مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2012 العدد-48
 
Untitled Document  

الجهات الرسمية تعجز عن محاسبة المخالفين
مزروعات في الأغوار الوسطى لا تزال تروى بمياه الصرف الصحي

المياه العادمة غير المعالجة التي تروى بها المحاصيل والأشجار في النصارية

رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

كشفت مجلة آفاق البيئة والتنمية العام الماضي (العدد 35) بأن العديد من مزارعي الأغوار الوسطى يروون محاصيلهم بمياه المجاري غير المعالجة، وبالرغم من ذلك، تبين في زيارة أخيرة للمجلة لذات المواقع بأن المزارعين يواصلون ري مزروعاتهم بالمياه العادمة، أي أن تلك الجريمة لا تزال جاثمة وتهدد قطاع الزراعة في المنطقة برمتها، بل وتهدد صحة الناس والبيئة.
يشار إلى أن واقع قطاع الزراعة في منطقة العقربانية والنصارية وعين شبلي بات يوصف بالكارثي،  فبعد تجول الكاميرا الخاصة بالمجلة بين المزارع والحقول التابعة لتلك التجمعات الريفية تم رصد عدد كبير من البرك الكبيرة والخزانات التي تستخدم في تجميع مياه الصرف الصحي القادمة من مدينة نابلس دون معالجة، بحيث يتم اختلاطها بمياه الينابيع المنتشرة  في منطقة وادي الفارعة. وتقع برك التجميع الملوثة بين البيوت السكنية كما هو الحال في قرية العقربانية، وذلك بهدف استغلالها لري المزروعات.
وهناك ايضا العديد من القنوات الإسمنتية المائية المنتشرة في الاغوار الوسطى، والتي صممت بالأصل عام  2002 من قبل سلطة المياه الفلسطينية، لاستخدامها في نقل المياه العذبة من الينابيع المنتشرة في منطقة وادي الفارعة إلى مناطق الأغوار الوسطى، لكن الكارثة تكمن في كون مزارعي تلك المنطقة قاموا بردم جزء كبير  منها، وتحويل الجزء الآخر إلى قنوات لنقل مياه الصرف الصحي لري مساحات شاسعة من الاراضي المزروعة بالخضار المتنوعة والتي تزيد مساحتها عن خمسة آلاف دونم، ويتم ذلك تحت وضح النهار دون رقيب أو حسيب من الجهات ذوي الاختصاص.
والكارثة تكمن هنا في أن الخضار المزروعة في تلك المنطقة حسب ما أفاد به عدد من المزارعين المتواجدين هناك، لا يتم تسويقها داخل أسواق مناطق 1948، بسبب رسوبها في فحص معايير الجودة المطبق لدى الاحتلال، وبالتالي تسوق فقط في الضفة الغربية.

برك في النصارية لجمع مياه الصرف الصحي التي تستخدم لري المزروعات

الحل محطة تنقية ولكن... تغيب الامكانيات
من جهته أكد د. نضال منصور رئيس قسم صحة البيئة في بلدية نابلس بأن هناك كارثة حقيقية في ري المزروعات في منطقة الأغوار الوسطى، وأن حل مشكلة مياه الصرف الصحي غير المعالجة المتدفقة من مدينة نابلس باتجاه الجهة الشرقية من المدينة مرهون بإقامة محطة تنقية لمياه الصرف الصحي، وهذا المشروع مكلف ماديا وبحاجه إلى تمويل يقدر بنحو نصف مليون دولار.
وأكد أن هناك مخططات جاهزة تم إعدادها بالتعاون مع أحد المؤسسات الألمانية، ولكن البلدية بانتظار التمويل للبدء في تنفيذ المشروع.

قرار المنع والعقوبة غائب
من جهته وصف المهندس محمد فطاير مدير زراعة نابلس الوضع في قريتي النصارية والعقربانية بالخطير والحساس للغاية، مؤكدا قيام لجنة السلامة العامة على مستوى محافظة نابلس بمتابعة الموضوع .
وأشار بأن أن دور وزارة الزراعة هو دور تثقيفي في الدرجة الأولى، عدا عن متابعة  أي مخالفات تمس القطاع الزراعي، وقد قامت الوزارة وفق فطاير مرات عديدة بإعطاء تنبيهات للمزارعين المخالفين، ولكنها تحتاج لسلطة تنفيذية أقوى منها، كون المشكلة أكبر من الوزارة ذاتها.
وقال: "رفعنا تقاريرنا وتوصياتنا للجهات المعنية ولمحافظ نابلس ولغاية هذه اللحظة لا يوجد قرار حاسم بالموضوع".

مياه المجاري التي تصل الحقول الزراعية في الأغوار الوسطى

انتشار الأمراض والقوارض
يشار إلى انه وبحسب معطيات دائرة الإحصاء في وزارة الصحة، يوجد هناك ارتفاع في عدد حالات الإصابة بـ اللشمانيا الجلدية في الأغوار الوسطى الناتجة عن انتشار حيوان الوبر الصخري في تلك المنطقة.
عدى عن ذلك وبحسب المؤشرات، فإن هناك إصابات عديدة  بالإسهال خاصة بين صفوف الاطفال  بالإضافة إلى مرض التهاب الكبد الوبائي الناتج عن المياه الملوثة بالمخلفات البرازية.
وفوق هذا وذاك، فإن المنطقة تعاني من انتشار القوارض والروائح الكريهة بالإضافة  إلى الحشرات مما يحول المنطقة إلى مكان منكوب.

من هنا ندعو الجهات الرسمية والأهلية إلى تحمل المسؤولية الكاملة والتحرك لوضع حد للاستهتار بحياة المواطنين بهذه الصورة المرعبة.
التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية