أيار 2008 العدد (3)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا 

May 2008 No (3)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

مشـــاهد بيئيــــــة: 

 

سلوكيات ..لتدمير البيئة ..لا للمحافظة عليها

سمر شاهين - غزة

لا يخلو مكان من قطاع غزة إلا والتلوث البيئي يحيط به من كل صوب وحدب، حتى بات الإنسان الغزي غير قادر على استنشاق هواء نقي حتى لو وقف ساعات وساعات أمام شاطئ البحر أو تنقل بين المتنزهات، وبخاصة لأن الروائح كثيرة وتعمل على خنق وقتل البيئة، ومن ثم خنق وقتل الإنسان .
وقد تجاوز الأمر حدود استخدام البدائل المختلفة من قبل المواطنين في محاولة منهم للتحايل على الحصار والإغلاق المشدد، ومن أجل تمكنهم من المضي قدما في هذه الحياة الدنيا إلا أن سلوكاتهم قد تجاوزت كل شئ؛ ولم يعد هناك اختلاف بين إنسان متعلم يعرف معني السلوكيات البيئية الصحيحة وإنسان جاهل لا يعلم معنى الحفاظ على البيئة.
"آفاق البيئة والتنمية" خرجت إلى الشارع لتصور في كلمات كيف هي البيئة في ظل الحصار، وكيف هم أولئك الذين يتشدقون بأهميتها يعملون على تلويثها سواء بعلم أو دون علم مسبق.
هنا في ميدان غزة، كان المشهد الأول – حيث تصطف السيارات والعديد من السائقين يحملون جالونات من السيرج المستخدم ومن ثم يسكبونه داخل التنك المخصص للوقود سواء كان سولار او بنزين. اقتربت من احدهم و بادرته بالسؤال هل تعرف ما هي مخاطر ما قمت بفعله؟ قال السائق عبد العزيز علي "25" عاما: "ما باليد حيلة فالأوضاع ساءت ومتطلبات الحياة ازدادت ولا بارقة أمل في غد أفضل (...) وأعلم أن البيئة باتت تئن من ذلك، كيف لا والكثير من الركاب أصبحوا يعانون الكثير جراء الرائحة، لافتا النظر إلى أن إحدى السيدات قد تقيأت داخل السيارة مرات عديدة جراء الرائحة كما أن إحداهن أصيبت بالإغماء.
هذا كان حال الإنسان، فكيف هو حال ووضع البيئة جراء ذلك حيث أصبحت الآلاف من السيارات تعمل على استخدام " السيرج" (الزيوت المستخدمة) دون رقابة تذكر؟ أو حتى دراسات تنجز للتعرف على مخاطر ذلك.
المشهد الثاني...في شارع عمر المختار بالمدينة شاهدتها وهي تسير اقتربت منها فإذا بصديقة لي لطالما اشتقت لرؤيتها وخلال حديثي معها تعرفت إلى أي درجة علمية وصلت وباتت تعلم الأجيال كل شئ مفيد، وفجأة ودون سابق إنذار فإذا بصديقتي تلقي " بالفاين"" الكلنس" الذي كان بيدها على الأرض وكانت قد استخدمته للتو، دون مراعاة لخطورة ما تحمله من تلوثات قد تنقل إلى الآخرين بفعل جزيئات الهواء.
للوهلة الأولى أخذت انظر إلى تلك الورقة وبادرتها بالقول: لماذا فعلت ذلك؟ ولكن الأخطر كان ردها حينما قالت: " لست الوحيدة التي تفعل تلك السلوكيات (...) كما أنني لن أكون الأخيرة "!!!
هنا في أرقى أحياء مدينة غزة كما يقال – حي الرمال- كان المشهد الثالث " حيث لم يعد ذلك الحي كما كان في السابق، فالقمامة قد تجاوزت مكانها كما أنها انتقلت الى الرصيف والاسفلت على السواء، وباتت السيارات تدوسها والمرء يسير من فوقها ...
وقفت أتأمل مجموعة من الطالبات وهن يجتزن الطريق، والقمامة كانت سيدة الموقف. كن ينظرن يمينا وشمالا ليتأكدن أن لا أحد يراهن وهن يسرن فوق تلك الملوثات، وما إن اجتزنها حتى بادرتهن آفاق البيئة والتنمية بالسؤال عن مخاطر ذلك السلوك فاجمعن قائلات: "لم يعد بمقدورنا فعل شئ فالحياة توقفت إلا أن الأوساخ تزداد ولا أحد يحرك ساكناً .
وتضيف الطالبة آمال حلبي" 21" عاما، لقد تلوثت هذا بلا شك وإنني أفكر بصورة جادة بأن أعود من حيث أتيت ولا أذهب للجامعة، فلا ضمان بأنني قد لا أصاب بأمراض خلال اللحظات القادمة.
المشهد الرابع.. كانت الساعة تدق السابعة والنصف وأنا انتظر سيارة تقلني إلى مقر عملي. انتظرت حتى بدأت حرارة الشمس تلفح وجهي وبدأ القلق يساورني فالوقت يداهمني وعوادم السيارات تكاد تخنقني. إلا أن المأساة تأبي أن تتوقف حينما بدأت الكارات التي يجرها الحمير بالتجوال في الشوارع الرئيسية لتزداد الروائح، والبيئة تلوث بفعل روث تلك الحيوانات دون أن تجد أحداً يزيلها أو حتى أن يوقف أصحاب تلك الكارات لتنظيف المكان.
وقال احد أصحاب الكارو التي يجرها حمار: "لا خلاف بين رائحة الزيوت المحروقة وروث الحيوانات فكله سيان، والمواطن سيتحمل وكذلك البيئة ".
المشهد الخامس.. كان داخل السيارة التي أقلتني إلى مقر عملي حيث كانت مليئة بالأطفال، باستثناء شبل لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره الذي "زاد الطين بلة" بفعله المزعج؛ إذ لا تكفي رائحة الزيوت المستعملة وقودا للسيارات والتي أصابت معظمنا بالدوار ولوثت البيئة، بل أخرج سيجارة وأشعلها وقال: "أريد أن أنقذكم من تلك الرائحة برائحة سيجارتي هذه !!!".
إن من تدفعه الظروف اليوم للتجول في مدينة غزة يعرف على الفور ودون إرشادات أو معلومات مسبقة حجم التلوث البيئي الذي بات يهدد كل شئ حتى من يقوم بارتكابه.
إنها لدعوة صادقة نوجهها لكل المواطنين على السواء: حفاظكم على البيئة يعادل حفاظكم على حياتكم.

 

 للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.