حزيران 2008 العدد (4)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

June 2008 No (4)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

مراجعة كتاب:

قراءة في كتاب " كوكب واحد لا غير ...... الفقر، العدالة وتغير المناخ"

تأليف: د. مارك سميث

سنة الإصدار: 2007

عدد الصفحات: 123 من القطع المتوسط

 

عرض ومراجعة : بيير أوربن / مركز العمل التنموي (معا)

 

أصبحت ظاهرة التغير المناخي اليوم حقيقة لا ريب فيها، فأثارها المخربة السائدة في أنحاء الأرض قد صارت ظاهرة للعيان. نحن اليوم ندفع جميعا ثمن الاستخدام المسرف للوقود الأحفوري من قبل الدول الصناعية. ومنذ نحو عقدين فقط ازداد وعي العالم بهذه المسألة الأمر الذي يتطلب، وبإلحاح، عملا جماعيا وفعالا. فغازات الاحتباس الحراري، وبالأخص ثاني أكسيد الكربون، تنبعت في الأغلب من دول الشمال المتطورة. هذه الغازات تغّير من نمط الفصول، محدثة المزيد من الفيضانات والعواصف ومواسم الجفاف... إلخ. ويبدو من الواضح أن الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري سوف تكون أكثر شدة وتأثيرا على فقراء الأرض البالغ عددهم 2.7 مليار نسمة. إن بلوغ الأهداف الألفية للتنمية، الصادرة عن الأمم المتحدة، لعام 2015 قد صار أكثر تعقيدا وصعوبة في ظل الكوارث الطبيعية المتزايدة والتي تعمق الفجوة بين فقراء الأرض وأغنيائها . هذا الكتاب يطرح آلية عمل يمكن اتباعها في ظل الأدلة المتزايدة لظاهرة التغيرات المناخية، وانعكاساتها على بني المعمورة، وفقرائها بشكل أخص.

منظمة "الإجراء العملي"

تأسست منظمة "الإجراء العملي" (Practical Action ) تحت عنوان "التقنية تتحدى الفقر" عام 1996 على يد الدكتور إي أف ، شومخر، وهي مؤسسة بريطانية غير حكومية ينطلق نهجها في التنمية من أخصائيين في صياغة التكنولوجيا والسيطرة عليها، لتوفير حلول عملية ومناسبة وطويلة الأمد.

ويركز أولئك الإحصائيون جهودهم على أربعة محاور وهي مساعدة الفقراء على:

1. تخفيف ضعفهم ومعاناتهم. 2. تحسين مستوى معيشتهم 3. تحسين فرصهم في الحصول على الخدمات الأساسية 4.التعامل مع تحديات التكنولوجيا الحديثة.

الدكتور مارك سميث حاصل على ماجستير في علوم الطقس والأحوال الجوية ودكتوراه في علوم البيئة. في عام 2005، كلفته منظمة "الإجراء العملي" بمهمة جمع معطيات الأبحاث الخاصة بالتغيرات المناخية وتأثيرها على واقع الفقر، فضلا عن الأبحاث والدروس والعبر المستفادة من تجربة Practical Action وذلك بهدف التأسيس للتحرك التنظيمي

المحتوى:

في الفصل الأول من الكتاب، يقدم مارك سميث الإشكالية طارحا 4 أسئلة أساسية تمثل الهيكل الرئيسي لتحليله.

1. ما هو تأثير تغير المناخ على الدول النامية وعلى جهود مكافحة الفقر؟

2. ما هي الإجراءات الضرورية لمكافحة ظاهرة تغير المناخ؟

3. ما الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية الفقراء من آثار تغير المناخ؟

4. كيف يمكننا بلوغ هدف إزالة الفقر المدقع في ظل ظاهرة تغير المناخ؟

يعالج الفصلان التاليان من الكتاب السؤال الأول المطروح سابقا، فالفصل الثاني يتناول العلاقة بين الفقر ومدى الحساسية للمؤثرات المختلفة. وقد حددت المفاهيم، بشكل أساسي، على ضوء الأهداف الألفية للتنمية. وبناء على طبيعة الفقر متعدد الجوانب، يحاول الكاتب أن يشرح سبل تخفيف المعاناة عن طريق زيادة الفرص، وتحسين القدرات وتمكينها وتعزيز الأمن والاستقرار.

ومن الممكن تطبيق هذه المفاهيم باستخدام ما يطلق عليه الكاتب اسم "إطار عمل لسبل عيش مستدامة"، وهي تشتمل على أنماط مختلفة لمصادر سبل العيش، والتي بدورها تحدد استراتيجيات سبل عيش الإنسان. وسميث يؤكد هنا على شدة اعتماد الفقراء على الموارد الطبيعية مما يجعلهم أكثر حساسية بكثير من سواهم، وبخاصة أن للكوارث الطبيعية تأثيرات مباشرة على هذه المواد.

الفصل الثالث يتناول بشكل علمي ظاهرة تغير المناخ، حيث يوفر الكاتب جميع البيانات المتصلة بالموضوع من ملاحظات وتوقعات وتأثيرات مباشرة وغير مباشرة، كما يؤكد على حلقات التغذية الراجعة التي تعزز من ظاهرة تغير المناخ.

أما في حديثه عن الفقراء، فإن الكاتب يخلص إلى أن حساسية الفقراء الشديدة لتأثرات التغير المناخي وقلة قدرتهم على التأقلم مع هذه التغيرات تؤثران بشكل كارثي على مصادر رزقهم. أما الجزء الأخير من الفصل الثالث فيجادل بأن على الإنسانية جمعاء الالتزام بحقيقتين ملحتين وهما: تخفيف آثار تغير المناخ و محاولة التكيف معها.

يتناول الفصل الرابع من الكتاب السؤال الثاني من أسئلة المؤلف الأساسية حيث يبحث عن حلول للتخفيف من آثار التغير المناخي. ويتناول الفصل عدة مواضيع منها تثبيت نسب انبعاث غازات الاحتباس الحراري في ظل تذبذب العرض والطلب على الوقود، وطرح البدائل لوقود الكربون من خلال تقنيات طاقة جديدة، وإعادة النظر في الاستخدام المفرط وغير الضروري أحيانا للوقود، أو تقديم سياسات جديدة لاستخدام الطاقة . إن تخفيف آثار الظاهرة على فقراء الأرض يتحقق من خلال وضع حلول ذكية لفقر الطاقة وشحها. ويوضح المؤلف أن في أسفل سلم الطاقة تقع كثافة العمل المكلفة وغير الفعالة. وهو يدعو كذلك إلى الاستخدام المستدام للأراضي، علما بان اجتثاث الغابات وتدهور نوعية التربة مسئولان عن 25% من الانبعاث الحالية والتاريخية.

أما الفصل الخامس فيقدم لكيفية التعامل مع حساسية الفقراء لتغيير المناخ. ويفضل سميث تخفيف معاناتهم عن طريق التأقلم مع الظاهرة. وهو يقدم وجهة نظر تتضمن تعزيز قدرة التأقلم والمرونة في وجه التغيرات، ضمن مفهوم يطلق عليه اسم "خطة العمل الوطنية للتأقلم".

في الفصل السادس يناقش المؤلف السياسات الدولية المطروحة حاليا ويبدأ المؤلف بتحليل اتفاقية الأمم المتحدة لآلية العمل على التغير المناخي والتي تنسق ما بين جهود حكومات دول العالم. ومن ثم يتناول المؤلف بروتوكول كيوتو فيبحث في غاياته وآلياته ومعيقات تنفيذه. ويبين المؤلف هنا أن تخفيف ظاهرة تغير المناخ يمكن أن يتحقق من دون أن يؤثر بشكل سلبي وجدي على الاقتصاد العالمي، وينتقد الكاتب أسلوب "الهبوط الهادئ" المتبع من قبل الدول الصناعية حاليا للحد من ظاهرة التغير المناخي. وذلك قبل أن يجادل مرحلة ما بعد اتفاقية كيوتو، ويخلص إلى أن مرحلة ما بعد اتفاقية 2012 (كيوتو) يجب أن تواجه من خلال سياسات وأهداف تتضمن مفاهيم تخفيف حدة التغير المناخي والتأقلم والمساواة والتنمية المستدامة.

ونهاية ، يتألف الفصل السابع والأخير من آلية عمل محددة للإجراءات التي لا بد من اتخاذها، فيتناول الأسئلة الأربعة الأساسية من خلال ثلاثة محاور: السياسات المتبعة للتعامل مع الظاهرة، والمشاريع المنتهجة، والاستراتيجيات المؤثرة.

 

نقاط القوة والضعف

إن هذا الكتاب شامل في محتواه وسيرضى القراء العلميين والأدبيين على حد سواء، فهو يوازن في طرحه المعلومات الفنية بحيث يستطيع أن يصل إلى جميع القراء المهتمين في فهم تفاصيل ظاهرة تغير المناخ، من دون أن يهمل حاجة المختصين واهتمامهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا المجال. والدكتور سميث ينتقد بقوة السياسات الدولية المتبعة حاليا، ويسلط الضوء على عدم فاعلية آلية التمويل الدولي وعوائقها، وعقم آليات كيوتو للتجارة من ناحية تخفيض نسبة انبعاث الغازات، وضحالة وفقر المشاريع المنفذة حتى الآن، وانتصار نزعة الوطنية الاقتصادية على حساب مبادئ العمل والتنمية في مواقف بعض الدول، والحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات أكثر؛ ويظهر أسلوبه المتكامل في التنمية من دون شروط بأنه نابع عن فكر عميق يتناسب مع ما يتفق عليه المختصون في التنمية . وختاما، فهو يبدو منصفا في التعبير عن رأيه حول العدالة والمساواة ومبدأ مسئولية الملوّث في دفع الثمن.

ومع ذلك، فـ"كوكب واحد لا غير" لديه بعض الفجوات من حيث تجاهله لبعض العوامل. بداية، فإن الجزء المخصص لتقنيات الوقود المستقبلية يبدو ضعيفا. ومع ذلك، هناك العديد من الكتب التي تطرقت لهذا الموضوع. ولذلك فإن الكتاب لا يعتبره هدفا أساسيا، ومن ثم فإن العناصر المهملة في هذا الجزء لا تعد جوهرية حقا. العامل الأخر هو تركيز الكاتب حصريا على انبعاث الكربون. فتاني أكسيد الكربون يعد أهم مسؤول عن ظاهرة تغير المناخ، ولكن هذا لا يعني إهمال آثار غاز الميثانول. والكاتب يوضح أن الميثانول أكثر ضررا ب 23 مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، لكنه لا يتطرق للحديث عنه. ومن الضروري أن يكون غاز الميثانول في حسابات أي اتفاقية تتبع كيوتو وإلا فإن كل الجهود المبذولة لخفض نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون ستتلاشى في حال تجاهل غاز المثانول. وأخيرا لا يفصل الكاتب في الحديث عن عالم التمويل المتغير والمتزايد وطرق التمويل المختلفة، ومنها آليات الاتحاد الأوروبي للتمويل والدعم.

 

في المستوى الفلسطيني

في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تتعدى نسبة الفقر المتوسط والفقر المدقع 18.5% و30.8%على التوالي يعد تنفيذ قواعد هذا الكتاب ضروريا جدا. إن وضع حد للفقر والبطالة وتخفيف آثار التغير المناخي لا بد أن يكونا مدرجين في برامج التنمية في المستقبل. والعمل على ذلك يتطلب مشاركة القطاع الخاص، والسياسيين إلى جانب منظمات المجتمع المدني. وتكمن الخطوة الأولى ي هذا الاتجاه تكمن في توعية الأفراد من أجل ضمان "ضغط المستهلكين" كما يشير الدكتور سميث. ويبدو المجتمع الفلسطيني قليل الوعي والاهتمام حاليا بهذه المسائل البيئية، فمثلا قليل من الاستثمار في عزل البيوت والمباني قد يوفر كثيرا من الجهد والطاقة والمال المبدد بهدف التكيف مع الحرارة الخارجية

علاوة على ذلك، تقع فلسطين في منطقة يتوقع أن ترتفع فيها درجات الحرارة بنسبة تزيد على 25% - 50% من معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمي وان كمية هطول الأمطار ستنخفض بنسبة 10 – 20 % حتى عام 2100. ولهذا فإن وضع المياه غير المستقر في فلسطين محكوم عليه بالانحدار نحو الأسوأ، وستنعكس آثار هذا التدهور على الزراعة والبيئة والاستهلاك المباشر للماء. ولذا، لا بد من الأخذ بالاعتبار التأقلم والحلول البديلة لمواجهة هذا التدهور. فعلى سبيل المثال من الممكن تحلية مياه البحر أو معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في الزراعة.

أخيرا وليس آخرا، فإنه من الممكن انجاز الكثير في مجال الطاقات المتجددة في الضفة والقطاع، فقد أظهرت الأبحاث بأن منطقة فلسطين ملائمة جدا لاستخدام طاقة الشمس والريح والبحر. فهناك العديد من الحلول الموجودة إجمالا على نطاق محلي ومجتمعي والتي من الممكن أن تستخدم في تقليص ظاهرة فقر الطاقة وشحها من دون ربطها بالشبكة القطرية. الاتجاه إلى استخدام الطاقات البديلة والمتجددة من شأنه أن يقلل من تبعية الضفة والقطاع للوقود والكهرباء المستوردين من إسرائيل وان يسعفهما في حال التزامهما في المستقبل بتخفيض نسبة انبعاث الغازات. إلى ذلك فإن مشاريع الطاقة الخضراء من الممكن إدراجها في آلية المقايضة (تجارة الانبعاثات) وفق اتفاقية كيوتو، مما قد يساعد في توفير النفقات.

"كوكب واحد لا غير" هو كتاب ثمين لكل من هو مهتم ومنخرط في قضايا التنمية والبيئة. والكتاب متوافر باللغة الإنجليزية لكنه لم يترجم بعد. ويمكن الحصول على نسخة من الكتاب عن طريق الصفحة الإلكترونية لمنظمة "الإجراء العملي" أو في المكتبات بسعر 14,95 جنيه استرليني.

ترجمة: هشام السلفيتي ( مركز معا)

 

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.