مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تموز 2011 العدد-37
أمراض السوق القاتلة بحث جديد: الهاتف الخليوي قرب خلايا النحل يتسبب في موته الجماعي جميع المفاعلات النووية في ألمانيا ستغلق بحلول عام 2022 "الشفارو": سرطان يُباع ويُشترى! شذرات بيئية وتنموية الأحراش الفلسطينية بين إجراءات الاحتلال والاستغلال الجائر الفاو: ارتفاع الانتاج العالمي من الحبوب عام 2011 وارتفاع الأسعار الفاو: الزراعة المستدامة شرط لتلبية احتياجات العالم الغذائية هل يمكن للسيارات الكهربائية أن تصبح محطة لتخزين ونقل "الكهرباء الخضراء"؟ أطفال صف الأول الأساسي في مدارس رام الله يصنعون الكمبوست هل تستطيع شركة كوكا كولا التي تغرق العالم سنوياً بمئات ملايين العبوات البلاستيكية التزين ببطولات بيئية؟ العائد على الاستثمار في المباني الخضراء يتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات سحب حزيران الماطرة تفتح أسئلة التغير المناخي المكبات شبه الهوائيه - نظرية فوكوكا (فيلم وثائقي ) زراعة الأشجار أحلام الخطيب: طفولة بيئية وتجربة ثرية رغيف الخبز الفلسطيني البيئة في أدب أحمد حسن الزّيات زهرة من أرض بلادي: اللوف قراءة في كتاب : اغتيال البيئة الفلسطينية البهائيون

: منبر البيئة والتنمية

أمراض السوق القاتلة

حبيب معلوف / لبنان

لم تفهم مشكلة الخوف من انقراض نحل العسل عالمياً بكونها مشكلة "حضارية"، ناجمة عن متطلبات اقتصاد السوق، وعن مفهوم التنمية المتهور... بقدر ما فهمت بأنها مجرد انتشار وباء عالمي، لا بد أن يجد له العلماء (الغرب تحديداً) لقاحاً ما أسوة بأنفلونزا (الخنازير والطيور العالمية ( .
لم يفهم من الضجة العالمية التي اجتاحت العالم منذ عام 2008 حول إمكانية اختفاء النحل وانقراض هذا الكائن الذي لا يساهم في إنتاج العسل وحسب، بل في تلقيح وتخصيب ما لا يقل عن 90 محصولاً عالمياً تجارياً حول العالم... إن هذه المشكلة ناجمة عن تربية النحل (الاصطناعية والمكثفة) نفسها وعن طرق الزراعات المرتبطة بإنتاج العسل المكثفة والأحادية الجانب. بل مجرد أمراض عادية وتاريخية.. لا بد من إيجاد العلاج لها عاجلا أم آجلا!
فمشكلة موت النحل وتراجع الإنتاجية في العالم، هي مشكلة تراجع التربية التجارية وغير الطبيعية للنحل أصلا. إنها مشكلة غير طبيعية في الأصل.
فهذا المخلوق الذي اعتبر الملقح الأول للنباتات في العالم والذي تم الاعتماد عليه على حساب الحشرات الأخرى (كالفراشات مثلا)، تم التركيز على بضع سلالات منه وإجهاده من اجل زيادة الإنتاجية في العسل وبعض الأنواع التجارية من المحاصيل التجارية، حتى ازداد ضعفا مع الزمن وأصبح فاقدا للمناعة من الأمراض التي يفترض ان تكون طبيعية في الأنظمة الايكولوجية.
فمنذ القرن العشرين، حصل تطور كبير في طرق تربية النحل في البلدان المتقدمة الغربية، وتم تطوير الأنواع الهادئة الطبع والمنتجة، لأسباب تجارية، على حساب الأنواع الأخرى. وفي ذلك مخالفة للانتقاء الطبيعي الذي يحصل في الطبيعة عادة، فكانت النتيجة معاكسة تماماً (بين الانتقاء التجاري والانتقاء الطبيعي) مما أنتج نحلاً قليل المناعة وأكثر عرضة للأمراض.
وقد أكدت الكثير من الأبحاث حول مرض الفاروا، الأكثر انتشارا وشهرة في العالم، ان هذا المرض أصاب بداية النحل الذي اختاره النحالون الأوربيون لكونه يمتاز بدورات حضانة كثيفة، مما شجع على توالد عث الفاروا.
فالاعتماد على نوع معين وتطويره لأهداف تجارية أدى إلى نقص في التنوع الجيني للنحل، مما عرضه للأمراض والانقراض.
هذا النقص في التنوع لم يقتصر على النحل، بل امتد إلى الزراعات الحديثة المرتبطة به.
فلقد تم إجهاد النحل بشكل غير طبيعي حين تم استخدامه لتلقيح بعض الزراعات التجارية. ففي الولايات المتحدة الأميركية استخدمت أعداد هائلة من النحل في عمليات تلقيح أزهار اللوز، حتى باتت ولاية مثل كاليفورنيا عام 2008 تنتج 80% من اللوز العالمي! ولكن سرعان ما تبين أن النحل قد أصيب بداء انهيار الخلية بسبب الضغط الناتج عن شحنه لمسافات طويلة ولا سيما في فصل الزهر ( شباط – آذار) في ظروف باردة من دون نوم، مما جعله ضعيفا وأقل مقاومة للآفات والأمراض.
وقد بينت الأبحاث أيضاً، بحسب كتاب "عالم بلا نحل"، ان اعتماد النحل على نوع واحد من الأزهار وعلى زراعات أحادية، ساهم أيضا في سوء التغذية وضعف النحل... كما قد يسبب أيضا مشاكل نقص الإنتاج وتهديد الغذاء العالمي!
بالإضافة إلى المشاكل الناجمة عن استخدام المبيدات الزراعية وعن تلوث هواء المدن وانتشاره في البساتين والحقول المحيطة، المؤثر سلباً على حياة النحل، تتحدث التقارير أيضاً عن استيراد النحل من بلد إلى آخر ونقل الأمراض الجديدة.
كما لا يمكن تغافل آثار التغيرات المناخية التي تحصل في العالم بسبب حضارة الإنسان، فزيادة تساقط الأمطار تحبس النحل داخل القفير وتمنعه من الانتقال إلى الأزهار لتأمين الطعام، كما ان قلة المطر وارتفاع الحرارة يقللان من كمية الرحيق وغبار الطلع اللذين تنتجهما النباتات، وهما مصدر الغذاء الأساسي للنحل ومصدر صحته ونشاطه. بالإضافة إلى مشكلة أزهار النباتات المعدلة جينياً، لأسباب تجارية أيضاً، التي لم يعرف أثرها بعد على النحل ولا على باقي الحشرات المساهمة في تلقيح الأزهار في الطبيعة التي تشكل بذورها وفاكهتها غذاءً للإنسان وللطيور والحيوانات البرية، وأساسا لجميع السلاسل الغذائية على وجه الأرض.
هل يمكن الاستنتاج ان إنقاذ النحل من الانقراض، هذا الكائن الذي يساهم في إنتاج 70% من المحاصيل العالمية، يكون عبر التراجع عن تربيته الاصطناعية؟ قد لا يكون الحل بهذه الحدة، ولا سيما مع دخول العالم في أزمة غذاء، ومع تحول بعض المحاصيل الرئيسية وقوداً للسيارات، بدل ان تشكل مصدراً رئيسياً لمكافحة الجوع!...
ولكن على الأقل، يفترض التوقف عن معاملة النحلة كآلة، ومنتجة للعسل على مدار العام. كما يفترض العودة إلى استعمالات العسل الرئيسية كدواء وليس كغذاء يومي... مع الدعوة إلى مراجعة أسباب ابتعاد الهنود الحمر عنه، والنظر إلى نحل العسل كنذير شؤم واعتباره "ذباب الرجل الأبيض".
هل يمكن الاستنتاج من كل هذه المعطيات، أن الحل يكون بتراجع النمو في العالم؟ نعم، بمعنى أو بآخر، على قاعدة ضبط التجارة العالمية وإعادة النظر باقتصاد السوق القائم على زيادة الإنتاجية والاستهلاك وسوء الاستغلال للموارد وتوزيعها، نحو اقتصاد الكفاية.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية