حزيران 2008 العدد (4)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

June 2008 No (4)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

 

حينما تتربص الكارثة البيئية  بقطاع غزة!!

محطات معالجة المياه العادمة يتهددها الطفح في كل لحظة .والضحية المواطن

م. النجار:  حي الزيتون سيغرق إذا قطع التيار الكهربائي "10" ساعات متواصلة

د. عبد ربه:  محطات المعالجة قنابل موقوته قد تنفجر والنتيجة كارثة حتمية

سمر شاهين / غزة

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

تمثل محطة معالجة المياه العادمة في منطقة الزيتون شرق غزة قنبلة بيئية قد تنفجر في أي لحظة، وتؤدي إلى كارثة بيئية وصحية خطيرة تودي بحياة العشرات من المواطنين. هذا ما اكده المهندس ماهر النجار نائب مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل.

وأشار النجار إلى أن محطة حي الزيتون تضخ على أحواض المعالجة في منطقة الشيخ عجلين، وذلك نتيجة لانقطاع تيار الكهرباء بين فترة وأخرى لافتا النظر إلى أنه لا يوجد في المضخة سوى 100-200 لتر من السولار، وهو ما يكفى تشغيل المحطة عشر ساعات فقط؛ وإذا ما تجاوز قطع الكهرباء هذه الساعات فإن الكارثة ستقع وسيغرق حي الزيتون.

وأوضح أن مضخة 7p تعد من أكبر المضخات في قطاع غزة وتخدم نحو 250 ألف نسمة، حيث تصل كمية الضخ منها في الساعة الواحدة نحو "1200" كوب/ساعة؛ وتستقبل مياه الصرف الصحي من مناطق مختلفة غير حي الزيتون، منها منطقة عسقولة إضافة إلى استقبالها مياه الصرف الصحي من مضخة 5 –الشيخ رضوان-.

ونبه إلى أنه قد حصل ثلاثة فيضانات خلال العام الجاري وأدت إلى تسرب المجاري في مناطق شاسعة في منطقة الزيتون، وأثرت على الأرض الزراعية والبيارات بصورة كبيرة.

وقال إن محطة الزيتون تضخ 1200 كوب في الساعة، وإن إجمالي الضخ خلال الـ"24" ساعة تصل إلى 50 ألف كوب، وفي حال قطع تيار الكهرباء لنحو 12 ساعة متواصلة فإن معظم منطقة الزيتون سوف تغرق.

وأشار خلال حديثه لآفاق البيئة والتنمية إلى أن المحطة أنشئت في العام 1998؛ وذلك من قبل وكالة التنمية الأمريكية وبالتعاون مع شركة الكونكرد، وأنه منذ ذلك التاريخ لم يتم أي تطوير على المحطة رغم التوسع السكاني الهائل.

وأشار إلى أنه قد جرت محاولة توسيع المحطة للضرورة القصوى وذلك في العام 2005 بإضافة مضخة جديدة إلا أننا لم نتمكن من إضافتها.

 

قنابل موقوته

 

 ومن جانبه قال ممثل جمعية "الحياة البرية في فلسطين"  في قطاع غزة الدكتور عبد الفتاح عبد ربه في حديث للبيئة والتنمية: "المحطة  في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، قنبلة موقوتة بين سكان شمال القطاع؛ نظراً للمخاطر الصحية والبيئية الناجمة عنها والمرتبطة بها والكوارث المتوقعة في حال أصابها خلل أو ضرر؛ ولا يدري أحد ما تخبئه الأيام القادمة جرّاء إنشاء هذه المحطة في هذا المكان قبل أكثر من ثلاثة عقود. إن الوضع جد خطير؛ ولابدّ من التدخل العاجل لدرء الكوارث التي قد تنجم من الانفجار الهائل الذي قد يلحق بتلك القنبلة في منطقة بيت لاهيا.

يذكر أن محطة معالجة المياه العادمة في بيت لاهيا أنشئت عام 1976 بواسطة الإدارة المدنية الإسرائيلية في منطقة كثبان رملية ذات ملامح تضاريسية يندر وجود مثيل لها في شمال قطاع غزة؛ حيث تقع هذه الكثبان على طبقة طينية يعتقد بعدم تواصلها نظراً للكم الهائل من الملوثات التي تخترقها وتظهر جلية في مياه الآبار المحيطة بمحطة المعالجة وملحقاتها. أنشئت المحطة في ذلك الوقت لتخدم زهاء 50,000 نسمة من سكان شمال قطاع غزة؛ إلا أن الواقع الحالي للمحطة جلّله البؤس، حيث بلغ عدد سكان محافظة الشمال حالياً قرابة 280,000 نسمة جلّهم يتلقى خدمات الصرف الصحي؛ وبالتالي ازداد الحمل أضعافاً على المحطة، فقلت كفاءتها وأصبحت تمثل يوماً بعد يوم هاجساً يخشاه السكان؛ ولكن ما السبيل؟!

وقال: "مع بداية العقد الحالي، حصلت السلطة الفلسطينية على موافقات بشأن إنشاء محطة جديدة لمعالجة المياه العادمة شرق مقبرة الشهداء في جباليا، لتعالج كميات المياه العادمة المتزايدة الناتجة من التزايد المتلاحق، لسكان محافظة شمال غزة، ولاستخدام المياه المعالجة في الري الزراعي أو في الحقن الجوفي من خلال أحواض حقن جيدة التصميم، وكذلك لاستخدام الحمأة المعالجة أيضا كمحسن للتربة أو كسماد.

وأشار عبد ربه، أستاذ العلوم البيئية المساعد بقسم الأحياء – الجامعة الإسلامية بغزة، إلى أن المحطة صممت لاستيعاب 69,000 كوب / يوم من المياه العادمة، بحيث يتم نقل محطة المعالجة في بيت لاهيا إلى تلك المحطة الجديدة من خلال مضخات وخطوط ناقلة؛ إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، فلم يكتمل إنشاء المشروع بسبب الظروف السياسية القائمة خلال سنوات الانتفاضة المجيدة؛ وبقي الوضع كارثياً ومخيفاً جداً في محطة معالجة الصرف الصحي في بيت لاهيا بل أصبح قنبلة موقوتة يتوقع انفجارها كل حين.  

محطات معالجة متدنية الكفاءة

تتعدد المشاكل البيئية التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية؛ ولعل أهمها ما يرتبط بالمياه من حيث محدودية مصادرها وتلوثها وسوء إدارتها، وما ينتج عن استعمالها من مياه عادمة تحتاج دوما إلى بذل الجهود المكثفة من أجل معالجتها بطريقة تقلل تدهور البيئة الفلسطينية الهشة أصلا، وتخفف من حدة التبعات الصحية والبيئية المترتبة عليها والتي يحياها المواطن الفلسطيني يوميا.

و تتأثر التربة وموارد المياه الجوفية والسطحية رغم محدوديتها في الأراضي الفلسطينية بما ينتج من مياه عادمة تبلغ كميتها حوالي 72 مليون كوب سنويا (30 مليون كوب في قطاع غزة و 42 مليون كوب في الضفة الغربية).

 يستفيد أكثر من 60% من سكان قطاع غزة بخدمات الصرف الصحي الممثلة بشبكات الصرف الصحي، بينما تقل النسبة لتصل إلى حوالي 35% من سكان الضفة الغربية. تعتبر الحفر الامتصاصية والسراديب وتفريغ المياه العادمة مباشرة في الأودية والبيئات المفتوحة طرقا أخرى منتشرة في الأراضي الفلسطينية لطرح النفايات السائلة.

توصف محطات معالجة المياه العادمة في الأراضي الفلسطينية بأنها متدنية الكفاءة في معالجة المياه العادمة التي تستقبلها يوميا؛ وذلك بسبب قلة قدرتها الاستيعابية، والحمل الزائد عليها، والأخطاء الفنية في تصميمها، وقلة الدعم المالي والفني لها، فضلا عن المشاهد السياسية والعسكرية المتنوعة التي يكابدها المواطن الفلسطيني جراء الانتهاكات والجرائم الصهيونية المتمثلة بالإغلاقات المتكررة، والحصار الظالم، والعمليات العسكرية الهمجية التي بلا شك تربك العمل في هذه المحطات وتقلل من فرص صيانتها لعدم توافر المعدات اللازمة لذلك.

إن المياه المعالجة أو شبه المعالجة التي تنتجها محطة معالجة المياه العادمة في بيت لاهيا لا تجد سبيلها إلى  البحر كما هو الحال في محطتي المعالجة في غزة ورفح، بل تنساب تلك المياه بمعدل 15,000 كوب / يوم إلى  بحيرة بجوارها تبلغ مساحتها أكثر من 400 دونم، وتبتلع المزيد من الأراضي الرملية مع الزمن لتمثل أكبر كارثة بيئية وصحية في قطاع غزة. ولتخفيف الضغط على المحطة و بحيرتها الفائضة، فقد اقترح قبل عشرة أعوام تقريبا مشروع لإنشاء خط ينقل المياه شبه المعالجة من البحيرة إلى البحر؛ إلا أن هذا المشروع لم ير النور بسبب التعنت الصهيوني، بحجة أن ذلك المشروع سيتسبب في تلويث مياه البحر التي بحسب التيارات البحرية المتجهة شمالا سوف تؤذي بيئتهم البحرية المتاخمة لقطاع غزة.

وقال:  "تتسبب محطة معالجة المياه العادمة وبحيرتها الملحقة بها في منطقة بيت لاهيا بالعديد من المخاطر البيئية والصحية منها :

1. تلوث مياه الخزان الجوفي بتركيزات مرتفعة من النترات (Nitrates) بلغت أكثر من 250 ملغم / لتر في بعض الأحيان؛ وهي بذلك تتجاوز كثيراً توصيات منظمة الصحة العالمية الخاصة بالنترات وهي 45 ملغم / لتر. تقع محطة المعالجة في بقعة تمثل أجود المياه الجوفية في قطاع غزة. وفي الواقع تمثل أكبر ملوث للبيئة والمياه الجوفية في المنطقة المحيطة حيث توقف أكثر من 14 بئراً عن العمل بسبب التلوث البيئي لها الناجم من قربها عن محطة المعالجة.

2. تلوث مياه الخزان الجوفي بالمنظفات التي تجاوز التلوث بها القيم المسموح بها حسب منظمة الصحة العالمية، وهي 0.2 ملغم / لتر، حيث يشير دوماً بعض المزارعين في المنطقة المجاورة إلى أن مياه الآبار ملوثة بالصابون والمنظفات، وأن المياه المستخدمة في ري المزروعات التي تنتشر بكثافة في المنطقة المحيطة ذات رائحة نفاذة وقد تضر بالبيئة الزراعية.

3. تلوث المياه الجوفية بمسببات الأمراض من أوليات وديدان وبكتيريا وفيروسات تصيب الإنسان والحيوان، وتسبب لهما مشاكل صحية لا حصر لها.

4. تلوث المياه الجوفية والسطحية المكونة للبحيرة ومسطحات المياه العادمة بالطفيليات المعوية حيث بلغت نسبة الإصابة بها مستويات عالية وتتمثل أهم تلك الإصابات الطفيلية بجراثيم الأنتاميبا والجارديا وكريبتوسبوريديوم وديدان الإسكارس والدبوسية.

5. الروائح الكريهة الناتجة من انبعاث الغازات السامة من محطة المعالجة وبحيرتها الملحقة ومن هذه الغازات كبريتيد الهيدروجين الذي ينتج من المعالجة اللاهوائية للمحتوى العضوي في المياه العادمة، ولعل المنشآت السكنية القائمة في المنطقة، وبخاصة في القرية البدوية (قرية أم النصر) و أبراج العودة وأبراج الندى هي الأكثر تأثرا بتلك الروائح المزعجة.

6. انتشار البعوض الذي يهدد سكان المناطق المجاورة ليلا ويسبب لهم الإزعاج المستمر، ولاسيما في فصول الصيف الحارة، حيث تعتبر محطات معالجة المياه العادمة مواطن هامة في توالد البعوض والحشرات المزعجة الأخرى التي قد تنقل أمراضاً متعددة، مثل إصابات الجلد، وتهيجه، والحساسية، وما إلى ذلك من أمراض.

7. الفيضانات التي قد ترتبط بانهيارات في الجدران الترابية المحيطة بمحطة المعالجة أو البحيرة الضخمة الملحقة بها، والتي يزداد منسوب الماء فيها تدريجيا مما يشكل خطورة على السكان المجاورين والبيئات الزراعية والمشيدة المحاذية. تجدر الإشارة أن حوادث انهيار للجدران الترابية قد حدثت بالفعل في عامي 1989 و 1992 بسبب الحمل الزائد على محطة المعالجة حيث فاضت المياه على المساكن والأراضي الزراعية المحاذية، وتسببت في مشاكل صحية واجتماعية واقتصادية وبيئية متنوعة.

 

 للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

البريد الالكتروني: abdallahn_private@yahoo.com

الموضوع: رئيسي 3

التعليق:

ماذا تنتظر سلطة رام الله لمنع الكارثة البيئية والصحية التي ستحل لا محالة، في حال عدم تحركها العاجل لدى الممول الأجنبي وحليفها الأميركي والإسرائيلي لحل أزمة مياه بحيرات المجاري المخيفة الآخذة في التوسع والارتفاع المتواصلين؟  أليست هي السلطة الشرعية المعترف بها إسرائيليا وأميركيا؟  أم المطلوب وقوع الكارثة ومقتل وإصابة المئات، لإثبات الادعاء الرخيص بأن سلطة غزة فاشلة وغير قادرة على حماية أرواح وبيئة أهلنا هناك، ولو على جثث أطفالنا ونسائنا وشيوخنا؟

ناصر عبد الله


 

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.