مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2012 العدد-48
 
Untitled Document  

قراءة في كتاب :

دليل الزراعة البيئية

اسم الكتاب: دليل الزراعة البيئية
سنة الإصدار: 2011
عدد الصفحات: 43 من القطع المتوسط
الناشر: جمعية المهندسين الزراعيين العرب، رام الله، فلسطين

قراءة: ربى عنبتاوي

مع تنامي الوعي العالمي بضرورة العودة الى كل ما هو طبيعي في الغذاء ونبذ كل دخيل من أصل كيماوي، تظهر بوادر صحوة بيئية خجولة على الصعيد العربي ومن ضمنه الفلسطيني، تبرز مع تزايد انتشار الأمراض المستعصية بين الناس على مختلف شرائحهم وفئاتهمم العمرية، والتي لم تكن على هذه الصورة وفق رواية أجدادنا الذين عاشوا حياة طبيعية بسيطة، بعيداً عن موائد اليوم وما تحويه من مواد كيماوية، مصنعة ومعدلة وراثياً. لكن لقاعدة هذا العصر هناك استثناءات وخيارات لمؤسسات وأفراد ضمن مشاريع أو مبادرات لخدمة البيئة.
وعلى الصعيد الفلسطيني، وبالإضافة للعمل الارشادي الزراعي فقد تمخض عن مشروع "المنح الصغيرة الممول من برنامج الامم المتحدة الانمائي في مجال البيئة" "دليل الزراعة البيئية" الذي أعده المهندسان الزراعيان ايمن موسى وسعد داغر، للمساهمة في نشر وتعزيز الممارسات الزراعية البيئية في اوساط المزارعين الفلسطينيين الذين يمارسون الزراعة المكثفة، عبر ايجاد بدائل للأسمدة والمبيدات الكيماوية وترشيد استهلاك المياه في الري.
يأتي هذا الدليل "قليل الصفحات كثيف المعلومات" كمرشد للمزارع باتجاه زراعة صحية بيئية عبر تقديم نموذج بديل للزراعة المتبعة والقائمة على الاعتماد بشكل اساسي على الكيماويات الزراعية، فيستعرض الاسس اللازمة للبدء بزراعة بيئية قائمة على استخدام مواد وطرق طبيعية في الانتاج للحصول على الغذاء الصحي.
وقد حذّر الدليل صراحةً ودون أي تساهل من الكيماويات حيث جاء فيه: "إن زراعة كغم من الغذاء المدعم بالكيماويات يؤدي الى تدمير 6 اضعاف الكيلوغرامات من التربة، ما يجعلها تسمى بالزراعة الغير مستديمة، أو الزراعة الانانية التي تهتم بإنتاج سريع على حساب حق الاجيال القادمة في الاستفادة من المصادر الطبيعية".
وانطلق الدليل من حقيقة أن الزراعة البيئية المستدامة على الصعيد الفلسطيني، سيكون لها آثار ايجابية كبيرة على صحة الانسان والبيئة والاقتصاد والأمن الغذائي الفلسطيني، وأيضاً: انتاج غذاء صحي وخالٍ من الملوثات الكيماوية، الحفاظ على المصادر الطبيعية وضمان استمرار الإنتاج، تقليل الاعتماد على مدخلات الانتاج الخارجية والمستوردة، التأثير الايجابي على الاقتصاد المحلي، المساهمة في تحقيق امن غذائي حقيقي قائم على الانتاج المحلي ومبدأ السيادة على الغذاء.

دائماً هناك بديل
وعن البديل الفعّال والاقتصادي للأسمدة الكيماوية، يستعرض الدليل طريقة وخطوات صنع الكمبوست (السباخ) وهو المادة العضوية بنية اللون المتحللة الناتجة عن عملية التخمير التي تتم في الطبيعة عند توفر الظروف المناسبة للتخمر. ومن اجل تسريع عملية التخمير علينا توفير الرطوبة والتهوية المناسبة وتوفير العناصر الرئيسية من كربون ونيتروجين وبوتاس.
كما اقترح الدليل أيضاً، طريقة جديدة وهي التسميد الاخضر عبر زراعة النباتات البقولية مثل الفول والترمس وغيرها من البقوليات ثم حرثها وخلطها بالتربة في مرحلة معينة من نموها وهي خضراء، وللتسميد الاخضر "وفق الدليل" أهمية خاصة في التربة الرملية والطينية الثقيلة حيث تستمر فعاليته لعدة سنوات متتالية .
كما ناقش الدليل الذي تتسلسل أفكاره بشكل مبسط طرق المحافظة على رطوبة التربة عبر الري المنتظم الذي يساهم في حماية النباتات من الامراض مثل البياض الدقيقي والزغبي والصداء. ومن تلك الطرق: استعمال "المهاد" عبر تغطية التربة بطبقة من القش، استخدام السماد العضوي (السباخ)، زراعة المحاصيل البلدية المتأقلمة مع الظروف المناخية السائدة بما فيها ظروف نقص المياه، زراعة اكثر من محصول على نفس فتحة التنقيط (نظام التنقيط)، للاستفادة من نفس كمية المياه في ري اكثر من محصول.
ومن الاسمدة الى المبيدات حّذر الدليل من مخاطر استخدام الكيماوية منها جرّاء ما تسببه من تدهور متواصل على خصوبة التربة وتلوثها وتقتل الكائنات الحية فيها، كما تلوث المياه والجوفية ومياه الأنهار وتقتل الكثير من الاحياء المائية فيها، وأيضاً تلوث الهواء بالغازات الضارة بالغلاف الجوي وطبقة الأوزون. وقد ادى الاستخدام غير المدروس والمتكرر للمبيدات إلى ظهور مشاكل عديدة لم تكن بالحسبان، حيث ساهمت الكيماويات في قتل الطفيليات والمفترسات الطبيعية (الاعداء الحيوية) وإضعاف دورها في عملية المكافحة الطبيعية، ما أخل بالتوازن البيئي اضافة الى تسمم الكثير من الكائنات غير المستهدفة كالحيوانات والطيور والنحل والإنسان. كما سبب الاستخدام غير الصحيح إلى ظهور صفة المقاوم للمبيدات من قبل الآفات الحشرية وسيادة آفات جديدة.
من هذا المنطلق، دعا الدليل الى استخدام المستخلصات النباتية للمكافحة، وهي عبارة عن مركبات طبيعية مشتقة من اصول نباتية تساعد في حماية النباتات من الآفات المختلفة، ولتقديم النماذج اقترح الدليل بعض الوصفات التي تتميز بسهولة التحضير مثل البصل، الفلفل الحار، التبغ، مسحوق الكبريت والكربون.
كما عرض الدليل نماذجاً من الزراعات البيئية التي تغذي التربة وليس المحصول، ومنها اسلوب حفر الخنادق وبناء المساطب الزراعية والزراعة المختلطة، وتطرق للدورة الزراعية وأهميتها في التعاقب المبني على اساس علمي لزراعة المحاصيل والتي تعتمد على استخدام محصول مختلف في كل موسم على نفس قطعة الأرض او الحقل. كما دعا الدليل الى الحفاظ على محاصيل الخضار البلدية عبر زراعتها للحفاظ عل الموروث الزراعي والتنوع في الاصناف التي توضع على المائدة، كما استعرض الطرق المثلى لاستخلاص البذور وتجفيفها وتخزينها مع وضع جدول يبيّن فوائد البذور البلدية في مقارنة مع تلك المهجنة من حيث تحملها للظروف المناخية القاسية والآفات وسهولة انتاجها.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية