|
|
![]() |
|
||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
نيسان 2009 العدد (13) |
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا |
April 2009 No (13) |
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
مشـــاهد بيئيــــــة: بيئتنا وأنفاسها الأخيرة سمر شاهين / غزة العديد من المشاهد كانت تتزاحم أمامي، فلا يخلو يوم من مشهد أو اثنين لسلوكيات بيئية خاطئة من شانها أن تكون معول هدم لبيئتنا التي تحارب من قبل الاحتلال ...وحرصا منا على أن ننقل هذه المشاهد التي تتكرر في كل لحظة ارتأينا أن نستعرض عددا منها، آملين من المواطنين كما المسؤولين أن تؤخذ البيئة في الاعتبار وأن توضع خطة علاجية جريئة للحفاظ على ما تبقى منها، و التي تئن وتئن دون وصفة علاج. المشهد الأول .. كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر من يوم السبت 21/3 حينما قررت أنا وصديقاتي الاحتفال بحلول شهر الربيع بطريقتنا الخاصة حيث التقينا معا في منتزه غزة الواقع في قلب المدينة وكل منا تحلم بأن يكون هذا الفصل متميز في إنجازاته على كل الصعد وأن يلم الشمل الفلسطيني، وقبل أن نتخذ مكانا للجلوس على الأرض التي يفترشها اللون الأخضر، أخذنا نسير بين الأشجار ونقف بينها وكل منا تمنح نفسها دقيقة إلى اثنتين لترسل أمنية ترجو أن تتحقق خلال هذا العام على أن تبدأ مع الربيع. جلسنا في زاوية كنا نرى من خلالها العديد من الأسر الفلسطينية وهي تجلس وتتحدث وكانت الضحكات تتوزع من كل مكان، وفجأة ودون سابق إنذار شيء ما غير من حالة المرح التي كانت تنتابني، إذ رأيت إحدى العائلات التي تجاوز عدد أفرادها ثمانية، كانت تستعد لمغادرة المكان وبدأت تخطو نحو البوابة الرئيسية مخلفة من ورائها "جبلا" من القمامة غير آبهة بأن يتغير الجو في أي لحظة، مما يعني أن تتناثر هذه المخلفات في المكان.
أسرعت الخطى نحو أحد أفراد العائلة وأشعرته بأن هناك "كيسا" نسوا أن
يأخذوه معهم ، نظر إلي وقال "هذه قمامة ولا حاجة لنا بها، فقلت له
معذرة، ولكن هناك العديد من الحاويات في المكان بإمكانكم رفعها لأننا
نرغب في الجلوس في المكان. لحظة صمت شعرت خلالها أن بركانا قد ينفجر،
إلا أنه قال لي لا عليك هناك من سيقوم بنقلها من المكان، قلت له فتلكن
أنت لأنك وأسرتك من تركها وتركته. وعدت أدراجي لزميلاتي، دقائق معدودة
وعاد ليقول لي شكرا لو أن كلا منا كان حريصا على بيئتنا لربما نحن
اليوم لا نعاني من حجم التلوث والأمراض التي تفتك بنا. بإمكانكم
الجلوس في المكان لقد تمت إزالتها ووضعتها في الحاوية. المشهد الثاني... خرجنا من المنتزه بعد قضاء ساعتين من الأماني والأحلام الوردية وما إن بدأنا نسير في شارع عمر المختار حتى بدأ الألم يغلف كلماتنا فهنا مقر السرايا الذي شيد منذ الحقبة التركية، يتوسط المدينة. كان دوما محط أنظار الناس .. اليوم وبعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بات كومة من الركام التي يخاف الكثيرون الاقتراب منها ..الحرب وضعت أوزارها منذ ما يزيد على 70 يوما، لكن المخلفات بقيت تراوح مكانها، مما يعني أن البيئة الفلسطينية ستبقى في دائرة المعاناة إلى أن يتم التخلص من هذا الركام الذي يحمل الكثير من الملوثات، وبخاصة الركام الإسمنتي ومخلفات الصواريخ الإسرائيلية وما تحمله من مواد سامة ومتفجرة. وقفنا نشاهد الركام الهائل وأطنان مخلفات الحرب وكل منا يتساءل: إلى متى ستبقى هذه المخلفات ومتى سيزول هذا الركام، ولأي حد يمكن لبيئتنا أن تتحمل هذا الكم الكبير من الدمار الذي بات واضحا في كل شارع وحي في قطاع غزة . الكثير من مخلفات العدوان الإسرائيلي ومنذ أعوام مازالت تراوح مكانها ولا عزاء لبيئتنا في ظل الحصار المشدد وغياب الوعي البيئي الذي من شأنه أن يضع خطة بيئية عاجلة وجريئة لإجراء عملية "جراحية" لتنقيتها والمحافظة عليها بدلا من احتضارها. المشهد الثالث...هنا في غرب مدينة غزة حيث البحر والأمواج لا تتوقف ومياه الصرف الصحي أيضا التي تأبي أن تتوقف وتواصل زيارتها إلى مياه البحر، وكأن توأمة عقدت بين الاثنين، كنت احتاج لأن أقف على شاطئ البحر كونه المتنفس الوحيد في هذا السجن الكبير، إلا أن الروائح الكريهة ومياه الصرف الصحي بكل ما تحمله من قاذورات كانت دافعا لأن أهرب على عجل؛ فلم تكن الروائح وحدها السبب ولكن عيني بدأت تبكي حالنا وبحرنا وبيئتنا التي تحارب ليل نهار حتى من قبل أهلها.
وعدت أدراجي من حيث أتيت. ولكني عدت للبحر مرة ثانية إلا أن الروائح كانت تعم المكان فهنا وبالقرب من وادي غزة، لا يمكنك الوقوف ولو دقيقة واحدة، تهرب من المكان وكأن عدوا يلاحقك. المشهد الرابع .. لا يخلو مكان من الأتربة والأوراق المتناثرة والمخلفات التي يتركها المواطنون في شوارع غزة، ولكن الأكثر خطورة هو أن تتحول نوافذ السيارات إلى وسيلة لإلقاء القاذورات في الطريق، فالمتجول في مدينة غزة يرى أن العديد ممن يستقلون السيارات سواء أكان السائق أم المواطنين لا يتوانون لحظة علن التخلص مما لا يرغبون به بإلقائه من نافذة السيارة وكأن أمرا لم يحدث، غير آبهين بما يسببه هذا السلوك الخاطئ من تأثير على البيئة، بطريقة سلبية قد يكون لها نتائج وخيمة في المستقبل. المشهد الخامس... لا داعي للقلق بعد اليوم في غزة من فقدان السولار والكاز، فكل شيء متوافر وإن قل أحيانا أو زاد في مرات أخرى، فمحطات السولار الجوالة تغزو القطاع من شماله إلى جنوبه دون مراعاة للبيئة، فهنا عربة كارو يجرها "حمار" تقف على مفترق طرق في منطقة الفالوجا بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، تبيع الكاز والسولار للمواطنين، وبدا المشهد وكأنه مظاهرة، فالكل يتسابق على اقتناء أكبر كمية ممكنة. ولا يخلو بيت في قطاع غزة من عدد من الجالونات المليئة بالكاز والسولار، وأيضا البنزين، تخوفا من أي طارئ قد يصيب المنطقة. ولبيئتنا السلامة |
||||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
التعليقات |
||||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. |
||||||||||||||||