بسبب غياب البنية التحتية المناسبة في الخليل
"الزيوت المعدنية" تدمر البيئة وتنشر الأمراض بين السكان
|
اثار الزيت المعدني العادم على اوراق شجرة زيوت بالقرب من احد مشاغل الزيوت |
ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بفعلها تختفي ألوان الطبيعة، ويبقى اللون الأسود هو الظاهر في اللوحة القاتمة التي ترسمها مصانع الزيوت المعدنية ومحطات غسل وتبديل زيوت السيارات، لما ينتج عنها من مخلفات سائلة تلوث كل ما اتت عليه من تربة او مياه فتعود بالضرر على الإنسان والبيئة المحيطة بها، ولا يكفي لتدمير البيئة في الخليل وجود أكثر من مائة مغسلة ومشحمة للسيارات، تتخلص من كميات كبيرة من الزيوت المعدنية العادمة بشكل عشوائي في الطرقات وفي شبكة الصرف الصحي ان وجدت، او من خلال بيعها لأصحاب الأفران والمخابز، بل تشاركها مصانع الزيوت المعدنية في نشر هذا الخطر وتدمير ما لم تستطع الزيوت العادمة الناتجة عن تلك المحطات الوصول إليه سيما وان "لتر واحد من الزيوت المعدنية قادر على تلويث مليون لتر من المياه". فانعدام الوعي البيئي واستهتار البعض بهذه المواد الخطرة، يخلق مشكلة بيئية، تضاف إلى قائمة المشاكل الطويلة التي تواجهها الخليل.
|
التخلص من الزيوت العادمة بشكل عشوائي مع النفايات |
النتيجة واحدة
ويوجد في المحافظة عدد كبير من المشاغل والمصانع التي تعمل على تصنيع الزيوت الخاصة بالسيارات، وذلك من خلال إضافة مركبات كيماوية لزيت خام يتم جلبه من أماكن مختلفة من أجل أن يصبح اكثر مقاومة للاحتكاك وزيادةً في لزوجته، ومواد أخرى تضاف لمعادلة الأحماض لمنع الصدأ، بالإضافة لبعض المركبات التي يجري مزجها مع الزيوت المعدنية للتقليل من الأبخرة المتصاعدة، وأثناء التعبئة يتسرب جزءٌ من هذه المركبات الخطرة الممزوجة بالزيت لتصبح "مخلفات عادمة"، يتم التخلص منها بشكل عشوائي في حاويات النفايات او عبر قنوات مكشوفة، او من خلال إرسالها لحفر امتصاصية غير صماء، او جمعها في براميل وبيعها، ومهما اختلفت الطرق المتبعة للتخلص من "الزيوت العادمة " في هذه المصانع فإنها في النهاية تصل بكل سهولة الى المياه الجوفية والتربة، مما يؤدي الى إلحاق الضرر بالبيئة وإصابة الإنسان بالأمراض.
غياب البنية التحتية
"اذا قمنا بتطبيق القانون الخاص بشروط الترخيص للمنشأة الصناعية التي تستخدم المواد الكيماوية في محافظة الخليل، سيتم إغلاق معظمها، وذلك لإفتقارها للبنية التحتية المناسبة التي يتم من خلالها التخلص من مخلفاتها السامة او معالجتها "هذا ما صرح به مصدر من صحة البيئة في المدينة، مؤكدا ان غالبية هذه المنشآت تساهم يوميا في تدمير البيئة الفلسطينية، خاصة إن المشاغل والمصانع التي تعيد تصنيع وتحسين الزيوت المعدنية، لا تملك محطات معالجة لمنع تسرب الزيوت العادمة الى الأراضي المحيطة بها، متسائلا كيف يمكن إلزام اصحاب المصانع المقامة على اراضي ذات ملكية خاصة بالتخلص من نفاياتهم السامة بطرق سليمة؟ اذا كانت المنطقة الصناعية "الفحص" في الخليل تفتقر لأبسط الطرق الصديقة للبيئة للتخلص من النفايات بأنواعها، حيث تعتمد عشرات المحاجر ومشاغل دباغة الجلود ومصانع البلاستيك في تلك المنطقة على قنوات مكشوفة تجري وسط الأراضي الزراعية لبث سمومها.
واعتبر المصدر ان المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على البلدية التي لم توفر البنية التحتية المناسبة للمصانع، ولم تتعاون مع المؤسسات المختصة لوضع حد للمخالفين الذين يتخذون من الشوارع والأراضي الزراعية مكبات نفايات لمنشآتهم الصناعية، وأكد على ضرورة إجبار أصحاب المصانع على عمل تقييم للأضرار البيئية قبل منحهم الترخيص. وتكمن المشكلة في أن معظم المصانع القائمة مرخصة وتمارس عملها ضد البيئة بشكل قانوني.
|
|
براميل لجمع الزيوت المعدنية وبيعها |
جمع زيوت عادمة اثناء عملية التعبئة لبيعها للمخابز |
|
|
زيوت معدنية عادمة تتسرب من حاوية نفايات احد المصانع |
زيوت معدنية عادمة تجري في الاراضي الزراعية |
آثار الزيوت المعدنية
يفيد المهندس الزراعي سامح الصغير، أن المواطن في الخليل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة لاعتماد عددٍ من المخابز والأفران على الزيوت المعدنية في تشغيلها حيث تلوث المواد الغذائية بمواد كيميائية مسرطنة ومضرة بصحة الإنسان، كما يقوم بعض المزارعين باستعمال الزيوت المعدنية العادمة في عمليات رش المزروعات للتخلص من الحشرات والفطريات والآفات الزراعية، إذ دلت التجارب المخبرية على انتقال هذه الزيوت عن طريق الثمار وأوراق النباتات إلى الإنسان والحيوان مسببة مشاكل صحية خطيرة.
كما تعمل الزيوت المعدنية التي يتم التخلص منها في الأراضي الزراعية على قتل الكائنات الحية الدقيقة الموجودة بالتربة، وتغطي أوراق الاشجار بطبقة زيتية تعيق عملية النمو، ما يؤدي الى موت النباتات وتدمير التربة، وفي حال وصول هذه الزيوت إلى مصادر المياه السطحية والجوفية فإن المشكلة تكون متضاعفة حيث أن معالجة المياه الملوثة أمر صعب ومكلف اقتصاديا، كما تتسبب الزيوت المعدنية العادمة المختلطة بالمياه السطحية في قتل كافة أشكال الحياة المائية، نظرا لمنعها الأوكسجين من الوصول إلى هذه الكائنات، كما تعمل على زيادة نشاط البكتيريا اللاهوائية المسببة لتسمم المياه وتغيير درجة حموضتها الطبيعية، وفسادها بشكل كلي.
اشاعات
ومن جهته يفيد المهندس علي سدر مدير خط الإنتاج في احد مصانع الزيوت المعدنية بالخليل، إن كميات الزيوت المتسربة، تكاد تكون معدومة حرصا من اصحاب المصانع على الاستفادة من كل قطرة زيت بسبب ارتفاع أثمانها وما ينتج من فاقد نتيجة للتعبئة، يتم جمعه وبيعه لأصحاب ورش البناء لدهن الاخشاب اضافة الى بيع كميات قليلة لأصحاب الافران والمخابز. كما تم حفر آبار خاصة لتجميع المياه الممزوجة بالزيوت العادمة، معتبرا ان مصانع الزيوت لا تشكل خطرا على البيئة، وكل ما يشاع عن هذه الصناعة يهدف لتدمير الاقتصاد الفلسطيني.
تذكير
وهنا لا بد من القول ان البيئة والمواطن الفلسطيني سيبقيان عرضة للخطر، ما دامت هذه المصانع مستمرة بالتخلص من نفاياتها السامة بشكل عشوائي دون الاهتمام بما تسببه من اضرار. وما دامت المؤسسات المختصة، غافلة عن وضع حد للمتساهلين بحق البيئة الفلسطينية.
|
|
زيوت معدنية عادمة تتسرب اثناء التعبئة |
تسريب الزيوت العادمة في الاراضي الزراعية |
|
|
زيوت معدنية عادمة ممزوجة بالمياه تملأ احد مصارف محطات تبديل الزيوت |
مكان تحميل وتزيل براميل الزيوت العادمة |
|