May 2010 No (25)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
ايار 2010 العدد (25)
 

مبادرات بيئية

 

امرأة واحدة و"جبهات" متعددة
فخرية عباهرة: "أنا سيدة الصابون"

 

عبد الباسط خلف:
خاص بآفاق البيئة والتنمية

    تجد البشاشة مقعداً دائما لهاً في وجه فخرية حسن عباهرة، بعكس شظف العيش الذي يلاحقها. فهي التي شرعت منذ العام 1985 في اشتقاق مهنة لنفسها بنفسها، يوم أن توفي زوجها. وقتها راحت تتعلم أصول تحضير الصابون البلدي، ثم طوّرت عملها وأصبحت تنتج الصابون للزبائن لقاء أجر تصنيعه وطهوه.
تروي بفرح: "يكفي تعيش الوحدة من عرق جبينها، وتربي أولادها لحالها، ومتمدش(لا تمد) إيدها للناس."
منذ سنوات والسيدة أم الصابر، التي ولدت العام 1947، تشعل نار موقدها، وتستقبل طلبات الجيران من سكان بلدتها اليامون، القريبة من جنين، ومن التجمعات المجاورة، لإنتاج قطع الصابون البلدي. تقول: يحضر لنا الناس تنكات الزيت والقطرونة (الصودا الكاوية)، فأضع الزيت والماء والقطرونة في وعاء لتخميرها، ثم أشعل النار تحت القدر(وعاء كبير)، وأجمع الحطب في وقت سابق، وأراقب القدر وأحركه.
تأتي الخطوة التالية، فتطهو السيدة فخرية الصابون، وتسكبه على الأرض، وتضيف له مادة معطرة، ثم تقطعه إلى مكعبات بسكينها الخاص، وتسلمه للزبائن، مقابل عشرين شاقلاً بدل كل تنكة من الزيت.
تبتسم أم الصابر ابتسامة لطيفة وتقول: "صار الزبائن يتعاملون بالدين(على الحساب)، وصار عندي دفتر ديون، وهذا دليل أن الناس "طفرانة".
بمرور الأيام، تحولت عباهرة إلى سيدة الصابون في بلدتها، كما تقول. وصارت تقدم استشارات مجانية للنساء اللواتي يحضرن الصابون في بيوتهن، فتخبرهن بسرعة عمّا ينبغي فعله لإنقاذ "الطبخة".
توالي أم الصابر حديثها: "تحتاج الطبخة الواحدة ليوم عمل كامل، ولا يستطيع أي واحد أن يقوم بهذا العمل، فأنا تعلمت في الماضي مدة طويلة حتى أتقنت الصنعة."

ملكة السماق
يختفي في يوميات فخرية المزيد من التفاصيل، فهي تعمل في الاعتناء بأشجار زيتونها، تحرث وتعشب وتقلم وتجمع الثمار، كما تحرص على رعاية أشجار السماق التي تنتشر في حقلها.
تقول: "عندي ثلاثة أشجار سماق قديمة، أجمع ثمارها المختلطة بالورق، ثم أنشفها في الشمس، وبعدها أنقيها من البذور بالغربال، وأطحنها، ثم أبيعها لتاجر في المدينة."
تنتج كل شجرة ما مجموعه كيلو غرام واحد من السماق، وتحتاج متابعة الشجرة وقطف ثمرها وتحضيرها للبيع ما معدله يوم كامل، كما يسبقها رعاية خاصة في أوقات الربيع.
تتابع: "عندي شجرة خروب كبيرة جداً في أرضنا، أجمع ثمرها كل سنة، واصنع منه "الُرب". استأجرت أم الصابر ثلاثة فتية للمساعدة على جني ثمار الخروب في قمة الشجرة، ونقلت على رأسها ثلاثة أكياس؛ بحكم كون المنطقة المزروعة فيها وعرة."
تستأنف حديثها، مع قليل من التعديلات التي لا تمس بروح النص: وأنا أحمل الخروب على رأسي، سمعت صوتاً داخلها، لم أكترث وواصلت السير، وبعد أن وصلت البيت اكتشفت بعد عدة أيام أنني حملت معي أفعى كبيرة في كل كيس.
تتعاون أم الصابر وسيدة أخرى في إنتاج رب الخروب، وتحصل على عشر عبوات منه، وتوزع قسماً من الخروب قبل تحضيره على الجيران، وتبيع الباقي.
تحيك فخرية الملابس أيضاً، وتعلمت المهنة لوحدها، ولديها اليوم ماكينتا حياكة، وتخيط الملابس للنساء. تقول: "لا شيء صعب في هذه الحياة، المهم الإرادة."

صيانة الأرض
توالي: "بنيت بيتاً بعد رحيل زوجي، وحافظت على أرضنا، وكنت أشرف على العمال في منزلي وأوفر لهم كل ما كانوا يحتاجونه، وساعدت زوجي –رحمه الله- في مهنته ببيع الكاز والعناية بكرم الزيتون. والمهم أنني علّمت بناتي الثلاثة، أما صابر فرفض  مواصلة الدراسة."
منذ سنوات طويلة وأم الصابر تبيع الكلور، إذ تأتي بالمادة المركزة من داخل الخط الأخضر، وتشتري العبوات البلاستيكية، وتبيعها للناس بعد تخفيفها، كما تحرص على إنتاج مكانس القش، عبر صناعتها من النباتات البرية، وتحضر رب البندورة في بيتها، كما تصنع كل مستلزمات البيت التموينية، وصارت منذ  أربع سنوات تقطف ثمار الصبر وتبيعه وتوزع قسما منه مجاناً على الجيران وتبتسم.
تقفل حديثها: "أنا اليوم جدة، وتزوجت وأنا بنت ثلاثين سنة، وأبوي كان يقول للناس اللي بيطلبوا إيدي (يتقدموا لخطبتها): أنا أخت رجال وساعده اليمين."

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
     
التعليقات

أتقدم بالتحية والاحترام لكافة السيدات أمثال هذه السيدة المعطائة لأنها وأمثالها من المحافظات على بيئتنا نظيفة ومتزنه لها ألف تحية

   
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
   
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية