تراثيات بيئية
الزيت والزيتون في الوجدان الشعبي (2)

ناديا البطمة
في توفير الأمن الغذائي، يقول المثل:
- "الزيت عمود البيت" أي أنه المؤونة الأساسية في بيت الغني والفقير على حدٍ سواء وكان همّ الناس توفير المؤونة لسنة كاملة من الأغذية المخزنة كالزيت والزيتون والحبوب قمح، حمص، بقول.. وقطين وزبيب وأغذية عدة محفوظة بالطرق التقليدية والشعبية.
ومن الأمثال التي تعبر عن معاني روحية ووجدانية وتحمل معاني التهكم أحياناً:
- "اللي عادمين الزيت بسووا زلابية" والزلابية أقراص من العجين تُقلى بالزيت وكانوا يعدونها في أيام خميس الأموات وتوزع على أرواحهم ولعل المثل يوجه إلى الغني البخيل الذي لا يقدم الزلابية في (الخمسان) فيذكرونه أن الفقراء الذين لا يملكون الزيت (بسووا زلابية)، والجميع يستعمل زيت الزيتون الغني والفقير على حدٍ سواء إلا أن الفرق بينهما يكمن في الكمية اللازمة للاستهلاك فهي بوفرة وسهولة أم لا. لذا يقولون "خير سنة رايح فيها"..
- "وصار له بيت وإبريق زيت" كناية عن تغير الحال وارتفاع مستوى المعيشة وحصوله على بيت فيه إبريق زيت رمز الخير والنعمة. ويقال في المرأة المدبرة "عملتله بيت وابريق زيت".
- "حدا بيقول عن زيته عكر"!! بمعنى أن لا أحد يرى عيوبه أو يعترف بنقص ما فيه. (والعكر هو ثقل الزيت المترسب أو الثفل أو الزيبار).
- أما المثل "زيتنا في بيتنا" و "زيتنا في دقيقنا" فيضرب عند انجاز عملٍ محلي داخلي يعتبرونه مكسباً وخيراً، كزواج الفتاة من ابن عمها أو إعمار أحد أفراد الأسرة لبيت بحجارة ومواد وجهد محليين، فيقيمّ أنه موفقاً ومناسباً كالزيت في البيت أو في العجين.
إن شجرة الزيتون المباركة التي أقسم المولى عز وجل بها في قوله تعالى في سورة التين "والتين والزيتون وطور سينين"..

تشكل شجرة الزيتون مع شجرة التين أهم غذاء ودواء، وهما من أشجار فلسطين العريقة والمعمرة وكانت أكلة القطين (التين المجفف) المغموس بالزيت مع رغيف الخبز الأسمر من قمح الأرض الطيبة، وجبة غنية متكاملة لتسد حاجة الأجسام العاملة من كل ما يحتاجه الجسم من طاقة وأملاح معدنية وفيتامينات وبروتينات، كما أن هذه الوجبة شتوية لأنها غنية بالسعرات الحرارية من الزيت وحلاوة القطين فتبعث الدفء، ولهذا فشجرة الزيتون تشكل المؤونة الأساسية في بيت الغني والفقير على السواء. ومنتجات هذه الشجرة قابلة للتخرين فترة طويلة دون تلف. وزيتها له قيمة روحية ونفسية عند الناس، ولا ينافسه أي نوع من الزيوت الأخرى مهما تعددت. وفوائده الغذائية والعلاجية والتجميلية والصناعية كثيرة، ويستسيغ المجتمع الفلسطيني طعمه المحبب ونكهته الطيبة ولونه الأصفر المائل للاخضرار.
وإن كانت الزيتونة تزاحم النخل على لقب شجرة العرب، سواء في الغذاء والعلاج فهي شجرة الفلسطينيين بلا منازع، ومعلم من معالم هويتهم، ورمز الصمود والبقاء، وشريكتهم في المعاناة والصبر والألم والجهاد، وأساس اقتصادهم.
أكلات شعبية بالزيت البلدي:
- زيت وزعتر (ورصيص) زيتون أخضر ومملوح أو مملح. قال الشاعر:
أُحبُُّّ الزيت والزيتون والزعتر ولكني أحب موطني أكثر
ويردد أطفال فلسطين هذه الأغنية:
إمي راحت تتسوق واختي بتخبز في الطابون
وستي عملتلي عجة قليتها بزيت الزيتون
قالت لي طعمي صحابك لا تنس ادفي حالك
قُلتلها شكراً كثير عَ العجة وزيت الزيتون
عن الزلابية والعوامة يقول المثل "اللي عادمين الزيت بسووا زلابية".
عن المسفن يقول المثل "يا زيتون اقلب ليمون اقلب مسفن في الطابون" والمسفن هو "المطبق المشوي والمحلّى بالقطر والسكر".
الملاتيت ومخمرات بالزيت ويضاف إليها السكر حسب الرغبة وتسمى أيضاً فطائر.
صينية المقروطة حلوى بالتمر والعجين والزيت تخبز وتقطع رقائق لديذة.
وصينية الحلبة والجوز بالزيت البلدي، وصينية الحلبة والجوز بالزيت البلدي على وجه الخصوص دون سواه، وبسيسة القدرة المكونة من الدبس والطحين والزيت.
المسخن هي أكلة أو طبخة أهل الشمال الفلسطيني الشعبية المقابلة للمنسف في منطقة الجنوب، والمفتول في منطقة السهول والساحل الفلسطيني، والمسخن عبارة عن رغيف بالبصل والسماق والمكسرات والدجاج المحمر بالزيت البلدي ويقدم الرغيف وعليه الدجاج بنكهة الزيت البلدي.
كما تُطهى الخضر بأنواعها وعلى مدار العام وفي مواسمها بطريقة "الحوس" أي اليخنة بالزيت ولها طعم مميز كما تنضج الخضر سريعاً إذا ما قُلِّّبت بالزيت، كما يدخل الزيت في محاشي ورق العنب وورق لسان الثور أو ورق اللسينة وورق الزعمطوط ومحشي ورق القرنبيط الذي يسمى في نابلس (اللخنة) في الربيع خاصة، وفي مناطق الشمال الفلسطيني يضيفون الزيت إلى أكلات اللحوم كإدام في الطبخ.
مقالي الخضر البندورة والبطاطا والباذنجان والكوسا.
يضاف الزيت إلى البقول الجافة والمشويات من الخضر والسلطات والمدمسات والمتبلات من حمص، وفول وطبخات العدس العديدة اللذيذة كالمجدرة والرشتة أو الرقاق بعدس (ومرقة العدس) وفتة العدس)..الخ، كما يؤكل الزيت نيئاً مع اللبنة واللبن والحويرة والقبّار، ويغمس به القطين كما يضاف إلى دبس العنب والعنبية أو العنب الطبيخ ويلفظنه بلهجة أهل الخليل (بالعنطبيخ)، ويضاف الزيت إلى التطالي أيضاً المهروسة الكثيفة الجامدة كتطلي المشمش والخوخ والدراق والبرقوق، ويغمس معها كالزبدة وله طعم طيب محبذ.
يدخل الزيت في عمل المعجنات وتُسمى شعبياً بالأقراص أقراص السلق والسبانخ والزعتر المخبوزة في الأفران والطابون، وكذلك الأمشاط بالزهرة والعكوب المقلية بالزيت.
مكدوس الباذنجان البتيري والمحشو بالجوز والثوم والشطة يحفظ بالزيت من الموسم إلى الموسم عاماً كاملاً، بحيث يحفظه من التلف أما الحبة التي تطفو على وجه الزيت فتتعفن بسرعة. ويقوم الزيت هنا بدور المادة الحافظة والغذائية الطبيعية معاً دون ضرر أو مدخلات كيماوية. وكذلك هو الحال مع اللبنة البلدية المكبوسة بالزيت. وتوضع طبقة من الزيت على سطح أوعية التطالي الجامدة، لتمنع تكون طبقة العفن على وجهها كيف لا فالزيت مادة حافظة طبيعية المصدر.
وعندما يصوم الأخوة المسيحيون فيمتنعون عن اللحوم والحليب ومنتجاته والغذاء الحيواني، يحتل زيت الزيتون الصدارة في الطهو والأكل، لذا يسمونه "أكل صيامي" أو "صومي".
القراص ـ القريص ـ الحريق
Urtica Dioica
عشبٌ غير مرغوب فيه يحوي فوائدَ جمة

إعداد: د. إيهاب الدالي
من النباتات الحولية التي تظهر في الأراضي الزراعية، بشكل مزعج، كعشب غير مرغوب فيه ويصعب التخلص منه، ولكن هل يعرف الناس فوائده؟
يحتوي القريص على هستامين وحمض الفورميك ومواد عفصية وكلوروفيل واستيل كولين وسيروتونين وجلوكوزيدات وهيدروكسى تريبتامين ومعادن كثيرة ( الحديد والسيلكا و بوتاسيوم، منجنيز، كبريت ) , وفيتامينات مثل أ.ب. وج, وبوردون.
لقد اقترحت منظمة أمراض الروماتيزم أن مقدار 3ملليجرامات من معدن البوردون يوميا يساعد في علاج روماتيزم العظام والتهاب المفاصل.
يعني أن كل 100جرام تقدم من نبات القراص تحوي أكثر من الجرعة المذكورة من معدن البوردون، وبإمكان مرضى التهاب المفاصل تناول هذه الكمية يوميا من نبات القراص، كما انه وفقا لما ذكرته المنظمة فان البوردون له تأثير عظيم في إحتجاز الكالسيوم في العظام، كما انه يعمل على المحافظة على اندوكرين (هرمون) الجسم الذي يلعب دوراً في بقاء المفاصل والعظام في حالة صحية جيدة.
حتى وقت قريب كان الضرب بالقريص أو ”التقريص“ علاجًا شعبيًا نموذجيًا لالتهاب المفاصل والروماتزم.
فوائد نبات القريص: من كتاب الألمانية (أوربتكا ديوايكا)
القريص هو أحد النباتات المعالجة للكثير من الأمراض ولكن للأسف فإن قلة من الناس يعرفون فوائده.
فالجذر والجذع والأوراق والزهرة كلها من أقوى النباتات الطبية المعالجة
ولنبات القريص استعمالات طبية متنوعة أهمها:
1- يستعمل لأمراض (الأكزيما).
2- يستعمل لمعالجة آلام الكلية وآلام المجاري البولية (عند وجود رمال في البول).
3- يستعمل لأمراض البروستات.
4- مضاد للنزيف والرعفة.
5- يستعمل في حالات فقر الدم لأنه يؤدي إلى تكوين دم جديد وكذلك يعمل على المحافظة على نسبة الحديد في الجسم.
6- يستعمل في حالات سرطان الدم.
7- يستعمل لمعالجة مرض السكر لأنه يخفض نسبة السكر في الدم.
8- يستعمل عند الإمساك الشديد.
9- يستعمل لأمراض الكبد والمرارة (الصفراء) وعند ظهور أورام في الطحال.
10- يستعمل عند تشنج المعدة وعند وجود قرحة في المعدة والأمعاء.
11- يستعمل لأمراض الرئة ( الربو ).
12- يستعمل شاي القريص كوقاء عند ظهور فيروس معدي .
13- يستعمل شاي القريص عند وجود حساسية الزكام في الربيع عندما تتفتح الأزهار، وأثناء البرد الشديد في فصل الشتاء ويفضل تناوله في هذه الحالة مدة طويلة.
14- يستعمل شاي القريص عند تورم الساقين (زيادة ماء الساقين) وإن شاي القريص في هذه الحالة، يخفف نسبة الماء في الجسم وخاصة عند زيادة نسبته في الدم.
15- يستعمل شاي القريص لأمراض الروماتيزم وفي هذه الحالة يفضل أخذ حمام كامل (ماء شاي القريص) كمية 200 غرام، والبقاء في حوض ماء الشاي مدة نصف ساعة ويجب استعمال الحمام ست مرات.
16- يستعمل شاي القريص عند سقوط الشعر، حيث يغسل الشعر بشاي القريص في هذه الحالة في الربيع والخريف وعند غسل الشعر بشاي القريص، يجب تمسيد الرأس باليد . وإن شاي القريص يمنع ظهور القشرة في الشعر.
17- يستعمل شاي القريص للمدخنين لتوسيع شرايين الدم وتوسيع شرايين القلب، لأن الدخان يضيق شرايين الدم ويسبب أمراضاً في القلب، ففي هذه الحالة يفضل أخذ حمام شاي القريص بحيث يغمر الجسم العلوي في الماء مدة ربع ساعة على الأقل ويجب تمسيد الجسم العلوي خاصة جهة القلب.
18- يشجع القريص تدفق حليب الأم.
تحضير شاي القريص :
ملعقتا شاي من العشب الأخضر (أو الجاف) للكوب الواحد من الماء المغلي (الكمية الواحدة من العشب الجاف مساوية لثلاث كميات من العشب الأخضر).
أسكب الماء المغلي على النبات في براد شاي، وغط البراد. التغطية ضرورية؛ لأنها تحفظ المواد الفعّالة وتمنع تبخرها مع البخار.
اترك البراد لمدة 10 إلى 15 دقيقة لتنتشر المواد الفعالة بالماء، صف المحتوى في كوب.
يمكن تحلية هذا الشاي بقليل من العسل.
ملاحظات:
● يستحسن شرب شاي القريص لمدة شهر كامل صباحا قبل الإفطار بنصف ساعة .
● يستحسن شرب شاي القريص في الربيع عندما يكون أخضراً أو في نهاية الخريف عند ظهور البراعم.
● كما يستحسن شرب فنجان عدد (2) خلال اليوم.
● يستحسن أيضا شربه بدون سكر ويفضل مزجه بالبابونج أو النعناع لجعل طعمه مقبولاً عند الحاجة.
زهرة من أرض بلادي
الرتم الأصفر (وزال)

د. عثمان شركس – جامعة بيرزيت
الاسم العلمي (اللاتيني): Spartium Junceum L.
الاسم الانجليزي: Spanish Broom
العائلة: العائلة الفراشية Papilionaceae (Fabaceae)
الاسم العربي المحلي الشائع: الرتم الأصفر، وزال، الشيح الرومي الأصفر
وصف النبتة: الرتم الأصفر أو الوزال شجيرة متشعبة (كثيفة الأغصان) يبلغ ارتفاعها ما بين 1-2.5 متر ذات سيقان ملساء وتشبه شجيرة الرتم الأبيض. وهي من نباتات أحراج البحر المتوسط. و هي ذات ثمار خضراء اللون و يقل فيها عدد الأوراق في معظم شهور السنة وتكون أزهارها ذات لون أصفر فاقع. و ثمارها أيضا اسطوانية الشكل، و أزهارها فراشية ولها رائحة عطرية فواحة. و تتميز البتلة العليا بأنها كبيرة ومنتصبة (2.5-3 سم) والسفلية اسطوانية تنحدر نحو الأسفل. و يوجد داخل التورج أعضاء تناسلية ذكرية (15 اسدية) مغطاة. وبعد التلقيح تتكون ثمار داخل قرون قصيرة مثل قرون القندول. والرتم الأصفر أو الوزال ينمو بكثافة في التربة الغنية بالجير والصخور الكلسية الحورية الطرية.

فترة الإزهار: نيسان - حزيران
التوزيع الجغرافي: ينمو الرتم الأصفر بكثرة على جوانب الطرق وفي الأحراج وبين أشجار الزيتون بكثرة في منطقة عين السقي –بيرزيت وفي حرج دير إستيا ووادي قانا ويوجد في أحراج جبال الجليل الأعلى.

استعمالاته: تستعمل أزهاره للزينة لأنها تعطي روائحاً عطرية فواحة في البيت، وكذلك تستعمل أزهاره بعد نقعها بالماء الساخن لمدة ربع ساعة، ثم يشرب الماء المنقوع بعد تصفيته بمعدل كوبين واحد في الصباح والآخر في المساء لمدة أسبوع، حيث يساعد على نشاط الدورة الدموية وعضلات القلب. ويصنع الفلاحون من أغصانه وهي طرية السلال المجدلة والجميلة، والتي تسمى في قرى الشمال بالقرطلة.
|