حزيران 2008 العدد (4)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

June 2008 No (4)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

لقاءات حوارية:

خبراء يطالبون بإنجاز مشاريع تعتمد على الطاقة البديلة وتخفف من معاناة الغزيين

آفاق استخدامات الطاقة المتجددة في قطاع غزة 

 

بشار عاشور:  مشاريعنا تهدف إلى مواجهة أزمة الطاقة التي تحدق بقطاع غزة

رياض جنينة:  إنارة جسر وادي غزة بالطاقة الشمسية خطوة نحو الحفاظ على البيئة

عوني نعيم:  الاحتلال يضع العراقيل لمنع استقلال قطاع الطاقة لأهميته

يوسف أبو صفية: محاولات لتوليد الطاقة من النفايات ولكن !!  

 

غزة/ سمر شاهين وماجدة البلبيسي

خاص بآفاق البيئة والتنمية  

 

أكد مختصون بيئيون على أن الأوضاع التي يعيشها قطاع غزة في ظل الحصار والإغلاق المشددين  يتطلب البدء، الفعلي بإنجاز مشاريع عاجلة تعتمد على الطاقة البديلة،  وبخاصة لأن المناطق الفلسطينية المحتلة تقع في موقع متوسط في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، ويتميز موقعها بكمية الإشعاع الشمسي العالي خلال السنة، حيث يتميز بطاقة اشعاع شمسي سنوية تعادل 222 كيلو جول للمتر المربع، كما تعتبر معظم الأيام في قطاع غزة من الأيام التي تسطع فيها الشمس حيث يقدر معدل الأيام المشمسة 333 يوم في السنة ويعتمد القطاع على مصادر الوقود غير المتجددة  لتلبية حاجاته الأساسية من الطاقة لتسيير جميع أشكال الحياه في القطاع.

ودعوا أصحاب الاختصاص والمؤسسات ذات العلاقة إلى التفكير بصورة أكثر فاعلية، من أجل مواجهة الأزمة، وإيجاد بدائل عاجلة وسريعة للتخفيف عن كاهل المواطنيين الذين باتوا يعانون الكثير من جراء نقص السولار والوقود والغاز وباتت حياتهم تعود إلى البدائية لاسيما إشعال النيران مما يضر بالبيئة على المدى البعيد.

وأوصوا بضرورة إنشاء بنك معلومات يوفر للباحثين معلومات وافية عن حاجات العالم العربي إلى الطاقة في الحاضر والمستقبل، وإعداد الأطر البشرية المؤهلة لتوظيف الطاقات المتجددة في توليد الكهرباء، وإجراء دورات تدريبية لهم بالتعاون مع الخبرات الإقليمية والدولية، التشجيع على استخدام الطاقة الشمسية باعتبارها الأكثر وفرة في فلسطين وذلك في عمليات التسخين والتدفئة والإنارة المنزلية.

ونبهوا إلى أهمية وضع البرامج الإعلامية الهادفة إلى تعريف المواطن بأهمية الطاقات المتجددة وسبل الإفادة منها على نحو علمي وموضوعي، وسن التشريعات والقوانين التي من شانها تشجيع استعمال الطاقات المتجددة كبديل للطاقة التقليدية.

لقاءات حوارية

جاء ذلك خلال لقاءات حوارية نظمتها "آفاق البيئة والتنمية" لالقاء الضوء حول الطاقة البديلة في الأراضي الفلسطينية بصورة عامة وقطاع غزة بخاصة، حيث أدار

جملة اللقاءات الصحفيتان سمر شاهين وماجدة البلبيسي، بمشاركة عدد من المختصيين في مجال البيئة والمشاركين في تنفيذ جملة من المشاريع التي اعتمدت على الطاقة البديلة لحلول جوهرية لمجابهة الأزمة التي تتواصل وتتفاقم يوما بعد يوم في ظل حرمان القطاع من المحروقات بفعل الحصار والإغلاق الإسرائيلي المشدد.

المهندس بشار عاشور من مجموعة الهيدرولوجيين في غزة حاورته "آفاق البيئة والتنمية" باستفاضة حول عدد من المشاريع التي نفذتها المجموعة وكانت الأولى في قطاع غزة، ولاقت نجاحا متميزا بشهادة أهل الاختصاص.

يقول عاشور: " لقد تم تنفيذ مجموعة من المشاريع التي من شانها أن تساهم بصورة فاعلة في استخدام الطاقة البديلة" الشمسية"، من أجل مواجهة الأزمة التي تحدق في الشعب الفلسطيني ولاسيما على صعيد قطاع غزة بصورة خاصة إضافة إلى الاستفادة الكبيرة من الطاقة الشمسية.

وأشار إلى أنه تم تنفيذ أربعة مشاريع علي استخدام الطاقة الشمسية كللت جميعها بالنجاح، وكانت حافزا كبيرا من أجل إيجاد مشاريع ذات أهمية تعتمد على الطاقة البديلة ومن هذه المشاريع ضخ المياه الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية الذي قام بتنفيذه مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، وهدف إلى نشر تقنية الضخ باستخدام الطاقة الشمسية للزراعة ـ أما المشروع الثاني فقد تمثل في المجفف الشمسي، وعمل على تنفيذه اتحاد لجان العمل الزراعي وهدف إلى تطوير جهاز تجفيف للمزارعين يعتمد على الشمس، وأما المشروع الثالث فقد تمثل في تعقيم التربة بالطاقة الشمسية ونفذه جمعية التنمية الزراعية : الإغاثة الزراعية- وهدف بالدرجة الأولى إلى تقليل استخدام مبيدات تعقيم التربة المحرمة دوليا والاستعاضة عنها بطاقة الشمس للتعقيم.  يضاف إلى ذلك مشروع إنارة جسر وادي غزة الذي عمل على تنفيذه مجموعة الهيدرولوجيين، وهدف إلى تصميم وبناء نظام إنارة يعتمد على الطاقة الشمسية.


ضخ المياه الجوفية

 وتحدث المهندس عاشور حول مشروع ضخ المياه الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية لافتا النظر إلى أنه قد تم تنفيذ المشروع  في قطاع غزة ، خلال الفترة من العام

 2000 حتى العام 2002 ؛ و ذلك بعد تطور الحالة الأمنية بعد نشوب انتفاضة الأقصى حيث تم تغيير موقع المشروع من منطقة المواصي إلى منطقة الزيتون، بسبب إغلاق منطقة المشروع .ترتكز فكرة المشروع على تطوير آلية لضخ المياه الجوفية في المناطق النائية وبصورة خاصة البعيدة عن شبكات الكهرباء المحلية و القطرية؛، وذلك لتوفير التكلفة و تطوير آليات ضخ صديقة بالبيئة لا تستخدم محركات الاحتراق الداخلي التي تعتمد على الوقود الأحفوري، و تطلق غازات الكربون التي تساهم في عملية الاحتباس الحراري العالمي .

وأشار إلى أن فكرة المشروع اعتمدت بصورة أساسية على تحويل طاقة ضوء الشمس من أجل توليد طاقة كهربائية  لتشغيل مضخة كهربائية غاطسة ،على عمق 55 متراً بتصريف 5 أمتار مكعبة بالساعة، وذلك  إلى خزانات على ارتفاع 12 متراً لتوفير الطاقة لتجميع المياه بحجم  15 متراً مكعباً ، من أجل ري حديقة بمساحة 2000 متر مربع ( 2 دونم ) .

وأوضح أنه يتم تحويل الطاقة الكهربائية  المتولدة من الألواح الشمسية  والتي يتم تخزينها بواسطة 12 بطارية خاصة إلى تيار متردد بواسطة محول كهربائي خاص .

ولفت النظر إلى أن عملية ضخ المياه عملية حيوية لحياة الإنسان ، وتؤثر فيها الظروف السياسية والاقتصادية للمجتمع، حيث تحدد إمكانية الوصول إلى مصدر الضخ والجدوى الاقتصادية منه  إضافة إلى نوعية المياه التي يتم ضخها وهي محددات أساسية للحصول على الماء .

وأشار إلى أن عملية ضخ المياه تقوم باستخدام المضخات التي تعتمد في  عملها على عملية  تحويل الطاقة التي تستمدها من مصادر متنوعة إلى طاقة لرفع وسحب المياه في استخدامها في أنشطة الإنسان المختلفة من شرب أو زراعة.  وعادة ما يتم لتشغيل مضخات المياه استخدام مصادر الوقود الأحفوري للمحركات ذات الاحتراق الداخلي وبشكل أقل بواسطة التيار الكهربائي الذي يتم توليده عن طريق حرق مشتقات البترول التي يؤدي احتراقها إلى تلوث الهواء وارتفاع نسبة الغازات فيه.

وقال:  "يمكن توليد الطاقة الكهربائية من مصادر متنوعة نظيفة ومتجددة أهمها طاقة الشمس، حيث تقوم الخلايا الكهرضوئية بتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية مستمرة  تتناسب قيمتها  مع شدة سطوع الشمس، التي تبلغ في قطاع غزة 222 وات للمتر المربع ،و زاوية ميل الألواح للخلايا الشمسية التي تحدد الدراسات أن زاوية الميل الفضلى لها في غزة تبلغ 20 درجة وتستقبل 5.6 كيلووات ساعي لكل مترمربع في كل يوم ، إضافة إلى كفاءة .الخلايا المستخدمة والتي يحددها المصنع؛ وقد تم استخدام  ألواح خلايا((modules  من نوع سيمينز بكفاءة 10بالمئة و بطاقة ذروة للمنظومة (Array peak watts1730).

كما تعتمد فكرة الضخ باستخدام الطاقة الشمسية على استخدام المياه في حالة الحاجة إليها للري بخاصة، حيث يقترن ري المزروعات  بالاحتياج وبازدياد نسبة البخر التي تزداد خلال فصول الصيف وأواخر فصل الربيع وأوائل فصل الخريف؛ يتوافق ذلك مع درجة  سطوع وزاوية ميل أشعة  الشمس الساقطة ، والتي يتم تحويل طاقتها من خلال مجموعة من المنظومات المترابطة من ألواح الخلايا الشمسية إلى طاقة كهربائية مستمرة ، و يحدد حجم الاحتياج إلى الطاقة مساحة المنظومة ، وقد تم تحديد حجم الاحتياج حسب آخر تصميم للمشروع بحوالي 10 كيلوات ساعي باليوم تتضمن عملية الضخ من بئر جوفي والضخ لشبكة الري و الإنارة وتشغيل كومبيوتر عند الضرورة .

وقال عاشور: "يتم تخزين الطاقة الناتجة عن منظومة  الألواح في بطاريات مناسبة ( 12بطارية 2 فولط للواحدة )؛ وذلك بعد تنظيم التيار الداخل عليها، كما يتم تخرين المياه الناتجة عن الضخ في خزانات لإستخدامها عند الحاجة؛ الأمر الذي  يقلل هدر المياه بالدرجة القصوى إضافة إلى هدر الطاقة ، مما يساهم بشكل مهم في الحفاظ على عناصر البيئة و حمايتها من التلوث. 

 

 

 

 

 

 

مشاكل أساسية

وأضاف:  "إن فكرة وهدف المشروع تقومان على نشر استخدام طاقة الشمس كمصدر طاقة متجدد  في ضخ المياه الجوفية في قطاع غزة  كتقنية جديدة و صديقة بالبيئة، وتدريب المجتمع المحلي و المختصين على استخدامها.

وأوضح أن فكرة المشروع تبلورت  في منتصف عام 1999، حيث تم تقديم مسودة لمقترح فكرة المشروع إلى مرفق البيئة العالمية ، الذي قدم كل الدعم لنجاح وتطبيق فكرة المشروع في فلسطين.

وأشار إلى أنه  تم استخدام الطاقة الناتجة في ضخ المياه الجوفية من بئر جوفية تم حفرها بعمق 60 متراً بواسطة مضخة غاطسه باستطاعة 1.5 حصان، وتخزين المياه الناتجة عن عملية الضخ في خزانات بحجم 15 متراً مكعباً مرتفعة مسافة 12 متراً عن الضاغط الهيدروليكي للبئر( و الذي يبلغ 40 متراً).

ولفت النظر إلى أن المشاكل الأساسية في المشروع كانت مرتبطة بشكل أساسي بوضع الاحتلال والإغلاق  الذي تعيشه المناطق  الفلسطينية؛ ولقد كان ذلك واضحاً  عند عدم قدرة فريق العمل في المشروع من الوصول إلى الموقع الأساسي للمشروع الذي تم إغلاقه مع إغلاق المنطقة ،إضافة إلى مشكلة التوريد؛ حيث تم التعامل مع مواد المشروع  في الميناء كمواد أمنية حتى تم الإفراج عنها من قبل قوات الاحتلال ، وكذلك عدم قدرة الموردين من داخل الخط الأخضر على الوصول إلى موقع المشروع في القطاع . هذا إضافة إلى ارتفاع السعر الأولي  للألواح الشمسية بشكل كبير بالنسبة لمشاريع الضخ باستخدام الطاقة التقليدية ( بلغ سعر الألواح  الشمسية تقريبا12000 دولار)، على الرغم من أن الجدوى الاقتصادية لها على المدى الطويل أكبر، بسبب انعدام معامل الصيانة تقريباً بالنسبة إلى مشاريع الضخ التقليدي، وبسبب عدم وجود مستوردين محليين داخل الأراضي الفلسطينية، وكذلك إلى وجود بعض المشاكل التقنية التي حدثت في بعض أجزاء المشروع والتي يمكن اعتبارها  مشاكل كهربائية عادية مثل مشاكل في البطاريات أ و مشاكل التماس الكهربائي عند التركيب.

إن اعتماد مصادر الطاقة المتجددة يعتمد بصورة أساسية على عدة عوامل مهمة، دعم المجتمع و توافر السوق المحلية و دعمها ، و توافر الخبرة الفنية ، وإمكانية الحركة وزوال الاحتلال، و هكذا يعتبر مشروع ضخ المياه الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية في قطاع غزة لبنة أولى في بناء كبير يجب أن يتم تأسيسه في وعي المجتمع لأهمية مثل هذا النوع من المشاريع لتحقيق التنمية والاستقلال والمساهمة في حماية البيئة العالمية.

 

وللجسر نصيب من الانارة

وبدورة تحدث المهندس رياض  جنينة مدير المجموعة فرع غزة حول مشروع انارة الجسر الذي يربط وسط القطاع مع جنوبه، والذي لاقى استحسانا كبيرا لدى الجميع قائلا :" إن وادي غزة يعتبر من أهم المناطق الإستراتيجية  في قطاع غزة، وذات المستقبل السياحي بسبب كونه يمثل بيئة خصبة للتنوع الحيوي و احتضانه لمواقع مهمة للتراث الحضاري في قطاع غزة . لكنه يعاني بصورة عامة من نقص هام في الخدمات الأساسية للبنية التحتية فيه.

و قد كانت الإنارة الليلية للجسر تعتمد  على أعمدة إنارة  تمتد على جانبي الجسر  تستمد طاقتها من مولد يعتمد على الديزل؛ وذلك لكون الجسر يقع بعيداً عن الشبكة المحلية لتوزيع الكهرباء حوالي 5 كم  وتبلغ تكلفة وصل منطقة الجسر بشبكة الكهرباء المحلية  أكثر  من "20" الف دولار، متضمناً ذلك تكلفة الطاقة الكهربائية المستهلكة خلال فترة عمر المشروع، إضافة إلى كون الأعمدة ستخترق منطقة محمية بيئياً . 

وبيّن أن  فدرة المشروع اعتمدت بصورة مختصرة  على إنارة جسر وادي غزة  بواسطة 20 وحدة انارة بقدرة 36 واط لكل عمود إنارة  بالاعتماد على الطاقة الشمسية لتوليد طاقة الإنارة.

مصادر متجددة

وأوضح جنينة أنه  بناء على دراسة المشاكل تم البحث في إمكانية استخدام مصادر الطاقة المتجددة  المحلية كطاقة الشمس ، التي تعتبر من أغنى الموارد المتجددة في القطاع ، حيث يبلغ متوسط شدة الإشعاع الشمسي السنوي الساقط  222 كيلو وات / م2 في السنة  ، إضافة إلى معدل إضاءة مستمر تقريباً معظم أيام السنة؛ وذلك بطريق استغلال تقنية تحويل طاقة الإضاءة الشمسية  إلى طاقة كهر بائية قادرة على الإنارة بصورة كافية.

وفي معرض رده على سؤال حول المشاريع القادمة والعاجلة والتي تاتي من رحم المعاناة لسكان القطاع في ظل نقص كمية غاز الطهيّ، أشار المهندس بشار عاشور إلى مشروع ينتظر التمويل للبدء بتنفيذه وهو ما اطلق عليه مشروع " الطباخ الشمسي" لافتا النظر إلى أن الفكرة ولدت من رحم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الحصار الخانق وعدم توفر المحروقات للمواطنيين ولاسيما " الغاز والتيار الكهربائي".

 

تناقص كبير

 وأشار إلى أن  القطاع يعتمد على مصادر الوقود غير المتجددة  لتلبية حاجاته الأساسية من الطاقة لتسيير جميع أشكال الحياه في القطاع؛ ومن أهم هذه الموارد الغاز الطبيعي أو غاز الطبخ الذي تناقصت كمياته المتاحة للمواطنين في الفترة الأخيرة لعدة أسباب أهمها:

-        حالة الحصار المفروضة على القطاع من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وما رافق ذلك من تقليص لكميات الوقود التي تدخل القطاع من خلال معابر القطاع.

-        استهلاك جزء كبير من كميات الغاز في تشغيل المركبات بعد تحويل نظام تشغيل الطاقة من البنزين إلى الغاز، وذلك بسبب انخفاض التكلفة للتشغيل قياسا للبنزين.

-        ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز ارتفاعاً كبيراً في قطاع غزة بسبب تزايد الطلب عليه.

هذا علاوة على أن الطاقة الكهربائية  التي تعتبر أحد مصادر الطهو البديلة عن الغاز الطبيعي  في  القطاع  تناقصت  بصورة متزايدة خلال العام 2008 في قطاع غزة، مع تناقص كميات الوقود المورد إلى محطة الطاقة في القطاع، وكذلك تقليص الكميات الموردة للقطاع من الجانب الإسرائيلي، وتزايد معدلات الفقر في القطاع وبخاصة في المناطق الريفية التي تعتمد في دخلها بصورة اساسية على تصدير محاصيلها الزراعية للخارج.

 

موارد الطهو

وأوضح أن مشكلة المشروع تتلخص في تناقص موارد الطهو للأغذية في قطاع غزة  بشكل عام؛ وهي تعتمد بمجملها على موادر طاقة غير متجددة ، وتزايد أسعارها باطراد؛ مما يهدد الناحية الصحية و الغذائية  لسكان القطاع ،  كما أن  تفاقم أزمة الوقود والطاقة وتطورها قد تؤدي إلى تدمير مساحات خضراء نادرة  في قطاع غزة من أجل الحصول على الأخشاب الضرورية للطهي والخبز؛ مما  سيترك أثرا بالغا على البيئة المحلية في المنطقة، وبخاصة في المناطق الريفية  من القطاع.

وأشار إلى أن الهدف الرئيسي للمشروع هو تطوير ونشر فكرة تقنية لطهي الطعام  تعتمد على الطاقة الشمسية ( الطباخ الشمسي)، لحماية البيئة وإيجاد مصادر رخيصة للطهي في مناطق ريفية   مختارة من قطاع غزة.

وقال:  "إن  التقنية المستخدمة للمشروع تعتمد  على استغلال الطاقة الحرارية للشمس في طهي الطعام. وهناك تصاميم مختلفة لهذا التطبيق كان قد جري استخدامها وتعرّف استخدامها عالميا، وبخاصة في مناطق النزاعات التي يحصل فيها شح  في الطاقة ، هذا إضافة إلى الكثير من المناطق الحضرية في العالم المتحضر

بناء على دراسات قامت بها GTZ لحوالي 168 طباخ شمسي، صنع عدد كبير منها يدوياً ومحلياً ، و كان النوع أو التصميم الأكثر شيوعا بينها الطباخ الشمسي الذي على شكل صندوق (box cooker) و النوع الثاني الطباخ المُركِّز Concentrator  والنوع الثالث المجمع لطاقة الإشعاع الشمسي collector.

وقال المهندس عاشور: "بصورة  أساسية فإننا سنعمل على نشر فكرة الطباخ الصندوق box cooker بصورة أساسية بأقل التكاليف الممكنة، ومن الممكن العمل على صنع نماذج concentrator cooker.

وأشار إلى إمكان صنع الطباخ الشمسي  الصندوق  من خلال مواد بسيطة بواسطة تصاميم مختلفة تعتمد على الورق المقوى وورق الألمنيوم العاكس والزجاج، ويمكن لأي شخص أن يقوم ببناء طباخ شمسي غير أن هذه الفكرة تحتاج إلى تشجيع ونشر.

إن الطباخ الشمسي يطبخ لأن داخل الصندوق يسخن بواسطة طاقة الشمس و بسبب هذه الحرارة تستمر درجة الحرارة داخل الصندوق الشمسي بالصعود إلى أن تتساوى كمية فقدان الحرارة من الصندوق مع كمية اكتساب الحرارة الشمسية في حالة صندوقين متساويين في فقدان الحرارة؛، فيكون الصندوق الذي يكتسب كمية أكبر من الحرارة الشمسية أو الأشعة المناخية من سطح عاكس سيكون ذا درجة حرارة داخلية أعلى.

تزداد كمية اكتساب الحرارة الشمسية كلما كانت قطعة الزجاح متجهة نحو الشمس بصورة مباشرة أكبر وتتحدد زاوية الميل الأنسب حسب الدراسات في منطقة غزة بزاوية ميل 30 درجة.

الأكثر حساسية

ومن جانبه تحدث مستشار سلطة الطاقة والموارد الطبيعية  المهندس عوني نعيم و أمين سر المركز الفلسطيني للعمران المستدام والطاقة حول تحليل وضع الطاقة في فلسطين قائلا: "إن المجتمع الفلسطيني يعيش ظروفاً غاية في الصعوبة؛ فأزمة الطاقة الحالية يمكن تشخيصها ببساطة في عبارة واحدة  ألا وهي: جميع مصادر الطاقة يتحكم فيها الآخر، والموارد المالية اللازمة للاستفادة من الموارد الطبيعة المحلية كالشمس والرياح غير متوافرة، والطلب على الطاقة في تزايد مستمر، والمجتمع الفلسطيني محاصر مكبل".  والسبب في ذلك الاتفاقيات الظالمة المجحفة مع الجانب الإسرائيلي التي سمحت له بممارسة أقسى أنواع الإرهاب المبرمج بالتحكم في جميع منابع الطاقة الداخلية والخارجية، ومنها الوقود الصناعي اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة الواقعة على الأراضي الفلسطينية. وهذا هدد بل دمّر خطط التنمية فيها، وأبقى اقتصاد المناطق الفلسطينية مرتبطاً بالاحتلال وسياسته غير الإنسانية.

 ويعتبر المهندس نعيم أن واقع الطاقة في المناطق  الفلسطينية من المواضيع الأكثر حساسية، والمعبرة عن حقيقة السياسة الإسرائيلية في ربط وإخضاع المجتمع الفلسطيني للتبعية  الإسرائيلية، ولقد عانى فلسطينيو الأراضي المحتلة  وما زالوا كذلك، من جراء الاعتماد على ابتياع مصادر الطاقة المختلفة من الشركات الإسرائيلية باعتبارها المصدر الوحيد والمتوفر في الوقت الراهن. وتتمثل هذه المعاناة في محدودية الكميات المسموح بتزويد مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية بها، والتي لا تكفي  لتغطية الاحتياجات الأساسية من الطاقة، وكذلك ارتفاع أسعارها لتصل إلى ضعف سعرها في بعض البلدان العربية، وهذا ما لا يتناسب ودخل الفرد الفلسطيني.  

وضع خاص

 وتابع نعيم قائلاً: إن إسرائيل مستمرة في وضع العراقيل في طريق أي توجه أو عمل قد يؤدي إلى استقلالية قطاع الطاقة الفلسطيني. فالأراضي الفلسطينية لها وضع خاص جداً، فهي لا تزال معزولة عملياً عن العالم الخارجي، فإما أنها تقع ضمن السيطرة الإسرائيلية أو أنها تخضع للمراقبة الأمنية الإسرائيلية الكاملة  كما هو الحال في قطاع غزة. مما يؤثر تأثيراً مباشراً على جميع المشروعات التنموية، وبخاصة ذات الطابع الاستراتيجي منها.

ولفت النظر إلى أن الاحتلال أدرك أهمية قطاع الطاقة بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني؛ لذلك عمد إلى ربط شبكة الكهرباء بالشبكة الإسرائيلية للتحكم بالاقتصاد. وقد تعرض قطاع الطاقة في الضفة والقطاع كمثل غيره من القطاعات الإستراتيجية والخدماتية إلى التدمير والتخريب والربط كليا بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي، فالبترول والغاز يستوردان من إسرائيل عبر شركات توزيع البترول وكذلك الطاقة الكهربائية من شركة كهرباء إسرائيل، وعلى الرغم من تدني دخل للفرد الفلسطيني إلى ما دون 50 % من مستوى دخل الفرد الإسرائيلي، إلا أن ثمن البترول والغاز ووحدة الاستهلاك من الطاقة الكهربائية (kWh) تباع في المناطق الفلسطينية بنفس القيمة إن لم تكن أعلى مما يباع للفرد الإسرائيلي، ويمكن القول إن المواطن الفلسطيني يدفع ما يزيد على 20 % من دخله الشهري لتغطية فواتير الطاقة بأشكالها المتعددة.

مناطق فقيرة

واستعرض جملة من الحقائق التي تدلل على ماسبق قوله، ومنها افتقار المناطق  الفلسطينية إلي أي من مصادر الطاقة التقليدية، وإن وجدت فهي بكميات قليلة، والاعتماد على استيرادها من خارج الحدود، وتأثير سياسات الطاقة الإسرائيلية التي تتميز بالاحتكارية والتضارب والتناقض في الأولويات والمصالح بين المستهلك الفلسطيني والمورد الإسرائيلي، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، وأثرها على إمكانية وضع الخطط وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية فيها، ومنها المشاريع المتعلقة بالطاقة.

ونظراً للظروف غير العادية التي سبق ذكرها والتي تخضع لها المناطق الفلسطينية منذ عام 1967، ازداد تأثير محدودية التطور الاقتصادي والاجتماعي في كافة مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وفي مجالات الحياة المختلفة خلال العقود الأربعة الماضية ومنها قطاع الطاقة.

وتحدث المهندس نعيم حول مصادر الطاقة في فلسطين  لافتا النظر إلى أن عدد ساعات سطوع الشمس سنوياً في فلسطين يقدّر بحوالي 2863 ساعة، وينخفض هذا المعدل في الشمال ويزداد في الجنوب، كما أنه يصل إلى حدوده القصوى في أشهر الصيف وإلى حدوده الدنيا في أشهر الشتاء.

كما لفت النظر إلى أن المصدر الثاني للطاقة المتجددة  طاقة الرياح ويقدر المتوسط السنوي لسرعة الرياح حوالي 3 - 4 م/ث في كل من قطاع غزة ووادي نهر الأردن، قد تصل في بعض المناطق الساحلية إلى 10 م/ث في شهر كانون الأول. أما في المناطق الجبلية من الضفة الغربية فإن متوسط سرعة الرياح يتراوح من  6 – 10 م/ث، وقد تصل سرعة الرياح إلى أضعاف هذه القيمة في بعض أيام السنة.

 وتطرق نعيم إلى مصدر ثالث من مصادر الطاقة يتمثل في  الغاز الحيوي وهو أحد نواتج التخمر اللاهوائي للمخلفات العضوية (روث الحيوانات – المخلفات الآدمية – مخلفات نباتية) ، ومن مكوناته غازات الميثان،  وثاني أكسيد الكربون، والنيتروجين، والهيدروجين، حيث يشكل غاز الميثان نسبة عالية تتراوح ما بين 50-70% ؛ وحسب المعلومات المتوافرة تقدر كمية الغاز المنتج في السنة بحوالي (32.9) مليون متر مكعب. يصل الاحتياطي منها في المناطق الفلسطينية إلى حوالي 33 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي، وقيمته الحرارية تتراوح ما بين 5.8  -  7 ك.و.س / م 3 ،  وكفاءته الحرارية تعادل 60%؛ ويقدر الاحتياطي من هذا الغاز ما يقارب 80,000  مليون متر مكعب سنوياً  أو ما يعادل 127 جيجا وات ساعة من الطاقة الكهربائية؛ وهذا الغاز عديم اللون وأخف من الهواء وله رائحة مميزة، ويعطى شعلة زرقاء نظيفة، ولا ينتج عن احتراقه دخان.

الأكثر احتياجاً

 وأوضح نعيم  أن الضفة والقطاع من أكثر المناطق احتياجاً لمصادر طاقة بديلة تستطيع من خلالها بالإضافة إلى توفير كميات طاقة تساهم في تغطية الاحتياجات المستقبلية، وبخاصة تقنيات استخدام الطاقة الشمسية المتوفرة تستطيع أن تكون مستقلة نوعاً ما في الطاقةً إن لم يكن كلياً فجزئياً.

 

مصادر متجددة

وقال إن الطاقة البديلة ستوفر عملية استغلال مصادر الطاقة المتجددة في حلولها محل الطاقة التقليدية مردودات اقتصادية بالإضافة إلى الفوائد الحياتية البيئية المهمة مثل استخدام التكنولوجيا الحديثة، والتقليل من نسبة التلوث في الجو وتوفير المناخ الملائم. وتعتبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أهم مصادر الطاقة المتجددة التي يمكن استغلالها في فلسطين، كما تعتبر الطاقة الشمسية من أكثر الطاقات المتجددة استخداماً في المجالات المختلفة للتنمية؛ حيث إنها تتميز عن غيرها من الطاقات التقليدية بأنها مجانية وخالية من أشكال التلوث البيئي؛ وتقع المنطقة الفلسطينية في الحزام الشمسي، كما يمكن استغلال طاقة الرياح فيها وهي المناطق الجبلية في الضفة الغربية وشواطئ غزة.

وتناول المهندس نعيم منظومة تسخين المياه بالطاقة الشمسية كأكثر تطبيقات الطاقة الشمسية شيوعاً وأكثرها ملاءمة من الناحية التكنولوجية والاقتصادية في ذات الوقت؛  ويتمّ تطبيق هذه الظاهرة عن طريق استخدام السخانات الشمسية  التي تصنع في كثير من الدول ومنها فلسطين، حيث تشترك المجمعات الشمسية في أنها تقوم جميعاً بتسخين الموائع المارة فيها، ومن ضمنها الماء أكثر السوائل استعمالاً في تطبيقات الطاقة الشمسية.

 

تجارب ولكن

وتابع: من أهم التجارب المحلية ذات الطابع التجاري في استخدام مصادر الطاقة المتجددة الاستفادة من الطاقة الشمسية في مجال تسخين المياه في المنازل؛ وعلى الرغم من معرفة السوق الفلسطيني لتقنية السخانات الشمسية منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن هذه الصناعة لم يحدث عليها أي تطور يذكر، ولم تحظ  باهتمام رسمي مؤسسي حتى  منتصف التسعينيات. إلا أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية خلال السنوات الأخيرة والآثار السلبية المرتبطة باستهلاكه،ا وبخاصة تلك التي تستخدم بشكل رئيسي في توليد الطاقة الكهربائية نتيجة ارتفاع أسعارها عالمياً ساهم في رفع تكلفة توليد الطاقة الكهربائية التي أثّرت بدورها على تعرفة الكهرباء على المستهلكين. كل تلك العوامل بالإضافة إلى الوعي المتنامي حول حماية البيئة من التلوث ساهمت في إفراز وضع جديد مفاده تقليص استخدام مصادر توليد الطاقة التقليدية والبحث عن بدائل جديدة للطاقة.

وتطرق المهندس نعيم إلى المعوّقات التي تحد من تطور صناعة منظومات السخانات الشمسية ومنها  ندرة الخبرة الفنية المدربة في مجال إنتاج منظومات السخانات الشمسية، وعدم وجود المختبرات المتخصصة لفحص جودة منظومات السخانات الشمسية المنتجة محليا،وعدم وجود نظام قياس موحد لتحديد جودة الإنتاج المحلي، واعتماد هذه الصناعة على المواد الخام المستوردة من الخارج؛ مما أدى بالإضافة للظروف الاقتصادية الصعبة إلى تدني جودة وأداء منظومات السخانات الشمسية المنتجة محليا، حيث قدرت كفاءة المجمع الشمسي المصنع محليا بما لا يزيد على 30%.  كما أن نوعية المياه غير مطابقة للمواصفات الدولية حيث ملوحتها العالية والنسبة المرتفعة للمادة الصلبة الذائبة فيها؛ مما يؤثر على أداء منظومات السخانات الشمسية ويقلل من عمرها الافتراضي.

 

كفاءات ونخب

وتحدث المهندس نعيم  عن أفق استخدام الطاقة المتجددة والعوامل التي تشجعها، منها  توافر مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحية وإمكانية استخدامها؛ وبخاصة في مناطق التعمير الجديدة واستصلاح الأراضي ولتنمية الأماكن والتجمعات النائية والبعيدة عن العمران؛ مما يساعد على تحقق التنمية في ظل النقص الحاد من المشتقات البترولية المستوردة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة بشكل مباشر في أغراض تسخين المياه وتحليتها وضخها لأغراض الري والشرب والتحلية، والأغراض  الصناعية الأخرى في مجال التبريد.  وكذلك فإن استخدام هذه المصادر في توليد الكهرباء يساعد في تخفيف العبء الكبير المتزايد على الطاقة الكهربائية، إضافة إلى إمكانية إمداد بعض القرى والتجمعات الصغيرة البعيدة عن الشبكات العامة باحتياجاتها من الطاقة الكهربائية وغيرها. وهذا يعكس بعدين هامين أولهما وطني وهو توفير إقامة شبكات كهربائية ومحطات ومحولات تكلفتها النوعية تكون مرتفعة بالنسبة لتكلفة وحدات الطاقة المتجددة المحدودة، والثاني بعد اجتماعي اقتصادي يؤدي إلى تحسين مستوى معيشة الأفراد.

ولفت النظر إلى وجود نخبة ممتازة من العلماء والخبراء مع استعداد تام لعدد كبير من الفنيين للتدريب واستيعاب التقنيات الحديثة،؛مما يجعل من تطوير ونشر استخدام أنظمة الطاقة المتجددة أمرا ممكناً ومرغوباً.

كما أشار إلى إمكانية إقامة المختبرات ومراكز البحوث المتخصصة من خلال زيادة الدعم اللوجستي والمالي لما هو متوافر في الجامعات الفلسطينية من مراكز علمية بحثية، والعمل كذلك على إنشاء مراكز لتطبيقات الطاقة المتجددة.

وتابع قوله في السياق ذاته: إن بعض تكنولوجيا الطاقات المتجددة كالتطبيقات الحرارية للطاقة الشمسية تتميز  بسهولة تركيبها وتشغيلها وصيانتها، وكذلك وجود الخبرات الفنية المحلية وإمكانية تصنيعهاً محليا؛ الأمر الذي يخلق سوقاً فاعليةً لصناعة وتركيب وصيانة وتشغيل هذه التكنولوجيا التي تزيد من فرص الاستثمار الجديدة؛ ممّا يزيد بالتالي من النشاط الاقتصادي للمنتجين والمستخدمين على حد سواء.

 وحول التحديات التي تواجه إمكانية الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة قال المهندس نعيم:  "فلسطين تعتبر حالة فريدة في العالم حيث تواجه مشكلة وصلت إلى حد الأزمة المستعصية من جراء الاعتماد الكلي على الطاقات التقليدية المستوردة من خارج حدودها، ومن ذلك وقود تشغيل محطة توليد الطاقة الكهربائية، والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من أساليب الابتزاز السياسي من قبل الاحتلال، لإرغامه على قبول متطلبات الخضوع للهيمنة الإسرائيلية.

 لذا وجب عليها أن تجد بدائل مناسبة للطاقات التقليدية وأن تبذل جهداً كي تذلل العقبات والتحديات التي تواجهها، وهي ارتفاع تكلفة بناء الخلايا الشمسية وقصر مدة تخزين الطاقة الشمسية فيها. إن الخلايا الشمسية تحتاج إلى عناية خاصة حيث إن الغبار والأتربة من طبيعة مناخ البحر الأبيض المتوسط؛ وبالتالي يؤدي تراكمها على سطح الخلايا الشمسية إلى التقليل من فاعليتها.  كما أن سرعة الرياح في المناطق الفلسطينية متباينة وغير مستقرة، وينتج عن توربينات الرياح الضجيج المزعج، كما أن تركيبها يعتبر غير مجدٍ اقتصاديا وخصوصاً في قطاع غزة حيث لا يتمتع بمساحات واسعة من الأراضي.

 وتابع المهندس نعيم قائلاً: إن أهم المعوقات غياب استراتيجيات ملائمة وشاملة على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص لتمويل المشاريع المتعلقة باستخدامات الطاقات المتجددة كبديل للطاقة التقليدية المستوردة، وغياب التشريعات والسياسات للاستثمارات التي من شأنها أن تحقق أهداف تنمية مصادر الطاقة المتجددة، وغياب التنظيم والتنسيق المؤسسي على المستوى الوطني للمشاريع التي تهدف للاستفادة من الطاقات المتجددة.

 

الدور الرسمي

وأشار إلى عدم بروز الدور الرسمي في تعزيز وترسيخ استخدام تقنيات الطاقات المتجددة؛ نظراًً لعدم وجود الكادر المؤهل الذي يحمل رسالة الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كمصادر بديلة، وغياب البرامج التوعوية للمواطنين المبنية على أسس علمية وموضوعية  تهدف إلى إحلال الطاقات المتجددة مكان الطاقة التقليدية.

 أما الوزير د. يوسف أبو صفية رئيس سلطة جودة البيئة الفلسطينية فاستبعد أن يكون هناك إمكانية لاستغلال الطاقة المتجددة في القطاع، عازيا أسباب ذلك إلى ضيق مساحة القطاع التي لا تتجاوز 378 كيلو متراً مربعاً، ناهيك عن الزحف العمراني للقطاع يحول دون إمكانية وجود مساحات شاسعة لوضع الخلايا الشمسية اللازمة لتوليد الطاقة الشمسية.

وأضاف أبو صفية أن هناك بعض المحاولات التي جرت لتوليد الطاقة من النفايات ولكن هذه المحاولة لم تنجح كذلك لوجود نسبة رطوبة عالية في تلك النفايات ناهيك عن صعوبة فصلها، مشيرا إلى أنه لا توجد كذلك فرص استثمار في هذا المجال من قبل الشركات الخاصة و تعد مجازفة ومغامرة في ظل الوضع الحالي.

وتحدث الوزير أبو صفية عن التوجه العالمي الآن لاستخدام الوقود الحيوي باعتباره صديقا للبيئة من خلال حرق الدهون والزيوت المتواجدة في دهن الحيوانات والطيور وباتت تستخدم في أوروبا كوقود وديزل حيوي بعد معالجته بعدة طرق منها إضافة غاز الميثان والصودا الكاوية.

كما تطرق الوزير أبو صفية إلى بعض المحاولات والمشاريع الناجحة في استغلال الطاقة المتجددة على مستوى الضفة الغربية بحكم وجود المساحات الواسعة والمقومات الأخرى حيث جرى استغلال طاقة الرياح في إنارة قرية عناب في الخليل بكلفة بسيطة لم تتعد 50 ألف دولار.

وتابع في السياق ذاته أن هناك بعض المشاريع ما زالت قائمة على مستوى محافظات الضفة الغربية وهي إعادة تأهيل الأجهزة الكهربائية في عدة قرى.

وأشار الوزير أبو صفية إلى جملة من المعيقات التي ما زالت تواجه القضايا البيئية بشكل عام وفي مقدمتها عدم وجود مراكز أبحاث متخصصة وعلمية وأن هناك فقط تطبيقات لأبحاث علمية قديمة ولم توجد أية أبحاث جديدة ناهيك عن توقف مركز الأبحاث في غزة.

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.