مزارعون يتحدون جرافات الاحتلال بالدفيئات الزراعية
|
دفيئة زراعية نموذجية في خزاعة جنوب قطاع غزة |
سمر شاكر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
"رغم قسوة الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التي تستهدف الأخضر واليابس، في المناطق الفلسطينية بصورة عامة، والحدودية بصورة خاصة.. ورغم الدمار والتجريف الذي حل بالأراضي الزراعية في منظفة خزاعة جنوب القطاع، إلا أنني عملت على اعمارها من جديد في رسالة تحدٍ لجنود الاحتلال، مفادها أننا لن نتخلى عن الأرض مهما بلغت وحشيتكم". بهذه الكلمات بدأ المزارع لؤي عبد الكريم قديح الحديث عن تجربته في إعادة بناء دفيئته الزراعية التي تبعد كم واحد عن الحدود مع الداخل المحتل.
ويقول قديح "33" عاما: "لقد دمر الاحتلال نحو 150 دونما زراعي هنا" وهو يشير إلى ارضٍ زراعية جزء منها يضم دفيئات زراعية وأخرى بقي التجريف فيها سيد الموقف".
ويشير الرجل صاحب الوجه المصبوغ باللون الحنطي من الشمس إلى أنه يحضر إلى هنا يوميا مرتين، وبرفقته والدته أو زوجته وأطفاله للعمل داخل الدفيئة الزراعية.
ست ساعات يقضيها قديح يوميا وهو داخل الدفيئة الزراعية التي أقامها على مساحة "1000" متر مربع، ويلفت لـ"افاق البيئة والتنمية"، إلى أن تجربته في الزراعة بالدفيئات أفضل بكثير من زراعة الأراضي المفتوحة أو الطبيعية، وذلك من حيث تكاليف الزراعة وتقليل استخدام المبيدات الحشرية، وأحيانًا تلف النباتات في فصل الشتاء؛ بسبب الصقيع والأمطار الغزيرة.
ويشير إلى أنه أصبح يمتلك خبرة كبيرة في إدارة الدفيئات، مُنوهًا إلى أنه خضع لعدة دورات تدريبية ليتعلم كيف يقوم بإدارة الدفيئة وزراعتها، ومُواجهة كافة المشاكل التي يُمكن أن تعترض طريقه.
ويقول قديح: "الآن أعمل على زراعة هذا الدونم من أرضي بالطماطم؛ فهذا الوقت هو موسمها، وقد كلفني إقامة الدفيئة قرابة 7 آلاف دولار، أما تكاليف عملية الزراعة فقد وصلت إلى 5 آلاف شيقل"، مشيرًا إلى أن المربح الصافي يصل إلى 10 آلاف شيقل وأكثر.
خضرة وماء
ويضيف وهو يتجول داخل الدفيئة الزراعية وهو ما يعرف بـ"الحمامات الزراعية: " ازرع محاصيل مختلفة بجوار الطماطم لبيعها في الأسواق إضافة إلى الاستخدامات البيتية (…) إنني ازرع الثوم في الشتاء، والخيار والفلفل وبعض الأعشاب العطرية كالنعناع والريحان، وهو ما يوفر عليه من مصاريف المنزل ما يقارب 500 شيقل".
وعلى مقربة من الدفيئة الزراعية أقام بركة لتجميع مياه الأمطار فيها؛ لاستخدامها في ري المزروعات، وهو ما يوفر عليه مصاريف المياه اللازمة لعملية الري، إضافة إلى إقامته بركة لتربية الأسماك من نوع بلطى حيث يمتلك 3000 سمكة.
وتحظى الدفيئات الزراعية باهتمام كبير من قبل المزارعين في مختلف مُحافظات قطاع غزة؛ لقدرتها على توفير الدخل لبعض الأسر، إضافة إلى كونها مصدرًا غذائيًّا لهم، بحسب منسق مشروع تطوير الأمن الغذائي من خلال بناء القدرات الذي ينفذه مركز العمل التنموي / معا في قطاع غزة.
ويوضح أبو حطب انه تم تقديم مستلزمات الدفيئات الزراعية للمزارعين، إضافة إلى الإرشاد المستمر والتوعية وزيادة الخبرات لديهم.
ويعمل كثير من المواطنين على زراعة أراضيهم بمختلف أنواع الخضراوات؛ أملًا في أن توفر لهم عائدًا ماديًّا مناسبًا، إضافة إلى توفير أكثر من 50% من الخضراوات التي يحتاجون إليها لمنازلهم.
وحسب مزارعين فإن أشتال الطماطم تستمر دورتها لمدة تسعة أشهر ويتم القطف منها أسبوعيا، على خلاف أشتال الطماطم التي يتم زراعتها في المناطق المفتوحة حيث تنتهي فترتها بعد شهرين فقط.
|
رغم ما أعملت الآلة العسكرية الصهيونية من دمار وتجريف في أراضي المناطق الحدودية جنوب قطاع غزة إلا أن المزارعين الفلسطينيين هناك مصرون على تحدي الاحتلال بمزيد من العمل الزراعي |
ربح وفير
ويوضح المزارع أحمد أبو علي (35 عامًا) من ذات المنطقة أنه يزرع دونمين من الدفيئات الزراعية بالطماطم والخيار والفلفل، لافتًا إلى أن الطماطم للتجارة والبيع، أما الخيار والفلفل فهما للاستهلاك العائلي فقط.
ويؤكد أن زراعة الدفيئات الزراعية تساهم في زيادة الإنتاج أكثر من الزراعة في الأراضي المفتوحة، وأنها تمنع وصول الحشرات المضرة بالخضراوات، خاصة حشرة "توتا أبسلوتا" التي تصيب الطماطم.
ويشرح تجربته مع زراعة الأرض المفتوحة فيقول: "عملت في السابق في زراعة الأراضي المفتوحة، وكذلك في الدفيئات الزراعية، ومن خلال المقارنة بينهما يمكن القول إن الدفيئات تحقق ربحًا أكبر للمزارع، وتقلل بشكل كبير من الخسائر التي يمكن أن تلحق به".
ويشير إلى أن الأرض المفتوحة بحاجة إلى عناية أكبر، واستخدام كميات كبيرة من الأدوية والمبيدات الحشرية التي يمكن أن تؤثر على صحة المستهلك.
وحول تكلفة إنشاء الدفيئة مُنذ البداية حتى جني المحصول، بيَّن أبو علي أن الحديد المُستخدم في صنع الدفيئة على مساحة الدونمين كلفه 7 آلاف دولار، وزراعة الطماطم وريها بالمياه واستعمال الأدوية كلفه 3 آلاف دولار، مشيرًا إلى أنه عند جني المحصول وخصم التكاليف يتبقى له ربح صاف يصل إلى 3 آلاف دولار.
ويلفت إلى أنه تلقى مساعدات من مركز "معًا" الذي وفر له شتلات الطماطم، و80 مترًا من (النايلون) و40 خشبة لدعم الدفيئة، الأمر الذي خفف عنه من تكاليف الدفيئة ما يقارب 500 دولار
ويضيف: "شاركت في ورشات عمل لمركز "معًا" التنموي عن زراعة الدفيئات الزراعية، ومعرفة أنواع المبيدات والأدوية العضوية المُستخدمة، التي في الغالب تكون من منتجات عضوية لا تضر المزروعات والإنسان".
ويؤكد أبو علي أن أرضه لا تبعد عن الحدود الشرقية مع الاحتلال سوى 700 متر، وأن الاحتلال (الإسرائيلي) جرفها في فترة الحرب على قِطاع غزة نهاية 2008م ومطلع 2009م، إلا أن المساعدات التي وصلت إليه من مركز "معًا" عززت من صموده في المنطقة.
ويضيف بأن زراعة الدفيئات الزراعية تُحقق جدوى اقتصادية كبيرة له من خلال بيع الإنتاج، وتُوفر له أكثر من ألف شيقل من الخضراوات اللازم شراؤها للمنزل، إذ تنتجها الدفيئة الزراعية.
ونوَّه إلى أن زراعة الدفيئات يمكن أن تحقق أكثر من موسم في العام الواحد، إذ يُمكن زراعتها بأكثر من نوع من الخضراوات، مثل: الخس، والملفوف، والزهرة، والشمام، كلٌّ نوع حسب موسمه، على عكس الأراضي الزراعية المفتوحة.
|
يعمل كثير من المواطنين في جنوب قطاع غزة على زراعة أراضيهم بمختلف أنواع الخضراوات لتوفير عائد مادي مناسب وتغطية احتياجاتهم المنزلية |
سمك بالجوار
وفي زاوية أخرى من الأرض، أقام أبو علي بركة لتربية الأسماك بحيث توفر لعائلته عنصرًا غذائيًّا هامًّا من اللحوم البيضاء، مُشيرًا إلى أنه بعد ثلاثة أشهر من بدء تربية الأسماك الصغيرة يمكن اصطيادها وأكلها.
ويشرح م. أبو حطب إلى أن المشروع ممول من قبل الحكومة الاسترالية وبإشراف مؤسسة افيدا الأسترالية APHEDA وينفذه مركز معاً
ويلفت إلى أن المشروع ينفذ في كل من في: محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، وخان يونس جنوب القطاع
ويضيف بأن هذا المشروع جزء من برنامج متكامل يتم تطبيقه في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت اسم AMENCA 2 ، من قبل مجموعة من المؤسسات الاسترالية بالشراكة مع مؤسسات أهلية فلسطينية بتمويل من الحكومة الاسترالية.
ويوضح انه يهدف إلى تحسين وتطوير حياة الفلسطينيين، عبر تنفيذ مشاريع تنموية تستهدف المجتمع الفلسطيني وخاصة المناطق والفئات الأكثر فقرا وتهميشا وخاصة النساء والأطفال، كما يسعى إلى تحسين الأمن الغذائي للأسر الفقيرة في منطقتين هما طولكرم وخان يونس، إضافة إلى تعزيز وتطوير قدرات المؤسسات الأهلية والقاعدية في المجتمعات المحلية المستهدفة لتتمكن من خدمة مجتمعاتها وأعضائها بشكل أفضل.
ويشير إلى انه تم استهداف المزارعين والنساء والمؤسسات القاعدية في المناطق المستهدفة، ويستمر المشروع حتى أيار 2014 لافتا إلى أن الأنشطة الرئيسة في منطقة طولكرم تتمثل في دعم حملة قطف الزيتون، تأهيل الأراضي الزراعية، تصميم وإقامة الحدائق المنزلية، و إقامة الدفيئات الزراعية الصغيرة /الأنفاق الزراعية المنزلية، وتربية الدواجن.
ويوضح أن الأنشطة الرئيسة في منطقة خان يونس، تتمثل في تأهيل الأراضي الزراعية، وتوفير الأشتال والبذور والأسمدة العضوية، إقامة وحدات لتربية الدواجن والأرانب، صيانة الدفيئات الزراعية، تركيب شبكات الري الزراعية، و تصميم وإقامة الحدائق المنزلية إضافة إلى توفير خزانات مياه للأغراض الزراعية.
كما سيعمل المشروع بحسب أبو حطب على توفير الدعم والتدريب للمؤسسات القاعدية، وكذلك توفير منح صغيرة لـ15ـ مؤسسة لتمكينها من تطوير قدراتها وأنشطتها، إضافة إلى تطوير دليل خاص بالزراعة العضوية وتوفيره للمزارعين.
|