:تراثيات بيئية
صناعات غذائية ومنتجات محفوظة من اللبن الرائب
ناديا البطمة / مركز حسن مصطفى الثقافي
اللبن الرائب منتج بدوي فلاحي يتواجد بكثرة في فصلي الربيع والصيف وكباقي المواد يسعى مربو المواشي لتخزين اللبن الرائب وتصنيعه لمواد قابلة للتسويق والحفظ وذلك منذ القدم حيث لا تبريد أو تثليج. واللبن الرائب يمكن تحويله الى لبن مخيض- واستخراج الزبدة منه وتحويلها الى سمنة، وكذلك يمكن تصنيفه وعمل لبنة جامدة مكبوسة بالزيت كما في الشمال الفلسطيني والريف المقدسي ومدنه حيث يتوفر الزيت كمادة حافظة.
وصناعة لبن الجميد أو لبن الكشك كما يسمى في مناطق القدس والخليل ومن يعرفه أو يستعمله في الشمال الفلسطيني، وغالباً ما يكون مصدره من الريف والبادية في المناطق الوسطى والجنوبية. ويسمى لبن الجميد في غزة بالجبب ويشتريه أهل المدن جاهزاً. بينما ينتشر في الساحل الفلسطيني ومناطق زراعة القمح السهلية حفظ اللبن الرائب وصناعة (الكشك) في مدن اللد والرملة ويافا وكافة مدن السهول الساحلية حتى مدينة غزة، وهذا الكشك لبن مختلف جداً في طعمه وشكله واستعماله عن لبن (الجميد والكشك) الجبلي والبدوي والفلاحي.
ومن الجدير بالذكر أن كافة هذه المواد المصنعة من اللبن الرائب تحفظ بدون مواد حافظة وبطريقة التجفيف وفصل الماء عنه وإضافة الملح في الجميد أو الزيت كما في اللبنة، وهذه المواد الطبيعية الشعبية والتقليدية لا خطر من استعمالها على الجسم كما هو الحال مع المواد الحافظة.
صناعة لبن الجميد:
يصنع لبن الجميد من لبن المخيض المصفى من الماء في كيس القماش القطني والمخيض بطبيعته قليل الدسم بسبب فصل الزبدة والدسم منه بعملية الخض.
يضاف الملح الى لبن الخريطة أو الكيس مع المحافظة على نظافة الخريطة وتبديلها بالأخرى كلما قلت نسبة الماء في اللبنة، وذلك لئلا تتكاثر على ظهرها الجراثيم وتخرج رائحة كريهة، وكما أن مسامات القماش القطني للخريطة تنغلق لذلك يزال ما عليها من مواد بشطفها جيداً وعدة مرات، ثم تغلى على النار لتعقمها وتنشر في الشمس قبل اعادة استعمالها. وهذا ما يميز لبن الجميد عن غيره، فاللبن النظيف له رائحة وطعم مميز بينما اللبن الذي يعد دون مراعاة لأمور النظافة يفسد وتخرج له رائحة كريهة تسمى (قنة) ولذلك يشترى الناس اللبن (المجرب) أو يشترى من باعة ثقة ومعروفين بجودة ونظافة انتاجهم.
عندما تصبح اللبنة جامدة ويمكن عجنها وتشكيلها، تلبى وتقرص أقراصاً دائرية أو مفلطحة أو هرمية وترش بالملح الذي يحفظها وتوضع على سطوح أغطية من القماش أو الخشب أو الكرتون المقوى وليست سطوح معدنية، واليوم يستعملون البلاستيك الذي لا يتفاعل مع الحوامض كالنحاس أو الالمنيوم. وكانوا يجففون اللبن في الشمس، أمّا اليوم فيجفف داخل البيوت في أماكن جيدة التهوية وتصلها أشعة الشمس. وبعد الجفاف يحفظ الناس ااقراص اللبن في الثلاجة حيث تبقى طازجة لحين الاستعمال. وعندما يراد طبخ أقراص اللبن الجميد تدق وتكسر وتنقع بالماء الساخن ثم تهرس في صحن الفخار حيث تحرك قطع اللبن وتدعك في جدار وعاء الفخار حتى تذوب ويسمى (لبن مريس) يغمس بالزيت، كما يضاف الى مرق اللحم لتحضير المنسف وطبخات اللبن الاخرى كالمحشي والمخشي والكرشات والمقادم (والشيش برك) المسمى (ذنين قطاط) أو الرشتا والعدس باللبن أو طبخة الافراح (جريشة باللبن) ويعد منه مشوية الكوسا ومشوية الباذنجان، أو القرع الاصفر، وهناك أكلة أرز باللبن، ومع الخضر والفول باللبن، والزهرة باللبن. واليوم يعد لبن المريس على الخلاط الكهربائي. واللبن الجميد له اسم آخر في قطاع غزة وعند البدو حيث يسمى (الجبب) وفي اللغة العربية الفصحى يسمى (بالاقط).
صناعة لبن الكشك:
لبن الكشك هو حفظ اللبن الرائب مع جريشة القمح في مناطق السهل الساحلي الفلسطيني حيث تكثر زراعة القمح، وبعد السؤال والاستفسار من أهالي اللد والرملة ويافا وغزة تعرفنا على طريقة تحضير الكشك.
المكونات: جريشة قمح، لبن رائب، ملح
طريقة العمل: يحتاج كل 3 كغم من اللبن الى كغم قمح مجروش وقليل من ملح.
- يوضع القمح المجروش في وعاء ويوضع اللبن الرائب ويحرك جيداً حتى يتشرب جريشة االلبن الذي نقصت به.
- وفي اليوم الثاني يضاف اليه كمية أخرى من اللبن حتى تطرى الجريشة (وتفشفش) أو (اتشتش) ويضاف مع اللبن قليل من الملح ويستمر ذلك لمدة 14 يوم. يحمص اللبن ويخرج فقاقيع (يتخلل)
- يتم (نقع الجريشة باللبن) في مرطبان زجاجي أو جاط عميق.
- ثم يوضع في الشمس وفي مكان نظيف حتى تبدأ أطرافه بالجفاف.
- وتوخذ هذه الاطراف وتوضع في صينية مفروشة بورق التوت كما يفضل أهل اللد والرملة.
- وتقلب القطعة على الوجه الثاني كلما جفت ... وعندما ينشف جيداً يفرك ويحفظ في آنية زجاجية أو كيس من قماش قطني.
- يحفظ اليوم في الثلاجة.
هيطلية اللبن بالجريشة:
طريقة الطبخ:
المكونات: كشك، حمص، بصل، ثوم، فلفل أخضر، مرقة لحمة (دجاج أو أرانب).
- تسلق اللحمة وتؤخذ كمية من الكشك وتضاف إليه مرق اللحمة.
- تحوس وتمرط الجرشة مع اللبن وتعصر جيداً وتصفى وتفصل الجريشة وقشرتها عن اللبن وتؤخذ هذه الخلاصة الغنية بالنشا والقمح. يضاف اليه المرق مع خلاصة الكشك أي (اللبن والجريشة المروطة والمصفية) .
- تفرم البصلة وتقلب بالسيرج، وبعد أن تصفر تضاف اليها المرقة وتحرك جيداً.
- يضاف الحمص المنقوع والمسلوق ويحرك جيداً ولا يتوقف التحريك حتى لا يلصق بالطنجرة وعلى نار هادئة.
- وعندما يشكش (أي تظهر فقاقيع) أو (ينقر) ويغلى، ندق الثوم مع الفلفل الاخضر الحار ونقلبهما مع السيرج وحين يحمران قليلاً يوضعان على الكشك. بعد الطهو بضاف الى الطبخة الفلفل الاحمر المطحون والفجل والزيتون والبعض يصب فوقها قليلاً من زيت الزيتون، ومن يتبع الوصفة يمكن أن يسمها مهلبية أو هيطلية اللبن بالجريشة، كما نحضر الحليب بالنشأ الجريشة.
صناعة السمن البلدي:
هذا وصف لعملية صناعة السمن البلدي من الزبدة لتحفظ عاماً كاملاً من الموسم ..........
- تنقع أوقية من البرغل، أو من جريشة القمح بالماء لمدة عشرة دقائق.
- تذاب الزبدة على نار هادئة حتى تغلي والنار خفيفة تذيب الزبدة دون أن ينشعط اللبن المرافق لها فيسيء الى طعم السمنة وجودتها.
- تضاف جريشة القمح أو البرغل الى الزبدة وذلك حتى تمتص اللبن المختلط بالزبدة وتضاف اليها (حواجة السمنة) وهي مجموعة من البهارات المطيبة والمنكهة والملونة كالكركم ومسحوق الحلبة وجوزة الطيب وكبش قرنفل وقليل من الملح.
- يبدأ السمن بالصفاء واللبن بالترسب وتمتصه الجريشة وتمتص بقايا البهارات المنكهة والملح يساعد على ترسب اللبن والبهار والجريشة في قعر الاناء وفي هذه المرحلة تنتشر رائحة السمن وتملأ أجواء المكان.
- تصفى السمنة وتفصل عن (القشدة) أيّ (البرغل أو الجريشة) في آنية زجاجية أو فخارية، واليوم يستعمل الصلب الذي لا يصدأ أو المعدن المدهون مع الحرص على النظافة التامة والجفاف ولا تغطى الآنية حتى تبرد نهائياً.
- أما القشدة فهي لذيذة لاحتوائها على طعم اللبن والبهارات، وكانوا يأكلونها بالخبز ويضيفون منها الى حشوة المحاشي والى طبخات اللبن وخبز الكماميس.
- كانت النساء في الماضي تضع الزبدة في (البوشة أو القدرة الفخارية) داخل الطابون كي تضمن توفر النار الهادئة وعدم الشعط.
- ومن أهم استخدامات السمن البلدي هو (تنقيط الطبخ) التقلية بالثوم .
- يقال عن المرأة التي تطبخ السمنة أنها (تقشد) والفعل الماضي (قشدت) أي صنعت السمن.
البيئة في أدب جبرا إبراهيم جبرا
إعداد: علي خليل حمد
-1-
(الفلسطينيون والبيئة)
نحن لم نصور الفلسطينيين بوصفهم أناسا لا يعرفون معنى أن ينظر إلى شجرة، أو ما معنى أن ينظر إلى الأفق فنراه بشكل ما، ما معنى أن ننظر إلى الصخرة فنرى الظل الأزرق الذي تلقيه على العشب الأخضر وما معنى أن يحب الإنسان وأن تحب المرأة لدرجة الجنون. هذه كلها أجزاء من الحياة التي نقول نحن عنها إنها بعض ما نحارب من أجله، لأن حقنا نحن الفلسطينيين في الحياة هو حقنا في أن نرى هذه الأشياء كلها على طريقتنا، ونؤكد بذلك حضورنا إنسانيا.
(معايشة النمرة، ص ص 268-267)
-2-
( جبل خريطون)
يقع جبل خريطون على مسافة بضعة كيلو مترات شرقي بيت لحم. إنه جبل متميز، يكاد يرى من كل مكان في البلدة. وهو من بيتنا يبدو وكأنه رابض في وسط الأفق تماما، مليئاً بالغموض بشكله الأشبه بمخروط بنفسجي قطم نصفه الأعلى ( ولعله اكتسب اسمه بسبب ذلك ) فبان على ذلك البعد السحيق كالتنور، أو الطابون الكبير فتبدو الشمس عند شروقها أحيانا كأنها تصعد من جوفة كالرغيف الذهبي.
و كان له اسم أخر الفُرديس مما جعلني أتخيله فردوسا حقا ينتظر من يذهب ليهنأ فيه. غير أن المعلم فهيم قال ببساطة إنه مجرد بركان خامد، يسهل تسلق أحد جوانبه لبلوغ قمته العريضة، ثم الهبوط منها إلى باطنه، حيث توجد بين الصخور البركانية بقايا قصر قديم يعود إلى ما قبل التاريخ ألفي سنه. واقترح المعلم أن يأخذ طلاب الصف الرابع في سفرة إلى خريطون صباح يوم الجمعه التالي، لنخترق غموضه ونكتشف سره إن كان له سر.
( البئر الأولى ص 150 )
-3-
( شارع الأميرات )
هنا لا بد من ملاحظة صغيرة، ما كنت لأسجلها على ذوي الأمر لو لم يكن لي هذا الحب المقيم: لماذا بحق السماء، بلطت جميع شوارع الحي بأجمعها تبليطاَ جيدا ناعماً يسهل المشي عليه، و لما جاء دور شارع الأميرات في أواسط الثمانينات، أعيد تبليط متن الشارع بتقنية وكفاءة عاليتين لسير السيارات لكن أرصفته عوملت بجفاء وغلظة وبأقل ما يمكن من المبالاة؟ فقد قذفت هذه الأرصفة بمزيج من الإسفلت و الحصى _ و لكن أي حصى! لقد رصفت في رقع عشوائية غير متساوقة، كلها تكتلات ونتوءات واضطراب في المستوى، لن تجد مثلها إلا في الطرق الجبلية الوعرة، و يصعب السير عليها. فنضطر نحن المشاة تجنبا للأذى، أن ننزل من الرصيف إلى حافة الشارع الملساء المريحة، ونشاطر السيارات طريقها، محاذرين خطرها الداهم.
و إلى هذا كله، اكتسبت هذه الأرصفة العريضة مع مرور الزمن، ركاما من أوراق اليوكالبتوس اليابسة وأغصانها الساقطة ولحائها المتهافت، فضلا عن شظايا الزجاجات، والصفائح الفارغة، ونفايات من كل نوع يخلفها المراهنون على الخيل بعد الظهر من أيام السباق الثلاثة كل أسبوع. وليس من يهتم فيما يبدو، إلا إذا أسقطت الريح في يوم عاصف شجرة كبيرة نخرتها السنون، وسدت الطريق بكاملها. أو ليس للسابلة والمشاة، بمن فيهم طلبة إحدى المدارس الكبيرة المجاورة، من حق في سير مريح على أقدامهم كما للسيارات والحافلات على عجلاتها؟
(شارع الأميرات 102-103)
-4-
(زلزال عام 1927)
شهدت الزلزال وأنا طفل في السادسة: لقد خض الأرض كما لو خضتها ريح رهيبة. كنت جالسا على الأرض مع غيري من الأطفال في المدرسة الصغيرة، فحسبت أن الريح الهادرة هزت البنيان القديم هزا عنيفا؛ و لما انطلق الصبية مذعورين إلى الخارج، انطلقت معهم ورأيت الحجارة تتساقط كتلا من أعلى المبنى العتيق المقابل، وتتكون أمام عيني في ركام أبيض مريع، واتجهت أبصارنا من الخرابة التي نحن فيها نحو كنيسة المهد نستنجد الله لإنقاذنا، وسمعت بعض الكبار يقولون: إن كان هذا يوم القيامة فهل سيدفننا الله تحت الأنقاض ليقيمنا من تحتها مرة أخرى ؟؟
(البحث عن وليد مسعود، ص ص157-156)
زهرة من أرض بلادي
الجعدة (جعدة الصبيان)

د. عثمان شركس / جامعة بيرزيت
الاسم اللاتيني:Teucrium capitatum L .
الاسم الانجليزي:Car – thyme Germander
الاسم العربي الدارج: جعدة ،جعدة الصبيان
العائلة: شفوية Labiatae
الوصف:
الجعدة ذات رائحة عطرية قوية، يصل ارتفاعها في بعض الاحيان الى 40 سم. وتتميز سيقانها بأنها ذات شكل مستدير وأما أوراقها ذات اللون الاخضر الفاتح فإنها صغيرة الحجم (1-3 سم )، وأزهارها بيضاء اللون.
والجعدة نبتة يسهل قطفها على خلاف الكثير من الانواع الصحراوية ذات البنية القوية. وفي الانواع في العائلة الشفوية شقان في تويجها الزهري واضحان. اما الجعدة فليس في تويجها إلا شقة واحده فقط، وتتراوح طول الشقة الجعده ما بين 1,6-2 ملم، ويبلغ طول الكأس 4 ملم. وتعد الجعدة نبات بدون اشواك. ينمو في البراري ومناطق الينابيع الجافة وبين الصخور في فلسطين. والجعدة نبات مر المذاق.
فترة الازهار: نيسان -اب
التوزيع الجغرافي: تنمو الجعدة في معظم اجزاء فلسطين وتنتشر بشكل واسع في جبال فلسطين الوسطى ذات التربة الكلسية وخاصةً تربة الترا روسا والرندزينا، وتنمو مع مجتمع البلان والمرامية والتي تسمى بالبطحاء (Batha ).
الاستعمال: تستخدم الجعدة منذ القدم كعشبة اساسية في البيت الفلسطيني، تضاف أوراق الجعدة مع شرب الشاي أو تغلى لوحدها لعلاج إلتهابات الجهاز الهضمي لأنها تساعد على تخفيف آلام المعدة. هذا بالإضافة إلى إستخدام مستحلب الجعدة لتخفيف الصداع وكذلك لعلاج مرض الصرع، وهي مدرة للبول والطمث وعلاج ورم الطحال والمسالك البولية. وبعض سكان البدو يقومون بطحن أوراق الجعدة وتدخينها لعلاج الصداع الشديد.
|
|
|
Parietaria diffusa Mert. & Koch
|
|
(عدسة عثمان شركس) |
|