حزيران 2008 العدد (4)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

June 2008 No (4)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

شخصية بيئية :

من مكب للنفايات إلى حديقة عامة !

نبيل نحاس: هذه هديتي لمدينة رام الله..

عبد الباسط خلف:

 

كانت المرة الأولى التي يتخذ فيها نبيل نحاس قراراً بتحويل قطعة الأرض المجاورة لصيدليته من مكان لإلقاء النفايات إلى حديقة خضراء، قبل نحو خمسة عشر

 عاماً. يومها شرع نحاس في تنظيف المكان الذي يتوسط قلب مدينة رام الله.

يروي، وقد بدت علامات السعادة ترتسم على وجهه: يكفي أنني حولت مكب النفايات لحديقة تنوع حيوي، فزرعت الورود والأشجار، رغم أن الأرض ليست ملكي.

 

يتابع: آمنت بأنه يمكننا أن نبدع لو أردنا ذلك، فأن تشاهد مكاناً مغروس بالأشجار والورود، ومرتباً ونظيفاً، في وسط مدينتك، يعني أنك ستشعر بسعادة، وسيغمرك الفرح كثيراً، خصوصاً عندما تعلم أن هذه الأرض ليست ملكاً لمن يزرعها.

يدفع نحاس اليوم من جيبه الخاص مبالغ مالية كبيرة، لأجل استمرار مشروعه الأخضر، وبحرص على توظيف عامل لحراثة الحديقة وتعشيبها وريّها، في حين يمضي وقتاً طويلاً بين أشجاره، وعلى حساب عمله الأصلي.

يقول: لاقيت معارضة كبيرة من كثيرين، وحاول البعض وضع العصا في دواليبي، وخضت نقاشات طويلة مع أصحاب الأرض المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية، لأقنعهم بأنني لا أخطط لوضع يدي على أملاكهم.

 

رحلة شاقة

كان مشوار نحاس طويلاً وشاقاً مع مالكي الأرض، وتشعب إلى عشرات التفاصيل المملة، لدرجة أن وقع أكثر من مرة على عدة أوراق رسمية وقانونية، تضع شروطاً قاسية عليه، لكنه مع ذلك أصر على مواصله حلمه في حديقة طبيعية وسط كتل الاسمنت التي تحتل مساحات كبيرة وسط مدينة رام الله.

من الشروط القاسية التي قبلها السيد نحاس ووقع عليها، دفع نصف مليون دولار أمريكي، إذا ما طالب بأي شيء من المالكين، ووافق على عدم زرع أي شجرة مثمرة أو نبات، كي لا يحصل على حق المزارعة، وحتى لا تتحول الحديقة لمكان يستهوي الفضوليين الراغبين بثمار مجانية.

دخل نحاس في جدل طويل ومناقشات صعبة مع أصحاب الأرض، الذي وافقوا في النهاية على استمراره في مشروعه، يروي: أخبرتهم بأن أملاكهم ليست مهددة، وليس لي أية أطماع فيها، وأن هدفي الوحيد أن أشاهد ويشاهد الناس مساحة خضراء جميلة، وسط هذا الاسمنت.

يتابع: ببساطة، إذا ما قارن أي واحد منا بين مشاهدة مكب للنفايات، وبين أرض خضراء تفتح الشهية للجلوس فيها، والتمتع بأزهارها، فإنه لن يقبل بالصورة الأولى.

يسترد نحاس تفاصيل صغيرة من رحلة مع الحديقة، إذ شرع بجزء صغير منها، ثم امتد بالتدريج لتصل المساحة الخضراء إلى أكثر من ألفين وخمسمئة متر مربع.

يقول: أزلت بمساعدة ثلاثة عمال وظفتهم الصخور، وعملت معهم في بناء جدران طبيعية، ثم أحضرنا الأتربة والأسمدة الطبيعية بشاحنات كبيرة، وحفرنا الحفر، وزرعنا السرو والصنوبر والغار والياسمين والحور والدفلى وعشرات الأصناف من الأزهار.

 

تضحية

دفع نحاس من جيبه الخاص، وما يزال، أجور العمال، وتكاليف الإنشاءات، ومصروفات الأسمدة الطبيعية، والري، وغيرها، ومع ذلك يبتسم عندما يرى أزهار حديقته

 تتفتح، ويسر بضيوفها الذين يبحثون عن فضاء وسط الاسمنت.

يروي: في فصول الصيف، أدفع شهريا مبالغ كبيرة، تقترب من مئتي دولار لأغراض الري فقط، عدا عن أجور العمال، والأسمدة الطبيعية.

يقول: أعمل في كل يوم نحو ثلاث ساعات في الحديقة، وأتفقد كل نباتاتها وأشجارها، وأرويها، وأربط أغصانها خشية الانحناء كثيراً، وأساعد العامل في حراثتها، والمحافظة على أرضيتها الناعمة.

لا يستخدم السيد نبيل المبيدات الكيماوية، ويكتفي بالعودة للطبيعة، حتى أنه ينصح زبائن صيدليته بالهروب من العلاجات الكيماوية، والاكتفاء بأعشاب طبية لا أعراض جانبية لها.

 

ذكريات

لا زالت ذاكرة نحاس المولود بمدينة الرملة في أيار 1943، حافلة بمشاهد مدينته و ثلاث بيارات لعائلته، يقول: تركنا كل شيء في بيتنا، وطلب منا الجنود أن نجتمع في ساحة لإحصائنا، ثم رحلنا، وتركنا أخي رفيق في السجن، وقال لنا أبي: سنعود بعد يومين إلى البيت. ويتذكر نبيل مستشفى الرملة الذي بناه والده عام 1936 وقد شيد المبنى على ثلاثة دونمات وهو مكون من ثلاثة طوابق, ولا يزال قائما كما هو حتى اليوم فوق أرض والدي، ولا زالت"الكواشين" معنا.

يوالي: عندما عدت إلى الرملة بعد نحو ثلاثين سنة من النكبة، حومت على مكان بياراتنا وأشجارنا، والتقطت صوراً لما تبقى منها، وتمنيت أن تعود تلك البلاد لأتمتع بجمالها وأسترد ذكريات طفولتي ولو لوقت قصير.

يختتم: تزوجت متأخرا في سن الخمسين، وزوجتي جيداء تساعدني في مهمتي بالحديقة والصيدلية، واتفقنا أن لا ننجب أطفالاً بسبب تقدمي في السن، لكنني أعتبر أشجار الحديقة وأزهارها وكأنهم أولادي.

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

البريد الالكتروني: intesar@teachercc.org

الموضوع: شخصية بيئية 3

التعليق:

تحية لكل السواعد التي تسعى لاعادة الخضرة الى وطننا بالحقيقة حين نقرا عن تجربة السيد نبيل نحاس نشعر بالفخر والامل بان هناك في هذا الوطن مواطنيين يحملون مسؤولية اجتماعية ووطنية ويبادرون لاعادة بناء هذا الوطن. وما قام به السيد نحاس ما هو الا فعل تنموي حقيقي لا يحتاج الا المبادرة الفردية والجهد الذاتي والابتعاد عن نفس الذاتية البحتة التي تتجلى في جملة \"لا دخل لي هناك مسؤولين عليهم القايم بهذا\" السائدة حاليا وللأسف.

واود ان اشير للسيد نحاس ولاخوة القراء بانني اعمل في مؤسسة اسمها مركز ابداع المعلم ونحن نقوم بتنفيذ مشروع يسمى مشروع المواطنة مع المدارس الفلسطينية حيث يقوم الطلبة بتناول مشاكل من المجتمع المحلي ومعظم المشاكل التي يتبناها الطلاب هي مشاكل بيئية وبالأخص مشاكل مكبات النفايات وهناك أيضا ضمن المشروع تم تنفيذ 40 مشروع مدرسي في منطقة جنين تتركز حول التنوع الحيوي والزراعي وجميل ان يعلم الطلبة بتجربة السيد نحاس ليتعلموا منها ويا ريت ايضا ان تزودونا بعنوان السيد نحاس للتواصل معه وتزويده بانجازات الطلبة في المدارس.

الطلبة الذين اتحدث عنهم هم بعمر 13-14 سنة والحقيقة انهم انجزا الكثير وابهروا الجميع بنتائج عملهم وبالمسؤولية التي يتحلوا بها وبالاصرار على مواصلة العمل والمبادرات العظيمة التي يقوموا بها.

تحياتي للجميع

وكل الاحترام للسيد نحاس

انتصار حمدان


 

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.