عالجنا في العدد 24 من مجلة "آفاق البيئة والتنمية" كيفية مساهمة مشترياتنا في الحفاظ على البيئة"، وطرحنا بعض الأفكار العملية الهادفة إلى ترسيخ نمط استهلاك بيئي وصحي. سنستعرض في هذا العدد مزيدا من الأفكار والتوصيات البسيطة وسهلة التطبيق.
بداية، يفترض بنا، كأناس بيئيين، أن نتجنب شراء السلع التي تستخدم مرة واحدة. وبدلا من ذلك، علينا شراء السلع المعمرة، القابلة للإصلاح أو التدوير، الموفرة للطاقة، الاقتصادية، والتي أنتجت محليا وبطريقة أخلاقية. ويفضل دائما استعمال المنتجات التي صنعت من مواد قابلة للتجديد. وبالعادة، يصنع الحرفيون المحليون منتجات معمرة وجميلة. ولنتجنب أيضا، رمي الأشياء المنزلية التي يمكن إعادة استعمالها، مثل الملابس والألعاب والأثاث وغيرها، إذ يمكننا إعطائها للمحتاجين، أو التبرع بها لجمعيات خيرية. كما يمكننا تبادل الأشياء التي لسنا بحاجة إليها، كالملابس، مع الأقارب والأصدقاء. ولنربي أطفالنا على احترام قيمة السلع التي يشترونها، وبألا يشتروا ما لا يحتاجونه. ويجب ألا نتردد في شراء سلع مستعملة، إذ يعد ذلك إحدى طرق إعادة الاستعمال أو التدوير، علما بأننا قد نجد في محلات بيع السلع المستعملة، سلعا شبه جديدة، أو حتى سلعا غير مستعملة إطلاقا.
ومع تزايد الوعي الاستهلاكي، أخذت بعض المتاجر والمراكز التجارية الكبيرة، تعرض منتجات صديقة للبيئة، وتخصص أجنحة للأغذية العضوية والطبيعية. فلننتبه إلى الملصق الذي يفترض أن يخبرنا عن المكونات الحقيقية التي تحتويها السلعة، فهو الطريق الأسرع للاختيار السليم. وفي حال عدم توافر المعلومات الكافية والحقيقية عن السلعة، فعلينا أن نستفسر عنها، لأنها من حقنا كمستهلكين. وفي كل الأحوال، يجب ألا نسمح للإعلانات التجارية، عبر الإذاعات أو شاشات التلفزيون، بأن تشوش عملية تفكيرنا، وبالتالي أن تغرينا على الشراء. وفي الحقيقة، نحن كمستهلكين، ندفع ثمن إعلانات الشركات عن منتجاتها، وذلك من خلال دفعنا مبلغا أكبر ثمن السلع المروج لها في الإعلانات، لتغطية ثمن الإعلانات الذي تدفعه تلك الشركات. إذن، فلنحكم على السلعة بأنفسنا، ومن خلال قراءتنا للملصق.
كما يجب ألا نسمح للهدايا التي تقدم مع السلع بأن تخدعنا؛ إذ إن المضاربات التجارية والأرباح الضخمة، تدفع العديد من الشركات إلى تقديم الهدايا مع سلعها، مثلما تفعل بعض محلات السوبر ماركت، أو شركات مستحضرات التجميل التي تقدم مع سلعها هدايا من المستحضرات والحقائب والمناشف وغيرها، أو كما تفعل بعض محطات الوقود التي تقدم هدايا رمزية أو خدمة مجانية. والغريب، أن العديد من المستهلكين، صاروا يهتمون بالهدايا أكثر من اهتمامهم بالسلعة نفسها. إذن، يجب ألا نُعير اهتماما للهدية المجانية، وأن نهتم فقط بجودة السلعة الأساسية التي نشتريها.
ولنشجع المتاجر الصغيرة التي تبيع منتجات محلية، علما بأن المتاجر الكبيرة والمراكز التجارية الضخمة خنقت المتاجر الصغيرة، ودفعت بالعديد منها إلى درجة الإفلاس. وإجمالا، فإن المتاجر الصغيرة لا تستهلك سوى القليل من الطاقة، وهي غالبا ما تكون قريبة من منازلنا، وبالتالي يمكننا السير إليها مشيا على الأقدام، ولا نحتاج إلى السيارة للوصول إليها.
ولنقلل من استعمال البطاريات. بل، من الأفضل أن نشتري أجهزة تعمل على الكهرباء، بدلا من البطاريات. ولدى الضرورة، فلنشتر بطاريات قابلة لإعادة الشحن، علما بأننا نستطيع تعبئتها نحو 500 مرة بوساطة شاحن كهربائي رخيص. وباستعمالنا لهذه البطاريات، فإننا نقلل من النفايات الكيماوية الخطرة والسامة، ونوفر المال والمواد الأولية. ومن المفيد التنويه هنا، إلى أن حوالي ثلث كمية الكادميوم المستعملة عالميا تستهلك في صناعة البطاريات. ويعد الكادميوم مادة سامة جدا، تتحلل من البطاريات في المزابل، وتتسرب بالتالي إلى التربة والمياه الجوفية. علاوة عن ذلك، يمكننا اعتبار كل المنظفات الكيماوية بمثابة ملوثات صحية وبيئية، وبالتالي فلنستبدل بها سلعا أبسط وأكثر أمانا.
وبدلا من حمل السلع التي نشتريها من السوق في أكياس النايلون غير البيئية وغير الصحية، وغير الصالحة لإعادة التدوير، وغير القابلة للانحلال الطبيعي، والتي يعطى منها المستهلكون في مختلف أنحاء العالم المليارات يوميا، ، يمكننا، بدلا من هذه الأكياس، وضع مشترياتنا في سلة قماشية، أو في "حقيبة تسوق"، أو في كيس متين. كما أن الأشياء التي تُحْمَل بسهولة، لا حاجة لوضعها أصلا في كيس بلاستيكي. فلنرفض، إذن، أخذ كيس النايلون من البائع، حين لا نحتاج إليه. ولنحاول، قدر المستطاع، أن نشتري سلعا غير مغلفة، أي "فَلَت"، وبأكبر كمية ممكنة، ليس توفيرا للمال ومشقة الذهاب مرارا إلى المتاجر فقط، بل أيضا، توفيرا لكلفة التغليف والتعبئة والنقل، علما بأن كل المواد الخام المستهلكة في صنع مواد التعبئة والتغليف، تصل في نهاية المطاف، إلى مكب النفايات.
أخيرا، تذكر بأن جهاد الكلمة أمضى، أحيانا، من جهاد السيف. لذا، لا تتردد، بصفتك مستهلكا، في الكتابة بأدب إلى اصحاب المصانع والشركات، واطلب منهم التخفيف من تغليف وتعليب سلعهم. واكتب أيضا إلى أصحاب مصانع الأغذية، وبخاصة المصانع التي تعلب المواد الغذائية في أوعية معدنية، واطلب منهم أن يكفوا عن إضافة السكر الاصطناعي والمضافات الكيماوية المؤذية للصحة إلى منتجاتهم. واطلب من مصانع الورق، أن تنتج ورقا غير مُبَيَّضٍ بالكلور أو بمركبات كيميائية أخرى خطرة. وفي حال تكررت رسائل المستهلكين الموجهة إلى المنتجين، والمُدَعَّمَة بالمعلومات والإحصاءات، فلا بد أن يتجاوب المنتجون مع مواقف وآراء المستهلكين. إذ كيف سيواصل المنتجون تسويق سلعهم، مادام أن العديد من المستهلكين سيتوقفون عن شراء سلعهم؟
للمزيد من التفاعل، أو للحصول على معلومات إضافية، يمكنكم الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي: george@maan-ctr.org
التعليقات
مجلة افاق البيئة و التنمية
الصفــحة الرئيسيـــة
لماذا آفاق البيئة والتنمية
منبر البيئة والتنمية
الراصد البيئي
مشاهد بيئية
أخبار البيئة والتنمية
أصدقاء البيئة
أريد حلا
مبادرات بيئية
تراثيات بيئية
قراءة في كتاب
سياحة بيئية وأثرية
البيئة والتنمية في صور
أسرة افاق البيئة و التنمية
أعداد سابقة / الارشيف
كُتَابُنا
رسائل القراء
للاشتراك
الاتصال بنا
روابط
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية
يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.)أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء). ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة. الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
نلفت انتباه قرائنا الأعزاءإلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء منالمجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكرالمصدر .
توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة