الوجود هو المقاومة
الكتاب: الوجود هو المقاومة (حملة إنقاذ الأغوار الفلسطينية)
سنة الإصدار: 2010
عدد الصفحات: 170 من القطع الصغير
الناشر: مركز العمل التنموي (معاً)
عرض: ربى عنبتاوي
حين تتكامل الصورة الفوتوغرافية المعبّرة مع الكلمة الموجزة، تتجلى الحقيقة في كتاب الوجود هو المقاومة (حملة إنقاذ الأغوار)، فالكتاب الأنيق المليء بالجمال الطبيعي الآسر لغور الأردن، اختار ناشره ( مركز العمل التنموي- معاً)، أن يضع صورة شوكة برية على خلفية بيضاء ناصعة، وكأنها محاولة لوخز الضمير العالمي بضرورة التحرك، والالتفات إلى الأغوار الفلسطينية التي تعاني التهويد ويواجه سكانها التشريد. " الوجود هو المقاومة" توثيق فلسطيني جديد سيضاف إلى مكتبة المركز، ليتجاوز الرفوف نحو كشف الحقائق، أملاً في تغيير السياسات وتفعيل القوانين الدولية الصامتة على الكثير من الانتهاكات الاسرئيلية.
في الصفحات الأولى من الكتاب المدون باللغة الانجليزية، تم توجيه إهداءٍ إلى الفلسطينيين من منطقة الأغوار الذين يناضلون للحفاظ على أرضهم ويقاومون نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، مواصلين اليوم مسيرة الصمود بوتيرة أقوى مما مضى. وشمل الإهداء أيضاً حملات التضامن الوطنية والعالمية التي تناضل من أجل حرية وبقاء الأغوار، وتحديدا حملة "أنقذوا الأغوار"، التي يسعى القيّمون عليها، لإعلاء صوت المواطن الفلسطيني في حقه العيش في أرضه بحرية وكرامة.
تكامل الأغوار مع المحيط الفلسطيني
يهدف هذا الكتاب إلى تسليط الضوء على منطقة الأغوار وتكاملها مع المحيط الفلسطيني ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا واستراتيجيا، حيث نوّه الكتاب بالقول: "من دون الأغوار ستفقد فلسطين حيويتها، وإن واصلت إسرائيل عمليات الضم والتوسع فستتحول فلسطين إلى أرخبيل تحدّه إسرائيل من جميع الجهات، وهذا ما لن يحقق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي للدولة المستقبلية، كما يُشيد الكتاب بمقاومة وإصرار الفلسطينيين في الأغوار، المحافظين على أرضهم رغم حملات التهويد الوحشية.
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول رئيسية تعتمد بشكل رئيسي على قوة الصورة ثم الكلمة الموجزة المساندة، يعرّف الفصل الأول غور الأردن من جغرافيا ومناخ وطبوغرافية، مياه ومصادرها، زراعة، البحر الميت والجذب السياحي. ويناقش الفصل الثاني وضع الأغوار تحت الاحتلال الإسرائيلي من حيث مصادرة الأراضي والسيطرة عليها، التنقل، قيود البناء، البدو، العمال، أمّا الفصل الثالث فيسلط الضوء على أهمية التضامن وتعزيز المقاومة من أجل البقاء في الأغوار.
وكلمحة تعريفية مختصرة عن الأغوار ورد في الكتاب: "تشكل الأغوار 28% من مساحة الضفة، تمتد من منطقة البحر الميت حتى شمال الضفة حيث قريتي كردلة وبردلة. متوسط درجة الحرارة 15 درجة مئوية شتاءً و40 درجة مئوية صيفاً. تخضع أريحا والعوجا للسيطرة الأمنية الفلسطينية، عدا ذلك فإن بقية أجزاء الغور وفق تصنيف أوسلو هي مناطق (ب ، جـ) تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية بمساحة تقدر نسبتها 90%.
الأغوار كنز فلسطيني خارطته بيد الإسرائيليين
يوجد في الأغوار 18 تجمعا سكانيا، أي ما يعادل 3 5 ألف نسمة، 0% 7 منهم يسكنون مدينة أريحا ومخيمي عقبة جبر والنويعمة. يتمسك الجانب الإسرائيلي بالأغوار نظرا للأهمية الأمنية كمنطقة حدودية مع الأردن، وذلك من أجل خلق عائق أمام التواصل الجغرافي ما بين الأردن وفلسطين، وهذا واضح منذ عام67 حيث صادر الاحتلال منطقة شريطية عسكرية مغلقة، تمتد من 3-5 كم عرضا، حارماً العديد من الفلسطينيين من مصدر دخلهم الوحيد المتمثل بالزراعة والرعي.
تعتبر الأغوار أرض زراعية بامتياز، جادت وما زالت منذ أكثر من 10 آلاف عام، حيث تنتج الأغوار 60% من إجمالي الناتج الفلسطيني من الخضار، و 40% من الحمضيات، و 100 % من الموز، حيث تلقب الأغوار بسلة خضار فلسطين. يسمح الاحتلال للفلسطينيين بـ 50 كم مربع فقط للاستخدام الزراعي.
وحول المياه جاء في الكتاب: " يعاني الفلسطينيون في الأغوار من نقص حاد في المياه بسبب السياسات الإسرائيلية فلا يسمح لهم استخدام أكثر من40% من المخزون المائي، كما عزلت إسرائيل 162 بئراً منذ احتلال الضفة الغربية عام 67، كما أنها لا تسمح للفلسطينيين ببناء آبار خاصة بهم,، ما يضطرهم في أغلب الأحيان إلى شراء المياه النقية فقط من الضفة الغربية أو شركة ميكيروت الإسرائيلية. وقد دمرت إسرائيل أكثر من 140 مضخة مياه فلسطينية وجففت نتيجة السحب الجائر من الحوض الشرقي كل منابع المياه الفلسطينية.
ولا يُغفل الكتاب أهمية البحر الميت بالرغم من السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليه بعد ان كان 30% منه جزءاً من الضفة الغربية قبل عام 67. ويعتبر البحر الميت كنزاً طبيعياً لاحتوائه على المغنيسيوم بكمية تزيد 15 مرة عن تلك الموجودة في البحر العادي، عدا عن المعادن الأخرى الزنك، البروم، اليود والبوتاسيوم.
وعن الجذب السياحي، فغني عن الذكر أهمية مدينة أريحا، كأقدم مدينة في العالم تحتفل هذا العام بـ 10 آلاف عام، ما يشكل بحد ذاته بوصلة تحوي عناصر جذب إضافية مثل: تل السلطان، دير التجربة (الإغراء) على جبل القرنطل، دير اليونان الأرثوذوكسي، قصر هشام، المغطس في نهر الأردن والنبي موسى.
الأغوار في ظل الاحتلال
ومن الجغرافيا إلى الحقائق السياسية على الأرض، يناقش الفصل الثاني واقع الأغوار بعد احتلال عام 67، حيث تقلص عدد السكان بسبب السياسات الإسرائيلية الطاردة والاستيطان من 320 ألفا إلى 53 ألف، 70% منهم يقطنون في أريحا ومخيماتها، في المقابل، هناك 11 ألف مستوطن في 36 مستوطنة ينعمون بكامل الرفاهية والمرافق الخدماتية. كما تفرض المستوطنات وجود حواجزٍ ونقاط تفتيش وما عدا أريحا وبعض القرى الشمالية، يواجه الفلسطينيون قيوداً صارمة على البناء، وهم بحاجة إلى تراخيص قد تستغرق سنوات أو لا تعطى أصلاً، ما أدى إلى تقليل عددهم بسبب قيود بناء البيوت و المرافق الخدماتية والمنشآت الزراعية. وعدا عن مصادرة الأراضي يتم التضييق على المواطنين من خلال نصب أربعة حواجز عسكرية على مداخل الأغوار، ما يفرض قيوداً على تنقل السكان وحركة المركبات.
ويعاني البدو أيضاً، والذين يعتبرون جزءاً من التركيبة الاجتماعية الفلسطينية ويصل عددهم في الأغوار إلى 15 ألف نسمة، وهم في تهديد دائم وملاحقة من قبل الإسرائيليين لتغيير أماكن تواجدهم بحجة قربهم من بؤر المستوطنات.
أما الطبقة العاملة، فتعاني ظروفاً مهنية صعبة، نظراً لاضطرار معظم سكان الأغوار (نساءً ورجالاً وأطفالاً) للعمل في المستوطنات بحيث يحصلون على أجرة يومهم دون أي حقوق أو إجازات أو أذون مغادرة.
الوجود هو سلاح البقاء في الأغوار
وفي الفصل الثالث، شدد الكتاب على فكرة " الوجود هو المقاومة" مستنداً إلى قرار الأمم المتحدة 1397، الذي ينادي بدولتين مستقلتين بحدود واضحة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، الأمر الذي تنتهكه إسرائيل بشكل صارخ وتواصل تعديها على الأراضي الفلسطينية حيث تقتل وتدمر حلم الفلسطينيين في السيادة والتواصل الجغرافي.
ولم يصمت المجتمع المحلي والدولي في مسألة الأغوار، حيث أشار الكتاب إلى قيام جمعيات التضامن الشعبية بالتنسيق مع مؤسسات مجتمع مدني محلية ودولية، بعملية تنظيم طرق ووسائل النضال والصمود لمواطني الأغوار وزيادة الوعي حول ما يتهدد المنطقة، ومن أهمها حملة " أنقذوا الأغوار" بالتنسيق مع مركز العمل التنموي (معاً) ومؤسسات أخرى شريكة. وينفذ مركز معا عدداً من المشاريع ليساهم في تقديم جزء بسيط من الدعم كإعمار المدارس، البيوت، الحضانات والروضات، الوحدات الصحية، الملاعب والساحات، إضافةً إلى توسيع المراكز الصحية، بناء مدرسة فصايل الفوقا للبدو، تقديم المساعدات الطارئة في حال حدوث الفيضانات، أو هدم البيوت من قبل الاحتلال، عدا عن مشاريع بناء القدرات والطلائع الشبابية لمواجهة خطر التهويد عبر تحديد آليات الصمود، مع تقديم منح صغيرة للتجمعات السكانية، وخاصة للفئة الشبابية.
يختم الكتاب آخر صفحاته بتكرار جملة الغلاف: " الوجود هو المقاومة" وذلك تشديداً على أهمية البقاء الفلسطيني في الأغوار لمقاومة الفصل العنصري الإسرائيلي، الاستعمار والتشريد.
|