مرسم شمس ارض
مشروع شبابي ابداعي يصمم قطعَ الأثاث من مخلفات البيئة
|
مهندسو شمس أرض يعكفون على تصميم وإنتاج قطع فنية وأثاث منزلي ومكتبي من مخلفات صلبة إعيد استعمالها وتدويرها |
حاورتهم: ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
مكتب وورشة صغيرة في احدى عمارات رام الله، جمعت اربعة شباب دانا، لينا، رامي وغيث، التقوا سوياً لتحقيق رغبة بأن يكونوا منتجين بأقل قدر ممكن من الاستهلاك محولين الخرداوات -من معادن وخشب وبلاستيك- التي تلوث وترهق البيئة الى كرسي وأريكة وطاولة وسرير وإصيص. ينعشون افكار من حولهم بإمكانية الابداع ولو بأبسط الأشياء. مسؤوليتهم تجاه البيئة ورغبتهم في التمرد على الخط التجاري السائد جعلهم تجربة رائدة تحت اسم مرسم "شمس أرض". حيث أستلهم الاسم من العمارة البيئية وعلاقة العمارة بالشمس، كونها عنصراً لطالما تم استغلاله في كوكبنا.
زارت مجلة آفاق البيئة والتنمية مرسمهم أو مشغلهم البسيط المؤلف من أثاث مكتبي معاد تدويره، والتقت بالمهندسة دانا مسعد والتي التقت بالصدفة مع ثلاثة خريجين من جامعة بيرزيت لديهم رؤية وفكر منسجم مع نظرتها البيئية، فقرروا جميعاً تأسيس مكتبهم في رام الله، وكان من هذا المكان الصغير، الانطلاقة للأفكار الابداعية الكبيرة.
|
|
دانا مسعد في مرسم شمس أرض |
دانا مسعد في مرسم وورشة شمس أرض |
الواقع يقتل الذكريات
تقول دانا: " الوضع الذي آل اليه المجتمع والطابع الاستهلاكي الجديد المستمد من منهاج الحياة العصرية، جعلني أفكر في العمل بطريقة مختلفة عن السوق، اجتمعت على أساسها وشركائي، لنعمل سويا ونضع معرفتنا وأفكارنا الهندسية بها".
لكن ما آلم دانا أكثر، هو الاعتداء على ذاكرتها الجميلة لمنطقة وادي رام الله، وعين ماء قينيا، حيث كانت مزاراً طبيعياً ساحراً لأهالي المدينة، فتقول متحسرة: " بعد ست سنوات من العيش في الولايات المتحدة، عدت لأجد المكان على النقيض، فقد أضحى مليئاً بطمم البنايات ومخلفاته من بلاستيك ومواسير وقاذورات، كما تقلصت مساحة المكان نتيجة انتشار البناء القبيح" ...وتساءلت: "ما دور البلدية أمام هذا الانتهاك؟؟"
ولم تختلف نظرة زملاء دانا عنها فيما يتعلق بالوعي العالي تجاه البيئة وضرورة البدء بالتغيير من أنفسهم، وحين اجتمعوا أول مرة كان في جعبتهم فكرة انشاء استراحات داخل نطاق مدينة رام الله من مخلفات البيئة دون أي مقابل مادي، فقط لتعميم الفكرة، لكن لم يتم المتابعة من البلدية، فاتجهوا مباشرة للعمل في مرسمهم نهاية العام الماضي.
معرض من نوع آخر
وبعد ستة أشهر من العمل الجاد عبر جمع جزء ضئيل من المخلفات الهائلة الملقاة في الأراضي وبجانب المباني السكنية، تم تصميم قطع اثاث بيتية منها الداخلي ومنها الخارجي الاستعمال، من يراها لا يصدق تحولها من قطع بشعة تشوه المنظر العام إلى قطعة فنية مفيدة للاستعمال. وقد عرضت جميعها في قاعة "جاليري المحطة" في حزيران الماضي، ولاقت اقبالاً كبيراً من مختلف فئات المجتمع، وكان أكثر ما أسعد الطاقم هو ردود الأفعال التي تجاوزت التوقعات.
تقول المهندسة الشابة لينا العاروري: "بعد المعرض توالت الاتصالات على المرسم من الزوار الذي اهتموا بجمعنا للمخلفات، فاخذوا يخبروننا عن مواقع لبراميل ومشاتيح خشبية ومواسير وغيرها..."
|
|
أريكة أنتجتها مجموعة شمس أرض من مخلفات خشبية |
مصباح من مخلفات المواسير |
مبانٍ من الأرض للأرض
وعدا الأثاث يهتم المرسم بتقليل تكلفة البناء وجعله بمتناول شريحة أكبر من المجتمع عبر البحث عن مواد وطرق بناء حديثة/ قديمة وتجربتها واختبارها من أجل خلق مبان بديلة صديقة للبيئة والإنسان، وقد اكتسب كل من الفريق الخبرة في هذا المجال، فكان كل من رامي وغيث جزءاً من الفريق المشرف على بناء مركز نسوي في مخيم عقبة جبر في أريحا، قامت به اليونسكو، و كان لدانا الفرصة لتكون جزءا من مشاريع مختلفة بهذا المجال في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كان للينا الفرصة بالبحث والتصميم بطرق بيئية مختلفة تعتمد على التحليل والتقليل من الطاقة المستنفذة من البناء، وكمية الطاقة المستنفذة أثناء استخدام المباني.
يضيف رامي: "بناؤنا لتلك البيوت سريعة الإنشاء، في مناطق يتعرض سكانها للتهجير المتعمد، يجعلها الحل الأفضل لتثبيت الوجود في ظل شبح الهدم الذي يلوح به الاحتلال بين فينة وأخرى". ومن جهة أخرى، يعد هذا البناء، وفق رامي، صديقا للإنسان، حيث أنه يذهب أكثر من 70 % من التكلفة للعمالة، ما يعتبر عكس البناء بالطرق التقليدية السائدة"
|
|
وادي رام الله الذي كان معلما بيئيا ساحرا تحول إلى مكب نفايات عشوائي |
تعكف مجموعة شمس أرض على تطوير طرق ومواد بناء محلية موفرة للطاقة وغير مكلفة |
من عبء إلى ابداع
وفي المرسم يوجد جدار عبارة عن لوح كبير مكتوبٌ عليه بالطباشير المهام التي على المرسم انجازها من كرسي في مطعم الى طاولة في آخر وسرير في منزل، وفي الورشة الملاصقة للمكتب، باب ثلاجة برفوف، وقطع خشبية وبلاستيكية ومواسير، وكلها تنتظر فرصتها لتتألق في شيء مفيد وجميل.
وعن أعمال "شمس أرض" المستقبلية فيستعد المرسم لتصميم عناصر وقطع لربط الاعمال الفنية ضمن مسابقة الفنان الشاب المنظمة من قبل مؤسسة عبد المحسن القطان.
يقول رامي الذي يحلم بتأثيث بيته المستقبلي من مواد محلية ومدورة وأخرى معاد استعمالها: " منذ تأسيس المرسم، صرت انظر للأشياء نظرة مختلفة، اصبح خيار التخلص السريع من النفايات آخر خيار، فدائما هناك طريقة بديلة للاستفادة من الشيء، حتى كيس البلاستيك ان لم استطع تدويره فسأستعمله مجدداً، حتى لا يُحرق أو يتلف التربة الممتازة التي تتميز بها أرضنا، أو سأستعيض عنه بآخر قماشي" .
وتمنى رامي تشاركه زميلتاه أن نصبح دولة مكتفية ذاتيا منتجة وغير مستهلكة. وتمنت دانا على وجه الخصوص انشاء حديقة من مواد معاد تدويرها لتصبح مزاراً يكرس هذا النمط البيئي.
|
|
سرير أنتجته مجموعة شمس أرض من مخلفات صلبة |
قطع فنية وأثاث أنتجها شباب من مجموعة شمس أرض الفلسطينية من مواد معاد تدويرها في معرض جاليري المحطة |
|
|
كرسي صنعته مجموعة شمس أرض من برميل |
كرسي منن مخلفات المواسير |

قمة الابداع أن تستغل الموجودات من حولنا وخصوصا عوادم ومخلفات البيئة ونحولها بلمسة جمالية فيما يخدم حاجة الانسان ويلبي رغباته ويشبع احتياجاتة والتغلب على اعباء الحياة وهمومها.....الخ
ماجد
إن وجود مثل هؤلاء المبدعين البيئيين العاملين على أساس علمي في أوساط شعبنا، لهو دليل على أن الأمل البيئي موجود، والتفاؤول في مستقبل بيئي مشرق لوطننا ممكن، بالرغم من الحلكة البيئية المظلمة التي نعيشها حاليا...فهنيئا لكم يا مبدعي شمس أرض
|