مشاهد بيئية :
شذرات بيئية وتنموية
عبد الباسط خلف:
انقلاب الألوان
يخط صاحب سيارة صفراء اللون آية قرآنية على مركبته ( صفراء فاقع لونها تسر الناظرين). تحاور السائق بالقول: هل فهمت المقصود من هذا النص القرآني، قبل أن تكتبه( علما بأنه يشير إلى بقرة بني إسرائيل)؟ يرد بالنفي، ويتابع إجابته بالإشارة إلى أن اللون الأصفر هو شعار صديق للبيئة في الدول المتقدمة!
ثقافة بيئية!
تعود من رام الله إلى جنين تشاهد حريقاً يلتهم أشجار زيتون وحشائش. تتصل بالدفاع المدني لفعل اللازم. يستغرب من يجاورك من ركاب الحافلة من تدخلك لإخماد النار، ويقول: أنت مسافر، ولست من هذه المنطقة، ولا أرض لك فيها، وإذا جاءت الإطفائية ولم تجد مكان النار، سيتهمك الدفاع المدني بالمعاكسة!
مُسليات
تسير مجموعة من الأطفال نحو المدرسة. اقترب من الصغار، وأحاورهم قليلاً حول المسليات التي أخذوا يقبلون على التهامها بشغف.
يقول أمجد عامر، 11 عاماً: "الشيبس يضر بالصحة، ونأكله قبل الفطور. وفي المقصف لا يبيعونه، فنشتريه من الدكان القريب من باب مدرستنا.
أما صديقه حسن لطفي، فيقول: زرنا طبيب الأسنان، وأخبر أبي أن الشيبسات تخرب أسناني، وبعدني بشتريها!
ألا تستحق المسليات هذه، حظراً من الأسواق.
أحمال ثقيلة
ربما يكون الحل للأوزان الزائدة في حقائب المدرسة لأطفالنا، والتي تتسبب بمتاعب صحية ونفسية لهم سهلا، ويتمثل في تغيير سياسة طباعة الكتب، فبدلاً من توزيع كل منها على انفراد( 12 كتاباً للصف السادس الأساسي)، يمكن نشرها بالعدد نفسه، بدمج الكتب في 12 موضوعاً متداخلا، بعد تقسيمها إلى وحدات، بحيث يحمل الطلبة كتاباً واحداً للموضوعات المدمجة كل أسبوعين أو ثلاثة مثلا، ثم ينجزون دراستها، ويتركونها في البيت ويتناولون القسم الثاني وهكذا دواليك ، إلى أن ينهون المناهج كلها، بحمل مقلص بحوالي 90%.
ذئاب بشرية
يعلن مكبر الصوت فقدان طفل من قرية مثلث الشهداء قرب جنين، وهي مجاورة لبلدتنا واسمه خالد بديع برهم وعمره 10 سنوات، ويطالب المنادي بالمساعدة في جهود العثور عليه، وإعادته إلى ذويه سالماً. بعد ساعات فقط، تعلن الجهات المختصة عن العثور على جثة الطفل مدفونة في مزرعة بالقرية، وتقبض على القاتل الذي اعترف بالجريمة، وعمره 18 عاماً.
بجوار هذه الفعلة النكراء، يعود مرة أخرى سؤال تنفيذ أحكام الإعدام، وما يرافقها من جدل قانوني وأخلاقي ومطلبي يدعو لوقف العمل بها.
تنمية عكسية
بالرغم من الديون التي تطوق عنقه، قرر أحدهم أن يضيف المزيد للأعباء التي تُطارد راتبه المتواضع. يشتري صاحبنا أربعة أجهزة اتصالات خليوية حديثة( أي فون)، لأفراد أسرته بـ(16) ألف شيقل فقط، وبفوائد بنكية!
أقول للمشتري: عزيزي، أرحم نفسك وجيبك، ليت هذا التقنيات ستسهل عليك عملك، وتمنحك دخلا إضافيا، لتسديد ديونك المتراكمة.
أفراح
يقرر أصحاب العرس إغلاق الشارع الرئيس، للفرح بابنهم، ويحرمون المنطقة كلها من متنفس أو مهرب للطوارئ والأزمات. لا يكتفون بهذا، فيحدثون ضجيجاً وإزعاجاً حتى بعد انتصاف الليل بالتوقيت الشتوي، ويطلقون المفرقعات وألعاب النار بسخاء، أما المطرب، فآخر شيء يمكن وصفه به هو الفن والصوت الذي يخطف السامع. في صباح اليوم التالي، يتحول الشارع إلى مكب كبير لنفايات الفرح، ويكتفي عامل النظافة الوحيد في الحي بإصلاح شكلي لما أفسده الفرحون.
مشهد ليلي
يبدو مرج ابن عامر من الجبال التي تحيط به، أكثر اتساعاً وجمالا، لكنه في الوقت نفسه يفتح جرح تخريب المرج على مصراعيه. الأضواء رغم وهجها، تظهر فداحة كتل الاسمنت الصماء، التي تتفشى كسرطان خبيث، على حساب الجسد الضعيف.
متى سيتوقف هذا التدمير؟
انتخابات معادية للبيئة
الانتخابات في بلادنا، وبعيداً عن الجدل السياسي الساخن والمتعارض رغم أهميته وتشعبه، لا تبدو أنها ستصبح صديقة للبيئة، فمع انطلاق مواسم الدعاية الانتخابية، تبدأ المطبوعات والملصقات واليافطات واللافتات والمنشورات تتطاير يمينا ويساراً، وفي كل الأرجاء، لتضيف إلى الخراب البيئي الذي نعيشه المزيد؛ لأنها ستتحول بعد وقت قصير إلى نفايات، وسيصبح المستهدف الوحيد بها عمال النظافة والمكبات العشوائية وغيرها.
"نفايات" صينية
البضائع الصينية الرديئة في أسواقنا، تتحول بعد ساعات فقط إلى نفايات، وبعضها يتلف أثناء المعاينة. السؤال: مع موجات الغلاء هذه، والأزمة الاقتصادية المستعصية، هل سنواصل حرق أموالنا في الصين، عبر السماح باستمرار استيراد سلع رديئة، وصلت في إحدى المرات إلى ابتياع أحد التجار لأحذية تستخدم لمرة واحدة.
|