مشاهد بيئية :
شذرات بيئية وتنموية
بين أم الزينات والكفرين والانتخابات والنفايات
|
قرية أم الزينات الفلسطينية الواقعة جنوب شرق حيفا وقد احتلها ودمرها الصهاينة عام وأقاموا على 1948 أنقاضها مستعمرة إليكيم |
عبد الباسط خلف
أم الزينات والكفرين
تبث فاطمة صالح صبح، المولودة في أم الزينات ما عرفته عن قريتها القريبة من حيفا، عبر روايات أهلها، الذين اضطروا للرحيل، ووضعوها على ظهر الدابة من جهة وشقيقيها من جهة أخرى.
تقول خلال برنامج (ذاكرة لا تصدأ) لوزارة الإعلام واللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة: كانت القرية كلها شجر وبساتين، وكانت أمي تحدثني عن عيون الماء فيها، وأشجارها، ومزروعاتها، فكانت تجمع الخبيزة والعلت والسلك، وتقطف الصبر والزيتون والخروب، وتذهب إلى بئر الناطف والبياضة والهرامس وغيرها.
تضيف: "كانت أم الزينات لا تحتاج لأحد في خضرواتها وفاكهتها، وتخزن (مونة) البيت من عدس وبرغل وزيت وزيتون، وفيها عائلات: الفحماوي والشواشرة وصبح والشيخ يوسف. وكانت أراضيها واسعة، وفيها مدرسة ومسجد".
فيما يصف المربي المتقاعد أحمد صالح أبو سريس قريته الكفرين المتاخمة لحيفا: "كان عمري 8 سنوات حين فقدنا بلدتنا، التي تقع على تلة صغيرة، وتمتد على نحو 1800 دونم، وكان أهلها يشاركون بعضهم بالأفراح، فيتعاونون جميعاً في إحضار الطحين والأرز واللبن لعائلة العريس، ويطبخون معا على النار، ويحتفلون ثلاث ليال( تعليلة). ويضعون العروس على ظهر جمل (هودج). أما في الأتراح، فكانوا يتضامنون مع بعضهم، ويحدّون 40 يوماً ويؤجلون الأفراح.
يوالي: "كان أهلنا يزرعون كل الخضروات، ويجمعون ما تنبته الأرض من زعتر وعكوب، ومن أسماء أراضينا: وينابيعنا: الظهر، وعين البلد، والمرشقة، وعين خميس، والحنانة".
واستذكر لحظات إقامة مخيم الفارعة: أقيم عام 1949، قرب عين الماء، وعلى أرض حمراء كانت توحل في الشتاء، بخيام صغيرة ذات عمود واحد، وأخرى أكبر بثلاثة أعمدة، وبعضها بني وآخر ابيض، أما الشفافة فكان الأهالي يطلونها بالإسفلت؛ ليحتموا من الشمس والعيون. فيما أقيمت المدرسة في خيمة كبيرة، درّسنا فيها الأساتذة: حسن العرجا، ومحمد حمد منصور، ومحمود جابر، وموسى الصميدي( وهو مصري الجنسية).
يضيف: "عام 1956، بدأت الوكالة توزع ألواح (الإسبست) لبناء غرفة واحدة لكل عائلة، ذات ارتفاع متر ونصف المتر، وبسمك 10 سنتميترات للسقف، كانت للنوم وللطبخ ولكل أشكال الحياة، أما المرافق الصحية فكانت مشكلة كبيرة، إذا أقيمت في المخيم وحدات صحية عامة، فيما كانوا يذهبون لتوفير المياه من العين بأوعية معدنية".
يتابع: "مما لا ينساه أهالي المخيم، الرياح والعواصف والأمطار والثلوج ذات مرة، حين كانت تقتلع خيامهم، ما دفع السلطات الأردنية لترحيلهم إلى إسطبلات الخيول في المبنى المجاور، الذي صار لاحقاً سجنا. عدا عن العمل الشاق في الكسارات مقابل قرش واحد عن كل ساعة، وإصابة من عمل بالزراعة في الأغوار بالملاريا".
بطاطا
تنتشر في الأسواق أكياس بطاطا بعضها أحمر والآخر أبيض. تتضارب أسعارها بين7-12 شيقلاً للكيس الواحد. يقول المواطن سمير الشيخ إبراهيم: اشتريت واحداً منها، بعدما فشلت في الحصول على نوع جيد، ولما أردنا استعماله، وجدنا أن ثلاثة أرباعه تالف، ولا يصلح للاستهلاك الإنساني.
"نفايات"
وسط جنين، يزدهر سوق الأدوات العتيقة أو (الرابش) بالتسمية الشعبية، و(البالة) كما يُطلق عليه البعض. أمر صدفة من طرف السوق؛ وصولاً إلى نقطة أخرى من المدينة، فلا أشاهد غير عشرات أكوام النفايات المتآكلة: أشرطة فيديو عبرية، وأدوات منزلية تالفة، وكهربائية أكل الدهر عليها وشرب، وأحذية لا تصلح إلا للإتلاف، وملابس( بنصف شيقل للقطعة).
من يسمح باستيراد هذه النفايات، التي وإن اعتبرها البعض، وسيلة لمساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود، فسوادها الأعظم تالف، وبحاجة لطرق آمنة للخلاص منه؛ لأن جلود الفقراء ليست هي العنوان.
انتخابات
أخفت إحدى القوائم المتنافسة لونها السياسي اليساري، من برنامجها الانتخابي، ودعايتها، وحديثها، وتسترت تحت غطاء( القائمة المستقلة)، مع أن صفة ترشيحها مُغايرة. يقول والد أحد المرشحين: "خدعوا ابني وقالوا له نحن قائمة مستقلة!"
فيما تشاركت عدة قوائم في الاستغناء عن صور النساء بوردة أو زيتونة أو ثوب مطرز، أو لوحة لعبة شطرنج، وكرست الصور النمطية، التي تُلاحق المرأة، وتشطب الكثير من حقوقها.
هل سنشهد في الانتخابات القادمة، الاستغناء عن اسم المرشحات برقم أو رموز؟
سوء إدارة
يبث المزارعون شكواهم في قلة الزيت المستخرج من ثمار حقولهم، ويقولون: الزيتون جاف، والثمار قاسية جداً، ولا زيت فيها، والغبار يجعل القطف أصعب، ومع كل هذا نُبكر في القطف، ولا ننتظر قليلاً حتى يتغير حال الأشجار وما عليها.
الغريب في الأمر، أنا نعرف السبب، ونشترك في صناعته ومفاقمته، ومع كل هذا نتباكى ونشتكي إلى الله قلة الإنتاج.
في بلدة برقين المجاورة لجنين، يعرف المزارعون حكاية (سنة منع التجول) كما يُطلقون عليها، وهي العام 1989 الذي فرض فيه الاحتلال حظر التجوال على البلدة، وتأخر موعد القطف لأكثر من شهر، وتبدل حال القطاف والمحصول أضعافا كثيرة. ومع هذا لم يتعلم المزارعون من درس التأخير القسري للحصاد!
حوار
يقترح التاجر فريد هجرس، الذي يعمل في التجارة بجنين: "علينا أن نفتح ملفات مشروب الطاقة والشيبس التي تُباع لطلبة المدارس، رغم كونها مضرة بالصحة، وممنوعة في بعض الدول".
يضيف: "أكتبوا عن الأطفال الذين يشربونها قبل أن يتناولوا طعام الإفطار. وصوروا إعلاناتها التجارية، وأطلبوا من المسؤولين فعل شيء لوقفها".
غبار
تعاني أشجار فلسطين جرّاء الاحتلال وهجمات المستوطنين الإرهابية ضدها، مثلما تعاني الإهمال من أصحابها، فلا تأخذ حقها من التقليم والرعاية والتعشيب. وإن أكثر شيء يستفز المار من طرقات الوطن، هو مشاهدة الغبار وقد نال من الأشجار، وغير لونها، ومنعها من النمو الفعلي، وأفقدها خصائصها، وفوق كل هذا وذاك، تجد من يضربها بالعصي، بحجة قطف الزيتون.
كوارث
يرفق الدفاع المدني مع فاتورة الهاتف إعلاناً حول اليوم الدولي للحد من الكوارث( 13 تشرين أول الفارق) ويقول: " تسعى إدارة الكوارث في الدفاع المدني الفلسطيني لبناء قدرة مجتمعية لمجابهة الكوارث وتحقيق مستقبل أكثر أمانا واستقراراً". ويروج الإعلان لمشاركة النساء والفتيات، ويعتبرهن القوة الكامنة للقدرة على المجابهة، ويضيف:" يسلط هذا اليوم الضوء على ملايين النساء والفتيات اللواتي يجعلن مجتمعاتهن أكثر قدرة على مواجهة الكوارث والمخاطر المناخية، ويساعدن في حماية التنمية المستدامة."
الغريب في هذا الترويج، إسقاطه لتعريف الكوارث، وتحديد أنواعها التي تواجه فلسطين، وبخاصة الهزات الأرضية، وضعف بنيتنا التحتية وتجهيزاتنا لمواجهتها والتقليل من خسائرها، بالرغم من تحذيرات كثيرة، وتأكيدات علمية وتاريخية على تعرض منطقتنا لنشاط زلزالي مدمر كل قرن تقريباً!
|