيا أولاً والعالم ثانياً على هذا الموضوع، فكان عبارة عن محاضرات وجيزة تبسط مبادئ العلم عبر مائتي صفحة.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية