مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2012 العدد-48
 
Untitled Document  

 أبخرة وقود السيارات تحوي مواد سامة بعضها مسرطن
آلاف أطنان أبخرة الوقود السامة تنبعث سنويا إلى الهواء من منشآت الوقود في الضفة وغزة
المطلوب فرض تركيب أنظمة لمعالجة الأبخرة السامة في محطات الوقود  

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

لماذا تخلو محطات الوقود الفلسطينية من الأنظمة الخاصة بمعالجة أبخرة الوقود، بهدف تقليص الكميات المنبعثة أثناء تعبئة خزانات الوقود في المركبات؟  وذلك بالرغم من أن دولاً عدة مثل الولايات المتحدة الأميركية ومعظم الدول الأوروبية، فرضت، منذ سنين طويلة، وضع مثل هذه الأنظمة في محطات الوقود؛ بل إن تراخيص عمل المحطات تلزم وضع أنظمة لمعالجة الأبخرة.
ولماذا لا تفرض الجهات الفلسطينية المختصة (هيئة البترول، وزارتا البيئة والصحة وغيرها) على أصحاب محطات الوقود، تركيب مثل هذه الأنظمة في منشآتهم، ولو بشكل تدريجي خلال فترة زمنية محددة؟  علما بأن تركيب مثل هذه الأنظمة سيقلل بنحو 90% من أبخرة الوقود المنبعثة من المحطات إلى البيئة.  وبحسب تقديرات الخبراء ينبعث إلى الهواء في الضفة الغربية وقطاع غزة آلاف أطنان أبخرة الوقود السامة سنويا.  ويؤذي التلوث الناتج من هذه الانبعاثات العاملين في تلك المحطات بالدرجة الأولى، والذين يتعرضون بقوة وبشكل متواصل للبنزين المسرطن.
ولا يقتصر ضرر أبخرة وقود السيارات على العاملين في منشآت الوقود، بل يمتد أثره في دائرة أكبر بكثير من مواقع تلك المنشآت، وبخاصة أن أبخرة الوقود تتحول إلى غاز الأوزون السام الذي ينتشر على مسافة بضعة كيلومترات، فيؤذي الجهاز التنفسي.
وفي لحظة جريان الوقود من الأنبوب إلى داخل خزان وقود السيارة، تنبعث كمية كبيرة من الأبخرة عائدة بشكل مباشر إلى جهازنا التنفسي وإلى الفضاء الداخلي للسيارة، ما يتسبب في استنشاق ركاب السيارة للأبخرة بتركيز مرتفع.   
ومن المعروف أن أبخرة وقود السيارات تحوي مواد سامة مختلفة بعضها مسرطن، مثل "البِنْزِين" (C6H6 ) ؛ إذ أن الأبخرة المنبعثة من محطات الوقود تلوث الهواء وتؤذي صحة الجمهور.  وفي حال المساحات الجغرافية الصغيرة والمحدودة والكثيفة السكان، كما في فلسطين، يتضاعف الضرر كثيرا.      
وتكمن خطورة أبخرة الوقود في الجو في أنها تتفاعل مع بعض المكونات الهوائية؛ مما يولد ملوثات هوائية جديدة، وبخاصة الأوزون.  وبحسب منظمة الصحة العالمية؛ فإن التعرض للأوزون بمستويات مرتفعة يتسبب في ارتفاع ملحوظ بنسبة أمراض الجهاز التنفسي، والأوعية الدموية والقلب، فضلا عن زيادة احتمال الإصابة بجلطة دماغية.
ويقدر الخبراء كمية أبخرة الوقود المنبعثة من منشأة متوسطة، بأكثر من عشرة آلاف لتر سنويا؛ ما يتسبب في خسارة اقتصادية كبيرة؛ بل والأخطر من ذلك، في ضرر بيئي وأذى صحي لرواد تلك المنشأة.
والسؤال المطروح:  ما هي مستويات الأوزون في الهواء المحيط بمحطات الوقود بداخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية؟  هناك شكوك قوية  بأن تركيز الأوزون أعلى من المسموح به حسب منظمة الصحة العالمية!
ومن خلال عملية تدقيق أجرتها في حينه مجلة آفاق البيئة والتنمية (أيلول 2010)، تبين بأن أيا من الجهات المعنية (وزارة الصحة، وزارة البيئة وغيرهما) لم تجر، في السنوات الأخيرة، فحوصات مخبرية على عينات من الهواء المحيط بمحطات الوقود.  هنا أيضا الشكوك قوية، بأن الهواء المحيط بتلك المحطات يحوي مستويات "بِنْزِين" أكبر من المسموح بها حسب منظمة الصحة العالمية. 

محطات وقود عشوائية وتلويث للأرض والمياه الجوفية
لا تكمن الخطورة البيئية والصحية لمحطات الوقود في الملوثات الهوائية التي تنتجها فحسب، بل ينسحب الأمر إلى جودة المحطات ومواقعها العشوائية داخل الأحياء السكنية، والتلوث البيئي والصحي الذي تتسبب به للبيئة المحيطة وللأرض المقامة عليها ولباطن الأرض، فضلا عن مدى جدية عمليات المراقبة البيئية والصحية التي يفترض بالجهات المسئولة أن تنفذها، علما بأن بعض الكوارث البشرية والبيئية حدثت في السنوات الأخيرة، كان آخرها كارثة انفجار محطة الوقود في رام الله (أم الشرايط) قبل بضع سنوات، والتي راح ضحيتها مواطنون وأطفال أبرياء.
وفي الواقع، يتسبب الجزء الأعظم من مئات محطات الوقود المرخصة المنتشرة في الضفة والقطاع، في تلوث الأرض، مما يثير شكوكا قوية حول احتمال تلوث المياه الجوفية بالمواد الكيميائية المتسربة من تلك المحطات،  يضاف إلى ذلك انتشار محطات وقود عشوائية وغير مرخصة. 

محطة وقود وسط البلد في رام الله تحيطها المنازل والمحلات التجارية والمكاتب

وقبل أكثر من عام، اكد المهندس محمود عبدالله نائب رئيس بلدية رام الله، خلال برنامج "عين على البيئة" التلفزيزني الذي ينتجه ويبثه تلفزيون "وطن" بالشراكة مع مركز العمل التنموي / معا أن الواسطة و المحسوبية تشكل عنصرا هاما في اعطاء تراخيص محطات الوقود الفلسطينية، محملا هيئة البترول الفلسطينية وسلطة جودة البيئة مسؤولية ذلك.     وأضاف المهندس عبد الله ان الفحوصات الوقائية لمحطات الوقود شكلية وليست بالشكل العلمي الصحيح، هذا اضافة لجهل المراقبين بالمواصفات اللازمة وإجراءات الفحص السليم.   وكشفت "عين على البيئة" آنذاك (كانون ثاني 2011) بأن محطات الوقود الفلسطينية تنعدم فيها انظمة معالجة ابخرة الوقود، لاسيما وان لهذه الابخرة اضرار صحية على المواطن و تحديدا على الجهاز التنفسي.
وحاليا، يعدّ الكشف عن المواد الكيميائية السامة المتسربة من محطات الوقود في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكيفية معالجتها، مسألة عالقة وتفتقر إلى المتابعة والرقابة.  حيث تشكل خطوط أنابيب الوقود وخزانات الوقود الكبيرة والصغيرة مصدرا لتلويث مصادر المياه، علما بأن تسرب الوقود إلى الأرض وباطنها يؤذي الصحة العامة والبيئة.
وتعد مكونات الوقود، مواد سامة قد تسبب تلفا للجهاز العصبي المركزي ولجهاز المناعة وللخصوبة.  كما أن مضافات الوقود (مثل مادة  MTBEالمذابة في الماء) تنتشر لمسافة مئات الأمتار.
وللكشف عن الملوثات المتسربة من محطات الوقود وتركيزاتها، يتم، بالعادة، فحص نسبة الغازات في الأرض، ومن ثم سائر الملوثات السائلة أو الصلبة.
وتعد البنية التحتية لمحطات الوقود المصدر الأساسي لتلوث الأرض.  وتتضمن تلك البنية موقع تعبئة الخزانات، مواقع شحن السيارات بالوقود وأنابيب نقل الوقود من الخزانات إلى مواقع الشحن.  والسؤال المطروح:  كم من محطات الوقود الفلسطينية تعكف، كل بضع سنوات، على إجراء فحوصات لمدى العزل القائم في خزانات الوقود وخطوط الأنابيب؟
ومن أهم أسباب تسرب الوقود في البنية التحتية للمحطات:  الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة، الخلل في البنية التحتية للمحطة ولمواقع شحن السيارات بالوقود، تسرب في الخزان، إصابة أنبوب، تعبئة فائضة لخزانات الوقود في المحطة ولخزانات وقود السيارات وسيلان الوقود عند الانتهاء من تعبئة السيارة بالوقود.

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية