خلال ندوة آفاق البيئة والتنمية في غزة
التوصية بالاستفادة من المياه العادمة المعالجة في ري المحاصيل الزراعية
|
سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
طالب مختصون في مجال البيئة والمياه، المزارعين في قطاع غزة بضرورة الاستفادة من المياه المعالجة في ري محاصيلهم الزراعية دون خوف مؤكدين ان هذه المياه لا تشكل أي خطر على المحصول الزراعي من ناحية وكذلك على التربة.
كما دعا المختصون إلى إعداد الأبحاث والدراسات البيئية حول المياه المعالجة والجدوى الاقتصادية من استخدامها في ري المحاصيل الزراعية، خاصة وان القطاع يعانى من نقص في المياه جراء انخفاض المخزون الجوفي.
وأكدوا خلال ندوة نظمتها مجلة "آفاق البيئة والتنمية" في مركز العمل التنموي /معًا"، بغزة :"إن الثمار الناتجة عن المحاصيل المروية بالمياه المعالجة غير ضارة وتكون مثلها مثل أي ثمار تم ريها بالمياه المستخرجة من الآبار".
وطالبوا بتكثيف البحث العلمي للوصول إلى نتائج أفضل حول الآثار الصحية لإعادة الاستخدام، في ظل تضارب الآراء حول إمكانية "إعادة الاستخدام" في ظل الظروف الحالية والإمكانيات وعقد المزيد من المؤتمرات، لذلك كما شدد على ضرورة وجود جسم لإدارة المياه العادمة.
وأوضح المختصون في الندوة التي حملت عنوان "إعادة استخدام المياه العادمة في قطاع غزة...والحلول البيئية والصحية الممكنة" أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في المياه، كما سيواجه أزمة في المياه على المدى القريب، بسبب الاستنزاف الكبير للمياه من قبل المزارعين، وعدم الاعتماد على المصادر البديلة للمياه.
وحضر الندوة التي استمرت على مدار ثلاث ساعات مدير الإدارة العامة للتربة والري بوزارة الزراعة م. نزار الوحيدي، المهندس المختص في محطات المعالجة في سلطة جود البيئة أحمد المناعمة، يشاركهم عضو اتحاد المزارعين محمود الكفارنة، والعديد من ممثلي المؤسسات ذات العلاقة.
رصد الواقع البيئي
ورحب م. ماجد حمادة من مركز معا بالحضور مؤكدا أن هذه الندوة تأتى ضمن سلسلة من الندوات التي تعقدها مجلة "آفاق البيئة والتنمية" في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتهدف إلى رصد الواقع البيئي ومحاولة وضع حلول للمساهمة في حل عدد من الإشكاليات البيئية.
وقال م.حمادة ان:" هذه الندوة تركز على استخدامات المياه المعالجة في عملية الري ومدى الجدوى الاقتصادية منها وهل تعد ضمن المصادر البديلة لاستخدامات المياه في ظل الوضع الحالي".
وأشار إلى وجود 3 محطات لمعالجة المياه العادمة في القطاع وهي تخدم بيت لاهيا ومعسكر جباليا في الشمال، ومدينة غزة، ومدينة رفح في الجنوب، بينما لا تحظى باقي المدن والمخيمات والتجمعات السكانية الأخرى بهذه الخدمة، علاوة على عدم وجود محطات لمعالجة المياه العادمة فيها. هذا وتستوعب محطة معالجة بيت لاهيا حوالي10,000 م3، بينما تستوعب محطة معالجة غزة في منطقة الشيخ عجلين حوالي 50,000 م3 يومياً، في حين تستوعب محطة معالجة رفح حوالي 8,000 م3 يومياً.
وبين أن كفاءة هذه المحطات تتراوح ما بين 40 إلى 60%، وهي عبارة عن برك ترسيب تزال منها المواد الصلبة بالإضافة إلى معالجة بيولوجية هوائية ولا هوائية للتخلص من الملوثات العضوية. وبالمجمل لا تعطي عملية المعالجة داخل هذه المحطات، النتائج المرجوة بسبب قلة سعتها مقارنة بكميات المياه العادمة الواردة لمحطات المعالجة والتي تقدر بحوالي 106,069.13م3/يومياً. وأن 90% من إجمالي المياه العادمة هي مياه غير معالجة، فإن الـ 50,000 متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة التي يتم ضخها لبحر غزة بسبب عدم المقدرة على معالجتها، مؤكداً أن الاستفادة من المياه العادمة في إعادة استخدامها في حقن الخزان الجوفي في القطاع منعدمة ويتطلب إعادة استخدام المياه العادمة تطبيق معايير واحتياطات ضرورية نتيجة لما تحمله من مواد عضوية وكيماوية وعناصر ذائبة وميكروبات، حيث يعتمد ذلك على درجة المعالجة المطبقة على المياه العادمة قبل استخدامها
وبين ان المشاكل الرئيسية المقترنة بإعادة استخدام المياه العادمة للري على وجه الخصوص، تتمثل في إلزام تدبير إمكانيات تخزين المياه المعالجة، أثناء أشهر الشتاء حيث لا تلزم المياه للري، وهذا يستدعي تكاليف استثمارية لبناء الخزانات والمضخَّات وشبكات التوزيع.
وكذلك المخاطر الصحية المحتملة، والتي تصاحب إعادة الاستخدام، وهذه المخاطر عادة محدودة في حالة وجود نظام جيد من حيث التصميم والإدارة، لذا فإنه من الضروري وجود درجة عالية من المراقبة للتأكد من أن المياه العادمة تستخدم طبقاً لمقتضيات الصحة العامة.
وقال: "يؤدي الري بالمياه العادمة أيضاً إلى التلوث نتيجة وصول الميكروبات والطفيليات المسببة للأمراض ( Pathogenic Microorganisms )، والكيماويات إلى مصادر المياه السطحية، والمياه الجوفية في المناطق المروية بالمياه العادمة".
|
جانب من المشاركين في ندوة إعادة استخدام المياه العادمة في غزة |
استفادة اكبر
مدير عام الإدارة العامة للتربة والري بوزارة الزراعة م. نزار الوحيدي أكد أن الري بالمياه المعالجة بشكل سليم وبانتظام، وإتمام عملية القطف بشكل صحيح يؤدي إلى الاستفادة بأكبر قدر ممكن من المحاصيل، كالخس والحمضيات، مثل البرتقال والكلمنتينا، والزيتون وغيرها من المحاصيل الزراعية.
وأوضح الوحيدي أن قطاع غزة يعاني من أزمة حقيقية في المياه، بسبب قلة هطول الأمطار، والاستنزاف الكبير للمياه الجوفية، جراء كثرة السحب من قبل المزارعين وري محاصيلهم، الأمر الذي يشكل خسارة كبير على الخزان الجوفي، في مقابل الاستفادة للمزارعين.ـ إضافة إلى التهديد الدائم بنقص كميات المياه
المعالجة..أمر ضروري
وبين الوحيدي أن المنطقة عامة تعاني والمناطق الفلسطينية بصورة خاصة من حالة الجفاف، وشحِّ الموارد المائية وتدهورها المستمر، حيث لا نمتلك في الوقت الحالي أية قدرة على توفير المصادر المائية البديلة، كنقل المياه أو تحليتها أو استيرادها، وعليه فإن أول وأهم المصادر البديلة التي يمكن أن تقدم حلاً سريعاً ومرضياً هو إعادة استخدام المياه المعالجة، في مجالي الري والحقن الجوفي، مما سيسهم في توفير المياه الجوفية للاستخدامات الآدمية، بينما ستوفر المياه المعالجة بالإضافة إلى مياه الري مصدراً للعناصر الغذائية للنباتات المرويَّة.
وذكر أن قطاع غزة لم يستفد من مشاريع المصادر البديلة للمياه، ولا يوجد إدارة صحيحة للمياه، وكل ما يتم الحديث عنه ضمن مشاريع ضخمة للاستفادة من مصادر مياه بديلة هو أوهام علمية لم تتطبق.
وبين الوحيدي أن الري بالمياه المعالجة لا يضر محاصيل المزارعين، لان النباتات الزراعية بها خاصية أنها لا تستقبل أي ميكروبات وتقوم بطردها، إضافة إلى أن ثمار المحاصيل المروية بالمياه المعالجة تكون جودتها ونظافتها بنفس جودة المحاصيل والثمار المروية بالمياه المستخرجة من الخزان الجوفي.
وأضاف "تعتبر معالجة المياه العادمة أمراً ضرورياً وحيوياً، حيث تساهم في حماية الصحة العامة والمحافظة على البيئة، وتحتوي هذه المياه على مسببات الأمراض ( Pathogens )، ومواد مختلفة كيميائية وعضوية تعتبر ملوثات للبيئة، كما أنها تساهم في حماية التربة والمحاصيل وشبكات الري، عن طريق إزالة المواد الصلبة القابلة للترسيب وبعض المواد الصلبة العالقة أو العناصر غير المرغوب فيها.
معايير الجودة
بدوره، قال المهندس المختص في محطات المعالجة في سلطة جود البيئة أحمد المناعمة أن جودة البيئة مهمتها مراقبة مشغلي محطات المعالجة الموجودة في قطاع غزة، وكلها تعمل بشكل علمي ووفق معايير الجودة.
وأوضح أن سلطة جودة البيئة تقوم بالرقابة على هذه المحطات من خلال قيامها بفحوصات لها، والتأكد من سلامتها والتزامها بالمعايير الموضوعة، مضيفًا أن جودة البيئة تطلب من المسئولين عن هذه المحطات تعبئة السجل البيئي الخاصة بالمحطات.
تعويض النقص
من جانبه، أوضح عضو اتحاد المزارعين محمود الكفارنة أن الري بالمياه المعالجة يعوض بعض النقص في المياه دون مشاكل بيئية، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة حيث يوجد طلب متزايد على هذه المياه المعالجة، بعد الملوحة الكبيرة التي تشهدها بعض الحقول في قطاع غزة.
وأشار إلى أن استخدام المياه المعالجة يوفر مصدراً متجدداً، عالي القيمة للاستخدام في الزراعة من خلال احتوائها على وجود مخصبات أو عناصر مغذية للنبات في المياه العادمة، مما يسهم بصورة كبيرة جداً في توفير تكاليف الأسمدة المطلوبة، خاصة النيتروجين والفوسفور والعناصر النادرة ، كما أن ما تحتويه هذه المياه من المواد العضوية يساعد على تحسين الخواص الطبيعية للتربة.
ودعا الكفارنة وزارة الزراعة والمؤسسات العاملة في الزراعة إلى المساهمة في زيادة التوعية لدى المزارعين حول كيفية استخدام المياه المعالجة، وإيضاح الأهمية الزراعية لها.
|